| ياسمين مرزوق الجويسري |
لو أراد أحدنا أن يعد أخطاءه وزلاته لما استطاع ولو أراد حصر عدد مرات اعترافه بخطئه لكان قريباً من المستطاع، ذاك أن الخطأ وارد الوقوع منا لكوننا غير معصومين وأن الاعتراف به قليل ما يصدر عنا، فنستفسر عن سبب قلة الاعتراف بالخطأ.. وعدم تقديم الاعتذار في حال وجوبه.. وهل في ذلك انتقاص من قدري وشأني أمام الآخرين؟، برأيي وحسب ما أعتقده أن الاعتراف بالخطأ خلقٌ حميد يكاد يكون فضيلة من فضائل الخُلق، بل هو تربية لنا على عدم ارتكاب أخطاء في حق الآخرين مستقبلاً، وفيه راحة للنفوس والضمائر والعقول فضلاً عن تقديم قدوة حسنة وأسوة فاضلة قد يحتذي بها مَن يتأثر بذلك، لم تهتز صورة النبي -عليه الصلاة والسلام- عند المسلمين حين نزلت سورة {عبس وتولى، أن جاءه الأعمى} في الصحابي الضرير عبدالله بن أم مكتوم فكان بعد نزول هذه الآية كلما دخل على النبي في مجلس يُكرَم ويُوَسَّع له في المجلس، ولم يُنتقَص من قيمة الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما حدد مهور النساء بقدر معين فاختلفت معه امرأة في الرأي ثم تراجع عن رأيه وقال (أصابت امرأة وأخطأ عمر)، علاوةً على أن الاعتراف بالخطأ قد يكون حاجة للمخطِئ إن كانت زلته عظيمة ولا تُغتَفر مما يُشعرنا بثقل الذنب وتأنيب الضمير.
إن اعترافي بالخطأ يستلزم شعوري بالذنب أولاً وعلى إثر هذه المشاعر يكون الاعتذار مقدَماً لمن يستحقه، فيرتبط الاعتذار اللفظي بتطبيق عملي يؤكده ويدعّمه ويكون على المدى الطويل في العلاقة ولا يقتصر على زمن قصير بُعَيد الاعتراف.
إن من الخطأ على الخطأ أن يُعيَّن الأشخاص المستحقون للاعتذار منا وأن يُقَيَّد بحسب طبيعة العلاقة بين المخطِئ و المُخطَأ في حقه، لأن الاعتذار يكون واجباً لأي شخص كان وتحت ظل أي علاقة كانت إن تقدّم الخطأ بحقه، فالاعتراف بالخطأ حقٌ على المخطئ لنفسه وتقديم الاعتذار حقٌ للآخر على المخطئ، وما دام في الأمر أداء للحقوق والواجبات فلابد من تقديمها تحت أي ظرف من الظروف.
@jasmine_m_alj
y.m.aljuwaisri@hotmail.com