| خالد طعمة |
في احدى مراجعاتي لمرفق حكومي أجبت على اتصالٍ هاتفي أثناء إخراجي لمركبتي من المواقف وإذا بأحد الأشخاص يحاول تنبيهي بمختلف الوسائل بأنني أقترب منه فأعدت نفسي إلى الموقف حتى أسمح له بالمرور، ولكنه أوقف مركبته خلفي وأخذ يضرب على النافذة ولسوء طالعه لم أكن قد انتهيت من مكالمتي الهاتفية فأخبرته ملوحاً بيدي لكي ينتظر وأنهيت المكالمة، قال لي صارخاً أنت لا تحترمني وتريد قتل الناس هل تعرف أن أحد المحامين توفي وهو ممسك بهذا الجهاز اللعين؟ هل تعرف كم يموت وكم حادث يقف وراءه هذا الجهاز؟، قلت له شكراً على التوضيح وأنا المخطئ ولكنه كرر لي بأنني لا أحترمه ومتكبرٌ عليه فقلت له لك الاحترام والتقدير وانصرف كل منا إلى حال سبيله.
لم تكد تمر دقائق على هذه الحادثة حتى وجدت نفسي في منتصف الطريق المتحرك لأفاجأ بالشخص نفسه مستغرق الحديث بهاتفه ويلوح بيده عالياً ويضحك، من هنا قررت أن أبتعد عن الحارة التي يسلكها لكي أفكر هل اقتنع بعدم جدية كلامه لي أم ندم أم انه أراد أن يقول لي ما قال لرغبته في التشفي من موقفي معه؟، صرفت تفكيري عنه، وتذكرت أن هذه ليست المرة الأولى التي أرى فيها تناقضاً حياً بل أكاد أموت كمداً من كثرتها في حياتي وعلى وجه الخصوص في السياسة.
اليوم عندما أنادي أنا بمبادرة ما قد تحلو للبعض وقد لا تحلو للآخر وقد يأتي شخص غير مقتنع البتة ولكنه يريد مجاملتي فقط، وبالتالي فإن التناقضات لا تنتهي وهي موجودة وبكثرة بل إن كل الاحتمالات متصورة من تصعيدات غير معقولة إلى تصرفات متناقضة معها تماماً اليوم (شُحن) الشارع بشكل غير مسبوق تجاه مجابهة الفساد والوقوف ضد الظلم وهي أمور حميدة، ولكن ألم نتأمل جيداً في مدى عقلانية بعض المطالب التي صنفت على أنها أساسية نعرف بأن بعض مرتادي الأسواق يساومون على الأسعار وبطريقة غير معقولة للوصول إلى مبتغاهم فهم لا يؤمنون بما قالوه بداية المساومة ولا ينتظرون أحداً يذكرهم بها بل يسيرون للاتجاه الذي يريدون وبعد ذلك لا يهمهم رأي البائع بقدر حصولهم على السلعة.
إحدى القضايا المتداولة هي تعديل آلية التصويت من أربعة أصوات إلى الصوت الواحد وبناء تحرك متمثل بالمقاطعة السياسية بل حتى الاجتماعية وبأن حقهم قد أخذ، ألم يتساءل إخواننا المقاطعون بأن نظام الخمس وعشرين دائرة كان يتيح لهم عدداً أكبر في المشاركة من جانب عدد الدوائر الانتخابية الأكثر من الخمس أليس المبدأ واحداً؟
إن عملية البحث مستمرة عن العقول الحُرَّة التي لا تتقيد بقيود وهمية وعن النفوس الشجاعة التي لا تخف من أصداء مواقفها في مسامع الغير وعن الشخوص الثائرة لما تم اغتصابه من حقوق أصيلة لا دخيلة، لنقل رأينا ونتحاور لا أن نقوله لكي نتشاجر.
طريقي وطريقكم واحد لنتحاور ونرتقي في الحوار حتى يستمر معنا وطن النهار والله المستعان.
@khaledtomaa
khaledtoma@hotmail.com