مساء الجمعة الماضية خُتمت فعاليات ملتقى «تهافت الفكر الالحادي» في مدينة الرياض، وقد أكرمني القائمون على الملتقى بالمشاركة فيه وكم سرني وبث فيَّ الأمل وعي منظمي الملتقى والداعمين له والمشاركين في حواراته.
نعم سرتني بصيرتهم بأهمية استيعاب الحقبة التاريخية المعرفية الجديدة وما تحمله من سمات لمنظومات فلسفية مادية متحالفة مع آخر نظريات العلوم الطبيعية مستعينة بالانفتاح المطلق في الاعلام الجديد ووسائل التواصل الفردي والتي أسست لهجوم غير مسبوق في الأدوات والمحتوى والشريحة المستهدفة والتبسيط والاختراق الماكر الناعم وبشراسة منقطعة النظير لعقيدة أجيالنا الغضة المتعطشة للمعرفة يدفعها الفضول في اكتشاف كل غريب سواء في دنيا الأشياء أو في عالم الأفكار.
وسافرت من الرياض عصر السبت وقبل اقلاع الطائرة بنصف ساعة ومن غير ميعاد جمعتني مقاعد الاستراحة في المطار بالناقد والمفكر السعودي عبدالله الغذامي ودار حوار قصير لكنه مركز حول «تهافت الفكر الالحادي» والشك في ما يصب في صالح استيعاب أجيالنا الشبابية وسأعود الى الغذامي في مقال آخر، وما ان جلست على المقعد المخصص لي في الطائرة طلبت جريدة الحياة فلفت انتباهي مانشيت في أعلى الصفحة الاولى يقول: (وزير الشؤون الاسلامية : الحوار مع الملحدين يجب ألا يكون «علنياً»).
وينص الخبر: «دعا وزير الشؤون الاسلامية صالح آل الشيخ من ينادون بفتح حوار مع الملحدين الى أن يكون حوارهم معهم غير معلن حتى لا يتأثر بهم العامة وينتشر»، مؤكداً «أن بعض الخاصة المنتسبين للعلم وقع فيه، مشيراً الى أن من لم يتعلم العقيدة ولم يتشبع منها تعرض له موجات إلحاد... (وقال آل الشيخ في محاضرة بعنوان: تأصيل العقيدة حماية من الأخطار الهدامة) في جامع الامام تركي بن عبدالله بالرياض.
أقول: ان تحذير وزير الشؤون الاسلامية في المملكة العربية السعودية الدكتور صالح آل الشيخ في محله وهو عين الصواب في التعامل مع المناوئين لعقيدة التوحيد أو المشاغبين ضد نصوص الشرع بإعمال المزاج الشخصي ثم اضفاء اسم (العقلانية) على أمزجتهم وتقديراتهم الذاتية!!».
ولقد كان منهجي ولم يزل في تجنب المواجهات العلنية مع المخالفين في الاتجاهات الفكرية وغيرها لما في ذلك من آفات وسلبيات تضر بالهدف المنشود وتشوه ما يراد إيضاحه وتشتت الموضوع وتحول القضية الى حلبة مصارعة وانتصار للذات لهذا اعتذرت من كل الدعوات التي وجهها لي فيصل القاسم صاحب برنامج الاتجاه المعاكس وكان آخرها «مهزلة» عندما أرادني الجلوس الى طاولة واحدة مع المخرجة السينمائية المصرية إيناس الدغيدي صاحبة الأفلام الساقطة كي نتحاور عن الابداع الفني والحريات والقيم... ولا شك أن مسائل العقيدة أكثر حساسية من غيرها، زد على ذلك، إنني شعرت في الآونة الأخيرة أن البعض من الملاحدة وخصوم العقيدة يتسول المناظرات وتحول بعضهم الى (شحَّادْ) في تويتر للمبارزة الفكرية تعطشاً لبطولة وهمية واشباعاً لغرائز دفينة.
صدق الدكتور صالح آل الشيخ وأصاب في ما ذهب إليه وهذا ما ادركه ملتقى «تهافت الفكر الالحادي» في الرياض حيث ناقش مرض الشكوك الجديدة والنشاط العارم في نشر الشبهات في اوساط الشباب وحاولوا تشخيص داء الالحاد والتعطيل لمعرفة نوع الدواء فكانت الحوارات والضيوف والموضوعات تتداول بين أوساط نخبة من المختصين والمهتمين والممارسين في هذا الحقل الجديد فكل الشكر لمن ساهم في انجاح الملتقى وعلى رأسهم رجل الأعمال السعودي الشيخ موسى عبدالعزيز الموسى.
محمد العوضي
mh_awadi@