نحو ألق ثقافي / لنصنع من الخطأ حضارة!
د. علي العنزي
| د. علي العنزي |
على الرغم من كل الألوان التي زهت بها صور احتفالات شارع الخليج... وبرغم كل التزويق... فقد بدا لي هذا العام، أن العيد الوطني أتى... وثمة ندوب تشوه **وطناً جميلاً وسخياً... وثمة بياض ناصع في السماء... أخذ يوغل أكثر فأكثر في الليل!
تساءلت بصفاء... كيف لنا على الرغم من كل شيء ألا نفقد شحننا؟ ونشحذ قوانا ونتجاوز التمزق، نحو ثقافة فاعلة وقادرة على تقديم رؤى وتصورات للمستقبل؟
لا أظن أني عشت يوما واحداً في حياتي خارج أسوار الوطن؛ فحتى أثناء السنوات الأطول التي قضيتها خارج البلاد (ابان الدراسة) كنت أحس دوما أنني لم أغادر الكويت يوماً واحداً، وكان الوطن يقف بالنسبة لي... كلوحة خلفية وراء كل شيء!
تعلمت في غربتي... انه لا مانع من نقد الوطن بكل أخطائه... ولا مانع من اعادة خلقه... والاحساس بأهمية السيل اللامرئي من تطوره... ولكن فقط من قناة التصميم على الانخراط أكثر فأكثر في سيرورته!
تعلمت أيضاً ان مفاهيم الحرية والتعددية، لها شروطها ومناخاتها التاريخية التي تتموقع ضمنها، كما أنها تحتاج الى ممارسة يومية، ومران طويل، حتى تتحول الى جزء عضوي من تكويننا، وفي مجتمعات كمجتمعاتنا، لم تعرف الديموقرطية طوال الردح الأطول من حياتها، يزداد الطابع الاشكالي لهذه المفاهيم!
كان من ضمن ما تعلمته أيضاً، أن العيش بعيداً عن الوطن ليس وحده المنفى، فلعل العيش في وطن تشوهه الندوب هو المنفى الأشد هولاً!
لكن مهما كانت الظروف.... فان الوطن ليس بهلام تدير له جانبك... ولا يمكن بوجيز العبارة اختزاله... ولا يجوز تبديد طاقته!
بل انه - في واقع الحال- كل شيء في وطنك هو غلالة فردوسية مبهجة... بما فيها محاجره ودراكيله!
وكذلك... لا يعني ما سبق بالتأكيد... تأييدنا للوقوع في فخ التفاؤلية السطحية... ولكن ايماننا الراسخ بأهمية عدم الاستسلام لغواية اليوتوبيا.. التي تثقل كاهلنا بالمطابقات التي لا تجلب سوى القلق والاحباط والضوضاء!
أعترف أن لا أحد يستطيع أن ينفصل عن محيطه مهما حاول أن يقف في المنطقة الصفر بين علامة الزائد وعلامة الناقص.
وأعلم أن الانسان مجبول على رغبته في التعبير عن خوالج ذاته!
وتقع دوماً على طبقة المثقفين مسؤولية كبرى للعب دور تنويري في هذا المضمار...
حيث ان الحل يكمن دوماً... في أن تشحذ ذاكرتك... وتطوح بخيالك... وألا تيأس... وأن تؤمن بالعمل لأجل وجه الوطن الرائع... وأن تبني بكل قواك... وتؤمن بأن العمل عبادة... وتحاول أن تصنع من الخطأ حضارة!
* أستاذ النقد والأدب
@Dr_criticism
على الرغم من كل الألوان التي زهت بها صور احتفالات شارع الخليج... وبرغم كل التزويق... فقد بدا لي هذا العام، أن العيد الوطني أتى... وثمة ندوب تشوه **وطناً جميلاً وسخياً... وثمة بياض ناصع في السماء... أخذ يوغل أكثر فأكثر في الليل!
تساءلت بصفاء... كيف لنا على الرغم من كل شيء ألا نفقد شحننا؟ ونشحذ قوانا ونتجاوز التمزق، نحو ثقافة فاعلة وقادرة على تقديم رؤى وتصورات للمستقبل؟
لا أظن أني عشت يوما واحداً في حياتي خارج أسوار الوطن؛ فحتى أثناء السنوات الأطول التي قضيتها خارج البلاد (ابان الدراسة) كنت أحس دوما أنني لم أغادر الكويت يوماً واحداً، وكان الوطن يقف بالنسبة لي... كلوحة خلفية وراء كل شيء!
تعلمت في غربتي... انه لا مانع من نقد الوطن بكل أخطائه... ولا مانع من اعادة خلقه... والاحساس بأهمية السيل اللامرئي من تطوره... ولكن فقط من قناة التصميم على الانخراط أكثر فأكثر في سيرورته!
تعلمت أيضاً ان مفاهيم الحرية والتعددية، لها شروطها ومناخاتها التاريخية التي تتموقع ضمنها، كما أنها تحتاج الى ممارسة يومية، ومران طويل، حتى تتحول الى جزء عضوي من تكويننا، وفي مجتمعات كمجتمعاتنا، لم تعرف الديموقرطية طوال الردح الأطول من حياتها، يزداد الطابع الاشكالي لهذه المفاهيم!
كان من ضمن ما تعلمته أيضاً، أن العيش بعيداً عن الوطن ليس وحده المنفى، فلعل العيش في وطن تشوهه الندوب هو المنفى الأشد هولاً!
لكن مهما كانت الظروف.... فان الوطن ليس بهلام تدير له جانبك... ولا يمكن بوجيز العبارة اختزاله... ولا يجوز تبديد طاقته!
بل انه - في واقع الحال- كل شيء في وطنك هو غلالة فردوسية مبهجة... بما فيها محاجره ودراكيله!
وكذلك... لا يعني ما سبق بالتأكيد... تأييدنا للوقوع في فخ التفاؤلية السطحية... ولكن ايماننا الراسخ بأهمية عدم الاستسلام لغواية اليوتوبيا.. التي تثقل كاهلنا بالمطابقات التي لا تجلب سوى القلق والاحباط والضوضاء!
أعترف أن لا أحد يستطيع أن ينفصل عن محيطه مهما حاول أن يقف في المنطقة الصفر بين علامة الزائد وعلامة الناقص.
وأعلم أن الانسان مجبول على رغبته في التعبير عن خوالج ذاته!
وتقع دوماً على طبقة المثقفين مسؤولية كبرى للعب دور تنويري في هذا المضمار...
حيث ان الحل يكمن دوماً... في أن تشحذ ذاكرتك... وتطوح بخيالك... وألا تيأس... وأن تؤمن بالعمل لأجل وجه الوطن الرائع... وأن تبني بكل قواك... وتؤمن بأن العمل عبادة... وتحاول أن تصنع من الخطأ حضارة!
* أستاذ النقد والأدب
@Dr_criticism