ذكريات الغزو العراقي للكويت ... من مصر

تصغير
تكبير
| اعداد د. أحمد سامح |

 يذكر التاريخ أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر كان موقفها ملتبساً من الغزو العراقي للكويت، في تأييد ودعم صدام حسين، لدرجة أنها أسمته بالمجاهد وحاولت تضليل الشعب المصري**، لكن الرئيس السابق حسني مبارك تصدى لهم ومعه شعب مصر وأفشلوا المخطط وأنقذوا الأمة الإسلامية من أحداث فتنة كبرى خطط لها صدام بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين.

في هذا التقرير نتحدث عن جميع المواقف للتيارات المصرية كافة من الغزو العراقي الغاشم ونعطي كل ذي حق حقه ونذكر مواقف من تضامن مع الكويت ورفض الغزو ودان الاحتلال وعمل على تحرير الكويت من براثن الطاغية، كما نذكر للتاريخ كل من أساء الى الكويت وشعبها وعمل على تمرير الغزو وتمكين صدام من ابتلاع وهضم الكويت ليتوجه الى بقية دول الخليج، ومن بعدها مصر، ويقوم أطراف المؤامرات في مصر بتنفيذ بقية المخطط ويسقطون النظام فيها.

ونتحدث عن دور الأطباء المصريين العاملين في الكويت في حمل قضية الكويت داخل مصر والدفاع عنها بوجه كل من حاول تضليل الرأي العام آنذاك.



وبالعودة بالتاريخ ثانية إلى ماقبل الغزو العراقي وأثنائه وحتى تحرير الكويت سنرى أيادي جماعة الاخوان المسلمين ممتدة في كل تلك المراحل الى داخل الكويت، وعلى سبيل المثال وليس الحصر بعد هزيمة صدام عقدوا مؤتمرا كبيرا في مقر نادي نقابة الاطباء كان يترأسه الامين العام، وكنت وصلت من الكويت للتو واخبرني مدير الجمعية الذي كان في مصر بعد شهور قليلة من الغزو ان الدكتور عبدالله الرشيد يريدني لحضور الاجتماع، وكان ذلك في يوم انعقاد الاجتماع نفسه فوصلت الى المكان وكان شارف على الانتهاء، يومها كان الدكتور سالم نجم وهو من قيادات الاخوان المسلمين يصيغ البيان الختامي ويعيد قراءته بعد كتابته واذا به في احدى فقراته يطلب صرف رواتب المصريين اثناء الغزو اسوة بالأميركيين، وكأني به يدين تصرف حكومة الكويت ويريد تقليب واثارة الرأي العام في مصر المؤيد للكويت، فقلت له نحن الاطباء المصريين ليس لنا الا مطلب واحد وهدف واحد هو تحرير الكويت.

فرد علي نجم وقال: «تعال اقنع من يحضرون الى النقابة وهم يبكون ويصرخون من هذا التمييز بين العاملين في الكويت فالاميركان تصرف رواتبهم والمصريون لا».

قلت له انا على اتصال بجميع الاطباء المصريين ولم يفكر احد في هذا اطلاقاً ولم اوافقه على هذا البيان وانهى الاجتماع وقال انه ارسل الخطاب للصحف.

والحمدلله لم تنشر الصحف المصرية هذا الكلام الذي ارادوا به دق اسفين في العلاقات القوية والمشاعر الصادقة لابناء مصر في الوقوف الى جانب القضية الكويتية العادلة.

وخرجنا من مقر النقابة في دار الحكمة في شارع القصر العيني وعلى الباب قابلنا الدكتور ممدوح جبر رئيس النقابة وكان اول مرة يلتقي برئيس الجمعية دكتور عبدالله الرشيد بعد الغزو الذي كانت تربطه به علاقات اخوية وصداقة حميمة، وقال له الدكتور ممدوح جبر احذر ياعبدالله «دول مع صدام قلباً وقالباً ويريدون استخدامكم لاهدافهم فاحذروهم» فقال له الدكتور عبدالله ان «الدكتور احمد سامح شعر بهذا وقال لي انهم يبدون مع صدام».



علمان للكويت

أزالهما العريان

كنت احضرت علمين للكويت بطول مبنى النقابة على الجانبين من المدخل ويافطة كبيرة عاشت الكويت حرة مستقلة بقيادة شرعيتها الوطنية الشيخ جابر الاحمد وسمو ولي عهده الامين، وفي اليوم الثاني حضرت ولم أجد العلمين ولا اليافطة فسألت العاملين عمن أمر بأزالتهما فقالوا ان الدكتور عصام العريان هو الذي امر بذلك فذهبت له وسألته لماذا فعلت هذا فقال نحن ضد عاش وفلان ويحيا فلان وماذا عن الاعلام قال كان لابد ان تعلق اعلام العراق الذين يريدون تدميره بجانب اعلام الكويت، فتأكدت أنهم «يخشون ان يصل إلى علم صدام ان اعلام الكويت علقت على مبنى النقابة فيحاسبهم على ذلك».



بداية النهاية بيني

وبين «الإخوان»

وكانت النهاية بيني وبينهم حينما ارسلت تلغرافات من مكتب التلغراف التابع للنقابة في اسفل المبنى للرئيس بوش والرئيس مبارك وخادم الحرمين وامير الكويت نؤيد موقفهم الشريف لهم ونؤيد الشرعية الكويتية ونستعجل يوم التحرير باسم المصريين العاملين في الكويت واغلقوا المقر الموقت وافهموني أنني لا استطيع الحضور ثانيا الى مقر النقابة.

وكان انطلاق عاصفة الصحراء قريباً بعد ان ظنوه بعيداً ودمرت القوات المعتدية من ارض الكويت وتحررت الكويت «لكن اللي اختشوا ماتوا» عقدوا مؤتمرا كبيرا في مقر نادي نقابة الاطباء خلف مبنى النقابة».

ذات يوم ذهبت أنا ورئيس القسم الطبي في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية في ذلك الوقت الدكتور مبارك الدوب رئيس القسم الطبي في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية إلى مكتب الأمين العام في نقابة الأطباء المصرية بدار الحكمة في شارع القصر العيني لاستخراج تصريح مزاولة المهنة للدكتور مبارك الدوب لأن وزارة الصحة المصرية طلبت شهادات بكالوريوس الطب وغيرها من الأوراق الرسمية التي لم تتوافر بسبب الاحتلال الصدامي بعد الغزو الغاشم.

ونحن ننتظر في مكتب الأمين العام وجدنا شابا يبدو من ملابسه أنه يعمل نقاشا، صحيح أن العمل شرف لكن أن يكون مكتب الأمين العام مقرا للعمل السياسي لجماعة الإخوان فهذا استغلال لمقر نقابة الأطباء وامكاناتها وتعطيل لمصالح الأطباء، ونحن ننتظر قدوم الأمين العام، عرف هذا الشاب الملتحي اننا من الكويت وأن الدكتور مبارك الدوب - كويتي الجنسية، فقال بالحرف الواحد الكويت تستحق الذي حدث لها.

وحدث في أحد المؤتمرات بنادي نقابة الأطباء الكلام نفسه عندما عقد مؤتمر حُشد فيه قيادات الإخوان وهم ليسوا أطباء لكنهم أعضاء الجماعة جاؤوا لنصرة صدام حسين لتمرير الغزو واقناع المصريين بموقف صدام والتشكيك في عدالة القضية الكويتية وجعل القضية هي تواجد القوات الأميركية على أرض المملكة العربية السعودية الشقيقة ومشاركة نظام مبارك العميل في عاصفة الصحراء.

فصعد عضو من الجماعة وقال الكلام نفسه الذي سمعناه في مكتب الأمين العام عن الكويت وشعبها واندفعنا أنا والدكتور معز أمين الذي كان يعمل في الكويت ولايزال يعمل في مركز العمرية الصحي لنرد غيبة شعب الكويت ونصحح الزور وشهادة الزور التي تكررت في مناسبات عدة وكان الدكتور معز أمين ملتحيا، ورفضوا اعطائي الكلمة والصعود إلى المنصة وسمحوا لزميل الطبيب ظناً منهم أنه من جماعتهم فدافع دفاعا قويا عن الكويت وعن شعبها بحماس شديد وبصوت يقويه الإيمان والثقة بأن كل ما قيل افتراء وظلم وبهتان فكان انزاله من على المنصة بالقوة والعنف فصحت بأعلى صوتي موجها كلامي للمنصة التي كان عليها الأمين العام الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور النقابي كبير السن الدكتور عبدالفتاح شوقي انكم تتحملون المسؤولية أمام الله عن تضليل هذا الشباب بهذا الكذب والافتراء انتم ذهبتم إلى الكويت والتقيت معكم في بنغلاديش والسودان لإغاثة هذه الشعوب عندما نكبتها الفيضانات وتعلمون الخير الذي يصل إلى افريقيا وآسيا من أهل الكويت وحكومتها، فرد الدكتور عبدالفتاح شوقي «في الحقيقة هم فيهم أناس خيرون».



لا غزو الكويت ولاتدمير العراق

وفي المكان نفسه عقد مؤتمر كبير لجماعة الاخوان في نادي نقابة الأطباء قبل ذلك المؤتمر أثناء بداية الغزو الغاشم تحت عنوان مزدوج الأهداف كعادتهم «لا غزو الكويت ولا تدمير العراق» يرفضون غزو الكويت ويرفضون تحريرها في آن واحد».

في هذا المؤتمر قبل بدء عاصفة الصحراء ذهبت أنا والأطباء المصريون في الكويت وأصدقائي من حي الحسين وأهلي واخوتي وأخذنا باصا كبيرا وحملنا أعلام الكويت وأعلام مصر وذهبنا إلى مقر النقابة وكنا منظمين ومعنا منشور نوزعه على المارة في السيارات والاتوبيسات في شارع القصر العيني نؤيد فيه ارسال الرئيس مبارك للقوات المسلحة المصرية للمشاركة في عاصفة الصحراء ونؤيد الشرعية الكويتية وندين الغزو الغاشم، وسيطرنا على شارع القصر العيني وهم داخل نادي النقابة تمنعهم الدولة من الخروج الى الشارع فجن جنونهم.

تأييد الإخوان وحزب العمل الإسلامي لصدام

عندما غادرت الكويت بعد حوالي ثلاثة اشهر درست الوضع في مصر ولم يخطر ببالي ان يقف الاخوان مؤيدين للغزو الصدامي لدولة الكويت فتوجهت الى مقر حزب العمل الاسلامي لانه له جريدة «الشعب» تؤيد صدام وافعاله بكل غباء وعدم الاحساس بالمسؤولين وقابلت امين التنظيم وقلت له نحن مجموعة من الاطباء المصريين نريد توضيح بعض الحقائق لاخواننا المصريين في الحزب لان الرؤية تبدو غير واضحة لهم وهذا حقهم علينا فمتابعتي للجريدة ارى اشياء تنشر غير صحيحة على الاطلاق فقال ان رئيس الحزب ابراهيم شكري خارج البلاد وعندما يحضر سنتصل بكم لتحضروا لمقابلته.

وعلمت من جريدة الحزب «الشعب» ان رئيس الحزب وصل من بغداد بعد حضوره مؤتمر الحركات والمنظمات الاسلامية الذي دعاهم صدام الى بغداد واعلنت الجريدة ان رئيس حزب العمل الاسلامي سيلقي خطاباً في هذا المؤتمر... ذهبنا نحن الاطباء المصريين العاملين بالكويت وكانت قاعة المؤتمرات مليئة بشباب وكوادر الاسلام السياسي من كل التيارات.

ماذا قال ابراهيم شكري قال إن صدام يعيد مجد الخلفاء الراشدين ويمشي في الاسواق دون حراسة يحميه الله والشعب العراقي لكن انت يا مبارك تحميك المخابرات الاميركية وليس المخابرات المصرية، واخذ يمدح صدام.

وفي كل مؤتمرات نقابة الاطباء ومقار حزب العمل الاسلامي هتاف واحد «بالكيماوي يا صدام من العبدلي للدمام حسني مبارك ياجبان ياعميل الاميركان» وبعد أن انهى زعيم الحزب العائد من العراق المتحمس لصدام ومؤمن به خليفة للمسلمين خطابه علمت وحاولت شرح ما يحدث في الكويت من قوات الاحتلال واذا بالحاضرين من كوادر التيارات الاسلامية السياسية يسبوننا بعد ان حاول الاطباء المصريون شرح وتوضيح ما يحدث في الكويت فاتهموا بالعمالة وبأننا قبضنا بالدولارات من الكويت وقالوا ريحتكم تفوح منها رائحة البترول وكان حديثهم في منتهى الاسفاف.



أشك في وطنيتهم

أعلنت نقابة الأطباء في جميع الجرائد المصرية بإعلان مدفوع الأجر من أموال نقابة الأخبار بتنظيم حملة للتبرع بالدم لصالح القوات العراقية وكعادتهم جاء في الإعلان انهم مجاهدون ويجب مساندتهم بما يملك المسلمون من التبرع بالدم لتمكينهم من الصمود في وجه الغزو والعدوان الصليبي الأميركي الصهيوني، وذهبت إلى مكتب الأمين العام أطلب منهم بأننا سننظم حملة للتبرع بالدم للقوات المسلحة المصرية في المملكة العربية السعودية وسيكون مقرها نقابة الأطباء، فثار وقال «اللي أرسلهم يجبلهم الدم اللي أرسلهم لحتفهم مسؤول عنهم».

قلت لهم انهم مصريون ويدافعون عن الحق وعن الشرعية وهذا هو قدر مصر وهم وجنودها في رباط إلى يوم القيامة، فزاد غضبا ورفض تنظيم الحملة أو حتى الإعلان عنها.

وكنت أذهب كل يوم ولم يحضر مصري واحد للتبرع بالدم للقوات العراقية ولكن يستمر نشر الإعلان مدفوع الأجر كي يبينوا نظام صدام انهم ينفذون الجزء المنوط بهم في المؤامرة.



الوزير العصيمي في جامعة القاهرة يرد كيدهم ويكتسب تأييد الحضور

اتضحت المؤامرة الصدامية - الإخوانية الكبرى على الأمة الإسلامية والعربية واستغلوا الإسلام لتمرير هذا المخطط الإجرامي وخداع المسلمين وتصوير صدام وزبانيته بأنهم مجاهدون.

ومن مثال ذلك الربط بين الغزو الغاشم والقضية الفلسطينية الذي أعلنوه لافشال مؤتمر نظمته جامعة القاهرة لشرح قضية الاحتلال الغاشم للكويت ضمن نشاط واهتمام المصريين الشرفاء وهم غالبية لتوضيح المخطط الصدامي وخطورته على الأمة الإسلامية وعلى العالم العربي.

فأجاد الوزير مشاري العصيمي في شرح قضية الاحتلال الغاشم واكتسب تأييد كثيرين ممن كانوا في القاعة في جامعة القاهرة.

وعندما ساء ذلك عناصر قيادات الإخوان الطلابية وبعض الناصريين الذين يتحالفون مع الإخوان قام أحد قيادات الطلبة الإخوانية في نهاية الحديث عند فتح باب النقاش.

وقال «لماذا هذا الحشد السريع للقوات المسلحة في المملكة العربية السعودية في عاصفة الصحراء وكانت هذه المرحلة قبل بدء حرب التحرير تسمى جمل الصحراء ولماذا اسرع النظام المصري بارسال القوات المصرية المسلحة الى المملكة العربية السعودية، ان الدم المصري اغلى من ان يراق في سبيل الدنانير الكويتية والدولارات الاميركية، فصفق الاخوان والناصريون الحاضرون بحماس وهتاف وينظر السائل يميناً ويساراً ليرى هل قلب الطاولة على رؤوس الجالسين على المنصة وعلى الضيف الكويتي ثم جلس مبتسماً سعيداً يظن انه انتصر للجماعة وافشل الندوة وجعلها مكسباً لصدام حسين وضرباً وافشالا لحماس المصريين الشرفاء لتحرير الكويت.

لكن الله جعل كيدهم في نحورهم وانبرى الوزير مشاري العصيمي وقال «ان هذا قدر مصر ان تبذل الدم غالياً زكياً «ولم يقل يراق» وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم «ستفتح لكم مصر من بعدي فاتخذوا منها جنداً كثيفاً وهم واهلهم في رباط الى يوم القيامة».

وتابع فقال مصر حررت الشرق العربي من الصليبيين بقيادة صلاح الدين الايوبي وبرباط جنودها الذي وصفهم الرسول بأنهم خير اجناد الله على الارض.

واستطرد قائلاً مصر هي التي كسرت شوكة التتار المغولي وانتصرت عليهم وهم كادوا يحتلون العالم بقيادة الحاكم قطز والقائد الظاهر بيبرس وبذل الدم المصري غالياً في سبيل نصرة الاسلام والعرب.

والدم المصري بذل غالياً من اجل القضية الفلسطينية في اربع حروب حتى انتصرت معه بدم ابنائها الزكي وعبرت بالأمة العربية من الهزيمة والعار الى النصر والفخار ولقد كان لابناء الكويت الشرف بأنهم استشهدوا على ارض الكنانة مع خير اجناد الله على الأرض.

فاستعاد الوزير العصيمي تأييد الطلاب الحضور من غير التنظيمات السرية الاخوانية والناصرية السرية الطليعية.



وطلاب الأزهر يؤيدون تحرير الكويت بحماس

التقيت مع قيادات اتحاد طلاب جامعة الأزهر بقيادة الأمين العام لاتحاد طلاب الازهر عبدالناصر عوض وكان لقب الرئيس الذي كان على زمن اتحاداتنا الطلابية قد تغير المسمى الى امين عام الاتحاد وشرحت له القضية الكويتية والغزو العراقي الغاشم وشرحت له ما لقيت من جماعة الإخوان المسلمين من عداوة للقضية الكويتية والسياسة المصرية التي تقف إلى جانب الحق الكويتي والشرعية الكويتية وتعمل مع أشقائها العرب والمسلمين من أجل رد العدوان وانسحاب القوات الغازية العراقية من الكويت.

ولقد أثلجني ما سمعت من الأمين العام عبدالناصر عوض «وهو الآن يعمل بدولة الكويت منذ التحرير» فطمأني بأن الأزهر ليس بين طلابه إخوان مسلمون.

تفهمت ذلك لأن الجماعات الإسلامية والدينية انتشرت منذ أوائل السبعينات في جميع الجامعات وهم نواة حركة الإخوان المسلمين وكانت تعمل تحت اسم الجماعات الإسلامية والدينية.

مرجع ذلك أن طلاب الأزهر يفهمون بوعي دينهم الإسلامي وهم مستنيرون بدراسة الفقه الإسلامي والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي وعلوم التوحيد والعقيدة والدعوة الإسلامية.

طلاب الأزهر لا ينخدعون بالشعارات ويكتشفون زور المواقف التي تدعي الإسلام فهم لا يقرأون كتابا أو حضروا محاضرة ثم اعلنوا أنفسهم امراء جماعات بل نشأوا على الفهم الموسوعي لذلك الدين العظيم بحضاراته وإنسانيته ويحاولون التحلي بأخلاق رسولهم الكريم صاحب الخلق العظيم.



منشور غطى مصر يبشر بتحرير الكويت

كان لابد من تنظيم فعاليات وأنشطة لترجمة تأييد طلبة الأزهر وحماسة لتحرير الكويت.

فذهبنا إلى منزل زعيم طلابي أزهري من أجيالنا والاتحادات التي سبقتنا الأستاذ سعيد عبدالمقصود نايل في مدينة البدرشين في محافظة الجيزة وحاولت الاستفادة من خبرته وكنت أسمع عنه كثيراً وعن قدراته القيادية وامكاناته الفكرية وصاحب تاريخ مشرف في الحركة الطلابية التقيت به أثناء عملي في مركز الفروانية الصحي قبل الغزو ووجدته مازال صاحب علاقات واسعة مع أبناء الجالية المصرية والاشقاء الكويتيين وصارت صداقة وهي المرة الأولى التي التقيت بها معه وكذلك القيادة الطلابية حلمي نهنوش المعروف لكل الأجيال.

وفي منزل الأستاذ سعيد نايل وأمين عام اتحاد طلاب جامعة الأزهر تم تصميم أروع بوستر بذكاء وفهم لمكانة القضية الكويتية وعدالتها والثقة من نصر الله سبحانه وتعالى.

وتولى الصديق الإعلامي المعروف الأستاذ محمود حربي طبع هذا المنشور بتصميم الأستاذ سعيد نايل وأمين اتحاد طلاب الأزهر بكميات غطت انحاء الكنانة في جميع شوارعها وميادينها.

ومن ضمن الفعاليات قمنا باقامة بوابات كبيرة عليها يافطات تأييد للشرعية وعودة الحق الكويتي وتأييد لموقف الرئيس محمد حسني مبارك المشرف والعادل.

وكانت هذه اليافطات والشعارات تحمل اسم اتحاد طلاب الأزهر والمصريين العاملين في الكويت والحزب الوطني بحي الحسين.

امتلأت بعد ذلك شوارع وميادين القاهرة ببوابات ويفط تؤيد الرئيس مبارك في موقفه من الغزو العراقي الغاشم وارسال القوات المسلحة المصرية إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة.

ووضعنا بوابة كبيرة أمام المدخل إلى ميدان الحسين وإلى ميدان الأزهر في المثلث الذي تتصدره إدارة الأزهر وكانت يافطة على بوابة كبيرة تؤيد هذه الجهات الثلاث المشارك الرئيس مبارك في موقفه الحازم من الغزو العراقي الغاشم وتؤيد عودة الشرعية الكويتية بقيادة أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح وسمو ولي عهده الشيخ سعد العبدالله.

تحت هذه اليافطة التي وضعت على البوابة الكبيرة وضعت مصلحة الاستعلامات صورة للرئيس مبارك.

وسبحان الله كنت ذاهبا الى مسجد مولانا الامام الحسين رضي الله عنه وصادفني موكب الرئيس مبارك ليحضر احتفال وزارة الاوقاف بذكرى الاسراء والمعراج فتوقف بسيارته امام هذه البوابة وقرأ اليافطة وابتسم وفرح من هذا التأييد الشعبي لموقفه فزاده ثقة وايماناً بأن تحرير الكويت هو هدف وأمل كل مصري شريف.



من على حق مبارك أم الإخوان؟

وتشاء قدرة المولى عز وجل أن تثبت من على حق مبارك أم جماعة الإخوان ومن الصادق، ومن الكاذب، ومن المسلم، ومن الكافر، فقد استعاد الرئيس مبارك هذا الحدث التاريخي قبلهم وقال وهو يدعو لقمة عربية وفي خطاباته الكثيرة التي تدين الغزو وتعمل على انقاذ الأمة العربية من احداث فتنة كبرى لا تبقي ولا تذر بعد أن رأى مواقف اسلامية تجمل الغزو وتتآمر لتمريره وتعمل على منع التصدي له وتمكينه من ابتلاع وهضم الكويت ثم التوجه إلى المملكة العربية السعودية وإلى الإمارات ومن ثم يصل بقواته إلى حدود مصر ويتولوا هم بقية المخطط على أرض الكنانة.

قال الرئيس مبارك هذه أخطر فترة في تاريخ العرب والمسلمين فعلينا أن نلتقي اليوم قبل غد بل الآن لانقاذ الأمة الاسلامية من خطر داهم لم تمر به منذ أحداث الفتنة الكبرى.

هم استعاروا أحداث الفتنة الكبرى لتمرير الغزو وابتلاع وهضم الكويت والتوجه إلى بقية دول الخليج والوصول لحدود مصر.

والرئيس مبارك استعارها لحشد الأمة العربية والاسلامية لمواجهة هذا الخطر المدمر الداهم حيث اختلطت المواقف بين المسلمين الذين يدعون بأنهم حركات اسلامية ويؤيدون بشراسة الغزو أكثر من حزب البعث العراقي.

حقا انها فتنة بلد اسلامي هو الكويت أعطى للاسلام والعروبة الكثير والكثير ابتغاء مرضاة الله ومساعدة الشعوب الإسلامية والعربية في تخطي الصعاب والأزمات سواء طبيعية كالفيضانات والزلازل أو بفعل احتلال كالقضية الفلسطينية، بلد اسلامي معطاء مسالم يساعد الشعوب لا يريدون منهم جزاء ولا شكورا يتآمرون عليه ويساندون من يصدر السلاح ويدعم بأموال الشعب العراقي الانقلابات والتمردات ويقود غزو اجرامي أعده له بشراء ذمم قيادات وخداع أخرى وتضليل من كنا نعتقد انهم قيادات اسلامية.

ولم تعرف مصر الكنانة المليونيات إلا مع الغزو العراقي الغاشم فسيروا مليونياتهم التي لا تأتي إلا بالخراب داعين إلى الجهاد في العراق تأييداً ودعما لصدام اشرس بكثير من دعم حزب البعث لزعيمه.

منذ اللحظة الأولى للغزو وهم يقومون بدورهم في المخطط والمؤامرات فربطوا بين غزو الكويت وتحرير القدس وأقاموا المؤتمرات والندوات وسيروا المليونيات الخائبة التي لا تأتي إلا بالشر.



موقفهم وموقف مبارك

زار الرئيس مبارك العراق أثناء افتعال صدام حسين للمشاكل مع الكويت لتبرير العدوان والغزو المتفق عليه مع الجماعات الإسلامية المضللة ومع المؤجرين الذين أغدق عليهم صدام حسين من أموال الشعب العراقي.

فطلب الرئيس مبارك من صدام تهدئة الجو الذي ينذر بالحرب وأعلن له أنه اذا دخل الكويت فسيكون لمصر موقف آخر فطمأنه صدام حسين بأنه لن يدخل الكويت.

وعندما غادر الرئيس مبارك العراق بطائرته أعلن وزير خارجية العراق طارق عزيز ان المحادثات بين الرئيس تناولت القضايا المشتركة ولم يتناول الوضع بين الكويت والعراق.

وصلت هذه البرقية من وكالات الأنباء إلى طائرة الرئيس وهي آتية إلى الكويت فتعجب الرئيس مبارك من كلام وزير خارجية العراق وانتابه الشك في وعد صدام بعدم دخول الكويت.

وبعد أيام قليلة ايقظوا مبارك الساعة الثالثة صباحا وأخبروه مع اختلاف (التوقيت بين الدول) بأن صدام دخل الكويت، فقال شعرت بأن خنجرا رشق في ظهري بينما اعتبروه قيادات جماعات الإسلام السياسي بدء تحرير القدس.



مبارك عايش هم الشعب الكويتي

وبعد انتصار قوات التحالف ودحر العدوان العراقي وتحرير الكويت واعادة الشرعية الكويتية خطب الرئيس مبارك اول خطاب له بعد تحرير الكويت وكانت خطابات الرئيس مبارك من ادوات الصمود والمقاومة الكويتية اثناء فترة الاحتلال الغاشم.

فقد اخذ بعد تحرير الكويت الزميل علي اشكناني في مركز الرميثية الصحي بأن اهل الكويت والمقاومة الكويتية تخبر بعضها بعضا بمواعيد خطب الرئيس مبارك وانهم يضعون شفرة بمواعيد الخطابات خوفاً من ان يكون العراقيون يتنصتون على المكالمات التلفونية كانت خطب مبارك من ضمن ادوات المقاومة السرية ضد الاحتلال العراقي الاجرامي الذي لا يرحم حتى الشعب العراقي.

كانوا يفرحون ويحدوهم الامل بهذه الخطابات بأن الكويت ستحرر ولم تضع وستعود الشرعية وان يوم التحرير قريب ولم يخيب المولى عز وجل امل شعب الكويت وتحررت الكويت ودمر الاحتلال وعادت الشرعية.

ماذا جاء في اول خطاب لمبارك بعد التحرير «واتوجه لشعب الكويت مهنئاً بأنه يكفيكم فخراً انه لم يجد متعاونا واحداً بينكم».

كلام لا يقوله الا من عايش هم الشعب الكويتي وعاش احداث القضية بعقله وفكره وقلبه فهو يقول للعالم ان الذي مرر الكويت ليس قوات التحالف بل هو صمود الشعب الكويتي وتمسكه بالشرعية فلم يتعاون مواطن كويتي واحد مع صدام ومع الغزو رغم شراسة واجرام الاحتلال لقد كشف مبارك في خطابه هذا عن سر تحرير الكويت وهو محور اهلها وعدم تعاون هم مع الغزو شيء رائع فريد مشرف لم يجد في شعب الكويت متعاونا واحداً وبعد نظر ونظرة عميقة من مبارك الذي عايش الهم الكويتي واحداث اصعب فترة في تاريخ حكمه بل في تاريخ العرب والمسلمين منذ احداث الفتنة الكبرى التي اختلطت فيها المواقف حيث وقعت قيادات اسلامية الى جانب المعتدي الغازي ضد دولة مسلمة اعطت بسخاء للأمة العربية والاسلامية ولم تبخل بشيء على امتها بالمال والرجال بالسلاح واستشهد ابناؤها في حرب العرب المجيدة «حرب اكتوبر» وانطلقت من على ارضها الانتفاضة الفلسطينية بدعم الكويت الاعلامي والمادي ووضعت كل امكاناتها لنصرة القضية الفلسطينية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي