على عكس ما دعا إليه قانون هيئة أسواق المال

بعض أنشطة «المقاصة» تكشف تعارضاً للمصالح !

تصغير
تكبير
| كتب علاء السمان |
أصبح ملف توزيع المهام التي تقوم بها الشركة الكويتية للمقاصة على عدد من الجهات، وفقاً لاستراتيجية الـ (post trade) أو إجراءات ما بعد التداول، ضمن الاهتمامات التطويرية الكبرى في سوق الأوراق المالية حالياً، إذ أوشكت «ناسداك او ام اكس» على تحضير ذلك التصور بالتعاون مع فريق البورصة كي يتم تدشينه خلال المرحلة الثالثة من النظام.
وبرز أخيراً تفنيد للدور المقدم من قبل المقاصة ومدى تعارضه مع أعمال التقاص التي تقدم لأكثر من 200 شركة مدرجة الى جانب عشرات الشركات غير المدرجة التي اودعت سجلاتها لدى المقاصة، إذ تزاحم الشركة الكثير من شركات الاستثمار على سبيل المثال في القيام بتلك المهام، فهل للشركة أحقية بصفتها «وكالة مقاصة» حسب القانون رقم 2010/7 ولائحته التنفيذية في القيام بمهام أمين استثمار ومراقب استثمار للصناديق الاستثمارية من عدمه.
ومن المعروف أن نصوص القانون حددت الإجراءات التي يفترض ان تقوم بها المقاصة، بغض النظر عن المجهود «الخارق» الذي قوبل بمكافآت لإدراج اسم الشركة في قانون هيئة أسواق المال منذ البداية. فهناك مواد صريحة وواضحة في ذلك القانون جعلت الخطوط العريضة التي يفترض ان تسير عليها وكالة التقاص اكثر وضوحاً، ومنها مثلاً المادة 48 من القانون 2010/7 والمادة 96 من لائحته التنفيذية اللتين نصتا على «... يقصد بوكالة مقاصة اي كيان يوفر مرفقا يتولى عملية التسوية والتقاص بين متداولي الاوراق المالية فيما يتعلق بالدفع او التسليم او كليهما، ويقوم بتوفير الخدمات الخاصة بذلك، ومنها خدمة ايداع الاوراق المالية ضمن نظام مركزي لحفظ ونقل الملكية».
وألمحت آراء قانونية الى ضرورة إعادة النظر في دور المقاصة، ليس فقط بسبب قرب تدشين إجراءات ما بعد التداول أو الـ (post trade) بل ان مواد القانون رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية حضت على إيضاح مدى حساسية الدور الذي تقدمه الشركة وضرورة تقديم المصلحة العامة على مصلحتها الخاصة، منوهة الى أن المادة 51 من القانون 2010/7 والمادة 99 من اللائحة التنفيذية، قيدتا وكالة المقاصة بالتزامات عدة، ومنها في البند 3 «تغلب المصلحة العامة ومصلحة المتعاملين معها على مصالح الشركة»، وفي حالة قيام وكالة المقاصة بتعاقدات خاصة للقيام بمهام أمانة استثمار ومراقب استثمار للصناديق الاستثمارية، وحيث ان ذلك متعلق بإيراد ومنفعة مادية ستعود على وكالة المقاصة ويمثل مصلحة خاصة بها ستجنيها من وراء ذلك، وما له من أثر سلبي يؤثر على المصلحة العامة، فإن ذلك يضعها في موضع الإخلال بهذا الالتزام.
وقالت إن أعمال ومهام أمانة الاستثمار ومراقب الاستثمار للصناديق الاستثمارية وفقاً لنصوص القانون لا تندرج ضمن أنشطة وكالة المقاصة والمحددة في عمليات التقاص والتسوية والإيداع المركزي للأوراق المالية او المتعلقة بها او المتصلة بها أو بمتطلبات حسن إدارة الوكالة، وذلك ما يجعل في الامر تبايناً واضحاً يتطلب تدخل الجهات الرقابية، خصوصاً وأن تعارض المصالح سيكون جلياً في ظل وجود الحفظ المركزي لدى الشركة ايضاً.
وكان الفصل الرابع من القانون 7 لسنة 2010 قد تضمن شرحاً تفصيلياً لنشاط وكالة المقاصة، إلا ان الفصل الخامس تناول أنشطة الأوراق المالية المنظمة والأشخاص المرخص لهم، ما يشير الى أن نشاط حفظ الأصول المكونة لأنظمة الاستثمار الجماعي (أمانة الاستثمار) يقع ضمن أنشطة الأوراق المالية وبالتالي فهو غير مرتبط بأي مهام لوكالة المقاصة على غرار ما تقوم بها الشركة.
أصوات الشركات المدرجة والمتعاملين تنادي بأهمية فصل المهام لتلك الأنشطة من الناحية التشريعية والاجرائية والعملية، فهل يحق لبورصة أوراق مالية أن تحوز على رخصة وكالة مقاصة أو العكس؟، وهل يحق لبورصة أوراق مالية أو وكالة مقاصة أن تحوز على رخصة وساطة في «شراء الأوراق المالية وبيعها» أو رخصة إدارة المحافظ الاستثمارية أو تأسيس وإدارة أنظمة استثمار جماعي أو وكالة تصنيف ائتماني.
لذا، فإن تبويب وفصل نشاط وكالة المقاصة عن بقية الأنشطة في القانون واللائحة يعني ألا يكون هناك تداخل في المهام والأنشطة وتخصيص وكالة المقاصة بوضع محايد ومستقل عن تلك الأنشطة لتمنحها النزاهة والشفافية وبعدها عن الشبهات في أداء مهام التقاص والتسوية والايداع المركزي.
وضمن السلبيات المرصودة في هذا الشأن أيضاً، ان وكالة المقاصة وعند قيامها بالتعاقد مع مديري الصناديق من شركات الاستثمار أو البنوك لأداء مهام أمانة الاستثمار ومهام مراقب الاستثمار لتلك الصناديق تُنشئ علاقة منفعة مادية لصالح وكالة المقاصة تُحصلها من تلك الصناديق، الأمر الذي ينوه الى تضارب المصالح وعدم الحيادية ويفتح المجال أمام الكثير من الشكوك تجاه دور وكالة المقاصة لانحرافها أثناء تأدية مهمتها المحددة بالقانون 7/ 2010 ولائحته التنفيذية وتأدية مهام أخرى خلافها.
وكان قانون هيئة أسواق المال قد ركز على أن تكون المقاصة بمنأى عن الشبهات، إلا ان هناك أمثلة على تلك الشبهات التي قد تصيب وتمس وكالة المقاصة ما يستدعي توزيع مهامها بشكل فني منظم ينعكس على السوق والقطاعات المرخص لها سواء الشركات المدرجة او الصناديق والمحافظ الاستثمارية الى جانب الأفراد من المتداولين.
وترى اوساط مالية أن مديري الصناديق لهم تعاملات في السوق وتخضع للتسويات، التي تقوم بها وكالة المقاصة وتتابع تنفيذ التزاماتهم وفي حالة عدم الالتزام فإن تلك الجهات تخضع لغرامات ناتجة عن عدم الالتزام وهنا تقع شبهة الانضباطية في تطبيق الإجراءات عليهم من عدمه أو معاملتهم بنفس الإجراءات التي تمت مع بقية المتعاملين، لافتة الى ان تعاملات هؤلاء المديرين مع وكالة المقاصة يؤدي إلى شبهة في عدم حيادية وكالة المقاصة في معاملة تسوياتهم لنظم التسوية المطبقة.
وذكرت أن لدى وكالة المقاصة بصفتها المسؤولة عن التسوية والتقاص والحفظ المركزي من المعلومات عن المتعاملين وتداولاتهم وملكياتهم ما يجب أن يجعلها في منأى عن أي شبهة للاستفادة من تلك المعلومات لصالح أطراف أخرى نتيجة لذلك النوع من التعاقد مع مديري الصناديق والعلاقات التي تُنشئها معهم، إذ انهم في هذه الحالة يصبحون عملاء لها لعمليات أخرى خلاف عمليات التسوية والتقاص التي تستدعي احتكاما دائما.
ورصدت الأوساط المالية رسوماً غير مبررة تفرضها المقاصة دون سند قانوني على حسابات التداول لصناديق الاستثمار تحت مسمى «مصاريف حفظ أسهم» بواقع 0.0625 في المئة من قيمة الأسهم الموجودة بالحساب، واذا ما كان أمين الاستثمار للصندوق هو الشركة الكويتية للمقاصة يتم خصم تلك المصاريف من أتعابها كأمين استثمار وعدم تحميلها للصندوق (وان كانت تبدو ظاهرياً انها محتسبة على الصندوق) وبالتالي يؤدي هذا الى احداث ضغوط على من يتولى ادارة الصناديق الاستثمارية - في مرحلة التأسيس والنظر في اختيار امين الاستثمار من حيث تكلفة خدمة امانة الاستثمار
وقالت «على وجه العموم لا توجد في أي من الأسواق الخليجية والعربية وهي الاقرب إلى السوق الكويتي وكذلك بقية الأسواق العالمية وكالة مقاصة أو مركز ايداع وحفظ مركزي يقوم بمهام أخرى خلاف التقاص والتسوية والحفاظ المركزي، فيما لا تقوم أي منها بمهام أمين استثمار أو مراقب استثمار ولكن يتم فتح حسابات لأمناء الاستثمار لدى وكالة المقاصة لاتمام وإجراء التسويات لعملاء هؤلاء الأمناء مع وكالة المقاصة ولا يستقيم الأمر بأن تكون وكالة المقاصة لها صفة الأمانة لأي من المتعاملين أو بالانابة عنهم».
وتؤكد أن العمل على تدشين «البوست ترايد» من شأنه ان يجعل دور التقاص سواءً للأسهم او المبالغ اكثر دقة ومنفعة للسوق والشركات المدرجة، بل سيجعل المستثمر الاجنبي اكثر انجذاباً لللبورصة الكويتية، فيما سيؤدي الى تحديد مهام كل جهة دون الخروج عنها على غرار أسواق المال الإقليمية والعالمية.
يذكر ان ميزانية تطوير أنظمة التداول بمراحله المختلفة تتضمن نحو 4.5 مليون دينار تم رصدها لإجراءات ما بعد التداول وآليات الربط وتوزيع المهام ما بين المقاصة والبنوك وشركات الوساطة المالية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي