إن من طبع الناس وعرفهم الاستعداد للشيء قبل أوانه وموعده، والتجهيز للأمر قبل حصوله وتحققه، كالتجهيز للحفلات والأعراس والأعياد، كذلك الرحلات للسفر أو البر والبحر، حتى الاختبارات نستعد لها بمواعيد الدروس الخصوصية وتقسيم دراسة كل مادة على حدة، وبما أننا نتأهب لشؤون حياتنا صغيرها وكبيرها فمن باب أولى أن نتأهب لأضخم حدث يمر بنا، وأكثر الأمور حاجةً للتخطيط والترتيب المسبق.
إن هذا الحدث خاص بالأمة الإسلامية دون غيرها، استعد له السابقون قبل أوانه بأشهر لإعطائه ما يوفيه حقه من الأهمية والعظمة، إنه شهر الفضائل والرحمات والغفران، إنه رمضان الذي لو تكلم كل البشر بشأنه ما قدروه حق قدره، ففي القرآن الكريم من الآيات وفي السنة من الأحاديث ما يكفي قلوبنا وعقولنا للتيقن بأهميته وضرورة التهيؤ له قبل دخوله.
نستعد ونتأهب نفسياً وعقلياً وجسدياً كلٌ بحسب الحاجة له، بدايةً بوضع هدف عام يخص رمضان بأكمله كالصورة النهائية لأنفسنا بعد رمضان وماذا نريد أن نكون في نهايته؟، يليه وضع أهداف وخطط خاصة لكل مجال على حدة، فللنفس والقلب الإيمانيات والروحانيات من تدبر القرآن والخشوع في الصلاة والقراءة في ما يخصهما ككتب ابن القيم أو الاستماع لدروس ومواعظ إيمانية ترقق القلوب، وللعقل والفكر أفكار مبدعة في الطاعات والمعاملات وأخلاق وصفات تكون أسساً لنا في التعامل مع الناس، أما الجسد فيتأهب لرمضان بالتمرن على الصوم وأداء السنن الرواتب وصلاتي الشفع والوتر كي لا يستثقلها الجسد في بداية الشهر أو منتصفه.
فمن الأفضل تطبيق خططنا وأهدافنا منذ وضعها لكي تكون نظام حياة قبل وأثناء وبعد شهر رمضان، فلا تكون فترة عابرة من عامنا تزداد فيها إيمانياتنا وتتحسن فيها أخلاقنا ومعاملاتنا، بل تكون كل أيام السنة رمضان.
ياسمين مرزوق الجويسري
@jasmine_m_alj