كلما تقدمنا على طريق فهم الواقع واستشرفنا المستقبل، واستطعنا أن نحلل واقعنا ونوضح آفاق النهضة المنشودة لبلدنا، وشهدنا صحوة كبرى على صعيد الوعي بأوضاعنا وأحوالنا، حدث ما يصدمنا ويجعلنا نهلوس بفكرنا وأفكارنا، وبما أن الفكر منهج ورؤية وطريقة في فهم الوجود والتعامل مع مظاهره وأحداثه، فمن الطبيعي أن الهزات الذهنية تؤثر في هذا الفكر وعملياته، تجعلها متصدعة لا أساس ولا منهجية تقوم عليها.
إن تزاحم التداعيات غير المنطقية القائمة على المفاهيم المغلوطة، للطروحات العقلانية الممنهجة القائمة على المفاهيم المصنوعة، بناء على معطياتها ومجالاتها وملاحظاتها المتنوعة، هي من تجعل ممارسات بعض الأشخاص تخرج عن نطاق المسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم.
كانت الهلوسة الأولى قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بترحيل عدد من الوافدين سنويا، ممن لا حاجة للبلاد لهم، هل أعدت وزارة الشؤون الدراسات الخاصة بقرار الترحيل التدريجية؟! هل صُنع القرار بناءً على خطة زمنية مدروسة ومعدة من قِبل متخصصين، حتى لا يقع الظلم على أحد الوافدين؟ هل هناك رؤية منهجية للوزارة تحمل في طياتها ماذا بعد الترحيل؟ هل قرار الترحيل قائم على العدل والمساواة؟ أم قائم على العشوائية والانتقائية؟ فكان نتاج الهلوسة الأولى ماذا بعد قرار الترحيل؟!
الهلوسة الثانية هي جرأة وزير الدولة لشؤون التخطيط والتنمية ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة على توظيف وافد من الجنسية اللبنانية براتب ألفي دينار، في الوقت الذي كانت وزارة الشؤون تعد العدة لإعصار ترحيل الوافدين، وزيرة التنمية تتحدى وتتجاوز القانون بقرار توظيف الوافد، وزراء متناقضون كل يعمل على ليلاه، فلا تلومّن المواطن أو المقيم أو الوافد إن تجاسر وتجاوز القوانين، إن كان عناصر وأفراد الحكومة الملزمون بتطبيق القانون هم من يتصدرون لإسقاط هيبته، فكان نتاج الهلوسة الثانية، برأي الوزيرة الفاضلة هل هذا الوافد اللبناني ذات المسمى الوظيفي (باحث أول اجتماعي) بيده العصا السحرية لعلاج جميع المشكلات والقضايا الاجتماعية التي تعترض الكويتيين؟!
والهلوسة الثالثة انتظار حكم المحكمة الدستورية في صحة أو بطلان المجلس الحالي ومرسوم الصوت الواحد، الذي سيصدر الحكم فيه بتاريخ 16 يونيو لسنة 2013، أصبح المواطنون الذين يحق لهم الترشح والانتخاب أرجوحة لوزارة الداخلية، تأنس بدعوة الناخبين لانتخابات جديدة كل ربع سنة أو نصف سنة أو سنة كاملة، وهي تتمرجح بالهواء الطلق بحركة عشوائية إلى الأمام ومن ثم للخلف وتارة لليمين وأخرى لليسار على عقول المواطنين، فكان نتاج الهلوسة الأخيرة، ماذا بعد أن ألغت الحكومة مفهوم الدولة المكون من ثلاثة أضلاع، الأرض والشعب والنظام، وسيّدت مفهوم الدولة المكون من السياسة والسياسة والسياسة؟! «خذوا الحكمة من فكر المهلوسين» فقد تجدوا عندهم ما لا تجدون عند غيرهم من ذوات الفكر الواعي السوي الصحيح.
منى فهد العبدالرزاق الوهيب
twitter: @mona_alwohaib
m.alwohaib@gmail.com