د. وليد التنيب / قبل الجراحة / التربية

تصغير
تكبير
| بقلم الدكتور وليد التنيب |

الذهاب إلى الجمعية قد يكون شيئاً ممتعاً للبعض...

قد يكون أداء واجبا يجب القيام به للبعض...

قد يكون أمرا مملاً وغير محبّب للبعض...

إذا بدأنا كعادتنا، نختلف على موضوع الذهاب إلى الجمعية ومن فينا يجب أن يذهب،

هل الرجل أم المرأة؟!

وقد تكون أنت ممن يحبّذ ذهاب الخادم أو الخادمة!

من هو الشخص المناسب للذهاب إلى الجمعية؟... أمر يصعب حتى على آينشتاين الإجاية عنه مع كذبنا على أنفسنا بأننا مشغولون ولا وقت لدينا وأصبح الكل يتعذر بكثرة الأعمال وازدحام الجدول... وفي الأصل أن الغالبية لا عمل لديهم.

إذاً استمع إلى ما حصل في الجمعية، وقد يكون سبباً لذهابك.

في يوم مغبر وحار من أيامنا المتكررة، قررت الذهاب إلى الجمعية.

كانت الخطة واضحة المعالم، وهي الذهاب لشراء بعض الأغراض المهمة للبيت... مع الالتزام بشراء ما أحتاج فقط.

فعلاً كان الحر والغبار شديدين، ولكنني يجب أن أذهب.

ولا أخفي عليكم أنني قليل الذهاب إلى الجمعية!

دخلت الجمعية وأولى ملاحظاتي كانت أن الغالبية في الجمعية هن النساء مع أولادهن الصغار.

قررت أن أستفيد من هذه التجربة لعلّي أنسى الحرّ والغبار.

يبدو أن متابعة ما تقوم به الأمهات سيكون أمراً مثمراً لي.

سمعت إحدى الأمهات، وهي تنادي ولدها جاسم...

فعلاً، أتى جاسم حاملاً معه ما لذّ وطاب من الحلويات المختلفة، ولكن ردّ الأم كان أن ذكّرت جاسم بالاتفاق الذي تمّ بينهما في البيت، وهو أنه يجب أن يشتري شيئاً واحداً فقط بسعر يبدو أنهما متفقان عليه.

بالفعل ذهب جاسم وأتى بشيء واحد فقط... سَعِدتُ أنا بما شاهدت، ولكن أم جاسم لم تكن كذلك...

ردت أم جاسم على ولدها بأن ما اختاره يكفيه فقط ولا يكفي إخوانه وأخواته... يبدو أنها تعطي الدروس لي وليس لولدها.

بالفعل، أرجع جاسم ما اختاره واختار شيئاً يكفيه هو وأخوته.

ولكن أم جاسم كان لها رأي آخر...

ردت عليه بأن ما اختاره يحبه ويفضّله هو فقط، وأخوته لا يحبونه ولا يفضلونه وأنه يجب أن يختار شيئاً الكل متفّق على حبه.

درس مجاني آخر تعطيه أم جاسم لي!

بالفعل، ذهب جاسم واختار شيئاً يحبه وأخوته.

هنا بدأت أستوعب الدروس التي أعطتنا إياها أم جاسم.

الدرس الأول هو الالتزام بالاتفاق...

الدرس الثاني المشاركة، أي أن أشرك الآخرين معي لتعمّ المنفعة...

الدرس الثالث، عدم الأنانية في اختيار ما نحب نحن فقط، فالآخرون لهم ما يفضّلون أيضاً...

الدرس الرابع، العمل بروح الفريق.

هنا بدأت أتساءل، كيف نجحت أم جاسم ولم تنجح أمنا الكويت؟!

كيف نجحت أم جاسم في جعل ابنها يلتزم، ولم تنجح أمنا الكويت في جعل أبنائها يلتزمون بأعمالهم وأصبح التسيّب في العمل هو الأساس؟!

كيف نجحت أم جاسم بتربية ابنها على روح الفريق والعمل المشترك، ولم تستطع أمنا الكويت فعل ذلك؟!

كيف نجحت أم جاسم في جعل أبنائها يحترمونها، ولم تستطع أمنا الكويت أن تجعلنا مثل أم جاسم وأولادها؟!

كيف نجحت أم جاسم في جعل أبنائها يحبون بعضهم ويحترمون بعضهم، ولم تستطع أمنا الكويت أن تجعلنا مثل جاسم وأمه؟

أسئلة أوجهها لأم جاسم، لعلّي أجد الإجابة لديها، فقد مللنا من المؤتمرات واللجان...

فهل تستطيع أن تساعدني في البحث عن أم جاسم؟!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي