مشاهد / وزير ثقافة «الإخوان»

u064au0648u0633u0641 u0627u0644u0642u0639u064au062f
يوسف القعيد
تصغير
تكبير
| يوسف القعيد |

لا أريد الكتابة عن وضع الثقافة في زمن الإخوان، أترك هذا للنقاد والباحثين والدارسين. لأن ما لديَّ تجارب شخصية **ورؤى وحكايات، قد تنفع كجزء من عمل سردي، لكنها قد لا ترقى لمستوى الدراسة... لكني سأكتب عن الطريقة التي اختاروا بها وزيرا للثقافة بعد قبول استقالة الدكتور محمد صابر عرب. والذي كان يقول دائما وأبدا أنه آخر وزير مدني للثقافة المصرية. ومن سيأتي بعده إما أن يكون من الإخوان أو متأخونا أو مستعدا لتنفيذ أجندة الإخوان في الثقافة المصرية.

طبعا لن أدخل في سرداب المضايقات الإخوانية لصابر عرب، عندما كان وزيرا للثقافة، رغم أني أعرفها كلها... لكن أترك له الكتابة عنها أو الصمت، فذلك حق أصيل من حقوقه.

الوزير السابق تحدث عن أنه آخر وزير مدني، بمعنى غير إخواني، وقال هذا الكلام أكثر من مرة... على الرغم من أن عاصم شلبي رئيس اتحاد الناشرين المصريين والعرب، وهو كادر إخواني كبير، لا أعرف إن كان عضوا في مكتب الإرشاد أم لا، لكنه شديد القرب من مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، لدرجة أنه قاطعني شهورا لأنني وصفت مهدي عاكف وصفا خارجا بعد قولته الشهيرة: «طظ في مصر»، علاوة على أن ابنة عاصم شلبي، سندس عاصم... معاونة كبيرة لعاصم الحداد الرجل القوي أكثر من اللازم في مؤسسة الرئاسة.

عاصم شلبي، قال أمامي أكثر من مرة في اجتماعات عامة، إن الثقافة لا تشكل حالة عاجلة أمام الإخوان المسلمين، وأنها من الأمور المؤجلة... ولن يقتربوا منها الآن.

وعندما سألته عن السبب، راوغ ولم يجبني... وأنا عن نفسي كنت أعرف السبب. فالوزارة وزارة الثقافة لا علاقة لها بالانتخابات المقبلة. وبالتالي يمكن أن تكون مؤجلة لفترة من الوقت قبل أن يقرروا الانقضاض عليها.

لكن بعد القرار غير المعلن الذي اتخذ في المستويات العليا في جماعة الإخوان المسلمين. سواء كانت مكتب الإرشاد أو المرشد نفسه أو أي تشكيلات أخرى، ربما لا نعرف عنها أي شيء، هذا القرار يقضي بتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى... بسبب تراجع شعبية الإخوان المسلمين في الشارع المصري بصورة مذهلة. ولو أجريت انتخابات في مصر هنا والآن لن يفوزوا بالأغلبية... قد تذهب الأغلبية إلى مجموعات السلفيين والجهاديين، والاثنان ينطبق عليهما المثل الشعبي الذي يقال في مصر: «ما أسخم من ستي إلا سيدي ».

ما إن قبلت استقالة صابر عرب، حتى بدأ البحث عن بديل له. نحن نعرف بشكل مؤكد الآن ثلاثة رفضوا قبول الوزارة، كان أولهم الدكتورة درية شرف الدين. المذيعة والإعلامية المعروفة، والتي تولت الرقابة على المصنفات الفنية فترة من الوقت، وقد ذهبت وقابلت أحد المسؤولين في الجماعة وليس أحد المسؤولين بمجلس الوزراء، واعتذرت عن عدم قبول الوزارة، أما من الذي رشحها للمنصب... فلا نعرف، وهي أيضا لا تعرف.

طبعا لو قبلت درية تولي المنصب كانوا «سيطبلون ويزمرون» ويقولون إنهم أتوا بامرأة وزيرة للثقافة، وهو ما لم يفعله النظام السابق، ثم إنها غير محجبة ومهتمة بالسينما ولها دكتوراه عن السينما في زمن عبد الناصر، ومذيعة ووجه تليفزيوني يستريح له المشاهدون، كان هذا سيقال في حالة قبولها الوزارة.

لكني أعتقد لو أنهم كانوا جادين في استوزار درية شرف الدين لعرضوا عليها وزارة الإعلام، فملف خدمتها كله في الإعلام... سواء مقدمة برامج أو محاورة أو مذيعة أو قارئة لنشرة الأخبار، أي أنها ابنة ماسبيرو، ويمكن أن نقول هذه العبارة بالفم المليان. لكن ماسبيرو محجوزة للمتولي صلاح عبدالمقصود- وهذا هو اسمه كاملا- الذي كان فاعلا ونشطا وهماما في الحملة الانتخابية للدكتور محمد مرسي، وقد تأكدنا جميعا من هذا بعد الكليب الذي عرضه باسم يوسف للأخ المتولي، وزير الإعلام، وهو يرقص فرحا عند إعلان النتيجة بنجاح الدكتور محمد مرسي، ويبدو أنه كان يرقص بشدة وهمة لأنه كان يعرف مسبقا الثمن الذي سيحصل عليه.

عرضوا على درية وزارة الثقافة ولم يعرضوا عليها وزارة الإعلام المحجوزة لرجل من رجال الدكتور مرسي.

الاسم الثاني كان الدكتور محمد يحيى، وهو نجل الناشر المعروف أحمد يحيى صاحب المكتب المصري الحديث، ومع إيماني القاطع بأن ما يفعله الآباء قد لا تكون له علاقة بسلوك الأبناء، لكني لا بد من الإشارة هنا للدور الذي لعبه المرحوم أحمد يحيى ودار نشره في الهجوم على ثورة يوليو بعد استشهاد جمال عبدالناصر، وتخصيص منشورات داره على مدى ربع قرن كامل في سياق قضية واحدة وموضوع واحد... ألا وهو إدانة ثورة يوليو.

ما قامت به الدار وقتها كان جزءا من حملة ضخمة رصدت لها مليارات الدولارات في واشنطن والمملكة العربية السعودية وبمعرفة العدو الصهيوني، والهدف الوحيد من الحملة... كان إظهار الجانب غير الإنساني للثورة وإنجاز الثورة وعطاء الثورة. وركزت الدار على مذكرات الفارين من مصر والمساجين داخل مصر. ومن الطبيعي أن يكون معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين. وهو ما يعني علاقة قديمة بين الأب وجماعة الإخوان المسلمين.

هذا ما فعله الأب ولم يبق من الدار الآن سوى أطلال لدار نشر انطلقت في منتصف سبعينيات القرن الماضي لهدف محدد، لكن الهدف لم يكتب له الاستمرار طويلا... لأن الهجوم على يوليو لا يمكن أن يكون بلا نهاية.

الدكتور محمد يحيى، أسس جمعية اسمها: صناع الحياة. وأنا ليست لديَّ فكرة كاملة عن هذه الجمعية، لكنها نظمت احتفالا حضره الرئيس، ثم نظمت حفلا ما للقوات المسلحة حضره الفريق أول عبدالفتاح السيسي، والجمعية تعاملت مع القوات المسلحة كجزء من رسالتها أو الدور الذي يمكن أن تقوم به.

قال لي من يعتبر نفسه قريبا أكثر من اللازم من صناع القرار، إن الفريق أول عبدالفتاح السيسي، هو الذي رشح الدكتور محمد يحيى لوزارة الثقافة، وهو صاحب دكتوراه في التنمية البشرية، حصل عليها من الولايات المتحدة الأميركية. وذهب الدكتور يحيى وقابل المسؤولين في مجلس الوزراء وليس في الجماعة. وعرضت عليه الوزارة واعتذر عن عدم قبولها.

المرشح الثالث كان أحد الناشرين، ويملك دار نشر كبرى وجريدتين يوميتين، وقد اعتذر عن عدم قبول الوزارة، بسبب أن الوقت المتاح لهذه الوزارة لا يزيد على أربعة أشهر، ولن يتمكن فيها من القيام بأي عمل يمكن القيام به لإصلاح أحوال الثقافة المصرية.

من بين الثلاثة الذين عرضت عليهم الوزارة... فإن درية شرف الدين الوحيدة التي صرحت للإعلام باعتذارها عن عدم قبول وزارة الثقافة، أما المرشحان الثاني والثالث فلم ينطق أي منهما بكلمة واحدة حتى الآن.

ويبقى المرشح الرابع.

حكاية الحكايات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي