د. حمد العصيدان / كلمات ناطقة / هكذا يخططون وينفذون ... ولا عزاء لنا!

تصغير
تكبير
عين الراصد لمسار الثورة السورية لا بد أنه توقف على تطورات الأسبوع الماضي بشيء من التمهل والتفكير حول ما دفع إلى هذه التطورات المتسارعة بعد سنتين وثلاثة أشهر من بدء ثورة الأشقاء على طاغية الشام ومن يقفون وراءه.

وحتى نعطي لمحة عن تلك التطورات فإننا نلخصها بالتالي وفق تسلسلها الزمني خلال الأسبوع الماضي:

وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس: يجب وقف تقدم قوات بشار وحزب الله نحو حلب، ويجب إعادة التوازن العسكري بين الطرفين.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الداعم الرئيس لبشار، يلوم الرئيس السوري على عدم إجرائه الإصلاحات منذ بداية الأزمة لتجنب ما وصلت إليه.

أميركا ترفع الحظر عن تزويد المعارضة السورية بالأسلحة وتؤكد أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي وقتل ما بين 100 و150 مدنيا فيه.

علماء الدين يجتمعون في القاهرة ويعلنون الجهاد نصرة لإخوتهم في سورية في وجه تدخل حزب الله وإيران وميليشيات جيش المهدي وغيرها المقبلة من العراق.

مساعد بوتين: أميركا زودتنا بأدلة استخدام بشار للسلاح الكيماوي.

ولمن أراد البحث في ما وراء تلك التداعيات فلا بد أن يبتعد عن إعلامنا العربي المقسوم بين فريقين الأول يؤيد الثورة ويدعمها وهو أغلب الإعلام العربي، وطائفة صغيرة من الإعلام تطبل للطاغية وتتحدث عن نصر زائف ضد شعبه.

بعيدا عن الرأي الشخصي في القضية الذي بينته في أكثر من مقال، وللوقوف على بعض الحقائق التي ربما تغيب كثيرا عن ذهن المواطن العربي وهو مأخوذ في الحماس نصرة للأشقاء، اتجهت إلى الضفة الأخرى من الصراع لمعرفة ما يجري عندنا، فلفت نظري مقال موسع كتبه عزريئيل كارليباخ المحرر الرئيسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية يلخص وبتركيز كبير مسار الثورة منذ بدايتها وحتى الآن. ويشرح السياسة الإسرائيلية تجاه ما جرى بشيء من التوسع.

وبغض النظر عن أن الكاتب صهيوني عدو للعرب ويكتب في أشهر صحف الكيان الصهيوني، فإنما كتبه يدعو للتوقف كثيرا بتمعن حتى نكتشف أننا لسنا في مساحة وطننا العربي سوى أدوات تحركنا الأمبريالية العالمية التي في الأساس خاضعة لسيطرة لوبي يهودي صهيوني يحرك السياسة الدولية كما يشاء.

ولنبدأ بما كتبه كارليباخ عما وصل إليه تطور القضية السورية، فيؤكد أن القرار الأميركي الأخير برفع الحظر عن تسليح المعارضة جاء بإيعاز من تل أبيب بعدما تأكد لها حدوث ما رسمت له منذ بدء الأزمة، وهو توريط حزب الله في الصراع ليتسنى لها القضاء عليه بعيدا عما قد يشكله ذلك من بعض الخطر على مواطنيها، شارحا أن إسرائيل وقفت حائلا قويا دون دفع الإدارة الأميركية لتسليح المعارضة والتأثير على حلفائها فرنسا وبريطانيا لعدم القيام بالخطوة نفسها، فيما تركت للعرب مهمة تسريب بعض الأسلحة الخفيفة التي تزيد من عمق الصراع ولا تحدث أي فرق في القتال، ودفع الأحداث نحو دخول حزب الله في الصراع.

كارليباخ يضيف أن إسرائيل تعيش اليوم أفضل حالاتها الأمنية بعدما ورطت حزب الله في المستنقع السوري الذي لن يخرج منه، لأنها أرادته أن يرمي بثقله، وهو ما فعله الآن مما دعاها إلى الإيعاز لحليفتها أميركا، ومن ورائها فرنسا وبريطانيا ودول المنطقة بتسليح الجيش الحر، حتى يقضى على جيش حزب الله بعدما استنزفت الأزمة قوة الجيش السوي وأعادته عقودا إلى الوراء، ليؤكد أن إسرائيل في ذلك ضمنت أن تعيش لثلاثين سنة قادمة، على أدنى الاحتمالات، في أمن عسكري بعدما أنهت القوة السورية التي كانت تحسب لها حسابا، وفي الوقت نفسه أنهت حزب الله الذي كان يسبب لها بين الفترة والأخرى بعض المشاغبات على الحدود الشمالية، وفي المحصلة تكون قد اقتلعت القدم الإيرانية في المنطقة مما يبعد أي تأثير مباشر لطهران عليها ويبقى موضوع النووي الذي ترتب له ترتيبا خاصا. انتهى كلام كارليباخ.

مما سبق يتضح لنا كم نحن الغرب مغفلون وغائبون أو مغيبون عن رسم السياسة الخاصة بنا، ليس ذلك فحسب، بل لا نملك حتى إرادتنا في إقرار ما نريد، بينما إسرائيل تخطط وترتب وتطلب من الغرب أن ينفذ وهو يقول لها «آمر تدلل»، بل أكثر من ذلك حتى القوة الكبرى المتمثلة في روسيا يبدو أنها خاضعة لسلطان «أحفاد القردة» فها هم قادة موسكو يبدأون بتغيير نبرة تصريحاتهم إيذانا بالتحول في سورية... لكن بشرط ألا يخرج حزب الله من هناك سليما معافى ولا حتى جريحا، فالمطلوب إنهاؤه مهما كلف الثمن حتى لو سبح السوريون في بحر من الدم.

***

ما بعد 16/ 6

أما وقت قالت المحكمة الدستورية كلمتها أمس وحكمت في الطعون الانتخابية ومراسيم الضرورة، فإن المطلوب الآن طي الصفحة بكل ما تضمنته من أحداث وتداعيات وبدء صفحة جديدة في تاريخ الكويت السياسي ينتهي فيها الاحتقان ويعود العمل البرلماني والحكومي إلى السكة الصحيحة وكفانا ما عشناه من حالة احتقان وشحن ألقت بظلالها على المجتمع بكل مرافقه وأطيافه.

فهل نفعل ذلك؟ هذا الأمل.



د.حمد العصيدان

twitter@Dr_alasidan

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي