| د. فهيد البصيري |
لقد أثبت المجتمع الاسلامي أنه مجتمع هش أو بالمرة مجتمع من القش تستطيع احراقه متى شئت، (توديه بكلمة وتجيبه بكلمة، وترقصه على كلمة ونص )، فحادثة الفيلم الذي قامت الدينا بسببها ولم تقعد، كشفت المستور وفضحتنا أمام المبصرين والعور، وأثبتت أن المجتمع العربي والمسلم مجتمع انفعالي ساذج لا يستطيع مواجهة الثقافات الأخرى بالحجة والدليل القاطع، فردة الفعل على الفيلم المسيء للرسول الكريم كانت غوغائية ولا تنم عن حب للرسول ولا حب للاسلام ولا حب للأوطان.
والاعتداء على مقام الرسول صلى الله عليه وسلم مسألة قديمة ومتكررة، وبدأت منذ عهد النبوة، وقد تعامل النبي مع هذه المشاكل بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان صلى الله عليه وسلم يحارب على جميع الجبهات فهو يحارب اليهود ويجادل المسيحيين والمشركين، وهم كذلك لم يدعوا وسيلة الا واستخدموها ضده، ورغم ذلك لم يتزحزح النبي الكريم عن رسالته ولم يفكر في تجنيد انتحاريين ولم يقتل رسل الكفار، بل قارعهم بالحجة والبرهان وعفا عن المسيئين منهم وفي النهاية انتصر وانتشرت الرسالة، وهم ذهبوا مع الريح وأصبحوا نسيا منسيا.
ولكن هيهات بين الرسول وصحابته، وابن لادن وأصحابه. وأين الثرى من الثريا، ومع ذلك رب ضارة نافعة فقد كشفت حادثة محاولة اقتحام السفارة الأميركية في الكويت أن بيننا ارهابيين بالفطرة! وأن هناك الكثيرين ممن ما زالوا يؤمنون بالفكر (المقعدي) - نسبة الى القاعدة - ولولا لطف الله وحزم قوات الأمن لوقع المحظور واستباحت الغوغاء سفارة الولايات المتحدة تلك الليلة، وكأنهم يجاهدون في سبيل المفاعل النووي الايراني أو نصرة لنظام بشار أو ثأرا لصدام حسين ولابن لادن.
وبالله عليكم ما هو الرابط بين فيلم أنتجه شخص نكرة ونشره على شبكة الإنترنت وبين الحكومة الأميركية أو الألمانية أو الانكليزية؟ ثم لماذا (الزعل) وعلى ماذا هذه الهجمة المضرية؟ فها نحن نلعن سكان كوكب الارض من غير المسلمين صبحا وعشيا وندعو الله أن يزلزل الارض تحت أقدامهم رغم أننا الخاسرون في هذه المسألة! بل نحن اشد عداوة على بعضنا منهم، فنحن نسب بعضنا ونكفر كل من ليس على طريقتنا في الاسلام، بل ونؤكد الانقسام والفرقة! ونصحح الحديث الضعيف «تتفرق امتي ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة»!
فلا عجب أن يخرج من بيننا من يهتف (يا أوباما كلنا أسامة)، وقد قلنا لكم بيننا متطرفين وقلتم (فال الله ولا فالك)، وقلنا ان بيننا متخلفين وقلتم بل العرب أصل الحضارات، وقلنا ان مشكلتنا فينا وقلتم بل هي مؤامرة، وقلنا اننا مجتمع نشأ على كره الاخر ولو كان أخيه في الاسلام، وقلتم بل انما المؤمنون أخوة، وقلنا لكم أن المجتمع غُسل مخه (وعلى الله العوض ومنه العوض) فقلتم (ان الله يهدي من يشاء)! ولكنكم نسيتم (ويضل من يشاء). والله لا يهدي القوم الظالمين.
[email protected]