في هذه الأيام، ذات الأجواء السياسية الانتخابية التي يتزاحم ويتسابق فيها مئات المرشحين للوصول إلى قبة البرلمان الكويتي، ومن خلال المقرات الانتخابية والقنوات الفضائية واللقاءات الصحافية والزيارات المنظمة من قِبل المرشحين للديوانيات، فجأة أصبح لإخواننا البدون أهمية عُظمى ومحبة كُبرى ملأت أركان هذا الوطن كله من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه.
الكل الآن عيناه تلتفت إلى البدون وينظر لهم بعين المُقصر، الكل الآن تذكر البدون وأخذ يتباكى بألم وحسرة عليهم، الكل الآن أخذ يقصف الحكومة بصواريخه الكلامية الهوائية من أجل خاطر عيون البدون، الكل الآن صاحب ضمير حي يتحدث عن ظُلم البدون وآلامهم وعذاباتهم وحاجياتهم، الكل الآن أصبح «بابا نويل» يمنح البدون الفرح والسعادة والضحكات من خلال عربته السحرية، الكل الآن أصبح عنترة بن شداد في شجاعته وبسالته ونضاله عن البدون وقضاياهم السرمدية، الكل الآن أصبح الفاروق عمر في تحسسه ورحمته وعدله وشفقته وتفقده للأخوة البدون!
أيها الأخوة البدون أبشروا وافرحوا ووزعوا الحلوى على أحبابكم وجيرانكم، ففي هذه الأيام الانتخابية سوف تُحل قضاياكم العالقة كلها منذ أعوام، وفي هذه الأيام الانتخابية سوف تتبخر مشاكلكم كلها وتصبح «شذر مذر»، وفي هذه الأيام الانتخابية ستودعون أحزانكم كلها الموغلة بالظلم والوجع، وفي هذه الأيام الانتخابية سيمكنكم أن تعيشوا بصورة قانونية وستستطيعون أن تموتوا وتُدفنوا مثل باقي خلق الله، وستستطيعون أن تتزوجوا بشكل قانوني، وستستطيعون أن تتكاثروا وتُعالجوا وتدرسوا وتعملوا بشكل قانوني ورسمي من دون أن تقلقكم أسوار سجن طلحة الجميلة!
ولكن وبعد أن يُستدل الستار على المسرحيات التي قام بتمثيلها بعض المرشحين، وذلك بوصولهم إلى مجلس الأمة الكويتي سوف يرجع البدون إلى مشاكلهم كلها ومعاناتهم والظلم الذي طالهم لأعوام طوال، لأنهم يوم أن يفوز المرشح بالكرسي البرلماني لن يعودوا ذلك الجوكر... ورقة اللعب الرابحة!
حسين الراوي