أسس جده إبراهيم (كاركة)عام 1848م وآلت شؤونها إليه سنة 1929 واستمر يعمل بها إلى 1961 حين قامت إدارة أملاك الدولة بتثمينها

إسماعيل علي جمال تاريخ سطّرته ... مئة عام

تصغير
تكبير
|  إعداد سعود الديحاني  |

للحياة محطات عدة ينتقل الانسان منها وهو يحمل لها ذكريات تطيب نفسه حين يسترجعها .. الحاج اسماعيل علي جمال رحمه الله عاصر خمسة امراء للبلاد ومارس التجارة **وهو شاب في مقتبل العمر... فوصل إلى موانئ الخليج والهند، نتطرق اليوم إلى لمحات من سيرته التي امتدت أكثر من مئة عام من خلال كتاب حفيده م. محمد عبدالهادي جمال الذي أعدّه عنه:

كانت ولادة الحاج اسماعيل جمال سنة 1891 في البيت الذي ولد فيه والده علي اسماعيل ويقع هذا البيت في فريج جمال وهو جزء من فريج الفرج القريب من فريج الجناعات وقد كان يطلق عن الحي الذي شهد نشأته وولادة فريح بو عباس... عاصر خلال حياته التي امتدت اكثر من مئة عام حكام الكويت من عهد الشيخ عبدالله الثاني بن صباح ثم اخيه الشيخ محمد ثم اخيه الشيخ مبارك الصباح ثم ابن الشيخ مبارك جابر المبارك بعد الشيخ سالم المبارك ثم الشيخ احمد الجابر بعده الشيخ عبدالله السالم ثم الشيخ صباح السالم ثم الشيخ جابر الأحمد.. فكانت ولادته في عهد الشيخ عبدالله الثاني وعاش خمسة عشر عاما في حكم الشيخ جابر الأحمد - كان والده ووالدته ابناء عم وقد نشأ في نفس البيت الذي ولد هو فيه وتذكر والدته الحاجة شيخة ابراهيم جمال انها انجبت عشرة اطفال مات اربعة منهم وهم صغار وبقي ستة ويأتي ترتيب اسماعيل الثاني من بين اخوته ويكبره حسن الذي توفي وعمره 27 عاما ويجدر الذكر ان والدته توفيت سنة 1969 عن عمر ناهز مئة وسبع سنوات.



الدراسة

حينما بلغ من العمر سبع سنوات التحق في مدرسة المطوعة لطيفة الشمالي وهي مدرسة اهلية للاطفال وكانت مدرستها في بيتها الكائن في فريج الشمالي القريب من دروازة العبدالرزاق وكانت تقتصر على تدريس الاطفال القرآن الكريم وبعد عام انتقل للدراسة في مدرسة الملا محمد مبارك، درس عنده فترة ثم التحق في مدرسة الملا ناصر الصحاف وبها درس عامين ختم القرآن الكريم على يد الملا ابراهيم العلي الذي كان يدرس في هذه المدرسة ومن هذه المدرسة انتقل إلى مدرسة الملا عابدين بن باقر الاديب والشاعر المعروف الذي كان مرافقا للشيخ مبارك الصباح وقد درس الحاج اسماعيل في المدرسة عدة سنوات تعلم فيها القراءة والكتابة.



الذكرى

من ذكريات دراسة الحاج اسماعيل انه كان يتوجه في بعض الاحيان مع عدد من اصدقائه في الدراسة بعد خروجهم من مدرسة الملا عابدين إلى الكاركة وكان يديرها خاله محمد ابراهيم جمال ليحصل على شيء من الحلوى وكان من بين العاملين فيها في تلك الايام عبدالله النكاس الذي يحضر له ولي اصدقائه الزائرين للكاركة صينية كبيرة يضع فيها كمية من السمسم وقطعا من الدبس المطبوخ على شكل اقراص صغيرة سمسميه وكل واحد من الزائرين اصدقاء الحاج اسماعيل يأخذ قرصا ويغادر الكاركة فرحا بما حصل عليه.



السفر

كانت اول فرصة اتيحت للحاج اسماعيل للتعرف على الاعمال التجارية هي الرحلة التي رافق فيها والده إلى الساحل الايراني عام 1324 هـ (1906م) في احدى السفن الشراعية وذلك بعد اكمال دراسته. فقد اصطحبه والده إلى مدينة (الدروق) التابعة لامارة المحمرة وكان عمره حوالي 15 سنة لشراء الحبوب. وكان والده يعمل بالتجارة ويقوم باستيراد المواد الغذائية والحبوب من المناطق الساحلية الايرانية ويجلبها بالسفن إلى الكويت لبيعها في محله بالمناخ. كما كان يأخذ معه إلى هناك بضائع من الكويت من بينها السكر والشاي والفحم. وفي احدى رحلاته طلب من ابنه اسماعيل مرافقته في رحلته التجارية إلى الدروق. وهذه هي تجربته الاولى للسفر وقد اتسمت بمواجهة الكثير من المشاكل، ففي اثناء توجه سفينتهم الشراعية (من نوع الجالبوت) إلى الدروق اعترضتهم سفينة بخارية بلجيكية متخصصة لجباية الضرائب من السفن التجارية المتوجهة إلى ايران، حيث اوقفتهم في المياه المقابلة لمنطقة تدعى (بوسيف) وهي مقابل ميناء (بهمشير) الايراني وهم في طريقهم إلى خور موسى بعد انزالهم للبضائع، فنزل عدد من بحارة الباخرة وقاموا بتفتيش سفينتهم.

وبعد ان توقف والده عن السفر اصبح الحاج اسماعيل يتوجه إلى الدروق لوحده لاستيراد المواد الغذائية والبضائع الاخرى التي يحتاجها السوق في الكويت سواء منها الألبسة كالبشوت والاقمشة كالجز (الحرير) والاغنام والحبوب وغيرها، بالاضافة إلى الاتجار بالعملات وما شابه ذلك. وكان يسكن في بيت النوخذه رمضان الذي توقف عن التجارة في السلاح بعد ان كبر في السن، وتحول إلى العمل بتجارة المواد الغذائية. وكان والد الحاج اسماعيل اثناء عمله بالتجارة يعتمد على ابنه الاكبر حسن في ادارة اعماله وتجارته، خاصة في اثناء سفره. ويكبر حسن اخوه الحاج اسماعيل بأربع سنوات، وهو من مواليد عام 1306هـ (1887م).



الأعمال

بدأ الحاج اسماعيل رحمه الله بعد اعتزال والده للعمل بممارسة العمل التجاري لحسابه الخاص، فصار يتوجه إلى الدروق والمحمرة وكذلك البصرة لاخذ البضائع إلى هناك والعودة ببضائع اخرى لبيعها في الكويت. كما توجه عدة مرات إلى منطقة هنديان على الساحل الايراني مع المرحومين منصور وحسين ابناء عبدالله جمال لشراء الحنطة. بالاضافة إلى المواد الاخرى كالدهن العداني والتمور وانواع الطيور. كما كانوا يجلبون من هناك الاغنام والدجاج المشهور بحجمه الكبير .

كما يحضرون من تلك المناطق البشوت غالية الثمن التي تصل سعر القطعة منها إلى مئة روبية نظرا للنوعية الممتازة من الوبر المصنوعة منه، إذ توجد هناك انواع من الجمال ذات الحجم الصغير التي يصنع من شعرها خيوط الوبر عالية الجودة المستخدمة في صناعة البشوت الشتوية. كما تجلب البشوت العادية من الدروق وهنديان ومعشور وتباع القطعة بخمس روبيات فقط.



الهند

سافر الحاج اسماعيل إلى بومبي في الهند للتجارة مرتين، الاولى في عام 1328هـ (1910م) مع صديق والده خليل بن ابراهيم النكاس وكان عمره حوالي 18 سنة. اما المرة الثانية فكانت مع حسين المرهون وهو ايضا من اصدقاء والده المقربين، كما رافقهم في تلك الرحلة محمد بو شهري، وكانت تلك الرحلة اثناء الحرب العالمية الاولى. ويذكر ان والده زوده برأسمال قدره 6.000 روبية ليشتري منها بضاعة له بقيمة 3.000 روبية ويشتري من البقية اقمشة لوالده. وقد تم تسليم المبلغ للمرحوم عبدالرحمن بن رومي الذي حوله إلى الهند عن طريق وكيله في بومبي. وقد اوصاه والده بعدم شراء دراجة، إذ كان يعلم ان ابنه اسماعيل يتوق إلى شراء دراجة خاصة به نظرا لان اخاه الاكبر حسن كان يقتني واحدة وكان على الدوام يتجول بها مع اصدقائه الذين كانت لديهم دراجات ايضا، وكانوا يذهبون بها للتنزه في الاماكن البعيدة. فكانت امينة اسماعيل ان تكون لديه دراجته الخاصة به، وخاصة ان دراجة اخيه كانت قد جلبت من بومبي وهي (صناعة لندنية) احضرها إلى الكويت صديق والده حسين المرهون الذي اشتراها بمبلغ 65 روبية بناء على طلب والد الحاج اسماعيل. وكانت مدينة بومبي مركزا لبيع الدراجات في ذلك الوقت إذ تصل اليها الانواع المختلفة المصنوعة في بريطانيا وبقية بلدان اوروبا.

وحين وصول الحاج اسماعيل إلى بومبي لم يستطع مقاومة رغبته في شراء الدراجة التي كانت حلم حياته فكان اول ما قام به عند وصوله التوجه إلى مكان بيع الدراجات وشراء افضل دراجة لديه وكانت قيمتها 45 روبية. وبعد ان اطمأن على تأمين الدراجة بدأ مع مرافقيه بشراء البضائع المطلوبة والتي يطلق عليها (برجوتة) وهي كلمة هندية كانت تستخدم في الكويت وتعني الاشياء الصغيرة التي تباع في المحلات، ومن بينها الصحون والملاعق والسكاكين والاواني المختلفة، كما اشترى كميات من الاقمشة المتنوعة والبطانيات وساعتين، واحدة لوالده ماركتها (وست اند) وأخرى له ماركتها (راسكوب) بسبع روبيات، وكانت تباع في الكويت بأربع عشرة روبية حسب ما يتذكر. كما قام بشراء كبت (خزانة خشبية للملابس) مصنوع من السيسم مكون من 3 قطع اشتراه باربعين روبية واحضره معه إلى الكويت. وقد اعجب والده بذلك الكبت فأخذ منه ووضع له مرايا واعطاه كبته القديم بدلا منه. وكانت الخزائن والاسرة المصنوعة من السيسم والمحفورة بالزخارف الجميلة والصناديق المبيتة تجلب إلى الكويت.



الغوص

من الاعمال التي جرب الحاج اسماعيل فيها حظه الغوص، فقد توجه إلى الغوص خمس مرات عزّال- اي على حسابه الخاص وليس مع سفن الغوص .



الحج

أدى الحاج اسماعيل جمال فريضة الحج مرتين، المرة الاولى بواسطة الجمال والثانية بواسطة السيارات. وكانت المرة الاولى في عام 1351 هـ (1934م) وذلك بعد اعادة تشغيل الكاركة بحوالي خمس سنوات. وقد استغرقت الرحلة 100 يوم وتوجهوا من الكويت إلى المدينة المنورة وقد غادروا الكويت في شهر شوال من عام 1351هـ (مارس 1934م) وعادوا في شهر محرم عام 1352هـ (مايو 1934م)، وكان الطريق يستغرق شهرا من السير ذهابا وشهر آخر للعودة يقضون حوالي اربعين يوما ما بين زيارة المدينة المنورة والقيام بمناسك الحج في مكة المكرمة.



الصمود

ومن الأمور التي مازلت تذكر جيداً عن الحاج اسماعيل رحمه الله صموده وصلابته اثناء الغزو العراقي الغاشم، حيث استمر في فتح ديوانه صباح كل يوم ليؤم احباءه ومريديه الذين كانوا ينقلون له الاخبار أولاً بأول ويجيبونه عن استفساراته، ويستفسر عن آخر الاخبار ويطمئن الناس بقرب تباشير النصر وبلوغ الفرج بطرد المعتدي ومعاقبته على ما اقترف من جرائم، وكان عمره قد بلغ آنذاك التاسعة والتسعين، وكان يطمئن ويقول بأن الفرج قريب واننا سنشهد قريباً طرد المعتدي وهزيمته شر هزيمة.

وكانت فرحته بالتحرير عظيمة حيث كان ينتظر بفارغ الصبر مع ابناء وطنه ذلك اليوم العظيم الذي طرد فيه المعتدي والذي هب فيه الشعب الكويتي في الداخل لاستقبال جيوش التحرير التي اعادت الحرية والعزة للمواطنين، وعندما بدأت الامور في العودة الى وضعها الطبيعي استأنف ديوانه النشاط ليلاً كعادته قبل الغزو، حيث بدأ العائدون من الخارج بزيارته وتهنئته بالتحرير، كما زاره عدد من الصحافيين الذين قدموا الى الكويت لتفقد الأوضاع. ومن بين الذين زاروا الديوان من الصحافيين الاجانب صحفيان هولنديان بتاريخ 19/ 6/ 1991م بعد تحرير دولة الكويت بأربعة اشهر.



أصدقاء

كان للحاج اسماعيل جمال عدد كبير من الاصدقاء الذين كان يودهم ويودونه ويشاركهم في الكثير من الآراء والتوجهات والمشتركات الاخرى. وكان يلتقي بكثير منهم يوميا سواء في ديوانه الخاص في الديرة او في السوق او في الدواوين الصباحية التي كانوا يقضون فيها جانبا من الصباح. كما كان عدد منهم يصاحبه في السفر اثناء فترة الصيف.



علي

ومن الامور الواجب الاشارة اليها ان احد اصدقاء الحاج اسماعيل الذين احبهم واعتمد عليهم في كثير من الامور على مدى اكثر من خمسة وثلاثين عاماً هو السيد علي دبك الذي كان مرافقاً شبه دائم للمرحوم الحاج اسماعيل منذ نهاية الخمسينات الى اواخر ايامه.

فقد كان يزوره يومياً تقريباً في المنزل ويقضي له الكثير من الامور والحاجات ويتابع وينجز له الكثير من شؤونه ويجلب له ما يحتاج من مشتروات ولوازم، كما كان الحاج اسماعيل لا يتناول وجبة العشاء في سنواته الاخيرة الا بحضور السيد علي دبك الى جانبه.

وكان علي دبك يرافقه ايضاً في الكثير من جولاته وزياراته الى اصدقائه او الدواوين، واستمر دائم الحضور معه في ديوانه سواء اثناء فترة الغزو في اواخر ايامه.

وبعد ان انقضت فترة الغزو وكوابيسه مرت الايام سريعة بعد التحرير واستعاد الناس نشاطهم وحياتهم الاعتيادية، ومن بينهم الحاج اسماعيل، لكن الكبر لم يتركه وشأنه، فقد اخذ الضعف يدب في جسده والملل يسيطر على تفكيره إلى ان جاء شهر ديسمبر من عام 1993 فاضطر إلى الذهاب إلى المستشفى الذي بقي فيه حوالي اسبوع فارق بعده الحياة بسبب الشيخوخة، وكان ذلك في مساء يوم الخميس ليلة الجمعة الموافق الثاني من ديسمبر عام 1993م حيث عاش حوالي سنة ونصف السنة بعد التحرير، وكان عمره آنذاك قد بلغ المئة وسنتين، رحم الله الحاج اسماعيل جمال رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.





الكاركة



«كاركة» آل جمال تأسست في عهد جده الحاج ابراهيم جمال في عام 1265 هجرية (1848م)، واستمرت في العمل إلى عام 1961م. وكان القائمون عليها يصنعون الهردة من السمسم بواسطة الرحى التي تديرها البغال والخيول. وقد اسس الكاركة الحاج ابراهيم جمال في موقعها الاول في احد الازقة المتفرعة من سوق التجار بجوار مسجد الحداد، وكان يشار إلى ذلك الموقع بـ «سكة الكاركة». وقد استأجر ابراهيم جمال الموقع من آل عيدي في البداية واسس فيه الكاركة. وفي فترة لاحقة استأجر الحاج ابراهيم جمال ايضا كاركة اخرى كانت تعود للمرحوم حسن عبدالرزاق - وهو من آل النقي - واستخدمها كمخزن، ثم اشتراها منهم وقام بهدمها وألحق بها عدد من الدكاكين العائدة له والمجاورة لها وبنى في الموقع معملا كبيرا نقل اليه عملية الانتاج من الموقع القديم، وسمي هذا المعمل «الكاركة الجديدة»، وتم تسجيله باسمه واسم اخيه اسماعيل مناصفة في عام 1285 هجرية (1865م). وهذا المعمل هو نفسه الذي استمر بالعمل إلى عام 1961م، حيث حل محل الكاركة القديمة التي استخدمت بعد ذلك كمخزن.

وقد تعارف الناس على اطلاق اسم «الكاركة القديمة» على الكاركة الأولى، و«الكاركة الجديدة» على الكاركة الثانية. وبعد وفاة الحاج ابراهيم اشترى ابنه محمد بن ابراهيم جمال كاركة آل عيدي - التي كان يستأجرها ومن قبله والده - من محمد بن عبد علي عيدي، وكان ذلك بتاريخ 11 محرم 1326 هجرية - 13 مارس 1908م. واستمرت «الكاركة القديمة» التي كانت عبارة عن حوش كبير محاط بحائط من الطين وبه عدد من الغرف، تستخدم كمخزن إلى ان تم بيعها للمرحوم خليل القطان الذي بنى مكانها قيصرية خليل القطان.

وقد ادار الحاج ابراهيم جمال الكاركة حوالي 37 سنة إلى ان توفي في عام 1301 هجرية (حوالي 1885م). ويذكر ان عدد العاملين في الكاركة كان حوالي 12 شخصا معظمهم من نفس العائلة. كما عمل معهم عبدالله النكاس وشخصان آخران يدعى احدهما الحاج احمد الكربلائي والثاني اخوه عبدالله الكربلائي وهما من القصبة وكانت لديهما نخيل هناك. وكانا يأتيان إلى الكويت اثناء الشتاء للعمل بالكاركة ويعودان إلى القصبة في الصيف عند توقف العمل بالكاركة ليعملا بالزراعة. وكان عبدالله الكربلائي يقوم ايضا بقلب الرحى «وتنكسيها» اي تنظيف سطحها (بالمنكاسة) من رواسب السمسم.

وكان لدى الحاج ابراهيم جمال 5 خيول لتدوير الرحى التي تقوم بطحن السمسم وتحويله إلى هردة. كما احضروا له بغلة من الخارج لادارة الرحى، وكان يتم تبديل الحصان او البغل الذي يدير الرحى كل 3 ساعات تقريبا لمشقة العمل الذي يقوم به. وتتم تغطية عيني الحصان او البغل بقطعة من الجلد ليستمر في الدوران، ويوضع في رقبته «برشوم» ليعطي صوتا ويجعله يستمر في المشي. ولا يمشي البغل او الحمار لتدوير الرحى الا عندما تغلق عيناه ويعلق «البرشوم» في رقبته. وكانت تصنع الهردة فقط بالكاركة ثم بدأوا بصناعة الرهش في ما بعد، كما يصنع دهن الحل (او حل السمسم).

وقد تسلم ادارة الكاركة من بعد وفاة مؤسسها ابنه محمد بن ابراهيم جمال الذي اشترى موقع الكاركة القديمة من آل عيدي عام 1326 هجرية (1908م) بعد ان كان والده يستأجرها منهم. وبعد فترة نقل محمد ابراهيم جمال موقع الانتاج إلى كاركة حسن عبدالرزاق التي تقع بالقرب من خان الحكومة والتي تم شراؤها من قبل والده في فترة سابقة في عام 1865م، وتقع تلك الكاركة في نفس المنطقة. وقد استخدمت الكاركة القديمة في ما بعد كمخزن ثم تم بيعها في فترة لاحقة على خليل القطان الذي قام بهدمها وبناء قيصرية مكانها. وقد عمل الحاج محمد بن ابراهيم جمال بالكاركة إلى ان توفي في عام 1336 هجرية (حوالي عام 1917م)، وكان يعمل معه سلطان مبروك احد عمالهم، بينما امسك الحسابات في تلك الفترة حسن بن علي اسماعيل جمال الذي كان يتواجد هناك صباح كل يوم، اما سلطان فكان مسؤولا عن البيع والميزان. وكان الحاج منصور بن حسين جمال يستورد الدبس للكاركة في عهد محمد بن ابراهيم جمال وذلك لصناعة الرهش الذي كان يصنع آنذاك من الهردة والدبس فقط ولا يستعملون السكر. وكان اصدقاء محمد بن ابراهيم جمال يأتون إلى الكاركة صباح كل يوم للجلوس امام الدكان التابع لها لتبادل الاحاديث وشرب القهوة. وكانت عبارة عن ديوانية صباحية. وكان معظم اصدقائه من آل معرفي الذين يتوجهون بعد شرب القهوة إلى محلاتهم وتجارتهم، وقد اغلقت الكاركة بعد وفاة الحاج محمد بن ابراهيم جمال عام 1336 هجرية (1917م) لمدة ثلاث عشرة سنة تقريبا لعدم اهتمام احد من العائلة بالعمل بها، ثم اعيد افتتاحها في عام 1348 هجرية (1929م) حيث قام بتشغيلها الحاج اسماعيل بن علي جمال - حفيد مؤسسها - الذي استمر بالعمل بها إلى عام 1961 عندما قامت ادارة املاك الدولة بتثمين المعمل وازالته. وقد خصصت الدولة مكانا آخر للمعمل في الشويخ بدأ الانتاج فيه عام 1968م.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي