أصبوحة / قف لأراك... تحدث لأعرفك

تصغير
تكبير
| وليد الرجيب |

حسب متابعتي البسيطة للحملة الانتخابية، لم أفهم بعد ما الذي يريده أو يهدف له المرشح، هناك توعد، تهديد، صراخ، وحتى قسم بالله بمخالفة القوانين واهدار أموال الشعب وضرب هيبة الدولة، عجيب!

الكل معارض لأي شيء، الكل مصمم على تعطيل التنمية، وتدمير الأساس المدني للمجتمع، الكل يضع اللوم على الكل، وكثير منهم يجاهرون بالفساد وشراء الذمم، وتكريس التخلف، كثير منهم لديه القبيلة أولاً والوطن يأتي لاحقاً، شعارهم نهب وانتهاك الوطن لصالح القبيلة، ونتساءل: لماذا لم نعد ككويت الستينات؟!

لكن هل نمت هذه الظواهر لوحدها؟ ففي فترة من فترات النهضة، قررت الحكومة أن توسع من قاعدتها الاجتماعية، وتحد من الخطر المزعوم والوهمي للوطنيين واليساريين والقوميين، فأغلقت نادي الاستقلال وضيقت الخناق على من يحمل فكراً وطنياً مستنيراً، وسخرت المباحث السياسية لمراقبتهم والحد من نشاطاتهم، حتى في مصادر رزقهم.

وفي المقابل دعمت الحكومة الجماعات الدينية، واستقوت بها فانتشرت مراكزها في كل مكان في الكويت، وأصبح لديها بنوكاً ومؤسسات استثمارية، وبرامج اعلامية، ومع مرور السنوات، انخفض صوت التقدم، وعلا صوت جر البلاد للتخلف والفساد، وتوقفت مشروعات بناء الدولة الحديثة، واللحاق بركب التطور الدولي، وبدأت معدلات الحرية الشخصية تنخفض، وارتفعت معدلات الغلو والتطرف، حتى أصبح ارهاباً يهدد بتدمير الدولة والشعب.

لم تنتبه الحكومة لخطر المارد الذي أخرجته من القمقم، للغول الذي بدأت بتربيته صغيراً، ولم تتصور ولن تتصور، أنه سيلتهمها في يوم من الأيام، لم تتعامل مع أولى الظواهر السلبية وبوادر الخطر، رغم أن الدروس والعبر التي مر فيها الوطن كانت من القسوة بحيث يصحو لها من كان بغيبوبة، وأوضحها احتلال الكويت وقتل أبنائها، وتدمير بنيتها.

وفي المقابل لم تقدر الحكومة القوى التي حافظت على ثروة البلد، وأممت النفط، كما استبعدت فئة التجار التي كان لها الفضل الأول في بناء البلد، والتشكيل الثقافي المتطور له، واعتبرتها العدو الخطر.

طالبت القوى الاسلامية السياسية، بالافراج عن السجناء الكويتيين في غوانتانامو، بادعاء براءتهم، وعندما أطلق سراحهم، فجر ثلاثة منهم أنفسهم في عمليات ارهابية، قتل فيها أبرياء في العراق، كل ذلك لأن الحكومة رضخت لهذه القوى السياسية، كل ذلك لأن الحكومة لم تعرف شريكها الحقيقي في البناء، الشريك الذي قاوم المحتل، وأعاد بناء الوطن الجريح، كما وعد في مؤتمر جدة الشعبي.

هل تعلمت الحكومة الدرس؟ كيف تستطيع اعادة هيبتها وهم أقوى منها؟ فالكويتيون الذين يرون مناظر الغوغائية في الصحف والمحطات الفضائية، يشعرون بالأسى، يشعرون بالرثاء على وطن مستباح، وقانون وطأت عليه آلاف الأقدام، يشعرون بالألم على شعب كبلت حرياته.

هل هناك أمل؟ نعم فالأمل دائماً موجود، والتعويل على حكمة القيادة ما زال ومنذ زمن بعيد، فالحزم بتطبيق القانون، لا يحتاج أكثر من ارادة، والتنمية والاصلاح، لا يحتاجان أكثر من الحزم والقوة ووضع مصلحة الوطن في الأمام.

لو استطعت فهم لغة المرشحين خلف صراخهم، لعرفت ملامح المرحلة المقبلة، لو سمعت منهم حلولاً تنموية ملموسة، لاهتممت أكثر، لو لمست تغيراً حاسماً من الحكومة في معالجة الخلل، لتفاءلت أكثر.

أقول للمرشح قف لأراك... تحدث لأعرفك، لا تختبئ خلف قبيلة أو طائفة أو فئة، تحدث بود ومحبة، لا بغضب وكراهية.

لطالما تساءلت مع نفسي، لماذا كل هذا الاستقتال على كرسي البرلمان؟ هل هي محبة عارمة للوطن؟!

[email protected]

www.alrujaibcenter.com

www.osboha.blogspot.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي