«حزب الله» قرر «عزل بيروت» لإسقاط حكومة السنيورة «العدوة»

تصغير
تكبير
|بيروت - من وسام أبو حرفوش|

هل انفجر ستاتيكو «الفراغ الملغوم» وبدأ العد العكسي للحرب؟

المشهد المأسوي في بيروت يوحي بأن كرة النار التي تدحرجت امس في بعض مناطق العاصمة وضاحيتها الجنوبية لن تنطفئ في امد قصير، مما ينبئ بالمزيد من الحرائق السياسية والأمنية بعدما بلغت المواجهة بين الحكومة و«حزب الله» مستويات غير مسبوقة ومفتوحة على ما هو اخطر وأشد ايلاماً وأكثر دراماتيكية من فصول الصراع المتلاحقة على مدى اكثر من عام ونصف عام.

أحد في بيروت لم يتعاط مع تظاهرة الاتحاد العمالي العام امس على انها حركة احتجاجية لمطالب عمالية. الأكثرية رأت فيها محاولة لنقل الصراع السياسي الى الشارع، والمعارضة وجدت فيها فرصة للرد بـ «النار» على مقررات لم يكن جف حبرها، اتخذتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة واعتبرت «قاسية» بحق «حزب الله» ومن خلفه الطائفة الشيعية، مما دفع بالتوتر السياسي الى اقصاه.

لم تصمد حركة الاتحاد العمالي لأكثر من ساعتين وبدا كمن «نحر» نفسه بعدما انتفضت فئات في وجهه واختبأت فئات اخرى خلفه، فسقط في اختبار مكلف واضطر الى المسارعة للاعلان عن تعليق تظاهرته على وقع اشتباكات بالحجارة تارة وبالرصاص تارة اخرى بين انصار الاكثرية وأنصار المعارضة، وخصوصاً بعدما قامت المعارضة بتقطيع اوصال بعض مناطق العاصمة وعزل المطار بالاطارات المشتعلة والسواتر الترابية والدشم الاسمنتية.

لم يكن هذا المشهد «الصباحي» الذي بدأ باكراً في المناطق المحسوبة على الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة امل) مفاجئاً، فالليل كان يوحي بـ «شيء كبير» في النهار، وليس ادل على ذلك من الاجتماع «السري» الذي ضم القادة الشيعة الاربعة، رئيس البرلمان نبيه بري، الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، العلامة محمد حسين فضل الله ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان.

المسألة الوحيدة التي نوقشت في هذا الاجتماع، ربما الاول من نوعه، هي كيفية التعاطي مع القرارات التي اتخذتها الحكومة في جلسة كانت استمرت حتى الرابعة من فجر الثلاثاء الماضي، وأهمها:

* اعتبار شبكة الاتصالات التابعة لـ «حزب الله» غير شرعية وغير قانونية وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والايعاز بفتح تحقيق لملاحقة المتورطين فيها.

* نقل رئيس جهار أمن المطار العميد وفيق شقير من موقعه وإعادته الى السلك العسكري، بعدما كان اتهم بالتواطؤ مع «حزب الله» على خلفية الكشف عن «المراسلات السرية» في شأن كاميرات الحزب لمراقبة مهبط الطائرات الخاصة على المدرج 17 في مطار بيروت.

وكان الشيخ قبلان حذّر في تصريح متلفز قبيل اجتماع الحكومة وبـ «لهجة متشددة» من المس بموقع العميد شقير، وقالت اوساط معنية انه اتصل شخصياً بالرئيس السنيورة، محذراً باسم بري ونصرالله، من اتخاذ اي تدبير بحق هذا الضابط، في الوقت الذي كان يصف «حزب الله» قرار الحكومة في شأن شبكته بـ «اعلان الحرب».

ها هي «مقدمات» الحرب تلوح في الافق ... فـ «ابواب جهنم فُتحت على حكومة السنيورة»، هذا ما قاله مصدر في «حزب الله» لوكالة «فارس» الايرانية في اشارة واضحة لخياراته الداخلية بعد القرارات الاخيرة للحكومة التي، بحسب اوساطها، ليست في وارد التراجع عن موقفها الحاسم، رغم ادراكها المسبق لما قد يكون عليه رد فعل «حزب الله».

مصادر قريبة من «حزب الله» قالت لـ «الراي» ان الحزب الذي بدأ عملية تصعيد لن تتوقف، بات يعتبر حكومة السنيورة حكومة «معادية»، اي عدوة ويتجه الى استخدام كل الوسائل لاسقاطها، كاشفة عن ان لا تراجع عن قرار «عزل بيروت» عن العالم، اي عن قفل المطار بقطع الطرق المؤدية اليه.

وأشارت تلك المصادر الى ان ما بدأه «حزب الله» امس سيكون اشبه بكرة ثلج تتدحرج في اكثر من اتجاه، لكن مع تجنب قيام خطوط تماس في بيروت التي لن تبقى في يد الحكومة. واذ لم تشأ الكشف عن وسائل التصعيد وساحاته، اكتفت بالقول ان الحزب قرر التعاطي مع حكومة السنيورة كحكومة معادية، بكل معنى الكلمة.

وتوقعت المصادر عينها ان يعلن نصرالله اليوم ان الحكومة اعلنت العداء للمقاومة وعليها ان تتحمل تبعات موقفها، مشيرة الى ان «حزب الله» على اقتناع بأن اي تراجع امام قرارات الحكومة سيشجعها على القيام بخطوات اخرى من نوع ادخال الجيش الى الضاحية ومحاولة البحث عن المخازن وسحب السلاح وما شابه.

واعتبرت تلك المصادر ان مسألة شبكة اتصالات الحزب من المحرمات التي تجرأت الحكومة على المس بها، لأن ضرب الاتصالات في اي جيش يؤدي الى انهاكه وكشف سريتها عبر الخرائط على الجامعة العربية، وتالياً الى اسرائيل، يجعلها واحدا من بنك الاهداف ويفقد المقاومة احد عناصر قوتها ونقطة توازن رئيسية مع اسرائيل.

وكان لافتاً ان «حزب الله» الذي قطع الطرق المؤدية الى المطار بالسواتر الترابية باشر التحضير لاعتصام في الطرق، وربما في حرم المطار وقام باستحضار الخيم استعداداً لـ «SIT IN» مفتوح، تزامن مع بدء الكلام عن امكان تشغيل الحكومة لمطار القليعات العسكري لاستقبال الطائرات المدنية من لبنان واليه.

واذا كانت هذه الخطوة سابقة لأوانها في انتظار ما قد تؤول اليه تطورات الساعات المقبلة، فان مصادر بارزة في الاكثرية قالت لـ «الراي» ان «حزب الله» لن يكون طليق اليدين في التلاعب بمصير الاستقرار في البلاد، وخصوصاً بعدما بدا «معزولاً» في حركته امس ومكشوفاً ايضاً.

وقالت مصادر الاكثرية ان المشهد بدا معبراً بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع في «الثلاثاء الاسود» في 23 يناير العام 2007 حين قامت المعارضة بشل الحركة في عموم لبنان، اما امس فان الامر اقتصر على مناطق تخضع لنفوذ «حزب الله» وحركة «امل».

وتوقفت المصادر عينها امام بقاء الحركة طبيعية في المناطق ذات الغالبية المسيحية رغم تحريض زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على التحرك لاسقاط الحكومة، لافتة الى ان قاعدة «التيار الوطني الحر» بدت امس في مكان وزعيمها في مكان آخر، بدليل «اللا اضراب واللا تحرك» في تلك المناطق التي عكست مزاجاً مسيحياً مناهضاً لأعمال الشغب.

وعلمت «الراي» ان اتصالات عاجلة جرت بين الحكومة اللبنانية والمملكة العربية السعودية التي اجرت بدورها اتصالات مع ايران في محاولة لمنع قفل مطار بيروت.

وكشفت مصادر حكومية ان اتصالات مماثلة اجراها السنيورة مع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي باشر اتصالات لتطويق المضاعفات المحتملة في بيروت.

وعُلم ان الحكومة تدرس امكان اعلان حال الطوارئ خصوصاً في المناطق التي شهدت اعمال شغب لمنع استمرارها، في الوقت الذي تبدي الحكومة اصراراً على قراراتها المتخذة، لا سيما في شأن نقل العميد شقير من مركزه في المطار.




طفل مقنع شارك في إحراق الإطارات وقطع الطرقات  (د ب ا)



لبناني يتظاهر بمفرده ضد «الغلاء الفاحش»  (ا ب)

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي