«نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر للسلطات جميعاً». المادة 6 من الدستور
***
أصدرت المحكمة الدستورية حكمها في مرسوم الصوت الواحد، فحصنته وأبطلت المجلس الأخير الذي قام على أساسه!
ومع أن الحكم واجب التنفيذ من قبل الجميع، إلا أن ردود الأفعال «المبدئية» اختلفت بعده، بين ثلاث فئات: فئة شاركت سابقاً وستشارك لاحقاً ولا يفرق عندها شيء، وأخرى قاطعت وستقاطع مع المطالبة بإصلاحات دستورية قد تكون جذرية، وثالثة قاطعت ولكن بعد الحكم ستشارك، خصوصا بعد أن رأت وتحسرت على مخرجات الانتخابات الماضية!
المقاطعة هذه المرة ستكون نوعية وليست كمية، والتأثير سيكون على المستوى البعيد لا القريب! وستبقى هناك قوة معارضة تراقب وترصد الأداءين الحكومي والبرلماني من خارج البرلمان، وستستثمر السقطات.
ومن المنطقي أن تتفق قوى المعارضة على رفع سقف المطالب بالإصلاحات الدستورية - بعد أن كانت مختلفة عليه - والمطالبة بدستور جديد يمنح الأمة «الشعب» السيادة ويجعلها «بحق» مصدر السلطات، أو على الأقل إجراء إصلاحات نوعية على الدستور الحالي يوفر الضمانات لتلك السيادة، قائمة على الشريعة الإسلامية السمحاء التي دعمت في حق الشعوب في اختيار من يمثله.. فسيادة الأمة اليوم أضحت تحت إرادة ورحمة بقية السلطات!
المعارضة اليوم يجب أن تبادر بالتواصل مع القوى المدنية ليس من بينها من شارك في مجلس أبوصوت - لاستنطاق موقف إزاء الحكم، والتوافق على موقف مشترك يرسم خارطة طريق بلا تخوين أو اتهامات، وبنضج سياسي محترف.
أجمل ما في الأمر بصراحة، أن أعضاء المجلس الأخير لن يطلق عليهم نواب سابقون ولا رئيسه رئيس سابق! بينما أسوأه هو سريان القوانين التي أصدرها مجلس أبوصوت! مع أنها كانت قوانين سلق بيض! تقدم المصالح الشخصية وتضع نصب عينيها الانتقام من المعارضة المقاطعة، وبعيدة عن المصلحة العامة للكويت وأهلها!
وهذا يجرنا إلى الفرق بين البطلان والفساد، فالبطلان لا يترتب عليه أثر وتبطل جميع آثاره، بينما الفساد يترتب عليه أثر، فيبطل ولكن آثاره صحيحة، وبالتالي وبناء على حكم المحكمة الدستورية فالمجلس السابق مجلس... فاسد! ولفظ «المبطل» غير صحيح، لأن المحكمة أقرت كل متصدر منه خلال فترة عمله من قوانين ومشاريع كنا نتمنى لو ألغتها المحكمة معه.
ويبدو أن السلطة تسعى لعودة مجلس 2009 لهدف يتيم هو إقرار نظام انتخابي جديد قائم على الصوتين بدل الصوت، في خطوة سياسية ذكية تجعل من تعديل النظام الانتخابي شرعياً وخرج من رحم مجلس شرعي بغض النظر عن الاتهامات الموجهة إليه بأنه مجلس قبيضة ومرتشين وغيرها.
وبالتالي يمكنها أن تطوي «بدهاء» صفحة كبيرة معضلة، تجعل الأغلب يشارك، وتفتت المعارضة، ولكن حتما لن تُسكِت الصوت الشبابي الذي سيسعى بكل قوته للمزيد من الإصلاحات والمكتسبات الدستورية وتوسيع صلاحيات الأمة!
يأتي ذلك بعد أن بعثت الحكومة للفتوى والتشريع تفسيرا لإمكانية عودة مجلس 2009! مع ما فعلته تلك الإدارة بإدخال البلد في أزمات عديدة بأخطاء قاتلة أُبطِل على إثرها مجلسان، وأهدرت ميزانيات وأوقفت عجلة التنمية! حتى باتت الكويت تعيش في أسوأ عهد «دستوري» لم تمر به من قبل ربما!
ومع كل هذه الأخطاء الإجرائية «المكلفة» على الوطن والمواطن لم نسمع حتى اللحظة بمحاسبة مسؤول ما - ولا حتى ساعي البريد أو فرّاش المدير - عنها، على الرغم من أنني أزعم أنها لا تخلو من التعمد أحياناً!!
***
برودكاست:
المقاطعة في السابق كانت لإيصال رسالة، أما اليوم فللشعور بعدم قيمة المشاركة، فالمسألة أصبح البعض يراها لعبة! وأصبحنا نعيش عصر التفرد وطغيان حكومة أمام مجلس مفصّل ليكون بلا مخالب، وأكبر ما سيفعله ربما هو... التخميش!
سالم خضر الشطي
[email protected]Twitter: @slm_alshatti