«الحيوانات المنوية تهرب من السجن أمام شهود»

طبيب فلسطيني يصبح بطلاً قومياً لمساعدته نساء السجناء على الإنجاب

تصغير
تكبير
| لندن - من إلياس نصرالله |

كشفت صحيفة «الإندبندنت» أمس أن محاولة تهريب الحيوانات المنوية للسجناء السياسيين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية لتلقيح زوجاتهم مخبرياً تحولت إلى تقليد معترف به في المجتمع الفلسطيني، عقب نجاح المحاولة الأولى التي قام بها الأسير عمار الزبن المحكوم بالسجن المؤبد في إسرائيل وتمكنت زوجته من إنجاب ابنهما البكر مهند تحت إشراف إخصائي التخصيب الفلسطيني الدكتور سالم أبو خيزران من طوباس في منطقة نابلس، حيث ساعد أبوخيزران بعد ذلك في تخصيب تسع نساء فلسطينيات من حيوانات منوية هربها أزواجهن السجناء في السجون الإسرائيلية.

مراسل «الإندبندنت» إليستر دوبر زار المركز الطبي الخاص بالدكتور أبو خيزران في نابلس وأجرى تحقيقاً صحافياً عن هذه الظاهرة التي تلقي الضوء على الظروف القاسية التي يعيشها السجناء الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية وحرمانهم من أبسط الحقوق التي من المفروض أن يتمتع بها السجناء وفقاً للمواثيق الدولية. فالسجناء المتزوجون يحظون عادة بخلوات مع نسائهم، وفقاً للقوانين المتعلقة بمعاملة المساجين، غير أن السجناء الفلسطينيين محرومون من هذا الحق القانوني، الأمر الذي يدفعهم لابتكار أساليب ذكية في التحايل على السجانين وإدارة السجون بوسائل مختلفة وتهريب حيواناتهم المنوية وبناء حياة عائلية حتى وهم خلف القضبان. يُشار إلى ان الإسرائيليين سمحوا في الماضي للسجناء الفلسطينيين للاختلاء بزوجاتهم مرة في العام، لكنه اتضح أن ألإسرائيليين كانوا يتجسسون على السجناء أثناء خلواتهم واستخدموا الصور التي التقطوها للضغط عليهم في التحقيقات وابتزازهم سياسياً. لذلك لم يتضايق السجناء الفلسطينيون عندما ألغى الإسرائيليون هذه الممارسة.

وقالت «الإندبندنت» أن الدكتور أبو خيزران أصبح بمثابة «بطل قومي» في فلسطين لنجاحه في تخصيب عشر نساء من زوجات السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خاصة وأنه يُقدم هذه الخدمة مجانياً للسجناء مع العلم أنه يتقاضى مبلغ 2000 دولار لكل عملية تلقيح مخبرية في الحالات العادية.

وأوردت الصحيفة قصة سيدة فلسطينية تدعى ليديا، زوجة سجين محكوم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً، أمضى منها 12 عاماً حتى الآن. وكانت ليديا أنجبت طفلها الأول قبل إلقاء القبض خلال انتفاضة الأقصى أو الانتفاضة الثانية على زوجها العضو في تنظيم «كتائب الأقصى» التابع لحركة «فتح»، لكنها تمكنت أخيراً من إنجاب طفلها الثاني ماجد بعد تهريب زوجها لحيواناته المنوية التي تم بواسطتها تلقيحها مخبرياً تحت إشراف الدكتور أبو خيزران. وقالت ليديا لـ «الإندبندنت» أن هناك شهودا موثوقين على عملية التهريب، منعاً لأي التباس أو تأويل للعملية.

وقال الدكتور أبو خيزران لـ «الإندبندنت» أنه منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة قامت باعتقال حوالي 800 ألف فلسطيني لمدد متفاوتة، منهم من حكم عليه لفترات قصيرة ومنهم من حكم عليه بالمؤبد. فالاعتقال مسألة تعاني منها العائلات الفلسطينية في شكل واسع، حيث يندر وجود عائلة لم يدخل أحد أفرادها السجن. فيما تتبنى السلطات الفلسطينية وكل الأحزاب والتنظيمات الفلسطينية قضية السجناء الإنسانية وتسعى جاهدة من أجل إطلاق سراحهم والتخفيف من معاناتهم. ومعاناة عائلاتهم.

وأوضح أبو خيزران أن النساء الفلسطينيات مخلصات لأزواجهن وتقفن إلى جانبهم بصلابة، لكنهن يُدركن أنهن سيتقدمن في السن خلال وجود أزواجهن في السجن، فيُسارعن للبحث عن وسيلة لإنجاب الأطفال بأي ثمن. ومن الجهة الأخرى بالنسبة للسجناء الذين يقضون فترات طويلة في السجن يجدون أن نساءهم غير قادرات على إنجاب الأطفال بسبب تقدمهن في السن، فيضطرون للتزوج من نساء أصغر سناً طمعاً بإنجاب الأطفال، مما يخلق مشاكل عائلية واجتماعية كثيرة بالنسبة لهم. لذلك أصبح تهريب الحيوانات المنوية هو الوسيلة الأفضل بالنسبة للسجناء السياسيين الفلسيطنيين لحل هذه المشكلة.

وأشار أبو خيزران إلى أن المجتمع الفلسطيني بمختلف فئاته تقبل فكرة إنجاب الأطفال بالتخصيب، فرجال الدين أيدوا الفكرة وكذلك السلطة الفلسطينية والأحزاب والتنظيمات، مؤكداً أن زوجات السجناء يُدفعن دفعاً من جانب ذويهم لإنجاب الأطفال من أزواجهن المعتقلين في السجون الإسرائيلية، حيث يُقال للواحدة منهن «ماذا تنتظرين».

ورفض أبو خيزران محاولات مراسل «الإندبندنت» لاطلاعه على الطريقة التي يتم بها تهريب الحيوانات المنوية، وقال «أنا طبيب ولا شأن لي في عمليات التهريب. وأفضل ألا أعرف»، مضيفاً «كل سجين وله طريقته».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي