«حكمت الشهابي نصحني بمغادرة مكاني عند الساعة العاشرة واندلعت حرب أكتوبر عند الساعة الثانية»

الخطيب لـ «الراي»: على مأدبة غداء جلس رائد إلى جنبي وقال أنا حافظ الأسد

تصغير
تكبير
يسترجع النائب والوزير السابق اللواء سامي الخطيب قصة وصول «البعث» إلى الحكم في سورية وما رافق تلك الفترة من أحداث مع لبنان، مشيراً إلى تاريخ معرفته بالرئيس الراحل حافظ الأسد أيام كان الأخير رائداً في الجيش السوري.
ويلفت الخطيب في الحوار الذي أجرته معه «الراي» إلى حرب أكتوبر العام 1973 التي عايشها عن قرب، وإلى نص الحوار:
• كيف سارت الأمور بين لبنان وسورية بعد حصول الانفصال؟
- بعد حصول الانفصال بين مصر وسورية، تم تسريح الضباط البعثيين في سورية، وكان منهم حافظ الأسد وصلاح جديد، فقدم الرئيس الأسد الى لبنان وأقام في منطقة طريق الجديدة نحو ثلاثة أشهر.
• كنتم على علم بوجوده؟
- كنا نعلم بالأمر، وكان هناك العشرات أمثاله.
• هل أقمتم معه اتصالات؟
- لا، لكن كنا نعلم بتحركاته ونشاطه، ولم يكن يقوم بأعمال مؤذية أو لافتة للنظر، وكان يجري بعض الاتصالات، ولم نكن نهتم بالأمر، طالما أن ذلك لا يؤثر على أمن البلد.
• اتصالات مع من؟
- مع ضباط آخرين سوريين في لبنان وفي الشام، فالجماعة كانوا يشتغلون ولم يكونوا سياحاً، والحقيقة أن ذلك اتُخذ حجة على لبنان بأنه يأوي خصوم الحكم القائم في سورية ويساعدهم، وهذه الحجة كان الحكم السوري يتخذها دائماً لتبرير كل علاقة سيئة وسلبية مع لبنان. وهو ما حصل عند الانفصال، إذ شن علينا النظام في سورية حملة كبيرة واتهمنا بأننا عملاء عبد الناصر وبأننا نغض الطرف عن إقامة معسكرات لخصومه في لبنان، وقد كلفني الرئيس شهاب في ذلك الحين بزيارة دمشق للقاء عبد الكريم النحلاوي، وكان من قادة الانفصال، وقلت له نحن مستعدون لاستقبال ضابط أو أكثر من قبلكم للإقامة معنا في وزارة الدفاع ولمراقبة أي مكان على الأراضي اللبنانية لتتأكدوا من عدم وجود أي معسكرات تدريب لخصومكم.
• ماذا كان جوابه؟
- عرضنا ذلك على أساس أن يصلنا الجواب لاحقاً، لكن لم نتلقَ أي جواب، وفي الوقت نفسه لم تتوقف الحملات علينا، الى ان حصلت حركة 8 مارس في سورية وتسلم «البعثيون» زمام الأمر عن طريق زياد الحريري، وكان ناصرياً وكان واجهة الانقلاب الذي يقف خلفه «البعثيون»، ويومها صحونا في الصباح على نشيد «الله أكبر فوق قيد المعتدي»، وهو من الأناشيد الناصرية.
• هل كنت على معرفة بزياد الحريري؟
- كنت أعرفه وكنت أزوره وأصطاد الحجل عنده في سورية.
• هل كان لكم يد في انقلابه؟
- لا.
• لم تتدخلوا؟
- لا، ولم نكن على علم بالأمر. وأذكر في آخر مرة التقيت بزياد الحريري أنني قلت له سأعود بعد نحو أسبوعين فأجابني «قد لا تجدنا هنا»، وكان على الجبهة مع إسرائيل فلم أعر هذا الجواب اهتماماً. فقلت له: ليس مهماً أذهب الى حيث تكون المهم (الحجلات)، فأنا كنت أتكلم عن «الحجل» وهو عن شيء آخر. وفي ما بعد أدركت معنى قوله «قد لا تجدنا هنا». حين قاد عبر اللواء الذي بإمرته انقلاباً جديداً في سورية وتسلم الحكم.
• ألم تقوموا بخطوات لترطيب الأجواء وتبديد مخاوف الحكم الجديد؟
- حاولنا ذلك، ففي عام 1964 ترأست وفداً عسكرياً لزيارة دمشق للمباركة بالذكرى السنوية لحركة «8 مارس»، بتكليف من العميد انطون سعد إذ قال لي يومها: «أنا ختيار وأنتم شباب تفهمون على بعض فخذ معك عباس حمدان ونعيم فرح واذهبوا الى الشام للتهنئة باسمي وباسم القيادة»، فذهبنا وقدمنا التهنئة. وهناك دعانا مدير المخابرات السورية، أي رئيس المكتب الثاني، أحمد سويداني الى مأدبة غداء، وعلى المأدبة جلس الى جانبي ضابط سوري برتبة طيار فعرفته عن نفسي فقام بدوره وعرّفني عن نفسه وقال أنا الرائد حافظ الأسد، ثم دار بيننا حديث قال لي خلاله: «نحن نعرفك يوم كنتم تراقبوننا في الطريق الجديدة». فأجبته «أرجو ألا يكون هناك سوء». فقال: «لا، لا كنتم حريصين على القيام بواجبكم ،ونحن قدرنا هذا الوضع وشكراً لكم».
• ما الانطباع الذي كونته عنه في أول لقاء معه؟
- نال إعجابي، شخصية متمكنة ورجل واثق جداً من نفسه ومن كل شيء يقوله. ولاحقاً علمت أنه قيادي أساسي في مجلس قيادة الثورة.
• ومتى التقيت به ثانية؟
- التقينا عام 1973 بعدما أصبح رئيساً لسورية.
• قبل حرب اكتوبر أم بعدها؟
- قبل الحرب. كنت طلبت اللجوء السياسي الى سورية، فذهبت لاشكره على ذلك.
• هل تذكرك؟
- أنا ذكرته. فقد سألني إن كنت زرت سورية من قبل فقلت له نعم وكان لي الشرف بأن أتعرف على سيادتك حينها. فسألني كيف ومتى فقلت له. فاستدرك وقال صحيح فأهلاً وسهلاً البلد بلدك وهذا الجيش جيشك، ولن أعطيك أنت ورفاقك بطاقات لجوء سياسي لأنني أعتبر أنكم في بلدكم وبطاقة اللجوء تحد من حركتكم ولا أريد ذلك.
• هل طلب منكم شيئاً ما؟
- لم نُستدع ولا مرة للمخابرات السورية سوى مرة واحدة حين اندلعت الحرب، ليبلغني مدير المخابرات حينها حكمت الشهابي، أن عليّ الانتقال من مكان إقامتي الى مكان آخر وذلك حرصاً على سلامتنا.
• لماذا؟
- لأن الحرب كانت ستبدأ. التقيت به الساعة العاشرة حين قال لي ذلك والحرب اندلعت عند الساعة الثانية.
• نظراً إلى خبرتك وقدراتك العسكرية هل عرضت المشاركة بالحرب مع الجيش السوري؟
- لا أحد يعرفني من العسكر. هل آتي وأقول لهم الأمر لي؟
• ما كان شعورك وانت في دمشق حين بدأت الحرب؟
- شعرت باعتزاز كبير، واعتبرت ان الله سبحانه وتعالى هيأ لي هذه الفرصة التاريخية بأن أكون في دمشق في حرب 1973.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي