الرئيس في ورطة هل ينقذه الصندوق ؟!

تصغير
تكبير
| حامد عفصة |
تتسارع الأحداث وتتصاعد حدة الأزمات بين الرئيس وكثيرمن القوى المدنية على الساحة السياسية وتتعالى الأصوات المعارضة لسياساته الداخلية بشدة وبوتيرة عالية، وباتت جماعة الإخوان مهددة بفقد كثير من المغانم التي حصدتها بعد الثورة وأهمها تنصيب الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية بعد دراما سياسية لم يتوقعها أحد على الإطلاق، فبعد مئة يوم من توليه الحكم هبت عليه موجات شديدة من النقد والتنكيل تمنى أصحابها لوأطاحت بأركانه وحاول جاهداً هو ومن حوله لملمة الموقف وواجه الشعب على استحياء وبمروءة شعبه المعهودة منح مزيداً من الوقت ليعيد ترتيب أوراقه لكي ينقذ البلاد من السقوط الى الهاوية، ورغم ثقل التركة التي ورثها هذا الرجل إلا أنه يظل مسؤولاً أمام الأمة طالما بقيَ في سدة الحكم.
الرئيس الآن في ورطة كبيرة حيث يقف له وجهاً لوجه وبتحدٍ غير مسبوق أولئك الذين هتفوا ضده وتمنوا هزيمته في سباق الرئاسة واعتصروا ألما وحسرة يوم أن دخل القصرالجمهوري، ومنذ ذلك الحين ورياح سامة بدأت تهب عليه من المحكمة الدستورية خاصة وما سمي بالتيارات المدنية عامة... مكائد وتشكيك وتشويه...لامجال الآن لسردها، وما أن أصدرالإعلان الدستوري الأخيرالذي جاء تلبية للمطالبات الثورية الملحة التي أطلقتها الحناجر الغاضبة في الميدان ولم تخل منها ندوة أو مظاهرة وترقبها الشعب باهتمام منذ انطلاق الثورة وكان أهمها القصاص للشهداء ومحاكمة القتلة والمفسدين كما تضمن الإعلان تحصين مجلس الشورى ولجنة إعداد الدستوروكافة قرارات الرئيس، فأحدث دويا وهبت على اثره عاصفة عاتية من مختلف الاتجاهات تطالبه بالتراجع فوراً عن هذا الإعلان وتحذره من مغبة الإصرار عليه.
وسرعان ما دخل القضاء خصماً مباشراً ضد الرئيس وعلى خط المواجهة معه بدعوى أن هذا الإعلان يمثل اعتداء مباشراً على السلطة القضائية، بدءاً من المحكمة الدستورية مروراً بالنائب العام المقال ومن ثم نادي القضاة ناهيك عن المتربصين من كافة القوى السياسية العلمانية المعادية للدين وكل من يبحث عن فرصة لتصفية حسابات مع التيار الإسلامي بالإضافة إلى المؤثرات الصوتية والمرئية والمقروءة تلك الآلة الإعلامية التي تعمل ليل نهارعلى تأجيج نارالفتنة ولا تكف عن الصراخ لتشويه الصورة والنيل من الرئيس ومن كل حريص على الدين، وكأن ثورة تفجرت من جديد وقد زاد من فورانها إصرارالرئيس على عدم إلغاء الإعلان أو تعيدله فخاب أمل كل من اعتقد أنه سيتراجع عنه كما تراجع من قبل عن قرارين مهمين أحدهما بإعادة مجلس الشعب المنحل والثاني بإقالة النائب العام وتعيينه سفيراً لدى الفاتيكان و ازداد الاحتقان في عدد من عواصم المحافظات واُشعلت الحرائق عمداً فى كثير من مقارحزب الحرية العدالة وجماعة الإخوان.
ماتشهده الساحة المصرية اليوم من استقطاب حاد بين جميع القوى السياسية والاجتماعية وانشطارالمجتمع إلى شطرين أحدهما مؤيد للرئيس ولجميع قراراته وآخرمناهض له ولجماعة الاخوان وإن كان المؤيدون للرئيس وللإعلان الدستوري محل النزاع الحالي أكثر من المعارضين المعترضين عليه حسب معظم استطلاعات الرأي في كثير من وسائل الإعلام وتلك هى عقيدة الرئيس، لذا فإنه جعل هذا الإعلان الدستوري حصناً وحذراً من انقضاض المحكمة الدستورية على مجلس الشورى والجمعية التأسيسية بحكمي إلغاء مؤكدين والإطاحة بكل الجهود التي بذلت لإعداد الدستورعلى مدى ستة أشهر، وخصوصاً أن له مع المحكمة الدستورية سابقة في حكمها الشهير بحل مجلس الشعب وتجاوز حدود الطلبات التي قدمت اليها في تلك الدعوى وامتد سخاؤها إلى حل المجلس بكامل هيئته رغم أن أقصى ما تمناه المدعون صدور حكم ببطلان الثلث فقط ولكنه كرم وتشفي ولم يعد يخفى على أحد العداء القائم بين المحكمة الدستورية والرئيس بصفة خاصة وبين العديد من نادي القضاة وجماعة الإخوان بصفة عامة.
لقد قرر الرئيس الذهاب إلى استفتاء الشعب على الدستور يوم 15/12/2012 بعد أن انتهت الجمعية التأسيسية من إكمال مشروعه ومع الحملات المكثفة وللإرشاد للتعريف بمواده والحملات المضادة في كافة وسائل تكون جميع فئات المجتمع على علم حقيقي ودراسة مستفيضة لماسيعرض عليها وتلك سابقة هي الأولى في تاريخ مصر والأمة العربية وبموافقه الشعب على الدستور ستسقط جميع الإعلانات الدستورية بما فيها الإعلان الأخير دون أن يسقط معها الرئيس بل إنه سيطيح بأماني خصومه معارضيه خصوصا من خسروا الانتخابات الرئاسية ومازالوا متمسكين بتلابيبها فأعلنوا عن إنشاء ما أسموه مجلس رئاسي فور سقوطهم دون أي مبررولم يعيرهم الشعب اهتمام آنذاك وهاهم يتحدثون عما يسمونه مجلس إنقاذ وطني بقصد زعزعة الاستقرار وخلق حالة من الفوضى، وقد مضى الرئيس في مساره ومعه قاعدة عريضة من الشعب يؤيدونه لأن ذلك هو السبيل للخلاص من حالة الفوضى السياسية التي تنعكس سلباً على جميع نواحي الحياة وزاد من سعادته موافقة المجلس الأعلى للقضاء الإشراف على الاستفتاء ولم يبق أمامه فرصة للخروج من هذه الورطة سوى بصندوق الاستفتاء، فهل ينقذه الصندوق مرة أخرى ليبقيه في القصر الجمهوري كما أدخله اليه من قبل.
أعتقد وكثير من الناس أن معطيات الأحداث ستؤدي إلى ذلك وندعو الله أن يقي مصر شر الفتن.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي