| أسيل سليمان الظفيري |
التغيير سنة الحياة، وهذا مشاهد على مستوى الماديات التي نستهلكها والأدبيات والمفاهيم التي نؤمن بها، فبنظرة عابرة لأصناف الأكل الذي نتناوله والكماليات التي قفزت لمستوى الحاجات يتبين لنا هذا الأمر، وكذلك مفاهيم الصواب والخطأ والمقبول وغير المقبول يتحرك عبر السنين من مستوى إلى آخر فكيف كان ينظر المجتمع لعمل المرأة قبل ثلاثين سنة وكيف هو الآن؟ نحن بطبيعة الحال السوية نقبل هذا التغيير ما دام لا يناقض الشرع، ونستهجن من لا يقبل هذا التغيير، بل ويُتَهم أحيانا بالرجعية والجمود.
في زمن الصناعات الالكترونية، أخطر صناعة يقوم بها الإنسان هي صناعة إنسان، ويجري على هذه الصناعة مثل ما يجري على غيرها من تغير وتطور، فالمفاهيم التربوية البسيطة التي تربينا عليها نحن المربين لا تتناسب مع أطفال التكنولوجيا في زمن التفاصيل والتعقيد، وهذا الرد كاف لمن يتشدَّق بقوله (ما ضرنا!) عندما يدافع عن رجعيته لمفاهيمه التربوية قديمة الطراز، ويستخف بمجهود المربين الذين يحملون هم التربية بصدق، فقديما كان هَم تربية الابن يتعدى الأم والأب إلى العم الخال وحتى الجار، الجميع كان يساهم في تقويم سلوك الابن إن رأوا منه ما يسوء، والسبب في ذلك أنهم كانوا متفقين على معظم المفاهيم التربوية آنذاك، ويشتركون في معايير الصواب والخطأ، فلا يحدث تضارب بعقلية الطفل عندما يُوجَه من أي منهم ويصبون في القناة نفسها، ما يسهل عملية التربية في ذاك الزمان، أما الآن فالطفل في دوامة كبيرة، يرى التناقض بالمفاهيم والمعايير عند كل بيت يدخل له وعند كل طفل يلعب معه، وفي مشاهد التلفاز التي تظهر الباطل حقا، والألعاب الالكترونية التي تجعله يلعب دور القاتل واللص والمخادع، هذا بالتأكيد سيُعقد دورنا نحن المربين ويجعل مهمتنا أكثر صعوبة وأكثر تشعبا، ولتفرد حاجبيك عزيزي المربي بعد هذا الكم من الحمل الثقيل الذي أُلقي على ظهرك، أبشرك بأن تأثير كل ما حول طفلك من المؤثرات التي تتناقض وتربيتك، بمقدورك أن تقلل منها إذا سبقتهم بالتأثير عليه، فالتأثير هو جوهر التربية وأهم أداة - بعد توفيق الله - يُعيننا على إقناع أبنائنا بمنهجنا بالحياة، نحن نملك مفاهيم تربوية كثيرة مثل كن صديقه، قدم البدائل، أشركه بالقرار، أشبع عاطفته، شجع، حفز، لكن أزمتنا في تفعيل هذه المفاهيم، مهارات التأثير كثيرة وقابلة للتعلم والاكتساب إذا بذلنا مجهوداً بتدريب أنفسنا عليها، وتطبــــيقها بتفاصيلها المعقدة كتعقيد زمـــاننا هو طريقنا لنقـــدم لمجــــتمعنا أبنــــاء يتمـــيزون بالســــواء مع أنفـــسهم ومع الآخرين.
AseelAL-zafiri@