رواية السقوط على تلّة سجد في إقليم التفاح

استهداف مروحية عسكرية لبنانية ومقتل نقيب طيار «في أرض حزب الله»

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|
... وفي اليوم الخامس عشر على التفجير الذي استهدف حافلة تقلّ عادة عناصر من الجيش اللبناني في قلب مدينة طرابلس (الشمال)، ما أدى الى استشهاد 10 عسكريين وخمسة مدنيين، كان «الجيش في الجو» هدفاً لضربة موجعة هي الأولى من نوعها قتل فيها النقيب الطيار سامر حنا (26 عاماً) جراء تعرض مروحية عسكرية كان فيها مع جنود آخرين لاطلاق نار في اجواء اقليم التفاح (الجنوب) خلال قيامها بمهمة تدريبية انتهت بهبوط اضطراري فوق تلة سجد.
واعتُبر هذا الحادث الخطير تطوراً نوعياً في مسلسل الاستهدافات التي يتعرض لها الجيش «مباشرة» منذ أكثر من عام. لكن اللافت ان الحادث وقع في «أرض حزب الله» وأجوائه شمال الليطاني (خارج منطقة عمل قوة «اليونيفيل»)، اذ كانت مروحية الجيش تحلق فوق منطقة سُجُد في جزين على مقربة من جبل صافي الذي يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة وحساسة بالنسبة الى الحزب. ولعلّ «الهوية» الجغرافية للمنطقة هي التي أفضت الى تداول معلومات في بيروت عن دور لـ «حزب الله» في الحادث، نفته مصادر غير رسمية فيه.
وكانت المعلومات المستقاة من مكان الحادث، أشارت الى ان المروحية لحظة تعرضها لإطلاق النار كانت على علو منخفض جدا لا يتعدى عشرات الامتار ما يعزز فرضية استهدافها في شكل افقي على يد المسلحين.
وفيما أفاد شهود بأنهم سمعوا إطلاق نار من رشاشات في المنطقة حيث سقطت المروحية قبيل هبوطها الاضطراري، عُلم ان عناصر «حزب الله» المدججين بالسلاح ضربوا طوقا عسكريا في محيط منطقة الهبوط.
وكان على المروحية التي تعرضت لإطلاق النار على دفعتين، ضابطان قُتل احدهما فورا وهو الملازم اول الطيار سامر حنا (تردد انه أصيب برصاصة في الرأس) فيما طوقت عناصر مسلحة الآخر ويدعى محمود عبود وأنزلته رافعة بنادقها في اتجاهه، حسب ما اوردت «وكالة الأنباء المركزية»).
وكشفت المعلومات ان قيادة الجيش أرسلت الى المكان فورا فريق اغاثة قوامه ثلاث مروحيات، الا ان العناصر المسلحة منعته من الاقتراب من المروحية المستهدفة وأبلغته وجوب انتظار وصول بعض المسؤولين اولا.
وفيما رفض «حزب الله» التعليق على الحادث باعتبار ان ثمة تواجداً له في المنطقة، اشارت اوساط متابعة الى إمكان اصدار الحزب بياناً بهذا الشأن بعد تقصي الحقائق واجراء التحقيقات اللازمة لأنه وفق مصادره ان عددا من كبار المسؤولين فيه توجهوا الى الجنوب للاطلاع عن كثب على التحقيقات والتأكد من حقيقة ما جرى، «خصوصا ان الحزب يعتبر نفسه المستهدف الاول من وراء التعرض للجيش في بلدة سجد معقل الحزب في اقليم التفاح بغية الايقاع بينه وبين المؤسسة الامنية الشرعية وتاليا تسليط الاضواء على دوره في شكل سلبي وابرازه بمظهر الخارج عن الدولة على عتبة انعقاد طاولة الحوار التي ستبحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية والسلاح».
في المقابل، اوفدت «اليونيفيل» مندوبين عنها لاستقصاء تفاصيل التعرض لمروحية الجيش لما للحادث من تأثير بالغ على اوضاع جنودها الموجودين في مناطق قريبة واحتمال التعرض مستقبلا لهم طالما امكن التعرض لعناصر الجيش، خصوصا انها استهدفت في السابق بعمليات ارهابية وتفجيرات ادت الى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف عناصرها.
وكان موقع nowlebanon.com نقل عن مصادر قريبة من «حزب الله»، أنّ عناصر المقاومة هم من أطلقوا النار على مروحية الجيش، مشيرين الى ان المروحية «تم إسقاطها لأنها تجاوزت الخطوط الحمر، التي سبق لحزب الله أن حذّر وزارة الدفاع وقيادة الجيش في شأنها وأبلغهم وجوب الالتزام بها».
وأضافت المصادر القريبة من الحزب، حسب الموقع الالكتروني، أن «الحزب يعتقد أنّ وزارة الدفاع وقيادة الجيش لم يكونا على علم بأن المروحية العسكرية ستدخل إلى هذه المنطقة الأمنية المحظور الدخول إليها حسب التنسيق والاتصالات السابقة بين حزب الله وكل من الوزارة وقيادة المؤسسة العسكرية».
ونقل الموقع عن مصادر متقاطعة، أنّ «المقاومين وبعد ما رصدوا المروحية العسكرية المجهزة بكاميرا تصوير أطلقوا النار عليها بهدف التحذير وتوجيه رسالة قوية بضرورة الابتعاد وليس بقصد القتل الذي وقع عن طريق الخطأ».
ولفتت إلى أنّ المنطقة التي أسقطت المروحية فوقها «هي منطقة حساسة جدًا بالنسبة للمقاومة، وكانت قيادة «حزب الله» شدّدت أكثر من مرة على أهمية هذه المنطقة التي يقع فيها تقاطع اتصالات تابعة للمقاومة فوق الأرض كما تحتها»، لافتةً إلى أن الاتصالات جارية حاليًا بين قيادة «حزب الله» وقيادة الجيش اللبناني «لتطويق ذيول الحادثة ووضعها في إطارها».
سياسيا، وصفت مصادر في الغالبية النيابية، الحادثة بـ «الرسالة الواضحة» الى السلطة والمسؤولين الكبار في الدولة في توقيتها ومضمونها، ومفادها بأن من غير الممكن تعيين قائد للجيش من دون الحصول على موافقة اطراف المعارضة عموما، و«حزب الله» خصوصا، الذي يجب ان تكون له الكلمة في من يختار لهذا المنصب الأمني الرفيع، واكدت ان الرسالة موجهة ايضا في اتجاه العهد الجديد بشخص الرئيس ميشال سليمان، لإبلاغه ضرورة ان يحسب حسابا للحزب في كل خطوة وعند كل مفترق من المفارق السياسية في الدولة.
واشارت الى «ان الحادث لن يمر مرور الكرام بل ينبغي التوقف مليا عند اهدافه وتوقيته وان المسؤولين في قوى مارس سيصدرون مواقف بهذا الشأن وسيبلغون الدول الكبرى عبر سفرائها في لبنان بخطورة ما حصل والتذكير بصوابية دعوتهم الى وضع حد لما يعرف بدولة ضمن الدولة».
وفي المقلب الآخر، اعتبر مصدر معارض ان الحادث يخضع راهنا للتحقيقات الدقيقة ولا يجوز استغلاله من الغالبية لتوظيفه سياسيا ومحاولة الاستفادة منه كما اعتادت ان تفعل عند كل محطة امنية.
وكانت قيادة الجيش أصدرت بياناً جاء فيه: «اثناء قيام طوافة عسكرية تابعة للقوات الجوية اللبنانية بطلعة تدريبية في اجواء منطقة اقليم التفاح تعرضت لإطلاق نار من عناصر مسلحين ما دفع طاقمها للهبوط الاضطراري فوق تلة سجد وقد نتج عن ذلك اصابة الطوافة واستشهاد الملازم أول الطيار سامر حنا وبوشر التحقيق بالحادث».
ونعت قيادة الجيش النقيب الطيار الشهيد سامر حنا، وهو من مواليد البترون.
يذكر ان المروحية التي هبطت اضطراريا عادت واقلعت، عند الواحدة من بعد الظهر بعد اصلاحها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي