«صندوق الاستثمار الوطني» يحيي فكرة التدخل الحكومي لشراء الأسهم... مع «شراء الأصول» أو من دونه
لكي لا تتكرر إخفاقات «المحفظة الوطنية» سلّة الحلول أوسع من الصندوق «وفيها اللي تبيه»... وخطوات عملية تبدأ هذا الأسبوع

الاقتصاد ينتظر حلولا ... على «الأصول» (تصوير طارق عزالدين)


| كتب المحرر الاقتصادي |
«صندوق الاستثمار الوطني»، الذي طرح الفريق الاقتصادي الحكومي إمكانية إنشائه، هو نسخة مطوّرة عن «المحفظة الوطنية» التي لم تحقق شيئاً. ومع ذلك، يقدّم المعنيّون بالأمر أسباباً للتفاؤل بأن الإخفاق لن يتكرّر هذه المرّة.
عندما يعود الحديث إلى شراء استراتيجي للأسهم الممتازة، كوسيلة لدعم السوق واستعادة الثقة، فهذا يعني أن فلسفة «المحفظة الوطنية» تطرح نفسها مجدداً، مع تحسينات من وحي التجربة، لعل أهمها التغيير (الأساسي) المتمثل في أن المال الحكومي سيكون إلى جانبه هذه المرة، أموال من البنوك، أي أموال خاصّة من حيث المبدأ، ربما للنأي ما أمكن عن شبهة «تنفيع الجيوب».
يقود ذلك لسؤال بدهي؛ لكن كيف يمكن للمقترح الجديد تلافي إخفاقات «المحفظة الوطنية»؟
السؤال يلقى اهتماماً من المعنيين ببلورة سلّة الحلول، وغالباً ما تقود الإجابة إلى طروحات مبدئية وأخرى تفصيلية حول الشكل الذي ينبغي أن يتخذه الصندوق الجديد، الذي سيكون إحياء للمحفظة أو هيكلاً جديداً يقوم على أنقاضها.
اللافت أن قرار إنشاء «المحفظة الوطنية» كان أكبر من حيث ما تم تخصيصه له من المال العام (1.5 مليار دينار)، من أي مقترح يجري التداول فيه حالياً. ما يشير إلى أن المطلوب من التدابير الجديدة، فقط، أن تكون مدروسة أكثر وفعّالة أكثر.
وللتذكير، فإن مقترح الفريق الحكومي، كما سبق لـ«الراي» أن أشارت، يقضي بإنشاء صندوق بقيمة 500 مليون دينار، يخصص نصفه لسوق الأسهم، ونصفه الآخر لشراء الأصول، مع السماح له بالاقتراض حتى 1.5 مليار دينار. فيما يقضي مقترح آخر بإنشاء صندوق على غرار «المحفظة الوطنية» تساهم فيه الهيئة العامة للاستثمار بمليار دينار والبنوك بـ500 مليون دينار.
مصير «المحفظة الوطنية» لا يحتاج إلى شرح. فما تم تحويله إليها من أموال لا يتجاوز 400 مليون دينار، ظلت أكثر من 40 في المئة منها مودعة في البنوك في انتظار فرصة لا تأتي. أي أن الاستثمار الفعلي للمحفظة لم يتجاوز في الغالب الأعم 250 مليون دينار. وحصيلة هذا النشاط أسوأ ذكراً، فالسوق هوى في عهد المحفظة الميمونة إلى قاع بعد قاع، ولم تسلم من ذلك الأسهم القيادية المحبّذة لدى المحفظة.
ومما يستدعي التوقف أن مصير «المحفظة الوطنية» لم يكن محل نقاش جدّي في اللقاءات الأخيرة لبلورة سلّة التدابير المنتظرة؛ هل سيكون الصندوق المقترح- مهما كانت صيغته- بديلاً عنها أم أداة أخرى تتكامل معها؟ لكن الأكيد أن كلمة سرٍّ ما بعثت في نشاط المحفظة حيويّة غير معتادة الأسبوع الماضي، فكان لها دور أساسي في السيولة القوية التي تدفقت إلى أسهم مؤشر «كويت 15».
لكن ذلك ليس مؤشراً حاسماً إلى التصوّر المرسوم لدور المحفظة الوطنية في المرحلة المقبلة.
يبقى الأهم تصوّر المعنيين لسبل تلافي فشل المحفظة
الوطنية. وهنا تتجمّع جملة أفكارٍ من عددٍ من المعنيّين الذين أدلوا بدلوهم في المناقشات الرسمية وغير الرسمية التي يجريها الفريق الحكومي:
1 - لم الخوف من الإغراق؟
في الحديث عن دعم السوق هناك قلق دائم من أن أي مبلغ قد لا يكون كافياً لإنعاش السوق، لأن هناك من ينتظر ظهور أي مشترٍ ليرمي عليه أسهمه.
جواباً على ذلك، يقول أحد المعنيين إن هذا الخوف لا معنى له إذا كان الشراء يتم على أسس ربحية 100 في المئة، بمعنى أن يكون واضحاً أن أسعار الأسهم المشتراة أدنى من قيمتها العادلة، ولا شك أن هناك الكثير من السلع التي ينطبق عليها هذا الوصف.
2 - المدير الأجنبي
بعيداً عن التشكيك بكفاءة المديرين المحليين للمحفظة الوطنية، هناك من طرح فكرة الاستعانة بمدير أجنبي للصندوق الجديد المقترح لتحقيق جملة أهداف منها: (أ) إعفاء الصندوق من الإحراجات المحليّة التي قد ترافق شراء سهم هنا أو بيع سهم هناك، و(ب) ضمان التوجه الربحي البحت، بحيث تكون التقييمات موثوقة وضامنة لأن السلع المشتراة مجدية، وبعيدة عن شبهة المحاباة.
3 - شراكة البنوك
يعتقد المعنيّون أن شراكة البنوك في الصندوق الجديد المقترح تعطيه صبغة أبعد من صورة المال العام الذي يتدخّل لتنفيع الجيوب وترفيع الأسهم بلا حساب للأكلاف. فالبنوك شركات مساهمة، ودخولها في الصندوق يعطي نوعاً من الضمان للتوجه الربحي البحت للصندوق، لكن بروح أكثر إقداما مما كانت عليه المحفظة الوطنية.
4 - لكي لا يضيع العمل هباء...
كانت ذريعة الإحجام الدائمة لدى إدارة المحفظة الوطنيّة أن السوق يمكن أن يبتلعها لكن يتم ضخها إذا كان مناخ الثقة غير موجود. وبالفعل، خبِرت المحفظة الوطنية مواقف عدّة كان بعض المستثمرين، والمضاربين الكبار أحياناً، يستغلونها فيها لتصريف كمياتهم ما إن يشمّوا رائحة دخول من المحفظة للشراء.
وحتى الآن، هناك من يحذّر من أن أي شراء حكومي أو شبه حكومي يمكن أن يصعد بالسوق لفترة محدودة فقط، ما لم تتوافّر عوامل أخرى تحفظ تلك المكاسب وتدفع بها إلى محطات أعلى. ويبقى هذا محذوراً لا يمكن التغاضي عنه، وسبق أن خبرته المحفظة الوطنية مرات عدة.
لهذا السبب يكتسب الحديث عن «السلّة المتكاملة» من الحلول أهمية مضاعفة.
في هذا الصدد، تشير مصادر مطلعة إلى أن المقترحات المتداولة لدعم السوق وشراء الأصول ليست إلا جزءاً من التصوّر الأشمل للتدابير المنتظرة. أما الصورة الكاملة ففيها «اللي تبيه»، بحسب أحد الذين يسهرون على إعدادها.
والكلام هنا عن تدابير غير مسبوقة لدعم المشاريع الصغيرة، (ربما عبر توفير الأراضي وغير ذلك)، وتسهيل إجراءات التراخيص وتشجيع الاستثمار.
في ظل كل ما سبق، هناك من يهمس بأن حكم المحكمة الدستورية في شأن قانون الانتخاب سيشكل اختباراً صعباً للثقة في سوق الأسهم، وهناك من يجيب بأن الجديّة الحكوميّة في المعالجات الاقتصادية ربما تصرف الأنظار إلى مكان آخر.
«صندوق الاستثمار الوطني»، الذي طرح الفريق الاقتصادي الحكومي إمكانية إنشائه، هو نسخة مطوّرة عن «المحفظة الوطنية» التي لم تحقق شيئاً. ومع ذلك، يقدّم المعنيّون بالأمر أسباباً للتفاؤل بأن الإخفاق لن يتكرّر هذه المرّة.
عندما يعود الحديث إلى شراء استراتيجي للأسهم الممتازة، كوسيلة لدعم السوق واستعادة الثقة، فهذا يعني أن فلسفة «المحفظة الوطنية» تطرح نفسها مجدداً، مع تحسينات من وحي التجربة، لعل أهمها التغيير (الأساسي) المتمثل في أن المال الحكومي سيكون إلى جانبه هذه المرة، أموال من البنوك، أي أموال خاصّة من حيث المبدأ، ربما للنأي ما أمكن عن شبهة «تنفيع الجيوب».
يقود ذلك لسؤال بدهي؛ لكن كيف يمكن للمقترح الجديد تلافي إخفاقات «المحفظة الوطنية»؟
السؤال يلقى اهتماماً من المعنيين ببلورة سلّة الحلول، وغالباً ما تقود الإجابة إلى طروحات مبدئية وأخرى تفصيلية حول الشكل الذي ينبغي أن يتخذه الصندوق الجديد، الذي سيكون إحياء للمحفظة أو هيكلاً جديداً يقوم على أنقاضها.
اللافت أن قرار إنشاء «المحفظة الوطنية» كان أكبر من حيث ما تم تخصيصه له من المال العام (1.5 مليار دينار)، من أي مقترح يجري التداول فيه حالياً. ما يشير إلى أن المطلوب من التدابير الجديدة، فقط، أن تكون مدروسة أكثر وفعّالة أكثر.
وللتذكير، فإن مقترح الفريق الحكومي، كما سبق لـ«الراي» أن أشارت، يقضي بإنشاء صندوق بقيمة 500 مليون دينار، يخصص نصفه لسوق الأسهم، ونصفه الآخر لشراء الأصول، مع السماح له بالاقتراض حتى 1.5 مليار دينار. فيما يقضي مقترح آخر بإنشاء صندوق على غرار «المحفظة الوطنية» تساهم فيه الهيئة العامة للاستثمار بمليار دينار والبنوك بـ500 مليون دينار.
مصير «المحفظة الوطنية» لا يحتاج إلى شرح. فما تم تحويله إليها من أموال لا يتجاوز 400 مليون دينار، ظلت أكثر من 40 في المئة منها مودعة في البنوك في انتظار فرصة لا تأتي. أي أن الاستثمار الفعلي للمحفظة لم يتجاوز في الغالب الأعم 250 مليون دينار. وحصيلة هذا النشاط أسوأ ذكراً، فالسوق هوى في عهد المحفظة الميمونة إلى قاع بعد قاع، ولم تسلم من ذلك الأسهم القيادية المحبّذة لدى المحفظة.
ومما يستدعي التوقف أن مصير «المحفظة الوطنية» لم يكن محل نقاش جدّي في اللقاءات الأخيرة لبلورة سلّة التدابير المنتظرة؛ هل سيكون الصندوق المقترح- مهما كانت صيغته- بديلاً عنها أم أداة أخرى تتكامل معها؟ لكن الأكيد أن كلمة سرٍّ ما بعثت في نشاط المحفظة حيويّة غير معتادة الأسبوع الماضي، فكان لها دور أساسي في السيولة القوية التي تدفقت إلى أسهم مؤشر «كويت 15».
لكن ذلك ليس مؤشراً حاسماً إلى التصوّر المرسوم لدور المحفظة الوطنية في المرحلة المقبلة.
يبقى الأهم تصوّر المعنيين لسبل تلافي فشل المحفظة
الوطنية. وهنا تتجمّع جملة أفكارٍ من عددٍ من المعنيّين الذين أدلوا بدلوهم في المناقشات الرسمية وغير الرسمية التي يجريها الفريق الحكومي:
1 - لم الخوف من الإغراق؟
في الحديث عن دعم السوق هناك قلق دائم من أن أي مبلغ قد لا يكون كافياً لإنعاش السوق، لأن هناك من ينتظر ظهور أي مشترٍ ليرمي عليه أسهمه.
جواباً على ذلك، يقول أحد المعنيين إن هذا الخوف لا معنى له إذا كان الشراء يتم على أسس ربحية 100 في المئة، بمعنى أن يكون واضحاً أن أسعار الأسهم المشتراة أدنى من قيمتها العادلة، ولا شك أن هناك الكثير من السلع التي ينطبق عليها هذا الوصف.
2 - المدير الأجنبي
بعيداً عن التشكيك بكفاءة المديرين المحليين للمحفظة الوطنية، هناك من طرح فكرة الاستعانة بمدير أجنبي للصندوق الجديد المقترح لتحقيق جملة أهداف منها: (أ) إعفاء الصندوق من الإحراجات المحليّة التي قد ترافق شراء سهم هنا أو بيع سهم هناك، و(ب) ضمان التوجه الربحي البحت، بحيث تكون التقييمات موثوقة وضامنة لأن السلع المشتراة مجدية، وبعيدة عن شبهة المحاباة.
3 - شراكة البنوك
يعتقد المعنيّون أن شراكة البنوك في الصندوق الجديد المقترح تعطيه صبغة أبعد من صورة المال العام الذي يتدخّل لتنفيع الجيوب وترفيع الأسهم بلا حساب للأكلاف. فالبنوك شركات مساهمة، ودخولها في الصندوق يعطي نوعاً من الضمان للتوجه الربحي البحت للصندوق، لكن بروح أكثر إقداما مما كانت عليه المحفظة الوطنية.
4 - لكي لا يضيع العمل هباء...
كانت ذريعة الإحجام الدائمة لدى إدارة المحفظة الوطنيّة أن السوق يمكن أن يبتلعها لكن يتم ضخها إذا كان مناخ الثقة غير موجود. وبالفعل، خبِرت المحفظة الوطنية مواقف عدّة كان بعض المستثمرين، والمضاربين الكبار أحياناً، يستغلونها فيها لتصريف كمياتهم ما إن يشمّوا رائحة دخول من المحفظة للشراء.
وحتى الآن، هناك من يحذّر من أن أي شراء حكومي أو شبه حكومي يمكن أن يصعد بالسوق لفترة محدودة فقط، ما لم تتوافّر عوامل أخرى تحفظ تلك المكاسب وتدفع بها إلى محطات أعلى. ويبقى هذا محذوراً لا يمكن التغاضي عنه، وسبق أن خبرته المحفظة الوطنية مرات عدة.
لهذا السبب يكتسب الحديث عن «السلّة المتكاملة» من الحلول أهمية مضاعفة.
في هذا الصدد، تشير مصادر مطلعة إلى أن المقترحات المتداولة لدعم السوق وشراء الأصول ليست إلا جزءاً من التصوّر الأشمل للتدابير المنتظرة. أما الصورة الكاملة ففيها «اللي تبيه»، بحسب أحد الذين يسهرون على إعدادها.
والكلام هنا عن تدابير غير مسبوقة لدعم المشاريع الصغيرة، (ربما عبر توفير الأراضي وغير ذلك)، وتسهيل إجراءات التراخيص وتشجيع الاستثمار.
في ظل كل ما سبق، هناك من يهمس بأن حكم المحكمة الدستورية في شأن قانون الانتخاب سيشكل اختباراً صعباً للثقة في سوق الأسهم، وهناك من يجيب بأن الجديّة الحكوميّة في المعالجات الاقتصادية ربما تصرف الأنظار إلى مكان آخر.