| د. عالية شعيب |
كنت أتجول منذ أيام في إحدى المكتبات الكبرى القليلة لدينا، ورأيت في قسم الكتب كتباً لكُتاب شباب جدد، فاستبشرت خيرا، فكلنا نتمنى ارتقاء شبابنا بالثقافة والفكر والكتابة والأدب، لكنني عندما تفحصت كتابين أو أكثر منها، صدمت لأنني اكتشفت أن المحتوى ليس سوى تجميع وعرض لبعض الحكم والأقوال التي يتناقلها الشباب في «تويتر» مع الاضافة والتعديل، لكنها تظل نفس الفكرة والصياغة، مع تبويب يصنفها بحسب مزاجية الكاتب، وبطباعة أنيقة، يجرؤ الأخ على تقديم نفسه ككاتب، بل وكمؤلف. فأي مهزلة هذه.
السرقة أولا، باقتباس الحكم من مواقع ومؤلفين فكروا بها وأبدعوها، وكان الأجدر به ذكرهم لحفظ حقوقهم، والكذب ثانيا بتسمية نفسه كاتبا ومؤلفا، بينما كان يجب أن يقول عن نفسه، جامعا للمحتوى. فهو ليس بكاتب بل سارق وكذاب، وللأسف نجد دور النشر الفاقدة للمصداقية، التي تنشر بأي صورة يحددها الكاتب دون تفحص أو دقة طالما أنه يدفع، أي يعملون بتقنية، ادفع ننشر، لا يهمنا المحتوى، ثم تتوالى سلسلة الكذب والتزوير، بالكتابة عنه في الصحف واستضافته في محافل بل ونيله جوائز، من دون التدقيق في الكذبة الرئيسية التي أدت لكل هذا، وهي أنه ليس بكاتب ياجماعة، بل سااااارق وحرامي.
مناسبة مثالنا هذا هو التدني الفادح لأخلاق بعض الشباب في البلاد، وتحولهم اما تابعين لسفهاء ومحرضين وفاقدي أخلاق وضمير، واما ارتدائهم لأقنعة الكذب والتزوير والنفاق والتلون، لتسيير مصالحهم وانجاز أحلامهم بالطرق القصيرة المختصرة، الملوثة بأبشع أنواع السلوكيات الهابطة، ومنها كاتبنا الحرامي الكذاب، الذي جمع أكاذيبه بين مجلدين وسمى نفسه كاتبا، وغيره أمثلة كبيرة مشابهة ومفزعة.
قرأت منذ أيام حكما بالسجن أكثر من سنة لبنت شابة في عمر الزهور، تلفظت على صفحتها في «تويتر» بكلام مسيء. وفكرت... المفترض أن هذه الشابة منهمكة بالدراسة وبالتخطيط لمستقبلها. ما الذي انحرف بها عن المسار الصحيح؟ ما الأسباب والدوافع التي جعلتها تدخل المحاكم كمتهمة؟ سيظل يلاحقها ما قالته، وسيشهد التاريخ بما حدث لها. لماذا؟ وكيف يحدث ما يحدث لبعض شبابنا، الذي يتوقع منهم بناء البلد، لا هدمها. تساؤلات مهمة مصيرية تحتاج وقفة... وقفات.
Twitter،instgram،facebook@aliashuaib