إشراقة

إلى أنصار حقوق الفئران

تصغير
تكبير
| د. المنذر الحساوي |
بكل وقاحة وسخرية تصدر موقع احدى أشهر وكالات الأنباء العالمية خبر مفاده ان (علماء المسلمين أهدروا دم الفئران بعد ان انتهوا من اهدار دم البشر!) وذلك على خلفية فتوى للشيخ محمد المنجد بين فيها أن الفئران ممقوتة في الشريعة الاسلامية، واننا مأمورون بقتلها كما صح في الأحاديث. وتناقلت مجموعة من البرامج التلفزيونية الاجتماعية الأميركية وعدد من الصحف والمجلات البريطانية والألمانية والبلجيكية والسويدية بل والعربية هذا الخبر باستهزاء صارخ وتحقير من شأن المسلمين وعقيدتهم (الجافية الهمجية) التي لا تقدس حقوق الحيوان.
لا أعرف شريعة عظمت حقوق الحيوان كما فعلت الشريعة الاسلامية، فشريعتنا هي التي أوجبت المغفرة لرجل سقى الماء لكلب يلهث من شدة العطش، وأنزلت العذاب بامرأة منعت هرة من الطعام والشراب، وعاتبت نبياً بسبب احراقه لوادي النمل بعد أن لدغته نملة واحدة، ونهتنا عن سب ولعن الحيوانات، بل غضب نبي الأمة صلى الله عليه وسلم عندما سمع أحدهم ينتقص دابته، ونهتنا عن التحريش بين الحيوانات وعن ضربها ووسم وجهها، وحثتنا على وقاية تلك الحيوانات من الأمراض، فأمرت أن تعزل الحيوانات المريضة عن الصحيحة، وبينت ان الرحمة بالحيوان هي من اسباب رحمة الله عز وجل للعبد يوم القيامة وغيرها الكثير.
يبدو لي أن السبب الدائم لتشدق الغرب بحقوق الحيوان في جميع المناسبات، هو اما تعويضاً لفشلهم الذريع في مجال حقوق الإنسان، وتبلد احاسيسهم تجاه العنصر البشري، فلم يعد يحرك عواطفهم منظر أطفال غزة وهم يقتلون ولا نساء العراق وهم يسبون، ولا معتقلي غوانتانامو وهم يعذبون. ايمانا منهم بقول القائل
قتل حيوان بغابة جريمة لا تغتفر
وإبادة شعب بأكمله مسألة فيها نظر
أو انهم تشدقوا بحقوق الحيوان بسبب التشابه الكبير في الحياة والمعيشة والطباع فيما بينهم وبينها، والطيور على أشكالها تقع (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام).
وأما فيما يتعلق بالفئران فعندما أمرت شريعتنا الاسلامية السمحة بقتلها في وقت لم تكن العلوم البشرية قد توصلت الى حكمة دقيقة لذلك. فإنه قد جاء العلم الحديث ليؤكد الحكمة الربانية والاعجاز النبوي في هذا التشريع، فلقد اكتشف علماء الطب ان الفئران والجرذان تنقل للإنسان أكثر من خمسين مرضاً! مثل السالمونيلا، وداء التولاريميا وداء البريميات والعدوى بالشعرينات الحمروية، وهافرهيل، والتهاب الكبد المعوي، والطاعون البشري، وحمى الجبال الصخرية أو الحمى المبقعة وحمى التيفوس، والتهاب السحايا والمشيمية الخلوي اللمفي، وداء الليشمانيا وغيرها الكثير من الأمراض الخطيرة المعدية والمميتة.
فإذا ثبت ان الفأر هو الناقل الرئيسي لجميع هذه الأمراض للانسان، تأكدنا ان المدافعين عن الفئران هم أشد الناس عداء لحقوق الإنسان، فلا أظنهم سيكترثون إذا اصيب الانسان بمثل هذه الأمراض مادام (معشوقهم) الفأر يتمتع بكافة حقوقه.
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي