| د. حسن عبدالله عباس |
نريد الكويت أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، نريدها مركزا تجاريا عالميا، نريدها ونريدها ونريدها. لكن بالتمني لن يتحقق شيء، والله لو تمنينا من اليوم إلى ألف سنة في المستقبل، سنظل مكانك نتمنى على أنقاض الماضي وننظر بحسرة على المستقبل.
آسف، أعتذر وأتدارك وأسحب كلامي السابق، لأقول بأننا نعم نحن متفوقون بلا شك وحققنا أرقاما قياسية! فنحن نحتل المركز الثالث عالميا في معدلات الاصابة بالسكر (د.وليد الضاحي، «الكويتية»، 13/ 03)، ومقارنة بأخواتنا الخليجيات نتأخر عنهن من حيث الشفافية «ونتقدم» عليهن من حيث الفساد («القبس») وترتيبنا العالمي 54 («عالم اليوم»)، وفي التعليم نحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث الصرف والميزانية ولكن 80 دوليا من حيث التحصيل الاكاديمي أو «قبل الأخيرة بين دول العالم» (مجلة المعلم، زاوية «بلا رقابة»)، وفي الهندسة نحن الأوائل عالميا من حيث عدد المهندسين نسبة للسكان (خالد مهدي، «الراي») وبتلاعب 6422 شهادة، وقدمت محطة CNN تقريرا عن أقل الدول اظهاراً لمشاعر الصداقة والمودة والترحيب بالسياح فكان نصيبنا الترتيب الرابع لأقل الدول اظهاراً للمشاعر الودية («الوطن»)، ونحن الأعلى استهلاكاً للمياه عالميا («النهار»)! وهكذا في كل جوانب حياتنا، في الوقت والمال والصحة وساعات العمل والانتاجية والميزانية العامة وخلافه.
نريد أن نتقدم، لكنها تظل وستظل أمنية نحلم بها. لن نتقدم شعرة إلى الأمام إن ظللنا نعمل الشيء نفسه، نفكر بالطريقة نفسها، نسلم القيادة إلى أناس أنفسهم، نتبع السياسة نفسها. كيف نريد التغيير ونحن نعمل الشيء نفسه منذ عشرات السنين. التغيير يتطلب الثورة على الذات والنفس، التغيير يحتاج إلى حركة تختلف عن الماضي وابدال شيء مكان شيء، الشاب بدل الشايب، والمستقبل بدل التراث، والقانون بدل الفوضى، والتكنولوجيا بدل «مع حمد قلم»، والانصاف والعدالة بدل الواسطة، والخصخصة بدل الدولة الريعية. التغيير بحاجة إلى جهد وتعب واصرار وقبول التحدي، فإما كذلك أو دعونا من شعارات التغيير والمركز المالي والتجاري!
hasabba@gmail.com