محطة / «مجموعة الستة» تطرح رؤاها التشكيلية عبر مضامين رمزية



تضع «مجموعة الستة» لمنهجها التشكيلي أهدافا، تسير عليها، عبر خطوات جادة، نحو رؤى تتعلق أساساً بالحياة، وعلاقتها بالانسان، انها الأهداف التي من أبرزها تكثيف عمل المعارض المتخصصة وتنظيرها ثقافيا، والتواصل المستمر مع الهيئات الفنية داخل وخارج الكويت، واقامة الندوات وغيرها، وهي الأهداف نفسها التي تعبر عن الخطة التأسيسية للمجموعة، والتي التزمت بها عبر اربع سنوات من تاريخ تكوينها على أرض الواقع.
وفي المعرض الأخير لـ «مجموعة الستة» كانت الرؤى مختلفة ومتنوعة في اتجاهات فنية عدة، ذلك المعرض الذي افتتحه الامين العام المساعد للشؤون الهندسية والآثار والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة، نيابة عن الأمين العام بدر الرفاعي مساء الاربعاء الماضي في قاعة «الفنون» في ضاحية عبدالله السالم.
وشارك اعضاء مجموعة الستة في هذا المعرض وهم الفنانون: محمد الشيخ، الدكتور عبدالله الحداد، وعلي نعمان، ومحمد البحيري وعبدالله الجيران، في حين لم يشارك في المعرض الفنان حميد خزعل.
وبدت التجارب التشكيلية للفنانين الخمسة المشاركين في المعرض، ذات عمق دلالي واضح، بفضل ما تضمنته الاعمال من رؤى استشرافية، تبحث عن الانسان في مجالاته الحيوية المتنوعة.
وعلى هذا الاساس جاءت أعمال الفنان علي عبداللطيف نعمان في رؤى جمالية اتخذ عناصرها من مواضيع محلية، في أسلوب تأثيري، وان ألوانه الزيتية جاءت متوافقة مع ما يود طرحه من معان ومدلولات حسية مختلفة، لنشاهد لوحات تحمل عناوين: «زيارة» «العائلة»، «وسباق»، «المقهى» و«العودة من البحر» وهي عناوين تشي برغبة الفنان في طرح التراث الكويتي والبيئة المحلية بأكبر قدر من التكثيف والايحاء، وعلى هذا الاساس عملت ريشته على تأكيد هذه الامور، واستشراف معان جديدة لمعنى التراث والبيئة في الكويت، في تنوع تشكيلي متنوع.
وفي أعمال الفنان الدكتور عبدالله عيسى الحداد، هناك رمزية واضحة مأخوذة في الأساس من اقتحام رؤى سوريالية مفعمة بالحيوية والحركة، لنجده قد أثار العديد من الاسئلة، والمفاهيم في لوحاته «الانطلاق» و«الحياة» و«الاسر» و«المركز» و«الامتداد» وغيرها وهذه المفاهيم والاسئلة جاءت في تواتر حسي متواصل مع ذائقة المتلقي الباحث عن رمزية المعنى، وبتكثيف تشكيلي متحرك في أكثر من اتجاه.
وعبر مساحات كبيرة من الرؤى الرمزية التي تتحين السوريالية في تناولها للقضايا الانسانية، جاءت لوحات الفنان عبدالله يوسف الجيران، كي نكون في وضعية المستعد للاقلاع مع كائنات مموهة، وغير محددة المعالم، موضوعة على قمم المباني والجبال، بحثا عن الكينونة والوجود، وان هذه السوريالية النابضة بالحيوية، اسهمت بشكل خلاق في تمتع لوحات الجيران بالرمزية المكثفة، تلك التي وجدناها في لوحات تحمل عنوانا واحدا هو «هناك» انه يدفعنا الى ان نعمل أذهاننا وخيالاتنا في النظر الى هناك، انه البعيد الذي لو دققنا النظر لرأيناه قريباً منا، بل ملاصقاً لنا طوال الوقت.
وجاءت لوحات الفنان محمد مساعد البحيري مزدانة بتوهج فني واضح، وذلك من خلال ما تضمنته مواضيع اللوحات من تنوع في الالوان بتدرجاتها وسيولتها على أسطح اللوحات، وان استخدامه للاكريليك اوجد للاعمال رؤى خاصة وذلك عبر تأثيراته وتكويناته، ومن ثم فقد ظهرت المضامين منساقة نحو ممرات رمزية، تحتاج من الذهن ان يكون متيقظا، من أجل قراءة ما تحتويه كل لوحة على حدة من افكار ورؤى، ان استشراف الفنان لحقيقة الحياة، اسهم في انطلاق الرمزية الى مساحات واسعة من الايحاء.
ثم احتوت حروفيات الفنان محمد الشيخ الفارسي على تشكيل متقن، حرص الفنان فيه على رسم الكائنات بالحروف الحرفية، وهذه التقنية - التي استخدمها الفارسي في لوحاته - ساعدت على ان تبدو الأعمال في مناظر ومشاهد تشكيلية مفعمة بالحيوية والانطلاق نحو تداعيات تشكيلية جديدة.
ان الفارسي باستخدامه لتقنيات حروفية ممزوجة بالتشكيل، وبألوان «الاكريليك»، تمكن من الوصول إلى فكرته التي كان يود طرحها على المتلقي، وهي فكرة تخص الانسان الذي يمارس أحلامه في حياة يراها الفنان جميلة، وتستحق الاحتفاء بها.