لقاء / نادر النقيب لـ «الراي»: أبناء الجالية اللبنانية يعيشون في بلدهم ويحظون برعاية وتسهيلات تامة من قيادة وشعب الكويت

النقيب متحدثاً الى الزميلة غادة عبدالسلام (تصوير علي السالم)

النقيب متحدثاً الى الزميلة غادة عبدالسلام (تصوير علي السالم)




| كتبت غادة عبدالسلام |
واعتبر النقيب ان «السياسة تدخل في صلب العمل النقابي، فالعمل النقابي نوع من انواع الديموقراطية»، مشيرا إلى ان «العمل الاجتماعي يجب ألا يكون في خدمة العمل السياسي، بل يجب ان يهدف العمل السياسي إلى سن القوانين واقامة المشاريع التنموية والتي تحسن الوضع الاجتماعي والخدمات».
وأشار النقيب في لقاء مع «الراي» خلال زيارة قام بها أخيرا إلى الكويت ضمن جولة خليجية عربية للتواصل مع المغتربين اللبنانيين إلى ان «تيار المستقبل لا يمكن ان يتحول في يوم من الايام لحزب، والسبب يعود لكون رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري لم يعجب يوما بكلمة حزب، لكون «الاحزاب» في لبنان كانت تعني ميليشيات»، موضحا ان تيار المستقبل «لن يصبح تيار المستقبل حزبا ايديولوجيا مغلقا بل تيار ليبرالي يتمثل في افكار الرئيس الحريري ومشاريعه للبلد التي تتسع للجميع».
وقال النقيب ان المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية افشلتها المعارضة والجميع يتكلم بهذا الامر، وهي لا تريد اثبات العكس والدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، والآن اصبحت امامنا شروط جديدة».
واضاف «صحيح ان الديموقراطية تقوم على حكم الأكثرية، ولكن للبنان خصوصيته ولكن ليس لدرجة ان تتحكم الاقلية برغبة الأكثرية في كل شيء ولا العكس».
وأكد النقيب ان تيار المستقبل «يعمل للمغتربين بغض النظر اذا كانوا مع تيار المستقبل أو حلفائه، وهناك هموم مشتركة لدى المغتربين».
وفي ما يلي نص اللقاء:
• كيف تنظرون إلى موقف الكويت تجاه لبنان؟
- الكويت من أوائل الدول التي دعمت لبنان في كل المراحل. فالكويت تحتضن اللبنانيين منذ منتصف القرن الماضي، وفتحت أبوابها لهم على الدوام، حيث يشعر اللبناني في الكويت انه يعيش في بلده ولا يشعر بالفرق، وكذلك الأمر بالنسبة للكويتيين الذين يحرصون على زيارة لبنان عدة مرات في السنة، كما ان قسما كبيرا منهم لديه منازل وشقق خاصة في لبنان، ولنا في موسم الاصطياف والعطل مثال، حيث يعج لبنان بمحبيه من الكويتيين.
كما ان الكويت قيادة وشعبا قدمت على الدوام المساعدات للبنان ماديا ومعنويا، خصوصا خلال حرب يوليو 2006، ومرحلة اعادة الاعمار التي تساهم فيها الكويت بشكل كبير جدا.
• كيف وجدتم أبناء الجالية اللبنانية في الكويت؟
- الجالية اللبنانية تعيش هنا في الكويت في بلدها الثاني من خلال الرعاية المميزة والتسهيلات من قبل السلطات الكويتية والمواطنين، وهنا نؤكد على أهمية تقديم كل اللبنانيين صورة حضارية عن بلدهم من خلال الالتزام بالقوانين كافة والتضامن مع بعضهم البعض والابتعاد عن التفرقة والخلافات.
• كيف ترى الفرق بين العمل الشبابي والاجتماعي من خلال عملك كمسؤول للشباب في تيار المستقبل وانتقالك للعمل عن قرب أكثر في السياسة اليومية وتسلمك مهام المنسق العام لشؤون الاغتراب في التيار؟
- للعمل الشبابي جماله ورونقه، ولكن بالمقابل له عمر معين، وبالنسبة لي كان الأمر مفرحا ومحزنا في الوقت نفسه، حيث كنت مسؤولاً عن قطاع الشباب في تيار المستقبل في 14 مارس 2005 حيث تسلم الشباب اللبناني المسؤولية، وعندما كان لبنان في خطر أمسك هؤلاء الشباب بيده وأوصلوه إلى بر الأمان عبر اصرارهم على الحرية والسيادة والاستقلال والديموقراطية وسلمية تحركاتهم.
وعلى رغم المأساة الحزينة باستشهاد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلا انه كان للعمل رونقه الخاص.
وحالياً اعتقد ان الملف الذي تسلمت مهامه ويتمثل في ملف الاغتراب له رونقه المختلف ولكن فيه أرضا خصبة وواسعة للعمل، خصوصا ان أعداد المغتربين اللبنانيين حاليا اكثر من المقيمين، ونجد لدى المغتربين حماسة كبيرة ويتحلون بوطنية صافية لا تشوبها شائبة وليست مجبولة بالمشاكل اليومية والحساسيات وهي نابعة من توقهم للعودة إلى لبنان وخدمته فالتعاطي والتواصل مع المغتربين له رونق مختلف وكبير جدا على أمل أن يعود الجميع إلى ربوع الوطن.
• ما الأسباب التي تقف وراء زيارتكم القصيرة إلى الكويت؟
- أقوم حالياً بجولة من المفترض أن تشمل جميع دول الاغتراب اللبناني وفضلت أن أبدأ الجولة من منطقة الخليج وبهذا السياق أتت زيارة الكويت، والهدف الأساسي هو التواصل مع الجالية اللبنانية والبحث عن كيفية ابقاء «التوق» لديهم للعودة إلى بلدهم ومحاولة ألا نجعل المشاكل اليومية تقف دون رجوعهم للبنان. ولكن ما أراه أينما أذهب ان القادم من لبنان، المحبط من الأوضاع هناك، يستقبل بحماس المغتربين وتوقهم بالعودة إلى الوطن وأملهم بالمستقبل.
وتأتي زيارتي للكويت في هذا السياق ضمن سلسلة زيارات للمنطقة وهي الزيارة الأولى التي أحضر فيها ولكن لن تكون الأخيرة بالطبع.
• لماذا تأخرت زيارتكم للكويت إلى هذا الوقت؟
- انها المرة الأولى التي أزور فيها منطقة الخليج وفي الحقيقة غالبا ما يكون لدينا أولويات تقدم دولة على أخرى، وبالنسبة لي تسلمت مهامي الاغترابية منذ فترة قصيرة لا تتعدى عددا من الأشهر، والوقت محدد بالنسبة لي، لكن آمل أن أقوم بزيارة أخرى مخصصة للكويت ولوقت كاف.
بالطبع لن تكون الزيارة الراهنة كافية، ولكن هذه البداية للتواصل الذي يجب أن يستمر مع جميع أبناء الجالية اللبنانية، ومن دون شك، الزيارة القصيرة خير من عدمها واذا كانت اطول ستكون أفضل.
والأهم ليس أن اطلع على مشاكل الجالية واهتماماتهم، بل ان يرى أفراد الجالية بعضهم ويتواصلوا وهذا ما أحرص عليه وأتمناه في أن يستمروا في الالتقاء من أجل خدمة لبنان.
• إلى أي مدى تدخل السياسة في العمل النقابي والمدني؟
- السياسة تدخل في صلب العمل النقابي، فالعمل النقابي نوع من انواع الديموقراطية، كما ان تعددية العمل السياسي أمر ديموقراطي. عندما نمارس السياسة سواء كنا في تيار أو تجمع او حزب يكون لدينا هدف للوصول اليه والشيء نفسه ينطبق على العمل النقابي. وفي بلد مسيّس كلبنان لا يمكننا القول ان العمل النقابي بعيد عن العمل السياسي، بل ما نحاول القيام به دائما ايجاد مرشحين في النقابات لديهم المستوى الاكاديمي المطلوب وألا يطغى العمل السياسي على الجانب الاكاديمي، أي من يصبح «نقيبا» لأي من النقابات عليه العمل لخدمة جميع المنتسبين للنقابة، وهذه وجهة نظرنا، لكن لا نستطيع القول ان هذا الشخص الذي لديه توجه سياسي معين أو انتخاب سياسي ليس له الحق في ان يحتل مركزا معينا في النقابة، لأنه في النهاية ضمن أي حزب أو ديموقراطيات يتم تأطير الاشخاص لاستلام مراكز الشأن العام وادارة الامور.
واذا كان لابد من المحاسبة على الفكر السياسي في العمل النقابي، وقتها لا يستطيع احد في لبنان الترشح لأي نقابة أو مركز كون الانتماء موجود عند الجميع.
• إلى أي مدى تدعم السياسة العمل المدني والاجتماعي؟
- في بلد كلبنان وضمن التعددية الموجودة فيه، لا وجود لأي تيار أو حزب إلا واديه اهتمامات اجتماعية وحتى في الخريطة السياسية الاجنبية نجد احزابا يمينية واخرى يسارية وكلما اتجهنا نحو «اليسار» يزيد العمل الاجتماعي ولكن في لبنان سواء أنت في أقصى اليسار أو اليمين أو حتى في احزاب لا وجود مؤثر لها في الساحة السياسية فإننا نجد ان الشأن الاجتماعي مهم وهذا يعود لاسباب كثيرة اولها ضعف السياسة الاجتماعية للدولة على مر العهود ما دعى إلى وجوب وجود مؤسسات تسعى للتعويض عن النقص الموجود، كما ان السياسة في لبنان مجبولة بالخدمات... ومع ان هذا الشيء مؤسف إلا ان الواقع هو كذلك، ولهذا نجد ان جميع الاحزاب والتيارات تنغمس في الشأن الاجتماعي.
• هل من الممكن ان يكون العكس صحيح؟ أي ان يدعم العمل الاجتماعي السياسية؟
- نجد ان من ليس لديه شأن اجتماعي يضعف شأنه السياسي حتى مع وجود مؤيدين لفكره السياسي، ولكن الضعف الاجتماعي يمكن ان يؤثر على التأييد السياسي، وهذا شيء محزن في الواقع ولا حل له سوى بقيام الدولة بالعمل الاجتماعي المطلوب لراحة الناس، وهذا ايضا نحن نرتاح. وبرأيي الخاص والمطلق يجب ألا يكون العمل الاجتماعي في خدمة العمل السياسي، بل يجب ان يهدف العمل السياسي إلى سن القوانين واقامة المشاريع التنموية والتي تحسن الوضع الاجتماعي والخدماتي للناس وعندما تدخل السياسة في تفاصيل العمل الاجتماعي عندها يمكن ان يؤثر هذا سلبا على تفكير المواطن وحريته في خياراته. ولهذا يجب ألا يكون العمل الاجتماعي في خدمة العمل السياسي مع ان هذا الأمر موجود في لبنان كون موارد الدولة ضعيفة والناس محتاجة اضافة إلى ان معظم الاحزاب قائمة على العمل الاجتماعي وفي النتيجة الناس المحتاجة تهتم بمن يساعدها وتقوم بما يطلب منها وهذا ليس فقط على المستوى الفردي فالدول المعتمدة اقتصاديا على دول اخرى تصبح سياسيا معتمدة عليها. وعلى الدولة ان تكون قادرة على تقديم الخدمات وهذا يبدأ من خلال دعمنا للدولة وبنائها وهذا له مقومات وقوانين... وبالتالي ان نكون مقتنعين بان الدولة بشكلها هي ما نريد وليس ان نغير فيها كل يوم.
وهناك اشياء مطلوبة للايمان بهذه الدولة لأني كمواطن لي حقوق وعلي واجبات، ولا يمكنني عند كل استحقاق ان اقرر اذا كنت اريد هذه الدولة ام لا... ولا استطيع تحت أي حجة من الحجج ان اقول هنا يمكن للدولة التدخل وهناك لا يمكنها.
الدولة عبارة عن المؤسسات الدستورية، وان تصفية المؤسسات بالشكل الحاصل في لبنان يعني اطالة طريق الوصول للدولة، اضافة إلى ان عملية التعاطي مع القوى الأمنية والجيش اللبناني في أماكن كثيرة في الفترة الاخيرة ادت الى اضعاف الدولة وليس تقويتها. والجيش اللبناني ليس عبارة عن زي رسمي وسلاح بل هو هيئة واحترام وقانون ولا نستطيع ان نفض أي نزاع أو مشكلة وبالتراضي بل يجب ان يطبق القانون.
وفي الوقت الحالي، ما نعمل عليه في القضاء هو المحكمة الدولية الخاصة باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ونعتبر ألا وجود للديموقراطية اذا لم يوجد في الاساس قانون ومحاكمة للمجرم ولا نستطيع ان نحل كل شيء بالتراضي لأن هذا في النهاية لن يبني دولة.
• بالنسبة لتيار المستقبل... هل من الممكن ان يتحول إلى حزب؟
- تيار المستقبل لا يمكن ان يتحول في يوم من الايام لحزب والسبب بسيط يعود لكون الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يعجب يوما بكلمة «حزب»... واذا تساءلنا لما ذلك مع ان الاحزاب اساس الديموقراطيات اوضح ان السبب يعود لكون «الاحزاب» في لبنان كانت تعني ميليشيات، وطائفية وقتل على الهوية وهذا كان واقع الحرب الأهلية وبناء عليه كانت ردة فعل الناس سلبية عند سماع كلمة حزب ولهذا لم يستعملها يوما الرئيس الحريري وفضل كلمة التيار.
وعندما اصبح النائب سعد الحريري رئيسا لتيار المستقبل قرر الابقاء على تسميته «التيار» احتراما لوالده وللناس الذين مازالت صور الميليشيات راسخة في عقولهم وهذا لايعني عدم وجود تنظيم بالتيار بل بالعكس هذا بدأ بالفعل واصبح للتيار تنظيمه وهيكلته الداخلية، لكن لن يصبح تيار المستقبل حزبا ايديولوجيا مغلقا بل تيار ليبرالي يتمثل في افكار الرئيس الحريري ومشاريعه للبلد التي تتسع للجميع.
وينجح تيار المستقبل عندما يكون عابرا للطوائف ويخسر في حال تقوقع ضمن منصب او طائفة معينة.
اذا اردنا بناء بلد ما عليه ان يكون يمثل لبنان وليس جزءا منه وهذا لا يعني ان التيار ليس لديه اختيار طائفي الان، لكن في الحقيقة يمكن ان يكون ممثلا للبنان بشكل عام اكثر.
• كم يقدر عدد المنتسبين لتيار المستقبل حاليا؟
الناس متعطشة لوجود تنظيم حديث ومتطور وديموقراطي وسيكون في التيار انتخابات على جميع المستويات من الرئيس حتى القاعدة وهذا شيء سيميزنا عن عدد كبير - اذا لم نقل الجميع - من الاحزاب الموجودة في لبنان.
والمنتسب للتيار يمكن ان يكون في اي مركز اذا حاز على الاصوات المطلوبة كما ان النظام الداخلي متطور.
• برأيك الى اي مدى اثر اغتيال الرئيس الحريري على عمل التيار ومنتسبيه؟
- من دون شك ان استشهاد الرئيس الحريري مثّل مرحلة فاصلة ليس في تيار المستقبل فقط انما في تاريخ لبنان الحديث وما حدث في 14 فبراير 2005 يوم استشهاد الرئيس الحريري خلق وعيا لدى الناس بحيث تصالحوا مع انفسهم ومع الرئيس الشهيد، علما ان عددا كبيرا من الناس لم يكن مدركا لاهمية الرئيس الحريري ولكن عندما استشهد احسوا بخسارته التي اثرت بكل شيء في السياسة اللبنانية، ،والشيء نفسه حدث لتيار المستقبل فالخوف الذي كان يعتري الناس ويؤثر عليهم سلبا لجهة انتمائهم لتيار المستقبل في ظل الوجود السوري في لبنان زال، وهذا حصل قبل الانسحاب السوري في لبنان حيث انتفض الناس بعدما شاهدوا هول الجريمة وانتفضت الجماهير التي اعتبرت انها باستشهاد الرئيس الحريري خسرت كل شيء ولم يبق لديها شيء لتخسره، وهذا في النهاية انعكس ايجابا على مصالحهم.
وبالنسبة لتيار المستقبل في الوقت الحالي، فلا شك ان الانقسام الذي يعيشه البلد حاد وكبير وهو ما يجعل بعض الاطراف لا تسمع للاطراف الأخرى، فالناس عندما يقرأون جريدة واحدة ويشاهدون محطة تلفزيونية واحدة يصدقون كل ما يسمعون وهم لا يستعملون عقولهم لتحليل الاخبار ومناقشتها وهذا كله سببه الانقسام ا لحاد.
ولكن انا متأكد ان الناس لو عادوا واستعملوا عقولهم واصبحوا يسمعون للطرف الآخر ليس للاقتناع بل للتفكير فيه اذا كان خطأ أو صواباً، وقتها سيتغير الوضع كثيرا ولن يبقى الانقسام كما هو عليه الآن.
ومن الصعب ان تسمع لأحد يتهم بأنه عميل اسرائيلي... فهذا خط أحمر.
وكتيار مستقبل او 14 مارس عندما نتهم باننا عملاء لاسرائيل نعتبر الامر مهيناً لنا بقدر ما هو مهين لقائله، ولكن للجمهور الذي أصبح مغلقا يمكن ان يصدق مثل هذا الامر ويقتنع به.
الانحطاط في الخطاب ليس له مبرراته انما له أسبابه، وفي الحقيقة اذا كان «القدوة» منحطا في خطابه فهذا يولد انفجارات لدى الناس ولكن هل اعود واكرر هل يوجد أقسى وأصعب من التخوين؟!، لقد مرت على لبنان منذ 14 مارس 2005 محطات كثيرة، ونحن كتيار مستقبل قمنا بجهود مضنية للوصول الى نتائج توافقية في البلد وآخرها التوافق على قائد الجيش العماد ميشال سليمان ليكون رئيسا للجمهورية، والقبول بالمبادرة العربية في حين لم نر حلا من الطرف الآخر.
• كيف تنظر الى المشهد السياسي اللبناني وهل برأيك هناك من أفق قريب للحل؟
- لدينا في لبنان الآن مبادرة وزراء الخارجية العرب التي وافق عليها العرب جميعا وهي تدعو أولا الى انتخاب رئيس للجمهورية وطالما اننا اتفقنا على اسم رئيس الجمهورية لماذا لا ننتخبه؟!
وبعد انتخاب الرئيس يأتي تشكيل الحكومة حيث لا تحظى الاكثرية (النصف + 1) ولا الأقلية (الثلث + 1) ومن ثم الاتفاق على قانون الانتخاب.
ولكن من يكلف الحكومة هو مجلس النواب، ومن يعطي الثقة للحكومة هو المجلس، كما ان البرلمان يملك صلاحية اقرار قانون الانتخابات، وهل سنقوم بكل هذا في ظل الخلاف الحاصل وتجربتنا السابقة في «طاولة الحوار» مع قادة البلد لم يطبق منها شيء حتى اليوم؟!!
لبنان لن يصبح أبداً بلد الحزب الواحد ولا يمكن ان يحدث هذا لأن فيه تعددية حزبية وتعددية طائفية وغيرها... ولكن يجب ان نكون متفقين على الحد الأدنى من مقومات الدولة، وعلى الأكثرية احترام رأي الأقلية ضمن حدود وعلى الاقلية ايضاً احترام رأي الأكثرية ضمن حدود.
صحيح ان الديموقراطية تقوم على حكم الأكثرية ولكن للبنان خصوصيته ولكن ليس لدرجة ان تتحكم الاقلية برغبة الأكثرية في كل شيء ولا العكس، ولكن في النهاية يجب ان يكون هناك أمور متفق عليها ويجب ان يعلم الناس ان البلد للجميع وليس لشخص دون سواه.
• يقال ان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ليس لديه مشكلة في الاتفاق مع قوى «8 مارس» بينما المشكلة عند حلفائه!! ما رأيك؟؟
- 14 مارس مجموعة من التكتلات الحزبية والمفكرين وجموع الناس الذين شاركوا في التظاهرات ولهم اراؤهم وافكارهم. وقوى «14 مارس» بما فيها تيار المستقبل ليس لديها مشكلة بايجاد اتفاق جدي وصريح مع قوى «8 مارس»، لأنه في النهاية لا يستطيع اي من الفريقين التصرف وكأنه الوحيد في البلد، ويجب ايجاد قاسم مشترك نتفق عليه.
وتيار المستقبل في الفترة السابقة كان يجري لقاءات مستمرة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقبل ذلك كان هناك «طلبات» للقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولكن لم نتلق ردوداً ايجابية وغيرها من الأمور التي سعينا فيها من أجل التوافق الداخلي.
ولكن لماذا عليّ اعتبار التوافق دائما «س.س» (سورياً - سعودياً) كما يقول الرئيس بري ولماذا لا أتوجه لاعتباره «ل. ل» (لبنانياً - لبنانياً) كما يقول النائب سعد الحريري؟ لماذا طلب اتفاق العرب على الموضوع اللبناني، قبل اتفاق اللبنانيين فيما بينهم؟!
وما نراه اننا كلما قدمنا تنازلاً تعتبره «الأقلية» تحصيل حاصل وتطالب بالمزيد، مع ان الرئيس نبيه بري كان قد اعلن في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في 31 اغسطس ان المعارضة الغت المطالبة بـ «الثلث الضامن» داعياً للاتفاق على رئيس للجمهورية توافقي، وبعدها تم الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية بدعم من جميع العرب.
ومن الذي أخل بالاتفاق؟!
• كيف تنظر إلى قمة دمشق والنتائج التي خرجت بها؟
- قمة دمشق يجب ان يليها مباشرة وسريعاً قمة استثنائية من أجل لبنان تبحث في الملف اللبناني فقط، لأنه للأسف العديد من القمم السابقة خرجت بقرارات لم تنفذ، نحن في لبنان نريد قراراً ينفذ، فلماذا لا نبحث بقمة استثنائية جميع العلاقات بين لبنان وسورية وتخفيف وطأة التدخل الخارجي في لبنان ولندع جميع الدول العربية للاستماع الينا ولتكن القمة في أرض حيادية وليس في أرض خصم متهم رئيسي في استشهاد الرئيس الحريري، ولنبحث بالمواضيع ونرى ما يُطرح ومتأكد أن جميع الدول العربية ستقتنع بضرورة ايجاد تمثيل ديبلوماسي متبادل على مستوى السفارات بين لبنان وسورية.
في القمة العربية التي عقدت في دمشق كان هناك تأكيد للمحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس الحريري وبعدها نسمع وزير الخارجية السوري يقول إن دمشق رفضت عرضا لمقايضة المحكمة الدولية بانتخاب رئيس للجمهورية، هذا مجرد كلام، وفي النهاية، يجب بحث اشياء كثيرة ضمن البيت العربي، وإذا أرادت الدول العربية حل المشكلة اللبنانية فلا بد من عقد قمة استثنائية سريعة.
• هل هذا يعني ان عدم مشاركة لبنان في قمة دمشق لم يؤثر سلبا ولا ايجابا في الوضع اللبناني؟
- بالطبع، لانه لم يكن ليوجد حل في قمة دمشق كون الضغوطات لايجاد حل سابق وانتخاب رئيس للجمهورية بمساهمة سورية من خلال الايعاز لحلفائها في لبنان لم يسفر عنه أي نتائج تذكر، فكيف نقتنع ان جدول أعمال في «يوم ونصف» معروف... ضمن بيان ختامي معروف، ان الوضع سيتغير! ولو وجدت أي بوادر خير لم نكن لنفوت الفرصة بل كنا شاركنا فيها، وهو أسف بالطبع ان يكون لبنان دولة المواجهة الوحيدة ودولة الصمود الوحيدة في العالم العربي مقاطعاً للقمة.
• هل من الممكن أن نرى نادر النقيب في انتخابات المجلس النيابي المقبل؟
- أولا لننتظر ونرى اذا وجدت انتخابات، ثم اني لا أعتقد ذلك والموضوع سابق لأوانه. كما اني مسرور جدا في مهام عملي بالملف الاغترابي وأنا في فترة تأسيس أهم من أي منصب آخر ويمكن للأيام أن تغير هذا لكن الآن الأمر غير وارد.
• هل هناك من مشاريع أو اقتراحات اغترابية تخططون للقيام بها؟
- أولا، نحن نعمل للمغتربين بغض النظر اذا كانوا مع تيار المستقبل أو حلفائه، وهناك هموم مشتركة لدى المغتربين من خلال خدمات السفارات وقوانين الجنسية والانتخاب وأشياء أخرى مهمة... واذا سنت الدولة قوانين بهذه الأشياء سيستفيد منها جميع اللبنانيين المغتربين، وبغض النظر عن التواصل مع أعضاء التيار والحلفاء في الخارج فإني أعتقد ان المشاريع وما يحقق سيفيد جميع المغتربين اللبنانيين.
ومن جهة أخرى، في حال عودة الاستقرار للبنان وعودة المستثمرين المغتربين فإن هذه الاستثمارات ستساعد على عمل جميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم.
أكد منسق شؤون الاغتراب في «تيار المستقبل» اللبناني نادر النقيب ان الكويت وقفت إلى جانب لبنان في كل المراحل من خلال دعمه وتقديم المساعدات إليه دائما، مشيدا بالرعاية التي يحظى بها أبناء الجالية اللبنانية في الكويت.
وشدد النقيب على ان «لدى المغتربين حماسة كبيرة، ويتحلون بوطنية صافية لا تشوبها شائبة وليست مجبولة بالمشاكل اليومية والحساسيات».
واعتبر النقيب ان «السياسة تدخل في صلب العمل النقابي، فالعمل النقابي نوع من انواع الديموقراطية»، مشيرا إلى ان «العمل الاجتماعي يجب ألا يكون في خدمة العمل السياسي، بل يجب ان يهدف العمل السياسي إلى سن القوانين واقامة المشاريع التنموية والتي تحسن الوضع الاجتماعي والخدمات».
وأشار النقيب في لقاء مع «الراي» خلال زيارة قام بها أخيرا إلى الكويت ضمن جولة خليجية عربية للتواصل مع المغتربين اللبنانيين إلى ان «تيار المستقبل لا يمكن ان يتحول في يوم من الايام لحزب، والسبب يعود لكون رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري لم يعجب يوما بكلمة حزب، لكون «الاحزاب» في لبنان كانت تعني ميليشيات»، موضحا ان تيار المستقبل «لن يصبح تيار المستقبل حزبا ايديولوجيا مغلقا بل تيار ليبرالي يتمثل في افكار الرئيس الحريري ومشاريعه للبلد التي تتسع للجميع».
وقال النقيب ان المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية افشلتها المعارضة والجميع يتكلم بهذا الامر، وهي لا تريد اثبات العكس والدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، والآن اصبحت امامنا شروط جديدة».
واضاف «صحيح ان الديموقراطية تقوم على حكم الأكثرية، ولكن للبنان خصوصيته ولكن ليس لدرجة ان تتحكم الاقلية برغبة الأكثرية في كل شيء ولا العكس».
وأكد النقيب ان تيار المستقبل «يعمل للمغتربين بغض النظر اذا كانوا مع تيار المستقبل أو حلفائه، وهناك هموم مشتركة لدى المغتربين».
وفي ما يلي نص اللقاء:
• كيف تنظرون إلى موقف الكويت تجاه لبنان؟
- الكويت من أوائل الدول التي دعمت لبنان في كل المراحل. فالكويت تحتضن اللبنانيين منذ منتصف القرن الماضي، وفتحت أبوابها لهم على الدوام، حيث يشعر اللبناني في الكويت انه يعيش في بلده ولا يشعر بالفرق، وكذلك الأمر بالنسبة للكويتيين الذين يحرصون على زيارة لبنان عدة مرات في السنة، كما ان قسما كبيرا منهم لديه منازل وشقق خاصة في لبنان، ولنا في موسم الاصطياف والعطل مثال، حيث يعج لبنان بمحبيه من الكويتيين.
كما ان الكويت قيادة وشعبا قدمت على الدوام المساعدات للبنان ماديا ومعنويا، خصوصا خلال حرب يوليو 2006، ومرحلة اعادة الاعمار التي تساهم فيها الكويت بشكل كبير جدا.
• كيف وجدتم أبناء الجالية اللبنانية في الكويت؟
- الجالية اللبنانية تعيش هنا في الكويت في بلدها الثاني من خلال الرعاية المميزة والتسهيلات من قبل السلطات الكويتية والمواطنين، وهنا نؤكد على أهمية تقديم كل اللبنانيين صورة حضارية عن بلدهم من خلال الالتزام بالقوانين كافة والتضامن مع بعضهم البعض والابتعاد عن التفرقة والخلافات.
• كيف ترى الفرق بين العمل الشبابي والاجتماعي من خلال عملك كمسؤول للشباب في تيار المستقبل وانتقالك للعمل عن قرب أكثر في السياسة اليومية وتسلمك مهام المنسق العام لشؤون الاغتراب في التيار؟
- للعمل الشبابي جماله ورونقه، ولكن بالمقابل له عمر معين، وبالنسبة لي كان الأمر مفرحا ومحزنا في الوقت نفسه، حيث كنت مسؤولاً عن قطاع الشباب في تيار المستقبل في 14 مارس 2005 حيث تسلم الشباب اللبناني المسؤولية، وعندما كان لبنان في خطر أمسك هؤلاء الشباب بيده وأوصلوه إلى بر الأمان عبر اصرارهم على الحرية والسيادة والاستقلال والديموقراطية وسلمية تحركاتهم.
وعلى رغم المأساة الحزينة باستشهاد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلا انه كان للعمل رونقه الخاص.
وحالياً اعتقد ان الملف الذي تسلمت مهامه ويتمثل في ملف الاغتراب له رونقه المختلف ولكن فيه أرضا خصبة وواسعة للعمل، خصوصا ان أعداد المغتربين اللبنانيين حاليا اكثر من المقيمين، ونجد لدى المغتربين حماسة كبيرة ويتحلون بوطنية صافية لا تشوبها شائبة وليست مجبولة بالمشاكل اليومية والحساسيات وهي نابعة من توقهم للعودة إلى لبنان وخدمته فالتعاطي والتواصل مع المغتربين له رونق مختلف وكبير جدا على أمل أن يعود الجميع إلى ربوع الوطن.
• ما الأسباب التي تقف وراء زيارتكم القصيرة إلى الكويت؟
- أقوم حالياً بجولة من المفترض أن تشمل جميع دول الاغتراب اللبناني وفضلت أن أبدأ الجولة من منطقة الخليج وبهذا السياق أتت زيارة الكويت، والهدف الأساسي هو التواصل مع الجالية اللبنانية والبحث عن كيفية ابقاء «التوق» لديهم للعودة إلى بلدهم ومحاولة ألا نجعل المشاكل اليومية تقف دون رجوعهم للبنان. ولكن ما أراه أينما أذهب ان القادم من لبنان، المحبط من الأوضاع هناك، يستقبل بحماس المغتربين وتوقهم بالعودة إلى الوطن وأملهم بالمستقبل.
وتأتي زيارتي للكويت في هذا السياق ضمن سلسلة زيارات للمنطقة وهي الزيارة الأولى التي أحضر فيها ولكن لن تكون الأخيرة بالطبع.
• لماذا تأخرت زيارتكم للكويت إلى هذا الوقت؟
- انها المرة الأولى التي أزور فيها منطقة الخليج وفي الحقيقة غالبا ما يكون لدينا أولويات تقدم دولة على أخرى، وبالنسبة لي تسلمت مهامي الاغترابية منذ فترة قصيرة لا تتعدى عددا من الأشهر، والوقت محدد بالنسبة لي، لكن آمل أن أقوم بزيارة أخرى مخصصة للكويت ولوقت كاف.
بالطبع لن تكون الزيارة الراهنة كافية، ولكن هذه البداية للتواصل الذي يجب أن يستمر مع جميع أبناء الجالية اللبنانية، ومن دون شك، الزيارة القصيرة خير من عدمها واذا كانت اطول ستكون أفضل.
والأهم ليس أن اطلع على مشاكل الجالية واهتماماتهم، بل ان يرى أفراد الجالية بعضهم ويتواصلوا وهذا ما أحرص عليه وأتمناه في أن يستمروا في الالتقاء من أجل خدمة لبنان.
• إلى أي مدى تدخل السياسة في العمل النقابي والمدني؟
- السياسة تدخل في صلب العمل النقابي، فالعمل النقابي نوع من انواع الديموقراطية، كما ان تعددية العمل السياسي أمر ديموقراطي. عندما نمارس السياسة سواء كنا في تيار أو تجمع او حزب يكون لدينا هدف للوصول اليه والشيء نفسه ينطبق على العمل النقابي. وفي بلد مسيّس كلبنان لا يمكننا القول ان العمل النقابي بعيد عن العمل السياسي، بل ما نحاول القيام به دائما ايجاد مرشحين في النقابات لديهم المستوى الاكاديمي المطلوب وألا يطغى العمل السياسي على الجانب الاكاديمي، أي من يصبح «نقيبا» لأي من النقابات عليه العمل لخدمة جميع المنتسبين للنقابة، وهذه وجهة نظرنا، لكن لا نستطيع القول ان هذا الشخص الذي لديه توجه سياسي معين أو انتخاب سياسي ليس له الحق في ان يحتل مركزا معينا في النقابة، لأنه في النهاية ضمن أي حزب أو ديموقراطيات يتم تأطير الاشخاص لاستلام مراكز الشأن العام وادارة الامور.
واذا كان لابد من المحاسبة على الفكر السياسي في العمل النقابي، وقتها لا يستطيع احد في لبنان الترشح لأي نقابة أو مركز كون الانتماء موجود عند الجميع.
• إلى أي مدى تدعم السياسة العمل المدني والاجتماعي؟
- في بلد كلبنان وضمن التعددية الموجودة فيه، لا وجود لأي تيار أو حزب إلا واديه اهتمامات اجتماعية وحتى في الخريطة السياسية الاجنبية نجد احزابا يمينية واخرى يسارية وكلما اتجهنا نحو «اليسار» يزيد العمل الاجتماعي ولكن في لبنان سواء أنت في أقصى اليسار أو اليمين أو حتى في احزاب لا وجود مؤثر لها في الساحة السياسية فإننا نجد ان الشأن الاجتماعي مهم وهذا يعود لاسباب كثيرة اولها ضعف السياسة الاجتماعية للدولة على مر العهود ما دعى إلى وجوب وجود مؤسسات تسعى للتعويض عن النقص الموجود، كما ان السياسة في لبنان مجبولة بالخدمات... ومع ان هذا الشيء مؤسف إلا ان الواقع هو كذلك، ولهذا نجد ان جميع الاحزاب والتيارات تنغمس في الشأن الاجتماعي.
• هل من الممكن ان يكون العكس صحيح؟ أي ان يدعم العمل الاجتماعي السياسية؟
- نجد ان من ليس لديه شأن اجتماعي يضعف شأنه السياسي حتى مع وجود مؤيدين لفكره السياسي، ولكن الضعف الاجتماعي يمكن ان يؤثر على التأييد السياسي، وهذا شيء محزن في الواقع ولا حل له سوى بقيام الدولة بالعمل الاجتماعي المطلوب لراحة الناس، وهذا ايضا نحن نرتاح. وبرأيي الخاص والمطلق يجب ألا يكون العمل الاجتماعي في خدمة العمل السياسي، بل يجب ان يهدف العمل السياسي إلى سن القوانين واقامة المشاريع التنموية والتي تحسن الوضع الاجتماعي والخدماتي للناس وعندما تدخل السياسة في تفاصيل العمل الاجتماعي عندها يمكن ان يؤثر هذا سلبا على تفكير المواطن وحريته في خياراته. ولهذا يجب ألا يكون العمل الاجتماعي في خدمة العمل السياسي مع ان هذا الأمر موجود في لبنان كون موارد الدولة ضعيفة والناس محتاجة اضافة إلى ان معظم الاحزاب قائمة على العمل الاجتماعي وفي النتيجة الناس المحتاجة تهتم بمن يساعدها وتقوم بما يطلب منها وهذا ليس فقط على المستوى الفردي فالدول المعتمدة اقتصاديا على دول اخرى تصبح سياسيا معتمدة عليها. وعلى الدولة ان تكون قادرة على تقديم الخدمات وهذا يبدأ من خلال دعمنا للدولة وبنائها وهذا له مقومات وقوانين... وبالتالي ان نكون مقتنعين بان الدولة بشكلها هي ما نريد وليس ان نغير فيها كل يوم.
وهناك اشياء مطلوبة للايمان بهذه الدولة لأني كمواطن لي حقوق وعلي واجبات، ولا يمكنني عند كل استحقاق ان اقرر اذا كنت اريد هذه الدولة ام لا... ولا استطيع تحت أي حجة من الحجج ان اقول هنا يمكن للدولة التدخل وهناك لا يمكنها.
الدولة عبارة عن المؤسسات الدستورية، وان تصفية المؤسسات بالشكل الحاصل في لبنان يعني اطالة طريق الوصول للدولة، اضافة إلى ان عملية التعاطي مع القوى الأمنية والجيش اللبناني في أماكن كثيرة في الفترة الاخيرة ادت الى اضعاف الدولة وليس تقويتها. والجيش اللبناني ليس عبارة عن زي رسمي وسلاح بل هو هيئة واحترام وقانون ولا نستطيع ان نفض أي نزاع أو مشكلة وبالتراضي بل يجب ان يطبق القانون.
وفي الوقت الحالي، ما نعمل عليه في القضاء هو المحكمة الدولية الخاصة باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ونعتبر ألا وجود للديموقراطية اذا لم يوجد في الاساس قانون ومحاكمة للمجرم ولا نستطيع ان نحل كل شيء بالتراضي لأن هذا في النهاية لن يبني دولة.
• بالنسبة لتيار المستقبل... هل من الممكن ان يتحول إلى حزب؟
- تيار المستقبل لا يمكن ان يتحول في يوم من الايام لحزب والسبب بسيط يعود لكون الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يعجب يوما بكلمة «حزب»... واذا تساءلنا لما ذلك مع ان الاحزاب اساس الديموقراطيات اوضح ان السبب يعود لكون «الاحزاب» في لبنان كانت تعني ميليشيات، وطائفية وقتل على الهوية وهذا كان واقع الحرب الأهلية وبناء عليه كانت ردة فعل الناس سلبية عند سماع كلمة حزب ولهذا لم يستعملها يوما الرئيس الحريري وفضل كلمة التيار.
وعندما اصبح النائب سعد الحريري رئيسا لتيار المستقبل قرر الابقاء على تسميته «التيار» احتراما لوالده وللناس الذين مازالت صور الميليشيات راسخة في عقولهم وهذا لايعني عدم وجود تنظيم بالتيار بل بالعكس هذا بدأ بالفعل واصبح للتيار تنظيمه وهيكلته الداخلية، لكن لن يصبح تيار المستقبل حزبا ايديولوجيا مغلقا بل تيار ليبرالي يتمثل في افكار الرئيس الحريري ومشاريعه للبلد التي تتسع للجميع.
وينجح تيار المستقبل عندما يكون عابرا للطوائف ويخسر في حال تقوقع ضمن منصب او طائفة معينة.
اذا اردنا بناء بلد ما عليه ان يكون يمثل لبنان وليس جزءا منه وهذا لا يعني ان التيار ليس لديه اختيار طائفي الان، لكن في الحقيقة يمكن ان يكون ممثلا للبنان بشكل عام اكثر.
• كم يقدر عدد المنتسبين لتيار المستقبل حاليا؟
الناس متعطشة لوجود تنظيم حديث ومتطور وديموقراطي وسيكون في التيار انتخابات على جميع المستويات من الرئيس حتى القاعدة وهذا شيء سيميزنا عن عدد كبير - اذا لم نقل الجميع - من الاحزاب الموجودة في لبنان.
والمنتسب للتيار يمكن ان يكون في اي مركز اذا حاز على الاصوات المطلوبة كما ان النظام الداخلي متطور.
• برأيك الى اي مدى اثر اغتيال الرئيس الحريري على عمل التيار ومنتسبيه؟
- من دون شك ان استشهاد الرئيس الحريري مثّل مرحلة فاصلة ليس في تيار المستقبل فقط انما في تاريخ لبنان الحديث وما حدث في 14 فبراير 2005 يوم استشهاد الرئيس الحريري خلق وعيا لدى الناس بحيث تصالحوا مع انفسهم ومع الرئيس الشهيد، علما ان عددا كبيرا من الناس لم يكن مدركا لاهمية الرئيس الحريري ولكن عندما استشهد احسوا بخسارته التي اثرت بكل شيء في السياسة اللبنانية، ،والشيء نفسه حدث لتيار المستقبل فالخوف الذي كان يعتري الناس ويؤثر عليهم سلبا لجهة انتمائهم لتيار المستقبل في ظل الوجود السوري في لبنان زال، وهذا حصل قبل الانسحاب السوري في لبنان حيث انتفض الناس بعدما شاهدوا هول الجريمة وانتفضت الجماهير التي اعتبرت انها باستشهاد الرئيس الحريري خسرت كل شيء ولم يبق لديها شيء لتخسره، وهذا في النهاية انعكس ايجابا على مصالحهم.
وبالنسبة لتيار المستقبل في الوقت الحالي، فلا شك ان الانقسام الذي يعيشه البلد حاد وكبير وهو ما يجعل بعض الاطراف لا تسمع للاطراف الأخرى، فالناس عندما يقرأون جريدة واحدة ويشاهدون محطة تلفزيونية واحدة يصدقون كل ما يسمعون وهم لا يستعملون عقولهم لتحليل الاخبار ومناقشتها وهذا كله سببه الانقسام ا لحاد.
ولكن انا متأكد ان الناس لو عادوا واستعملوا عقولهم واصبحوا يسمعون للطرف الآخر ليس للاقتناع بل للتفكير فيه اذا كان خطأ أو صواباً، وقتها سيتغير الوضع كثيرا ولن يبقى الانقسام كما هو عليه الآن.
ومن الصعب ان تسمع لأحد يتهم بأنه عميل اسرائيلي... فهذا خط أحمر.
وكتيار مستقبل او 14 مارس عندما نتهم باننا عملاء لاسرائيل نعتبر الامر مهيناً لنا بقدر ما هو مهين لقائله، ولكن للجمهور الذي أصبح مغلقا يمكن ان يصدق مثل هذا الامر ويقتنع به.
الانحطاط في الخطاب ليس له مبرراته انما له أسبابه، وفي الحقيقة اذا كان «القدوة» منحطا في خطابه فهذا يولد انفجارات لدى الناس ولكن هل اعود واكرر هل يوجد أقسى وأصعب من التخوين؟!، لقد مرت على لبنان منذ 14 مارس 2005 محطات كثيرة، ونحن كتيار مستقبل قمنا بجهود مضنية للوصول الى نتائج توافقية في البلد وآخرها التوافق على قائد الجيش العماد ميشال سليمان ليكون رئيسا للجمهورية، والقبول بالمبادرة العربية في حين لم نر حلا من الطرف الآخر.
• كيف تنظر الى المشهد السياسي اللبناني وهل برأيك هناك من أفق قريب للحل؟
- لدينا في لبنان الآن مبادرة وزراء الخارجية العرب التي وافق عليها العرب جميعا وهي تدعو أولا الى انتخاب رئيس للجمهورية وطالما اننا اتفقنا على اسم رئيس الجمهورية لماذا لا ننتخبه؟!
وبعد انتخاب الرئيس يأتي تشكيل الحكومة حيث لا تحظى الاكثرية (النصف + 1) ولا الأقلية (الثلث + 1) ومن ثم الاتفاق على قانون الانتخاب.
ولكن من يكلف الحكومة هو مجلس النواب، ومن يعطي الثقة للحكومة هو المجلس، كما ان البرلمان يملك صلاحية اقرار قانون الانتخابات، وهل سنقوم بكل هذا في ظل الخلاف الحاصل وتجربتنا السابقة في «طاولة الحوار» مع قادة البلد لم يطبق منها شيء حتى اليوم؟!!
لبنان لن يصبح أبداً بلد الحزب الواحد ولا يمكن ان يحدث هذا لأن فيه تعددية حزبية وتعددية طائفية وغيرها... ولكن يجب ان نكون متفقين على الحد الأدنى من مقومات الدولة، وعلى الأكثرية احترام رأي الأقلية ضمن حدود وعلى الاقلية ايضاً احترام رأي الأكثرية ضمن حدود.
صحيح ان الديموقراطية تقوم على حكم الأكثرية ولكن للبنان خصوصيته ولكن ليس لدرجة ان تتحكم الاقلية برغبة الأكثرية في كل شيء ولا العكس، ولكن في النهاية يجب ان يكون هناك أمور متفق عليها ويجب ان يعلم الناس ان البلد للجميع وليس لشخص دون سواه.
• يقال ان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ليس لديه مشكلة في الاتفاق مع قوى «8 مارس» بينما المشكلة عند حلفائه!! ما رأيك؟؟
- 14 مارس مجموعة من التكتلات الحزبية والمفكرين وجموع الناس الذين شاركوا في التظاهرات ولهم اراؤهم وافكارهم. وقوى «14 مارس» بما فيها تيار المستقبل ليس لديها مشكلة بايجاد اتفاق جدي وصريح مع قوى «8 مارس»، لأنه في النهاية لا يستطيع اي من الفريقين التصرف وكأنه الوحيد في البلد، ويجب ايجاد قاسم مشترك نتفق عليه.
وتيار المستقبل في الفترة السابقة كان يجري لقاءات مستمرة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقبل ذلك كان هناك «طلبات» للقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولكن لم نتلق ردوداً ايجابية وغيرها من الأمور التي سعينا فيها من أجل التوافق الداخلي.
ولكن لماذا عليّ اعتبار التوافق دائما «س.س» (سورياً - سعودياً) كما يقول الرئيس بري ولماذا لا أتوجه لاعتباره «ل. ل» (لبنانياً - لبنانياً) كما يقول النائب سعد الحريري؟ لماذا طلب اتفاق العرب على الموضوع اللبناني، قبل اتفاق اللبنانيين فيما بينهم؟!
وما نراه اننا كلما قدمنا تنازلاً تعتبره «الأقلية» تحصيل حاصل وتطالب بالمزيد، مع ان الرئيس نبيه بري كان قد اعلن في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في 31 اغسطس ان المعارضة الغت المطالبة بـ «الثلث الضامن» داعياً للاتفاق على رئيس للجمهورية توافقي، وبعدها تم الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية بدعم من جميع العرب.
ومن الذي أخل بالاتفاق؟!
• كيف تنظر إلى قمة دمشق والنتائج التي خرجت بها؟
- قمة دمشق يجب ان يليها مباشرة وسريعاً قمة استثنائية من أجل لبنان تبحث في الملف اللبناني فقط، لأنه للأسف العديد من القمم السابقة خرجت بقرارات لم تنفذ، نحن في لبنان نريد قراراً ينفذ، فلماذا لا نبحث بقمة استثنائية جميع العلاقات بين لبنان وسورية وتخفيف وطأة التدخل الخارجي في لبنان ولندع جميع الدول العربية للاستماع الينا ولتكن القمة في أرض حيادية وليس في أرض خصم متهم رئيسي في استشهاد الرئيس الحريري، ولنبحث بالمواضيع ونرى ما يُطرح ومتأكد أن جميع الدول العربية ستقتنع بضرورة ايجاد تمثيل ديبلوماسي متبادل على مستوى السفارات بين لبنان وسورية.
في القمة العربية التي عقدت في دمشق كان هناك تأكيد للمحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس الحريري وبعدها نسمع وزير الخارجية السوري يقول إن دمشق رفضت عرضا لمقايضة المحكمة الدولية بانتخاب رئيس للجمهورية، هذا مجرد كلام، وفي النهاية، يجب بحث اشياء كثيرة ضمن البيت العربي، وإذا أرادت الدول العربية حل المشكلة اللبنانية فلا بد من عقد قمة استثنائية سريعة.
• هل هذا يعني ان عدم مشاركة لبنان في قمة دمشق لم يؤثر سلبا ولا ايجابا في الوضع اللبناني؟
- بالطبع، لانه لم يكن ليوجد حل في قمة دمشق كون الضغوطات لايجاد حل سابق وانتخاب رئيس للجمهورية بمساهمة سورية من خلال الايعاز لحلفائها في لبنان لم يسفر عنه أي نتائج تذكر، فكيف نقتنع ان جدول أعمال في «يوم ونصف» معروف... ضمن بيان ختامي معروف، ان الوضع سيتغير! ولو وجدت أي بوادر خير لم نكن لنفوت الفرصة بل كنا شاركنا فيها، وهو أسف بالطبع ان يكون لبنان دولة المواجهة الوحيدة ودولة الصمود الوحيدة في العالم العربي مقاطعاً للقمة.
• هل من الممكن أن نرى نادر النقيب في انتخابات المجلس النيابي المقبل؟
- أولا لننتظر ونرى اذا وجدت انتخابات، ثم اني لا أعتقد ذلك والموضوع سابق لأوانه. كما اني مسرور جدا في مهام عملي بالملف الاغترابي وأنا في فترة تأسيس أهم من أي منصب آخر ويمكن للأيام أن تغير هذا لكن الآن الأمر غير وارد.
• هل هناك من مشاريع أو اقتراحات اغترابية تخططون للقيام بها؟
- أولا، نحن نعمل للمغتربين بغض النظر اذا كانوا مع تيار المستقبل أو حلفائه، وهناك هموم مشتركة لدى المغتربين من خلال خدمات السفارات وقوانين الجنسية والانتخاب وأشياء أخرى مهمة... واذا سنت الدولة قوانين بهذه الأشياء سيستفيد منها جميع اللبنانيين المغتربين، وبغض النظر عن التواصل مع أعضاء التيار والحلفاء في الخارج فإني أعتقد ان المشاريع وما يحقق سيفيد جميع المغتربين اللبنانيين.
ومن جهة أخرى، في حال عودة الاستقرار للبنان وعودة المستثمرين المغتربين فإن هذه الاستثمارات ستساعد على عمل جميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم.