سيناريو انتفاض الجماهير واحتلال الميادين لإعادة شافيز رئيساً بعد انقلاب الجيش يراود «الإخوان» في مصر
أنصار محمد مرسي... يحلمون بعودته إلى الرئاسة على الطريقة الفنزويلية








| إعداد عماد المرزوقي |
بعد أيام على إزاحة الرئيس المصري محمد مرسي من سدة الرئاسة، لا تزال ردود الفعل سائرة في اتجاهين متناقضين، بين من يرى ما حدث ثورة شعبية، ومن يرى انها انقلاب على الشرعية التي أتت بمرسي رئيسا عبر الانتخاب.
ووسط الملايين المحتشدة في ميادين مصر المختلفة مؤيدة ومعارضة، يلوح في ذهن جماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي اليها مرسي سيناريو يحاكي الأحداث التي شهدتها فنزويلا في العام 2002 والتي أعادت هوغو شافيز رئيس فنزويلا الراحل إلى سدة الرئاسة بعد 48 ساعة من إطاحة الجيش والحرس الوطني به عقب نزول الجماهير المؤيدة له إلى الشوارع والساحات وتنظيم الاعتصامات المطالبة بعودته.
وبينما يرى محللون كثر ان من الصعب المقارنة بين القضيتين، خصوصا في ظل نزول ملايين المعارضين لمرسي إلى الشارع، يعتبر آخرون ان نزول الحشود المؤيدة له إلى الميادين خطوة تنبئ عن سيناريو شبيه بفنزويلا، ويؤيد الرأي الأخير تصريحات قيادات جماعة الإخوان المسلمين كالمرشد العام محمد بديع الذي قال «ان كل الملايين ستبقى في الميادين حتى نحمل رئيسنا المنتخب محمد مرسي على أعناقنا» أو وزير الاستثمار الدكتور يحيي حامد الذي أكد ان «الرئيس المخلوع محمد مرسي سوف يعود الى كرسي الحكم خلال ايام قليلة».
القصة الفنزويلية التي تحققت فيها عودة الرئيس هوغو شافيز بعد إزاحته من العسكر، يرويها تقرير لجريدة «لوموند» الفرنسية حيث عرضت القصة بأنها شملت احداثا وملابسات دفعت في نهاية المطاف الى جعل مجرى الأحداث لصالح مؤيدي الرئيس وجعله يعود على الرغم من عزل الجيش له. فهل من أوجه تقارب عزل شافيز ومرسي وعودة الأول وآمال البعض بعودة الثاني إلى سدة الرئاسة.
كيف بدأ التحرك ضد الرئيس الفنزويلي الراحل؟ ولماذا انقلب الجيش عليه؟ وكيف نجحت التظاهرات في إعادته إلى موقعه؟
• الجيش الفنزويلي خلع شافيز فانتفضت الجماهير وأعادته إلى الرئاسة بعد 48 ساعة
• مئات الآلاف من أنصار شافيز احتلوا الشوارع والساحات فانقسمت فنزويلا بين مؤيد لشرعية الدستور وموافق للانقلاب
• انقلاب الجيش على شافيز حظي بمباركة البيت الأبيض وحكومات غربية ولقي إدانة من منظمة الدول الأميركية
• شافيز عفا بعد عودته عن قادة الانقلاب وتعهد إجراء حوار وطني بين أطراف العملية السياسية كافة في فنزويلا
• الجيش الفنزويلي تراجع عن الانقلاب خوفا من ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها من المواطنين وتفاديا لاشتباكات بين القيادات العسكرية
• «الإخوان» في مصر يطبقون سيناريو البقاء في الشارع حتى عودة «الرئيس»
القصة بدأت منذ 1 أبريل 2002 حيث خرج أكثر من 300 الف من المعارضين لشافيز في مسيرة سلمية باتجاه مقر شركة النفط الوطنية الفنزويلية في العاصمة. كان هناك تصميم على اعتماد فكرة مواجهة «المجتمع المدني» للديكتاتورية. الساعة الواحدة ظهرا في القصر الرئاسي، أعلن وزير رئاسة الجمهورية رافيال فارغاس بينما كان شاحبا بأن هناك «مؤامرة». الساعة الواحدة واربعون دقيقة مع تسلسل الاحداث، تقدمت مسيرة المعارضين للتظاهر امام القصر الرئاسي وامرت الرئاسة بالسماح لهم دون الاقتراب كثيرا تجنبا لمواجهات قد تنتهي بكارثة».
رجال يرتدون الزي العسكري تصرفوا بالطريقة الميكافيلية. ولم تأمر القيادة العليا للحرس الوطني بأي عملية كبيرة لمنع ما لا مفر منه (اي مواجهة المتظاهرين). تمكنت جماهير المعارضة من الاقتراب إلى أقل من 100 متر من المنطقة الرئاسية حيث كان هناك ايضا عشرات الآلاف من أنصار شافيز، بعضهم مسلح بالعصي والحجارة، لحماية الرئيس بأجسامهم. خمسة عشر عنصرا من الحرس الوطني الفنزويلي تدخلوا لمنع الصدام في مشهد سريالي، عبر استخدام الغاز المسيل للدموع، تمكن الرجال من تحقيق استقرار الوضع.
الصدام بين المؤيدين والمعارضين لشافيز تسبب في مقتل 15 و350 جريحا في ذلك اليوم المأساوي الذي سببه اطلاق عناصر الأمن الرصاص على مشاركين في مظاهرة سلمية. قناصة على أسطح المنازل يزعم انهم من المعارضين لشافيز صوبوا اسلحتهم بدقة مميتة نحو المتظاهرين. مع تشويش تام، اندلعت مشاجرة على نطاق واسع بين المؤيدين والمعارضين. بالقرب من محطة المترو، فرقة من الحرس الوطني فرقت مجموعة من المتظاهرين التي تستعمل الحجارة من خلال أسراب من الغاز المسيل للدموع.
الحرس الشرفي للرئيس شافيز آنذاك ألقى القبض على ثلاثة قناصة، من بينهم اثنان من ضباط الشرطة. في اليوم التالي، على شاشات التلفزيون الوطني الفينزويلي، أعلن نائب الأدميرال فيسنتي راميريز بيريز: تمكنا من السيطرة على جميع المكالمات الهاتفية للرئيس مع قاداته الأمنية. التقينا في الساعة 10 صباحا لتخطيط العملية، «ما العملية؟» في ذلك الوقت، لم يعرف رسميا، تيار المعارضة ما الذي يتم التدبير له ضد شافيز.
في السادسة مساء تم الوصول إلى الهدف، مع زيادة عدد الضحايا من المصادمات بين معارضي الرئيس والمؤيدين، أعلن الجينرال ايفرين فاسكيز فيلاسكو ان الجيش لن يطيع الرئيس شافيز. وقبل ساعات قليلة، فعلت قيادة الحرس الوطني الشيء نفسه. في الساعة الثالثة صباحا، اعلن الجنرال لوكاس رينكون بيانا آخر قال فيه: في ضوء هذه الحقائق، طلبنا استقالة رئيس الجمهورية. وأعلن ان الرئيس وافق على ذلك. وامتد البيان لعشرين دقيقة، على شاشات التلفزيون، بعد 36 ساعة متتالية من الأحداث والصدام بين المؤيدين والمعارضين.
تم عزل تشافيز وعين في اليوم نفسه في 12 أبريل رئيس منظمة أرباب العمل كارمونا كرئيس انتقالي لفنزويلا وامر بنفسه بحل الجمعية الوطنية، وجميع الهيئات الحكومية، واقال المحافظين ورؤساء البلديات. في اليوم نفسه هنأ المتحدث باسم البيت الأبيض الجيش والشرطة لرفضهم إطلاق النار ضد المتظاهرين السلميين.
مؤيدو شافيز انقادوا الى رفض الانقلاب وعزل الرئيس، وفي الوقت نفسه دانت منظمة الدول الأميركية الانقلاب، فيما سفراء الولايات المتحدة وإسبانيا في كراكاس كانوا مندفعين لتهنئة الرئيس الجديد.
وفي الوقت نفسه، شنت حملة على الوزراء والنواب والناشطين وتم تفتيش المنازل واعتقل مئة وعشرون من الموالين لشافيز في أهوال السجن.
وعلى القناة الوطنية الفنزويلية، صرح العقيد خوليو رودريغز سالاس، مع ابتسامة كبيرة «كان لدينا سلاح عظيم للاطاحة بشافيز وهو وسائل الإعلام! وأنا أريد أن أهنئكم. «باسم الديموقراطية،» المجتمع المدني بانتفاضته على شافيز ساهم في اقامة ديكتاتورية بدل ديموقراطية، ويعود الأمر الى الشعب لاستعادة الديموقراطية».
دون مقاومة لمنع حمام دم، كان شافيز المعزول لم يستقل وكان محتجزا. في 13 من ابريل، نزل أنصار شافيز بمئات الآلاف واحتلوا الشوارع والساحات في جميع أنحاء البلاد. في فترة ما بعد الظهر، ساعد بعض عناصر حرس الشرف الرئاسي مستفيدين من الفوضى على دخول بعض الوزراء التابعين لشافيز لاعادة احتلال مكتب الرئاسة. اقتداء بالجنرال راؤول بادويل، قائد لواء المظليين 42 في ماراكاي، بعض القادة في الجيش الفنزولي المؤيدين للدستور استعادوا السيطرة على جميع المؤسسات الأمنية. انقسمت بذلك البلاد بين مؤيد لشرعية الدستور وآخرون مؤيديين لانقلاب الجيش على شافيز.
دون رؤية واضحة، وخوفا من ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها من المواطنين، وتفاديا لاشتباكات بين القيادات العسكرية العليا تمت اعادة الرئيس الشرعي لجمهورية فنزويلا ليلا ليطل على شعبه من القصر الرئاسي من جديد بعد ان تمت السيطرة على الذين قاموا بالانقلاب عليه.
عقب عودة هوغو شافيز لتولي مقاليد الحكم مرة ثانية في منتصف أبريل 2002 إثر فشل الانقلاب الذي قام به بعض ضباط الجيش الفنزويلي وبعض رجال الأعمال المعارضين لسياسات شافيز الاقتصادية، تعهد الأخير بتنفيذ قرارات عدة منها: العفو عن القيادات العسكرية التي قامت بالانقلاب عليه، وإجراء تحقيق شامل حول أحداث العنف التي ارتكبتها قوات الأمن والحرس الرئاسي ضد المتظاهرين الذين تجمعوا حول القصر الجمهوري يوم 11 أبريل 2002 للمطالبة باستقالة شافيز، ما أوقع نحو 35 قتيلا وأكثر من جريح من بين المتظاهرين الذين وصل عددهم آنذاك إلى أكثر من نصف مليون فرد، بالاضافة إلى تعهده باجراء حوار وطني بين أطراف العملية السياسية كافة في فنزويلا.
وتتضح معالم عودة شافيز الى كرسي الرئاسة بعد نزول مناصريه واحتلالهم الميادين، ونظرا للخوف من هذه الحشود ودخول البلاد في كارثة صدام دموي اختار البعض عودة الرئيس، الا ان الوضع في مصر قد يكون غير متطابق مع ما حصل في فنزويلا في 2002 لأنه في مقابل الملايين المحتشدة في الميادين للمطالبة بعودة مرسي ثمة ملايين في الجهة المقابلة دعمت خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها بين القوات المسلحة المصرية وعدد من الأحزاب المعارضة بمباركة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وبين ملايين هنا، وملايين هناك، سيناريوهات كثيرة تطرح وتناقش، مرسي يعود. لا يعود. وفي مواجهة تأكيدات ميدان «رابعة العدوية» حيث يحتشد مؤيدو الرئيس المصري ان مرسي عائد «خلال ساعات» حينا و«خلال أيام» حينا آخر و«سنبقى في الميدان حتى عودة مرسي»، في مواجهتها تأكيدات مضادة من «ميدان التحرير» الممتلئ بمعارضي مرسي بأن الشعب استرد شرعيته التي منحها لمرسي عقب ثورة 25 يناير 2011، وألا شرعية غير شرعية الشعب.
وفي المحصلة تبقى جميع السيناريوهات مطروحة من «فنزويلا» إلى «مصر»، وكلٌ يرى الأمور وفق مبادئه وتوجهاته. ثمة من يريد أن يُسقط سيناريو «شافيز وفنزويلا» بشكل كامل على أحداث «مصر ومرسي»، وثمة من يرى أن من غير الممكن حتى المقارنة في هذا الأمر.
المؤيدون والمعارضون في الساحات، والأيام المقبلة كفيلة بحسم الأمور.
بعد أيام على إزاحة الرئيس المصري محمد مرسي من سدة الرئاسة، لا تزال ردود الفعل سائرة في اتجاهين متناقضين، بين من يرى ما حدث ثورة شعبية، ومن يرى انها انقلاب على الشرعية التي أتت بمرسي رئيسا عبر الانتخاب.
ووسط الملايين المحتشدة في ميادين مصر المختلفة مؤيدة ومعارضة، يلوح في ذهن جماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي اليها مرسي سيناريو يحاكي الأحداث التي شهدتها فنزويلا في العام 2002 والتي أعادت هوغو شافيز رئيس فنزويلا الراحل إلى سدة الرئاسة بعد 48 ساعة من إطاحة الجيش والحرس الوطني به عقب نزول الجماهير المؤيدة له إلى الشوارع والساحات وتنظيم الاعتصامات المطالبة بعودته.
وبينما يرى محللون كثر ان من الصعب المقارنة بين القضيتين، خصوصا في ظل نزول ملايين المعارضين لمرسي إلى الشارع، يعتبر آخرون ان نزول الحشود المؤيدة له إلى الميادين خطوة تنبئ عن سيناريو شبيه بفنزويلا، ويؤيد الرأي الأخير تصريحات قيادات جماعة الإخوان المسلمين كالمرشد العام محمد بديع الذي قال «ان كل الملايين ستبقى في الميادين حتى نحمل رئيسنا المنتخب محمد مرسي على أعناقنا» أو وزير الاستثمار الدكتور يحيي حامد الذي أكد ان «الرئيس المخلوع محمد مرسي سوف يعود الى كرسي الحكم خلال ايام قليلة».
القصة الفنزويلية التي تحققت فيها عودة الرئيس هوغو شافيز بعد إزاحته من العسكر، يرويها تقرير لجريدة «لوموند» الفرنسية حيث عرضت القصة بأنها شملت احداثا وملابسات دفعت في نهاية المطاف الى جعل مجرى الأحداث لصالح مؤيدي الرئيس وجعله يعود على الرغم من عزل الجيش له. فهل من أوجه تقارب عزل شافيز ومرسي وعودة الأول وآمال البعض بعودة الثاني إلى سدة الرئاسة.
كيف بدأ التحرك ضد الرئيس الفنزويلي الراحل؟ ولماذا انقلب الجيش عليه؟ وكيف نجحت التظاهرات في إعادته إلى موقعه؟
• الجيش الفنزويلي خلع شافيز فانتفضت الجماهير وأعادته إلى الرئاسة بعد 48 ساعة
• مئات الآلاف من أنصار شافيز احتلوا الشوارع والساحات فانقسمت فنزويلا بين مؤيد لشرعية الدستور وموافق للانقلاب
• انقلاب الجيش على شافيز حظي بمباركة البيت الأبيض وحكومات غربية ولقي إدانة من منظمة الدول الأميركية
• شافيز عفا بعد عودته عن قادة الانقلاب وتعهد إجراء حوار وطني بين أطراف العملية السياسية كافة في فنزويلا
• الجيش الفنزويلي تراجع عن الانقلاب خوفا من ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها من المواطنين وتفاديا لاشتباكات بين القيادات العسكرية
• «الإخوان» في مصر يطبقون سيناريو البقاء في الشارع حتى عودة «الرئيس»
القصة بدأت منذ 1 أبريل 2002 حيث خرج أكثر من 300 الف من المعارضين لشافيز في مسيرة سلمية باتجاه مقر شركة النفط الوطنية الفنزويلية في العاصمة. كان هناك تصميم على اعتماد فكرة مواجهة «المجتمع المدني» للديكتاتورية. الساعة الواحدة ظهرا في القصر الرئاسي، أعلن وزير رئاسة الجمهورية رافيال فارغاس بينما كان شاحبا بأن هناك «مؤامرة». الساعة الواحدة واربعون دقيقة مع تسلسل الاحداث، تقدمت مسيرة المعارضين للتظاهر امام القصر الرئاسي وامرت الرئاسة بالسماح لهم دون الاقتراب كثيرا تجنبا لمواجهات قد تنتهي بكارثة».
رجال يرتدون الزي العسكري تصرفوا بالطريقة الميكافيلية. ولم تأمر القيادة العليا للحرس الوطني بأي عملية كبيرة لمنع ما لا مفر منه (اي مواجهة المتظاهرين). تمكنت جماهير المعارضة من الاقتراب إلى أقل من 100 متر من المنطقة الرئاسية حيث كان هناك ايضا عشرات الآلاف من أنصار شافيز، بعضهم مسلح بالعصي والحجارة، لحماية الرئيس بأجسامهم. خمسة عشر عنصرا من الحرس الوطني الفنزويلي تدخلوا لمنع الصدام في مشهد سريالي، عبر استخدام الغاز المسيل للدموع، تمكن الرجال من تحقيق استقرار الوضع.
الصدام بين المؤيدين والمعارضين لشافيز تسبب في مقتل 15 و350 جريحا في ذلك اليوم المأساوي الذي سببه اطلاق عناصر الأمن الرصاص على مشاركين في مظاهرة سلمية. قناصة على أسطح المنازل يزعم انهم من المعارضين لشافيز صوبوا اسلحتهم بدقة مميتة نحو المتظاهرين. مع تشويش تام، اندلعت مشاجرة على نطاق واسع بين المؤيدين والمعارضين. بالقرب من محطة المترو، فرقة من الحرس الوطني فرقت مجموعة من المتظاهرين التي تستعمل الحجارة من خلال أسراب من الغاز المسيل للدموع.
الحرس الشرفي للرئيس شافيز آنذاك ألقى القبض على ثلاثة قناصة، من بينهم اثنان من ضباط الشرطة. في اليوم التالي، على شاشات التلفزيون الوطني الفينزويلي، أعلن نائب الأدميرال فيسنتي راميريز بيريز: تمكنا من السيطرة على جميع المكالمات الهاتفية للرئيس مع قاداته الأمنية. التقينا في الساعة 10 صباحا لتخطيط العملية، «ما العملية؟» في ذلك الوقت، لم يعرف رسميا، تيار المعارضة ما الذي يتم التدبير له ضد شافيز.
في السادسة مساء تم الوصول إلى الهدف، مع زيادة عدد الضحايا من المصادمات بين معارضي الرئيس والمؤيدين، أعلن الجينرال ايفرين فاسكيز فيلاسكو ان الجيش لن يطيع الرئيس شافيز. وقبل ساعات قليلة، فعلت قيادة الحرس الوطني الشيء نفسه. في الساعة الثالثة صباحا، اعلن الجنرال لوكاس رينكون بيانا آخر قال فيه: في ضوء هذه الحقائق، طلبنا استقالة رئيس الجمهورية. وأعلن ان الرئيس وافق على ذلك. وامتد البيان لعشرين دقيقة، على شاشات التلفزيون، بعد 36 ساعة متتالية من الأحداث والصدام بين المؤيدين والمعارضين.
تم عزل تشافيز وعين في اليوم نفسه في 12 أبريل رئيس منظمة أرباب العمل كارمونا كرئيس انتقالي لفنزويلا وامر بنفسه بحل الجمعية الوطنية، وجميع الهيئات الحكومية، واقال المحافظين ورؤساء البلديات. في اليوم نفسه هنأ المتحدث باسم البيت الأبيض الجيش والشرطة لرفضهم إطلاق النار ضد المتظاهرين السلميين.
مؤيدو شافيز انقادوا الى رفض الانقلاب وعزل الرئيس، وفي الوقت نفسه دانت منظمة الدول الأميركية الانقلاب، فيما سفراء الولايات المتحدة وإسبانيا في كراكاس كانوا مندفعين لتهنئة الرئيس الجديد.
وفي الوقت نفسه، شنت حملة على الوزراء والنواب والناشطين وتم تفتيش المنازل واعتقل مئة وعشرون من الموالين لشافيز في أهوال السجن.
وعلى القناة الوطنية الفنزويلية، صرح العقيد خوليو رودريغز سالاس، مع ابتسامة كبيرة «كان لدينا سلاح عظيم للاطاحة بشافيز وهو وسائل الإعلام! وأنا أريد أن أهنئكم. «باسم الديموقراطية،» المجتمع المدني بانتفاضته على شافيز ساهم في اقامة ديكتاتورية بدل ديموقراطية، ويعود الأمر الى الشعب لاستعادة الديموقراطية».
دون مقاومة لمنع حمام دم، كان شافيز المعزول لم يستقل وكان محتجزا. في 13 من ابريل، نزل أنصار شافيز بمئات الآلاف واحتلوا الشوارع والساحات في جميع أنحاء البلاد. في فترة ما بعد الظهر، ساعد بعض عناصر حرس الشرف الرئاسي مستفيدين من الفوضى على دخول بعض الوزراء التابعين لشافيز لاعادة احتلال مكتب الرئاسة. اقتداء بالجنرال راؤول بادويل، قائد لواء المظليين 42 في ماراكاي، بعض القادة في الجيش الفنزولي المؤيدين للدستور استعادوا السيطرة على جميع المؤسسات الأمنية. انقسمت بذلك البلاد بين مؤيد لشرعية الدستور وآخرون مؤيديين لانقلاب الجيش على شافيز.
دون رؤية واضحة، وخوفا من ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها من المواطنين، وتفاديا لاشتباكات بين القيادات العسكرية العليا تمت اعادة الرئيس الشرعي لجمهورية فنزويلا ليلا ليطل على شعبه من القصر الرئاسي من جديد بعد ان تمت السيطرة على الذين قاموا بالانقلاب عليه.
عقب عودة هوغو شافيز لتولي مقاليد الحكم مرة ثانية في منتصف أبريل 2002 إثر فشل الانقلاب الذي قام به بعض ضباط الجيش الفنزويلي وبعض رجال الأعمال المعارضين لسياسات شافيز الاقتصادية، تعهد الأخير بتنفيذ قرارات عدة منها: العفو عن القيادات العسكرية التي قامت بالانقلاب عليه، وإجراء تحقيق شامل حول أحداث العنف التي ارتكبتها قوات الأمن والحرس الرئاسي ضد المتظاهرين الذين تجمعوا حول القصر الجمهوري يوم 11 أبريل 2002 للمطالبة باستقالة شافيز، ما أوقع نحو 35 قتيلا وأكثر من جريح من بين المتظاهرين الذين وصل عددهم آنذاك إلى أكثر من نصف مليون فرد، بالاضافة إلى تعهده باجراء حوار وطني بين أطراف العملية السياسية كافة في فنزويلا.
وتتضح معالم عودة شافيز الى كرسي الرئاسة بعد نزول مناصريه واحتلالهم الميادين، ونظرا للخوف من هذه الحشود ودخول البلاد في كارثة صدام دموي اختار البعض عودة الرئيس، الا ان الوضع في مصر قد يكون غير متطابق مع ما حصل في فنزويلا في 2002 لأنه في مقابل الملايين المحتشدة في الميادين للمطالبة بعودة مرسي ثمة ملايين في الجهة المقابلة دعمت خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها بين القوات المسلحة المصرية وعدد من الأحزاب المعارضة بمباركة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وبين ملايين هنا، وملايين هناك، سيناريوهات كثيرة تطرح وتناقش، مرسي يعود. لا يعود. وفي مواجهة تأكيدات ميدان «رابعة العدوية» حيث يحتشد مؤيدو الرئيس المصري ان مرسي عائد «خلال ساعات» حينا و«خلال أيام» حينا آخر و«سنبقى في الميدان حتى عودة مرسي»، في مواجهتها تأكيدات مضادة من «ميدان التحرير» الممتلئ بمعارضي مرسي بأن الشعب استرد شرعيته التي منحها لمرسي عقب ثورة 25 يناير 2011، وألا شرعية غير شرعية الشعب.
وفي المحصلة تبقى جميع السيناريوهات مطروحة من «فنزويلا» إلى «مصر»، وكلٌ يرى الأمور وفق مبادئه وتوجهاته. ثمة من يريد أن يُسقط سيناريو «شافيز وفنزويلا» بشكل كامل على أحداث «مصر ومرسي»، وثمة من يرى أن من غير الممكن حتى المقارنة في هذا الأمر.
المؤيدون والمعارضون في الساحات، والأيام المقبلة كفيلة بحسم الأمور.