نظمها مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت

المتحدثون في ندوة «أبعاد الأزمة الدستورية»: الحكم أعطى الحكومة سلطة تعديل الدوائر

تصغير
تكبير
| كتب محمد نزال |

رأى المتحدثون في ندوة «أبعاد الأزمة الدستورية في الكويت»، والتي نظمها مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة الكويت أمس، أن حكم المحكمة الدستورية بعدم قبول طعن الحكومة في الدوائر الانتخابية، أعطى الحكومة السلطة المطلقة في تعديل الدوائر الانتخابية، مشيرين إلى أنه «بعد صدور هذا الحكم، فإن مفتاح الدخول والخروج من الأزمة بيد الحكومة».

وقال أستاذ الشريعة بجامعة الكويت الدكتور عبدالرزاق الشايجي، «لقد دخلنا في أزمة دستورية جديدة بعد حكم المحكمة الدستورية، فمن المفترض أن تعمل الحكومة على حل مجلس 2009، ولا أعتقد أن يكون حل مجلس 2009 قريبا، وإنما سيكون في عام 2013، وذلك لعدم إجراء انتخابات لمجلسين في عام واحد وهو عام 2012».

وبين الشايجي، أن «حكم المحكمة الدستورية نسف مبدأ الدائرة الانتخابية الواحدة، رغم إنها ليست موجودة في صلب طعن الحكومة، كما أنه منح تحديد عدد الدوائر الانتخابية وعدد الأصوات بيد المشرع، إما مجتمعة بالسلطة التشريعية أو منفردة لدى التنفيذية، حيث أعطى الحكومة سلطة مطلقة لتعديل الدوائر الانتخابية بأي صورة تريدها».

وأضاف الشايجي، ان «حكم المحكمة الدستورية لا يمدح ولا يذم، إنما يقدر ويجل، وما حصل من مديح له هو أمر غير سليم، كما أن الأغلبية التي مدحت هذا الحكم لم تحسن قراءة حيثياته، ومدحوا شيئا لا يعرفونه، لأن الحكم أعطى الحكومة السلطة المطلقة في تعديل الدوائر الانتخابية».

من جهته، قال عضو مجلس الأمة السابق الوزير السابق عبدالوهاب الهارون، إن «الأزمات التي نعيشها لن تنتهي بصدور حكم المحكمة الدستورية، رغم أن هذا الحكم حل الكثير من الاشكاليات الدستورية التي كنا نواجهها خلال الفترة الماضية، إذ اننا نواجه تصعيد نيابي من أجل كسب شعبي، والوصول إلى كرسي البرلمان فقط، وليس خدمة للوطن، بل ورفع سقف المطالبات التي تتصف بالتسرع والتهور وعدم الأخذ بالتطور المنطقي التدريجي، ومحاولة القفز للمجهول، كما أن هذه الكلمات والمطالبات أصبحت تتداول بين الشباب وكأنها حقائق، وهذا هو واضح في شبكات التواصل الاجتماعي والتويتر، الأمر الذي ولد التشاحن ما بين أفراد المجتمع».

وأضاف الهارون، ان «النواب أقسموا على احترام الدستور، ولكنهم يأتون بعد ذلك لفرض إرادتهم في الساحات، وإذا عدنا للسابق نجد بأنه في حكومة 1961 لم يكن هناك أحد يمثل الحكومة من الشعب، وبعد المجلس التأسيسي وجدنا أن هناك ثلاثة وزراء من الشعب، وتحديدا في وزارات الصحة والشؤون والعدل، وتطور الأمر بعد ذلك عام 1963 إذ أصبح هناك 6 وزراء، وهكذا إلى أن تطور الأمر وأصبح ممثلو الحكومة من الشعب هم الأغلبية فيها، ويتم تداول هذه الأيام بأنه يراد أن يكون هناك رئيس وزراء شعبي وهذا الأمر لا يخالفه الدستور ولا يمنعه، ولكن المصيبة أن يأتي أحد من النواب ويطالب بأن رئيس الوزراء الحالي سيكون آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك، فنقول لهم: من أنتم حتى تطالبوا بمثل هذا الأمر، ولماذا القفز والتعجل في هذا الأمر؟، لأنه يجب أن يكون هناك توافق وتشاور واتفاق ثلثي المجلس مع سمو الأمير من أجل طرح الإصلاحات الدستورية».

وعن الأزمة الاقتصادية، قال الهارون، «لا زلنا نعاني من الأزمة الاقتصادية منذ الثمانينيات إذ اننا نعاني من اختلالات الاقتصاد الوطني، ولم يقدم أي نائب أو أي كتلة أي تصور لإصلاح هذا الأمر، علما بأن مجلس الأمة أعطاه الدستور القوة في إصدار القوانين وإجبار الحكومة على تنفيذ خطة التنمية ومراقبتها في هذا الأمر، ولكن مع الأسف حتى لم يطلع أحد من النواب على تقارير الحكومة بهذا الشأن، بل وأنه في حال وجود وزير إصلاحي يسعى وراء التطوير يجد بأن هناك وكلاء بالوزارة يشكلون عثرة له، ولكنه لا يستطيع استبعادهم من الوزارة لأن ورائهم عدد من النواب الذين يهددون باستجواب الوزير في حالة استبعادهم».

وقال مدير الإدارة العامة للإحصاء وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله سهر، «بعد سنوات طويلة من العمل السياسي فإن الديموقراطية التي استقرت بالكويت ووفق ثقافة معينة قد اهتزت، وكذلك قيم العمل واحترام النسيج الإجتماعي وغيرها من القيم التي تشكل وحدة المجتمع»، مبينا أن «مجتمعنا في السابق لم يكن فيه مقدرات الحياة، فقد عاش الكويتيون في الصحراء وكانوا يعتمدون على أساليب حياتية بسيطة، ولكن تم استيعاب المجتمع وتحقيق نسيج اجتماعي متماسك، أم اليوم وبعد وجود جميع مقدرات الحياة من أسرة حاكمة عادلة ودستور وثروة نجد المخرجات مختلفة عما كانت بالسابق، وليست على مستوى الطموح، ودخلنا مرحلة الانتقال لمجتمع متفكك قياسا بالدول المشابهة لنا».

وأضاف سهر، «ما نعيشه الآن ليس نتاج أزمة دستورية، بل نتاج أزمة ثقافية تتمثل في استيعابنا وممارستنا للعمل السياسي والديموقراطي»، مشيرا إلى أن الكويت تطورت من دولة قومية إلى دولة عصبية، ولم نتطور في نمو المجتمع والدولة بصورة سليمة، لافتا إلى أنه «إذا استقوت مؤسسات القبلية وغيرها على مؤسسات الدولة، فهذا الأمر يخلق اشكالية كبيرة، وهذا واقع لدينا، وإذا لم نتكلم بصراحة فإننا نكون قد جانبنا الحقيقة في هذا الجانب».

وتابع «نحن نعاني عدم شفافية الاختلاف السياسي، حيث أصبحت الثقة معدومة، وبات البعض يشكك بنوايا ومقاصد الآخرين، وبهذا الأسلوب لا يمكن تقديم أي إصلاح سياسي»، مشيرا إلى أن « عدد الحكومات التي أكملت أربع سنوات منذ عام 1961 هي أربع حكومات فقط، وكثير من الحكومات لم تكمل في عمرها ثلاث سنوات، فهل هذا أزمة دستورية، أم أن الأزمة الدستورية هي نتيجة لذلك؟».

وركز سهر، على ضرورة احتضان الشباب، وخلق بيئة ثقافية تمهدهم لقيادة البلاد في المستقبل، وصقلهم وبناء شخصياتهم وحمايتهم من الثقافة الإلكترونية التي يتلقونها من دون قيود ولا قواعد.

وفي الجلسة الثانية للندوة، قال الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، إن «حكم المحكمة الدستورية أتى وفق القواعد المنتظرة وأعطى رسائل عدة للسياسيين، بأنه لا توجد قوانين لا تراقب دستوريا، ولا يجوز القول بأن قوانين البرلمان لا تراقب، كما أن هناك قوانين سيئة، وقوانين مخالفة للدستور».

وأضاف «لا يمكن تحقيق المساواة في الدوائر حتى ولو بتشريع، وما ذكره الدستور حول لفظ (تحدد الدوائر) أي تحدد بأرقام، والرقم واحد، هو من ضمن الأرقام، وهناك فكر وتوجه لتداول السلطة والحكومة البرلمانية، وأعتقد أن تكون هناك أولويات قبل طرح هذا الأمر، منها احترام المؤسسات لإنه في الواقع نلاحظ محاولة تكسير القضاء وإبعاده عن الحكم، وهي ظاهرة سياسية تؤثر على فكرة تداول السلطة السلمي».

من جهته، شدد أستاذ القانون الدكتور إبراهيم الحمود، على وجوب حل مجلس 2009، لأنه سقط ومات اكلينيكيا من خلال ثورة شعبية، مشيرا إلى أن «الدوائر تحدد من خلال قانون يصدر من البرلمان، وليس وفق مراسيم ضرورة، لأنها ليست من أعمال السيادة».

وأضاف، «الأزمة ستظل موجودة، طالما لم يتم إيجاد قانون الأحزاب السياسية، لأن المشكلة ستتفاقم أكثر فأكثر، خاصة مع وجود رئيس وزراء يتعامل مع أغلبية في المجلس، وبالتالي الحكومة المنتخبة أو الحكومة البرلمانية هي الحل، لأنها ستشكل تعاونا مشتركا في تنفيذ الخطط والمشاريع وحتى تسير السفينة».

وقال الوزير السابق علي الموسى، إن «الأزمة السياسية ألقت بظلالها على مناحي الحياة المختلفة ومنها الجانب الاقتصادي، حيث اننا اليوم في عالم منفتح ولا يرغب المستثمر ضخ أمواله في دولة تعاني أزمة سياسية، تجعل البلد مشلولا، وهذا هو الحاصل في الكويت، كما أن المجتمع يرغب برؤية مشاريع استثمارية والتركيز على الانفاق الاستثماري، ولكن لا وجود لهذا الأمر، ولم تقم الحكومة بهذا الدور ما تسبب بحالة من التذكر لدينا».

وأضاف الموسى، «اليوم (الجربة انبطت) وكل ما كان محظورا في السابق أصبح مطروحا على الطاولة، من المناداة بحكومة منتخبة ورئيس وزراء شعبي وغيرها».

وأفاد الموسى، ان «أخطر ما نشاهده اليوم هو الصمت المطلق للسلطة تجاه ما يحدث في ساحة الإرادة ومواقع التواصل الاجتماعي، وتفشي ظاهرة وثقافة إقصاء الآخر، فلا يمكن لثقافة إقصاء الآخر أن تحقق أي نجاح وإصلاح، وأي إصلاح يأتي بهذه الصورة فقد حكم عليه بالإعدام».

ورأى الوزير السابق سامي النصف، ان «المشكلة التي نعانيها هي في النفوس وليس في النصوص، فبعد صدور الحكم، بدأنا في النقاش حول عدد الأصوات للناخب».

وقال النصف، إن «تردي الخدمات العامة وكثرة المشاكل وسوء الأداء الحكومي تسبب بحالة من التذمر لدى المجتمع، لاسيما في ظل وجود ونمو مستمر لدول الخليج المحيطة بنا، وهذا أمر على الحكومة معالجته».

وأضاف، «ليس صحيحاً أن الحراك بالشارع يحدث بأرقى الدول الديموقراطية حيث خارج البرلمان تكون مطالبات فئوية لديهم من أقليات أما القرارات والإصلاحات فتأتي من البرلمان».

وأشار النائب السابق الدكتور عبدالله النيباري، إلى «أننا نعيش أزمة غياب الإدارة والحكومة الرشيدة الصارمة التي ترعى مصالح الناس».

وقال «لدينا أزمة سلطة، وحكومة، ومجلس أمة، ومجتمع، وأيضا أزمة مثقفين».

وأضاف «جميع الدول التي تريد التنمية والإصلاحات تفتقد للقدرة المادية، ونحن عكس ذلك، نمتلك فوائض مادية ومالية ضخمة، ولكن نعيش في حالة من التردي».

وأرجع النيباري وجود هذه المشاكل والازمات التي نعيشها إلى غياب النظر والفكر والثقافة التي على أساسها نستطيع تشخيص الحالة، «فنحن نعيش أزمة تفاصيل، وليست أزمة أساسيات، وهذه بحد ذاتها مشكلة»، مشيرا إلى أن «عند وجود العقل والمعرفة والإخلاص سنتجاوز التفاصيل، وتذوب الأزمة التي تحولت من سياسية إلى أزمة اجتماعية قسمت المجتمع طائفيا وقبليا وعنصريا».

من جهته قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور فيصل بوصليب، إن «حكم المحكمة الدستورية أزال الاحتقان السياسي في البلاد، ويجب التفاؤل خلال المرحلة المقبلة وتصديق نوايا الحكومة ولو نظريا على الأقل».

وأضاف «هناك نقطة إيجابية وسلبية للبعض، وهو رفع سقف المطالبات السياسية، إذ أنه في السابق لم تكن هناك مطالبات حول الإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة، ودائما تجد بأن هناك طبقة تحارب التغيير لأنها مستفيدة من استمرارية الوضع الحالي، أما حول كيفية الخروج من الأزمات مستقبلا فهناك جانبان: الأول وهو قصير المدى بأن يتم أخذ الرأي العام بعين الاعتبار، والثاني طويل المدى يجب عدم المزج ما بين المشيخة التقليدية بكل أبعادها وما بين النظام الديموقراطي، كما يتوجب أن تمتلك الحكومة أغلبية من المجلس حتى توفر لها الغطاء السياسي».

من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور علي الزعبي «نعاني من أزمة ثقافية بالدرجة الأولى أدت إلى انخفاض الوعي السياسي الوطني لدى الناس، وأصبحنا نعود للقبيلة أو الطائفة أو العائلة واللغة حاليا أصبحت لغة التخوين والتخويف والتهديد، وهذا الأمر أضر بالوحدة الوطنية والتي أصبحت تفهم لدى الكثيرين بأمور خاطئة، وأرى بأنه عدم تفعيل سيادة القانون والصراع السياسي والاجتماعي تنتهي بوجود مشروع وطني تنموي.

وأشار الزعبي بأنه حتى الحراك الشبابي أصبح «ملخبط» والدليل أنني أقوم حاليا بدراسة على شريحة من الشباب وجدت بأن 79 في المئة من الشباب قالوا بأن الحل بإقامة أحزاب سياسية وتوسيع المشاركة الديموقراطية، أما 53 في المئة من الشباب قالوا بأنهم سيصوتون للقبيلة أو الطائفة أو العائلة.





إعداد أنور الفكر

للتواصل مع الصفحة الجامعية

[email protected]









الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي