لغة الأشياء / شنيع مقالك يا عدنان!


في عدد ايلاف (2544) الاثنين الماضي، في باب جريدة الجرائد لفت نظري عنوان مقال الزميل عدنان حسين (رسالة كويتية شنيعة)، والمنشور أيضا في أوان، كقارئة رأيته مقالا خاليا من المنطق، لم يكن فيه الصحافي العراقي عدنان حسين منصفا أو موفقا في طرح وجهة نظره على خلفية خبر الهجمات الانتحارية التي نفذها شخصان كويتيان في الموصل!
يقول الكاتب: «هي رسالة كويتية الى العراق... الى الشعب العراقي برمته. وهي مبعوثة من بعض الكويتيين، بالطبع، وليس منهم بأجمعهم».
الأخ عدنان ينظر للأعمال الارهابية في العراق وغير العراق، على أنها رسائل شنيعة مبعوثة من الدول التي يحمل أفرادها جنسيتها أو من بعض مواطنيها!، وبالتالي كان من الواجب على الأخ عدنان أن يذكر أن رسائل شنيعة عديدة ومتكررة وصلت للعراق من باكستان وايران وسورية واليمن وفلسطين والأردن وغيرها من الدول، وكان الأجدر به لو ذكرنا - حيث أن ذاكرة الكثيرين منا بدأت تضعف- كم رسالة عراقية قبيحة ومجحفة، استقبلتها الكويت أثناء فترة الاحتلال وما بعدها من النظام البائد وبعض أفراد الشعب العراقي؟!
يطرح الأخ عدنان في مقاله أسئلة عدة ساذجة يستطيع الاجابة عنها تلميذ المرحلة الابتدائية: «هل العمليتان الانتحاريتان اللتان نفذهما الكويتيان عبدالله العجمي وناصر الدوسري في الموصل (شمال العراق)، رسالة من أجل الاسلام؟... قتلى العمليتين وجرحاهما والمتضررون منهما كلهم تقريبا مسلمون!».
نعلم جميعا أنها ليست رسالة سلام أو اسلام. ومنذ متى كان العنف والارهاب رسالة أسلامية؟!، انها أعمال فردية لا تقف وراءها حكومة وشعب الكويت، ومن غير المعقول أن تطلب اعتذارا رسميا أو استنكارا شعبيا عن جرائم الخارجين عن قانون الدولة!
الزميل عدنان حسين يطالبنا بمطلب لم نطلبه-كضحايا سابقين- ممن استباحوا أرضنا سبعة أشهر شنيعة، أين اعتذار وتنديد مثقفي العراق عن الغزو آنذاك أو حتى بعدها بسنوات؟!
(هي رسالة شنيعة أيضا، بخاصة وأن العراقيين لم يسمعوا ادانة، أو تنديدا أو استنكارا للعمليتين الا من القلة الضئيلة من الكويتيين، بل انهم لم يروا أي شفة تتحرك من اسلاميي الكويت وقومييها، كما لو أن هؤلاء يؤيدون العمليتين... بل يريدون خراب العراق!).
إذاً، من لم يستنكر يؤيد خراب العراق، منطق عجيب! الكويت الديموقراطية التي يكتب بها الضيف ما يشاء مستندا على حرية الرأي الراسخة فيها، الكويت التي احتضنت العربي والأجنبي موفرة لهم فرص العمل والحياة الكريمة، الكويت التي تغدق مساعداتها وهباتها حتى على من لا يستحق ذلك، الكويت التي مدت جسور الأمل وشرب من بئر عظمتها الكثيرون غير مطالبة بالشعور بالخجل أو الاعتذار لأي دولة أن أخطا اثنان من رعاياها بحق أنفسهم أولا قبل غيرهم.
ولا ينتظر شعبها أيضا أي اعتذار متأخر من الشعب العراقي على ما حدث في الماضي، وترك آثاره الواضحة الى اليوم. الجرح مازال طريا وان مرت السنون فوقه، صحيح أن ذاكرة السياسة والديبلوماسية تنسى لأسباب مبررة، لكن ذاكرة الشعب لا أظنها تتجاوز بسهولة!
حسب مقال الأخ عدنان مطلوب من كل مجرم ارتكب جريمة في الكويت، أن تسارع حكومته وشعبه لتقديم بيانات الاستنكار والتنديد، وليت ذلك يترافق مع تعويض مادي عن الأضرار المادية والنفسية التي سببها كل مجرم.
الكويت الجميلة لا ترسل رسائل (شنيعة) للآخرين يا أخ عدنان، ولا تتوقف عند رسائل (الآخرين) الشنيعة. مع تمنياتي لك باقامة طيبة في بلد السلام والمحبة.