مسؤول بارز في الأكثرية كشف لـ «الراي» البنود الأربعة في ورقة بري: قبلنا «اعلان نيات» لكنهم يريدون أخذنا الى الطاولة لـ ... قلبها

تصغير
تكبير
|بيروت - من ليندا عازار|... حوار «إعلان النيات». عبارة تكاد ان تختصر المشهد اللبناني العالق في «عنق الزجاجة» في ظل الفراغ الرئاسي الذي دخل شهره السادس في 24 ابريل الماضي والـ «لا انتخابات» التي صار حصولها متشابكاً في شق منه مع السباق الرئاسي الاميركي «الحاصل حُكماً» في موعده بعد نحو ستة اشهر، وفي شقه الآخر مع الملفات ـ الألغام التي تتحكم بالمنطقة الواقفة على «فوهة بركان».

انها الطاولة المستديرة التي يصر رئيس البرلمان نبيه بري على اعتبارها «الممر الإلزامي» لانتخاب رئيس الجمهورية بعد التوصل الى «إعلان نيات» بين اقطاب الاكثرية والمعارضة الـ 14 حيال بنديْ حكومة الوحدة الوطنية والقانون الذي سيحكم الانتخابات النيابية صيف 2009 . وهذان الملفان لا تزال زواياهما الحادة بحاجة الى الكثير من «التدوير» قبل ان يكون للطاولة المنصوبة في مقر البرلمان منذ نحو اسبوعين «نصيباً» لتلتئم وتفرج عن الاستحقاق الرئاسي.


فريق «14 مارس» استشعر بـ «فخ» جراء انتقال بري، بعد اقفال الرياض الباب امامه عقب زيارته لدمشق، من اختصار الازمة اللبنانية بعبارة «سين سين» (العلاقة بين سورية والسعودية) و«ارتداده» الى الداخل معيداً الازمة الى قلب «البيت اللبناني». وتبعاً لذلك ربطت الاكثرية اي تجاوب مع الدعوة الى الحوار بـ «تثبيت» 13 مايو الجاري موعداً اخيراً لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفوّضت الى زعيم الغالبية النائب سعد الحريري الحوار مع بري لضمان الانتخاب غير المشروط لقائد الجيش. الا ان رئيس البرلمان اصرّ على معادلة «الطاولة للحوار» و«العماد ميشال عون للتفاوض الثنائي»، ولم يفتح حتى الساعة الباب لاستقبال رئيس «تيار المستقبل».

وفي قراءة متكاملة لخلفيات «حركة بري» والمعوقات التي لا تزال تعترض التوصل الى «اعلان النيات» الذي دخل على خط محاولة تسهيل بلوغه الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ابان زيارته لبيروت، قال مسؤول بارز في الاكثرية لـ «الراي» ان الغالبية قامت بـ «اعلان نيات» صريح اكدت فيه انها مع حكومة وحدة وطنية ومع اعتماد القضاء دائرة انتخابية و«حرص النائب الحريري على اعلان انه مع تجزئة بيروت في اطار تأكيد الاكثرية انها مستعدة لأي حلّ يفضي في الجلسة الرئاسية 19 الى اتمام الاستحقاق المعلق منذ 24 نوفمبر الماضي». وقال: «لكن ما يطرحونه هو ابعد بكثير من مجرد اعلان نيات بل دخول في التفاصيل التي تكمن فيها الشياطين».

وروى القيادي البارز في الغالبية الذي شارك في اجتماعات مع عمرو موسى ان الاخير حمل من الرئيس بري «ورقة الدعوة» او «بيان الدعوة» الى الحوار وتضمنت الآتي:

اولاً: تأكيد دعم المبادرة العربية والتزامها، وتأكيد التوافق على العماد سليمان.

ثانياً: «اعلان النيات» وفيه يلحظ بندين:

1ـ تشكيل حكومة مُطمْئنة.

2ـ اعتماد القضاء كدائرة انتخابية على ان تناقَش التفاصيل على طاولة الحوار».

ويشير القيادي الى ان الدعوة الى طاولة الحوار يريدها الرئيس بري وفق هذه الصيغة «الغامضة» ولكن المكشوفة الاهداف ويقول: «عبارة حكومة مطمئنة مطاطة، وعندما سألنا، ماذا يُقصد بها، كان ردّ بري «على الطاولة تعرفون». اضاف: «اما بالنسبة الى التفاصيل المتعلقة بقانون الانتخاب والقضاء فهذا امر يعني عملياً اغراق الحوار ومحاولة فاضحة لشراء الوقت اقله لستة اشهر».

ويدعو القطب في «14 مارس» في هذا الاطار الى التنبه الى «حركة» اعادة اللجان البرلمانية الى العمل، رابطاً بين هذه الخطوة وبين التوجه الى احالة «تفاصيل» قانون الانتخاب التي ستناقش على طاولة الحوار على اللجان المختصة لمناقشتها ولا سيما ان قانون 1960 كان قائماً على اساس ان مجلس النواب مؤلف من 99 نائباً على قاعدة 54 للمسيحيين و45 للمسلمين، اما اليوم فعدد المقاعد في البرلمان بات 128 يتقاسمهم المسيحيون والمسلمون مناصفة». ويقول: «اي محاولة لتحديث قانون 1960 لجعله يتلاءم مع هذه المتغيرات يحتاج، مع دخول عوامل المصالح الانتخابية وغيرها، الى نقاشات لأشهر، وهذا يريدونه قبل اجراء الانتخابات الرئاسية».

ويشير الى ما ابلغه العماد عون الى موسى من دعوة الى احالة مشروع القانون الذي وضعته الهيئة الوطنية برئاسة فؤاد بطرس للمناقشة على لجنة الادارة والعدل ثم اللجان النيابية المشتركة، واشتراطه الاتفاق على التقسيمات الانتخابية قبل انتخاب الرئيس، ويقول: «هذا اكبر دليل على نيات المعارضة ومن ورائها سورية».

وينطلق القيادي من هذه النقاط ليضع «الاصبع» على جوهر وأساس الخطوة التي قام بها رئيس البرلمان باقتراح «إعلان النيات»، فيقول: «هناك عاملان يشكلان الخلفية الفعلية لتحرك الرئيس بري. الاول سوري ويتصل بـ «الحشرة» التي وجدت دمشق نفسها فيها بعد القمة العربية وتصاعد الضغوط عليها. والثاني داخلي ويتصل تحديداً بالعماد ميشال عون. فبعد انفصال النائب ميشال المر عنه وبروز الحركة الشعبية في عدد من المناطق المسيحية التي تضغط على النواب في اتجاه انتخاب العماد ميشال سليمان، بدا عون منكشفاً في الشارع المسيحي. وتزامن ذلك مع بروز ميل لدى عدد من النواب في كتلته لملاقاة هذا المزاج الشعبي، ولكن عدداً منهم ربط قيامه بمثل هذه الخطوة بوجود قرار فعلي وحاسم لـ «14 مارس» بانتخاب رئيس، وبـ «مصيره» في الانتخابات النيابية المقبلة، بمعنى انه اذا كان سيحرق المراكب مع عون، هل سيجد موقعاً له في لوائح 14 مارس».

يضيف: «في ظلّ هذا الواقع غير المريح، جاءت خطوة الرئيس بري المكشوفة والتي تهدف في شكل رئيسي الى كسب المزيد من الوقت، في انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية التي اعتبر انه بصرف النظر عمن سيفوز فيها فانها لن تُحدث فارقاً في جوهر السياسة الاميركية يتجاوز 5 في المئة في هذا الاتجاه او ذاك».

ولا يغفل هذا القيادي «حاجة» الرئيس بري الى «تعويم» نفسه و«ترميم صورته» ولا سيما بعدما بات «مكشوفاً» في شكل هو الاكبر، عقب الموقف الاول من نوعه بهذه «الصرامة» الذي اعلنه المطران عودة وسرعان ما لاقاه البطريرك صفير بكلام لا يقلّ قسوة.

ويشير الى ان الدعوة الى حوار «اعلان النيات» تزامنت مع «تعميم مقصود» لجوّ ان سورية التي تواجه ضغطاً كبيراً بحاجة الى تقديم رسالة «حسن نية» الى المجتمعيْن العربي والدولي قبل الجولة التي اعلن الرئيس بشار الاسد انه يعتزم القيام بها على «كل الدول العربية» وذلك عبر تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، وانها تريد مخرجاً لـ «حفظ ماء الوجه» هو طاولة الحوار، مع تلويح بأن عدم اقتناص هذه الفرصة يمكن ان يطيح بامكان اتمام الانتخابات الرئاسية قبل انجاز الانتخابات الاميركية».

ولفت الى ان هذا السيناريو «المفخخ» جرى نقله الى بعض الاوساط في «14 مارس» في محاولة اولاً لاحداث شرخ «مستحيل» بين اركان الغالبية ثم لجر الاكثرية الى حوار «بلا ضوابط» ولا ضمانات بغية شراء الوقت والتسويق».

وأشار القطب البارز الى «خطأ كبير» في الحساب يرتكبه الرئيس بري بالتأخر في تحديد موعد لاستقبال النائب الحريري، ويقول: «في ظل «الكوابح» الاقليمية لفتنة سنية ـ شيعية في لبنان من شأن حصولها التمدد الى دول عدة في المنطقة، يأتي تلكؤ رئيس البرلمان عن استقبال الزعيم السني الاول ورئيس اكبر كتلة برلمانية (34 نائباً)، «عكس السير».

ويلفت الى ان هذا «التعاطي غير المحسوب بدقة» يأتي بعد «نمط غير مألوف» برز لدى «حزب الله» وحركة «امل» الشيعيين في التعامل مع رئيس الحكومة السني والنائب الحريري، ويقول: «يجب عدم اغفال ان رئيس «كتلة المستقبل» سبق ان اعلن انه طلب 6 مواعيد للقاء الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله قبل اشهر الا انه جبه بالرفض، من دون اغفال ان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «عزم (دعا) نفسه مرات عدة على فنجان قهوة لدى الرئيس بري الذي لم يتجاوب، ثم يأتي التردد غير المفهوم ولا المبرر في استقبال الحريري».

ويرفض القطب الربط بين قفل بري حتى الساعة الباب امام النائب الحريري وبين عدم فتح الرياض الباب امام رئيس البرلمان ولا امام الرئيس السوري، واضعاًَ عدم استقبال رئيس «المستقبل» في خانة الموقف الرافض من «حزب الله».

وفي حين لا يُسقط من حساب الاكثرية امكان اللجوء الى انتخاب رئيس الجمهورية بأكثرية «اقلّ من الثلثين» في اطار موقف الغالبية الحاسم حيال عدم السماح باستمرار الفراغ الرئاسي، يدعو الى ترقب ما ستحمله جلسة 13 مايو من «دينامية جديدة» على مستوى الحضور النيابي في البرلمان، وقال: «راقِبوا جيداً عدد النواب الذين سيدخلون القاعة العامة، وستجدون انهم ازدادوا (عن عدد نواب الاكثرية) وهذا اول الغيث».

ويختم القيادي البارز في «14 مارس» بالتوقف عند ما اثاره رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عن «مراقبة» حزب الله المدرج رقم 17 في مطار رفيق الحريري الدولي، لافتاً الى «ان هذا المدرج المخصص للطائرات الخاصة، تستخدمه اضافة الى النائبين الحريري وجنبلاط والرئيس السنيورة وأركان آخرين في الغالبية، قوة «اليونيفيل» والشخصيات الرسمية الاجنبية التي تزور لبنان».

ويوضح ان مراقبة هذا المدرج إما تكون لجمع المعلومات عن حركة الشخصيات وإما تحضيراً لشيء ما، لافتاً الى ان مطار بيروت «ساقط عسكرياً» وأمنياً نظراً الى وجوده على تخوم الضاحية الجنوبية (معقل «حزب الله) ويقول: «ربما لهذا سيكون من المفيد اعتماد وتفعيل «مطار طوارئ» او مطار بديل في بيئة آمنة، لم لا يكون مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض (في الشمال)».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي