خسوف القمر ... آية للمسلمين

تصغير
تكبير
| د. اسماعيل سعيد ابو صيرة |
من الظواهر الكونية التي تلفت الانظار، وتحير العقول، ظاهرة الكسوف والخسوف فهل لذلك من سر؟
لقد اعتقد بعض الناس ان الشمس إله من دون الله تعالى، واعتقد اخرون ان القمر هو الإله، فوقفوا امامهما، وركعوا وسجدوا لهما، وغفلوا عن الصانع الحكيم، وهو الله عز وجل، ولهذا اقام الله تعالى برهانا على قدرته، فبين للناس ان الشمس والقمر ايتان من آيات الله عز وجل «والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين».
ان خسوف القمر معناه ذهاب ضوئه كله او بعضه، وقد حدث ان انكسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يوم مات ولده ابراهيم فقال الناس: ان الشمس قد انكسفت حزنا على وفاة ابراهيم، فأبطل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد قائلا لهم «ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته، فاذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم».
لقد شرع الله صلاة لذلك الامر، يرجع الناس إلى ربهم بالدعاء والتوبة والاستغفار والصدقة.
فالرسول صلى الله عليه وسلم حين شاهد كسوف الشمس خرج فزعا يجر رداءه حتى المسجد، ليؤدي صلاة الكسوف، ونادى لاداء الصلاة بكلمة «الصلاة جامعة» فاجتمع الناس، وتقدم النبي وصلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان، ثم القى خطبة ووعظ الناس موعظة بليغة، وبعدها زال الكسوف باذن الله.
ان خسوف القمر الذي مر في الايام السابقة لحدث عظيم للعظة والاعتبار، وآية من آيات الله لخلقه، وليس مجرد ظاهرة كونية لها علاقة بحركة الارض او غيرها من الكواكب والاجرام السماوية.
ان هذا الخسوف يدفعنا نحن المسلمين إلى ان نلجأ إلى مساجد الله عز وجل لاداء الصلاة فيها، والاستغفار والدعاء والتصدق لدفع البلاء، فاذا حصل مثل ذلك في اي وقت وفي اي ساعة فلنفزع إلى الصلاة لان النبي صلى الله عليه وسلم امرنا بذلك، ولم يستثن وقتا من الاوقات، ولانها صلاة فزع ودفع بلاء، ومن السنة ان تصلي جماعة في المساجد، كما صلاها النبي وصلى خلفه الرجال والنساء، فإن صلاها الانسان وحده فلا بأس، لكن الجماعة افضل، قال تعالى يخاطبنا عن آياته لنتدبر ونرجع اليه «ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون».
ان الله سبحانه وتعالى خلق الليل والنهار وزينهما بالشمس والقمر، وسخر هذين الكوكبين العظيمين لمصلحة العباد، وجعلهما مصدر النور ومبعث الحياة، وسيرهما واجراهما بنظام معلوم، وفي ذلك كله ايات للناظرين، وبرهان على قدرة الله رب العالمين «واية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون».
ونحن إذ استقبلنا خسوف القمر ينبغي الا نغفل البعد الحقيقي والايماني لهذا الحدث، وان نتعامل معه كما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ادى الصلاة داعيا الله عز وجل ان يزول هذا الامر، ويدفع البلاء، ويطهر القلوب من دنس المعاصي، والتدبر في الآفاق.
استاذ الادب والنقد المساعد بجامعة الملك فيصل سابقا
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي