د. وائل الحساوي / نسمات / شعارنا: لا للنظافة !

تصغير
تكبير
درست في سنة من السنوات في جامعة بمدينة كليفلند في الولايات المتحدة الاميركية وسكنت في بيت في أحد الاحياء المتوسطة المستوى، وكان الناس يدفعون لشركة جمع القمامة مقابل الخدمة، وكان نظامها هو ان تمر السيارة مرة واحدة اسبوعيا لجمع القمامة من البيوت، فكنا نضع القمامة في أكياس ونحتفظ بها داخل البيت ثم نخرجها في ليلة مرور سيارات الشركة لكي تأخذها منا، والعجيب هو ان الشوارع - بالرغم من عدم توافر نظام جمع القمامة اليومي - كانت نظيفة جدا ونادرا ما نرى تكدس القمامة فيها. وكذلك بالرغم من عدم وجود عمال للنظافة في الشوارع.

في الكويت، امرّ يوميا في طريقي صباحا الى المسجد على شوارع عدة فأرى القاذورات والقمامة ملقاة في كل مكان من الشوارع وعلى الأرصفة لدرجة مقززة بالرغم من وجود الآلاف من عمال النظافة في كل بقعة من البقاع، وبالرغم من المرور اليومي لسيارات النظافة واحدة لتفريغ حاويات القمامة وثانية تحمل المهملات والاغراض كبيرة الحجم.

اذا فالمشكلة ليست في نقص عمال النظافة ولا قلة عملهم، ولكنها في ثقافتنا كشعب، فنحن وللأسف نتفنن في تلطيخ بيئتنا وبيوتنا وشوارعنا بالقاذورات وقليلا ما نهتم بنظافة البيئة، وغالبية المقيمين عندنا قد تطبعوا بطباعنا.

وما يثير الغضب لدي كلما سرت في الشوارع هو منظر قادة السيارات الذين يفتحون نوافذ سياراتهم ليلقوا منها أكياس القمامة او علب الشراب، بل رأيت بعضهم يفرغ كيس الزبالة من سيارته في الشارع وكأنما يعتبر الشارع صندوقاً كبيراً للقمامة.

سجن الباستيل في الحساوي

زرت اخا عزيزا يقطن في منطقة الحساوي، وبالطبع فقد احتجت الى الاستعانة بصديق لأستدل علي البيت، لان الشوارع والبيوت ليس لها ارقام، ومئات السيارات الواقفة على القارعة تقفل ما وراءها من بيوت لعدم وجود المواقف المخصصة للسيارات، كما ان كثيرا من الطرق الرملية تتطلب التعرج داخلها للوصول الى الهدف لكن ما أذهلني حقيقة عندما دخلت عمارة الاخ هو انها تشبه سجن الباستيل الفرنسي القديم - غير اني لم أشاهد عمليات الاعدام بالمقصلة!!

لقد تكدس في البناية مئات الاشخاص في اماكن قذرة تنقل الامراض، وشاهدت امامي حياة البؤس التي يعيش فيها مئات الالاف من الوافدين دون ان يسأل عنهم احد أو أن تصر مؤسسات حقوق الانسان على تحسين اوضاعهم وعرضها امام المسؤولين!!

اخبرني القاطنون في المنطقة بأن الحكومة قد قامت بعمل «كبسة» عليهم قبل ساعات وقبضت على اكثر من خمسين ممن ليس لديهم إقامات لتسفيرهم الى خارج البلاد، أتمنى ان تكون هذه الكبسات على اصحاب تلك البنايات القذرة وعلى اصحاب العمل الذين يوظفون تلك العمالة دون ان يوفروا لهم أبسط حقوق العمالة، ولكن يبدو بأن (ابوي ما يقدر إلا على امي) كما يقول المثل!!



د. وائل الحساوي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي