لغة الأشياء / مشرحة بغداد

تصغير
تكبير
| باسمة العنزي |
في عمله الأخير الذي رشح ضمن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد في الأدب في الدورة السابعة، جاءت رواية (مشرحة بغداد) لبرهان شاوي لتلفت الانتباه رغم أن القائمة القصيرة لم تعلن رسميا وتم حجب الجائزة في مجال الأدب بسبب تداعيات تسريب الروائية أحلام مستغانمي لخبر فوز روايتها (الأسود يليق بك) قبل اجتماع اللجان، القائمة القصيرة المسربة غير المعلنة رسميا، ضمت أيضا (مشرحة بغداد) ما أعطى الرواية شيئا من الانتشار.
الروائي والشاعر برهان شاوي كان اختياره ذكيا في ما يتعلق بموضوع العمل الروائي، الذي تدور أحداثه في مشرحة بغداد، لكن هل يكفي الموضوع المغاير في إنجاح العمل الروائي و النهوض به؟!
عوامل عديدة أطاحت بالعمل الذي كان بإمكانه التحليق بعيدا، وحصد الكثير من النجاحات، الرواية جاءت متماسكة ومشوقة في ربعها الأول ثم بدأ خطها البياني في النزول!
«انتبه الى أن حياته الحقيقية تبدأ في الليل أيضا، ويتحقق من عالم الأسرار في الليل أيضا، فكل ما يدور في النهار من حركة للمراجعين، ونقل للجثث، وتشريح لها، لا يكاد يكون في العالم الحقيقي والواقعي».*
اللغة بسيطة جدا وأحيانا كثيرة تأتي تقريرية تتراوح ما بين الإيجاز والإسهاب الممل، يغلب عليها التكرار والتفاصيل الزائدة، الأحداث محشوة ومكتظة، مجاميع من الأبطال لكل منهم حكاية مؤلمة ودموية يود سردها في ظلام المشرحة، أحيانا كقارئة كنت أظن أنني أمام فيلم رعب تخرج فيه الأرواح من ثلاجات الموتى، أو نشرة أخبار تتناول بالتفصيل أخبار الانفجارات وأعداد القتلى وتصور الأشلاء و الدخان!
حارس المشرحة الشاب دوره لم يكن رئيسا وهو البطل المفترض في العمل، كان مجرد شاهد مذعور، فتى مرتبك مما يجري حوله، معزول في غرفته أو منبطح على الأرض يسترق السمع لما يجري في المشرحة التي فقدت واقعيتها وانتشرت بها مخلوقات الزومبي المخيفة!
«في غرفته كان الحارس آدم متوترا، فبرغم أنه كان مرعوبا أول الأمر الا أنه أخذ يتابع ما يجري في الممر وكأنه يتابع فيلما أميركيا دراميا مشوقا، فيلما من أفلام الرعب و الخيال العلمي».*
عمد الروائي لاختيار اسم واحد لجميع الأبطال الذكور وهو آدم، و النساء حواء، وهو أمر مربك للقارئ ولم يخدم العمل من وجهة نظري. اتضح لي بعد الرواية أن أغلب شخصيات برهان شاوي الأدبية يحملون اسم آدم وحواء!
(مشرحة بغداد) رواية كان بإمكانها الخروج من شرنقة الاعتيادية لفضاء أوسع لولا اللغة التي بلا دهشة، وأجواء الرعب المفتعلة، والزج بكل القصص دفعة واحدة. في الوقت نفسه بإمكان هذا النص أن يكون نواة عمل مسرحي بما حمله من مجاميع متحركة وخطاب إنساني واضح ومكان واحد.
* برهان شاوي (مشرحة بغداد) الدار العربية للعلوم ناشرون، 2012
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي