ترك خطيبته لتلاقيه في «عرس الموت»

«الشهيد الطيار» زُفّ «عريساً» من البترون إلى تنورين: حلموا به مرفوعاً على الأكتاف فحملوه ... على الأكفّ

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|
... «سبقهم الى عرس الشهادة». كانوا يعدّون العدّة ليزفّوه عريساً أرجأ لسنة حفل زفافه الذي كان مقرراً هذا الصيف، فاذا بهم يزفونه شهيداً غادرهم بعد 17 يوماً من إطفائه شمعة عيده الـ 26 الذي كان ... «آخر السبحة».
... من البترون مروراً بـ سلعاتا وحامات وشناطا فـ تنورين، خمس محطات اختصرت حياة النقيب الطيار وسامر حنا الذي كان اول من امس على موعد مع «الرحلة الاخيرة» في الطوافة العسكرية التي تعوّد ان يقودها من دون ان يدرك ان «ابواب السماء» ستفتح له برصاصة قاتلة (في رأسه) في تلة سجد (اقليم التفاح - الجنوب) حيث «سجَد للموت».
... العائلة المفجوعة والأصدقاء ورفاق السلاح كانوا ينتظرون الصيف المقبل ويملأون الفترة الفاصلة عن موعد زفاف «العريس» بـ «بروفات فرح» سرعان ما انقلبت «رقصة موت» تصدّرتها خطيبة سامر التي وعدها بان يحمل اليها الورد الأحمر فاذا به يعود «معمداً بالدم» في نعش التحف العلم اللبناني و«غرق» بالورد الأبيض الذي نُثر عليه.
... على الاكتاف كانوا يريدون ان يحملوه يوم زفافه بزة العرس التي تليق بشبابه وطلّته، فاذا بهم يرفعونه على الأكفّ مكللاً بـ «غار الشهادة». بكوه وأطلقوا الأسهم النارية التي لم تطفئ «نار» الغضب الذي اشتعل في قلوبهم ولا «الحرقة» التي راودتهم مع انكسار الحلم الأبيض الذي اتشح بالسواد.
... منطقتا البترون والكورة (شناطا) ارتدتا امس ثوب الحداد وودّعتا «البطل» الذي ملأتهما سمعته الطيبة ومناقبيته العالية. أما «الخطيبة الأرملة» فمزّقت ثوب الزفاف وخرجت الى «عرس الموت» بالأسود لتلاقي «أشواكها» والحبيب الذي ترك يدها في منتصف الطريق بعدما عاهدها على ان يبقى معها «الى الأبد» ويزرع أيامها بالأحلام الوردية.
مكسورة الخاطر كانت أمّ سامر وذووه الذين لم يصدقوا ان ابنهم لن يعود الى المنزل الذي صار امس مجلس عزاء مفتوحاً على جرح ... لن يندمل.
عند الثامنة صباحاً بدأت رحلة الوداع مع الاحتفال الذي اقيم في المستشفى العسكري في بيروت وتم خلاله تسليم جثمان حنا الى ذويه، قبل ان يصل الموكب المهيب عند التاسعة وعشرين دقيقة الى مدخل مدينة البترون ملفوفا بالعلم اللبناني، تتقدمه آليات عسكرية للجيش اللبناني ووفد من كبار الضباط.
وكان في استقبال الشهيد عند مدخل البلدة شقيق النائب بطرس حرب، انطوان ورئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك وحشد من ابناء تنورين ومنطقة البترون اضافة الى قادة امنيين من المنطقة.
وفور وصول الجثمان، زغردت النسوة وتم نثر الورود والارز، كما اطلقت الاسهم النارية في سماء المدينة تحية للنقيب الشهيد، ثم انزل الجثمان وحمل على الاكف، وسار الموكب عبر الشارع العام للمدينة، يتقدمه النائب العام لابرشية البترون المونسنيور منير خير الله، كاهن رعية البترون الخوري بيار صعب، كاهن رعية تنورين الاب اغناطيوس داغر الى جانب والدة الشهيد وعائلته.
وحمل الجثمان على الاكف على وقع اصوات الاسهم النارية واقفلت المحال التجارية كافة في مدينة البترون، لينتقل بعدها الموكب الى بلدة سلعاتا مكان سكن الشهيد، حيث ترعرع وعاش.
وعند مدخل سلعاتا، انزل الجثمان وحمل على الاكف واطلقت ايضا الاسهم النارية في سماء البلدة، قبل ان يتوجه الموكب الى حامات حيث منزل خطيبة الشهيد ميريام عيسى. وهناك أنزل الجثمان وحمل على الاكف ونثرت الورود عليه واطلقت الاسهم النارية.
من حامات، تابع الموكب سيره عبر طريق الكورة وصولا الى شناطا في قضاء البترون بلدة والدته حيث اقيم له استقبال عند مدخل البلدة.
اما في تنورين، مسقط رأس الشهيد فقد وصل الموكب الى ساحة البلدة، حيث قدمت له ثلة من الجيش اللبناني التحية، واقيم استقبال حاشد حضره شقيق النائب حرب الذي رافق الجثمان الى تنورين، رئيس البلدية الدكتور عصام طربيه واعضاء المجلس البلدي ومخاتير تنورين وحشد من ابناء البلدة.
وازدانت شوارع تنورين بالاشرطة البيضاء والاعلام اللبنانية وشعار الجيش اللبناني، كما اطلقت الاسهم النارية في سماء البلدة وحمل الجثمان على الاكف، سيرا على الاقدام من مدخل تنورين الفوقا وصولا الى ساحة البلدة. وقد سجي الجثمان في صالة كنيسة سيدة الانتقال محاطا بحملة السيوف من رفاق دورته.
واحتفل بالصلاة لراحة نفسه عند الخامسة عصراً في كنيسة سيدة الانتقال تنورين الفوقا، في حضور ممثلين لرؤساء الجمهورية العماد ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة ومجلس النواب نبيه بري وممثل لقائد الجيش بالانابة اللواء الركن شوقي المصري على رأس وفد عسكري من قيادة الجيش.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي