شعر / بَيْتُ الْكُوَيْتِ لِلْأَعْمالِ الْوَطَنِيَّة

وليد القلاف


| وليد القلاف (الخراز) |
بَيْتُ الْكُوَيْتِ إذا ازْدَهى بِمَزِيَّةْ
فَكَمِ ازْدَهَتْ أَعْمالُهُ الْوَطَنِيَّةْ
قَدْ زُرْتُهُ يَوْمَ الْخَميسِ.. وَيا لَها
مِنْ زَوْرَةٍ تَذَرُ النُّفوسَ رَضِيَّةْ**
ما إنْ دَخَلْتُ فِناءَهُ حَتّى رَأَتْ
عَيْنايَ أَضْواءَ الْوَفاءِ جَلِيَّةْ
يُعْلي مَبادِئَهُ بِها.. وَإذا عَلَتْ
فَدُروبُهُ بَيْنَ النُّجومِ سَوِيَّةْ
وَكَأَنَّهُ الْقَصْرُ الرَّفيعُ بِناؤُهُ
مِمّا تُجَسِّدُهُ الرُّؤى الْمَرْضِيَّةْ
دانَتْ لَهُ الْأَيّامُ وَهْيَ عَنيدَةٌ
وَشَدَتْ بِهِ الْأَشْعارُ وَهْيَ عَصِيَّةْ
لَوْلا الْوَفاءُ لَما سَمَتْ أَعْمالُهُ
وَلَما صَفَتْ لَوْلا صَفاءُ النِّيَّةْ
هُوَ بَيْتُ مَلْحَمَةِ الْكِفاحِ.. وَكَمْ بِهِ
مِنْ فِكْرَةٍ رَغْمَ الظَّلامِ سَنِيَّةْ
فَهُنا مُسايَرَةُ الْعُصورِ مُقيمَةٌ
وَهُناكَ فَلْسَفَةُ الْحَياةِ زَهِيَّةْ
وَهُنالِكَ الْعِبَـرُ الْحِسانُ.. وَيا لَها
عِبَـرًا إضاءَةُ وَجْهِها ذَهَبِيَّةْ
تَسْبي النَّواظِرَ وَالْقُلوبَ تَأَلُّقًا
وَمَسارُها يَطْوي الْمَدى بِرَوِيَّةْ
ما بَيْنَ مَعْرَكَةٍ تَعاظَمَ وَقْعُها
وَحَرائِقٍ في الثَّرْوَةِ النِّفْطِيَّةْ
وَمَسيرَةٍ كانَ الرِّجالُ وَقودَها
وَهَلِ الرِّجالُ تَرى الْحَياةَ رَخِيَّةْ
مِنْ عَهْدِ مَنْ خاضوا الْبِحارَ.. وَيا لَهُمْ
مِنْ قادَةٍ مَلَكوا الرُّؤى الْبَحْرِيَّةْ
وَمَنِ امْتَطَوْا ظَهْرَ الْقِفارِ.. وَلَمْ تَزَلْ
بِكِفاحِهِمْ تَزْهو الْمُنى الْبَرِّيَّةْ
هذي هِيَ الْأَحْداثُ في الْبَيْتِ الَّذي
قامَتْ تُحَدِّثُني دُماهُ الْحَيَّةْ
هِيَ حَيَّةٌ.. بِجُسومِها.. هِيَ حَيَّةٌ
مَنْ قالَ : إنَّ جُسومَها شَمْعِيَّةْ
ما زالَ يَمْلَأُها الْبَقاءُ بِسِرِّهِ
وَكَفى بِها مَمْلوءَةً حَيَوِيَّةْ
قالَتْ.. وَقالَتْ.. وَالْخَيالُ يَقودُني
في رِحْلَةٍ رَغْمَ الْفَناءِ سَخِيَّةْ
لِلّهِ ما أَوْحَتْ إلَيَّ.. وَهَلْ أَرى
مِنْ غَيْرِها صُوَرَ الْكِفاحِ نَقِيَّةْ
فَبَدَأْتُ أَكْتُبُ وَالْقَصيدَةُ تَنْتَقي
أَفْكارَها بِطَريقَةٍ مِهَنِيَّةْ
تَصِفُ اعْتِداءَ الظّالِمينَ وَبَطْشَهُمْ
حينَ اسْتَباحوا اللُّحْمَةَ الْعَرَبِيَّةْ
قَتَلوا الرِّجالَ وَنَكَّلوا بِنِسائِهِمْ
وَلَكَمْ صَبِيٍّ قَدْ بَكى وَصَبِيَّةْ
جَعَلوا الْعَداوَةَ مَنْهَجًا يا وَيْلَهُمْ
وَبَنَوْا مَواقِفَهُمْ عَلى الْهَمَجِيَّةْ
لِلّهِ ما فَعَلوهُ حينَ تَفاخَروا
بِجَرائِمٍ مِنْها الْحَياةُ دَجِيَّةْ
لكِنَّما الْأَيّامُ دارَتْ بَيْنَنا
حَتّى اسْتَفاقَتْ شَمْسُها الْمَرْئِيَّةْ
وَإذا قَضى رَبُّ السَّماءِ لَنا فَلا
تَتَرِيَّةٌ تَبْقى وَلا بَعْثِيَّةْ
هُوَ مَنْ قَضى بِبَقائِنا وَزَوالِهِمْ
وَكَفى بِمَنْ أَحْكامُهُ مَقْضِيَّةْ
هذا هُوَ الْبَيْتُ الَّذي قَدْ زُرْتُهُ
لِأَرى بِهِ شَمْسَ الْإباءِ جَلِيَّةْ
وَأَرى الْعَباءَةَ مِنْ أَصالَتِهِ الَّتي
قَدْ طَوَّقَتْ بِعِقالِهِ الْكوفِيَّةْ
وَإلى السَّماءِ سَما كُوَيْتِيَّ الْهَوى
ما كانَ أَجْمَلَهُ هَوًى وَهُوِيَّةْ
كَمْ كانَ رَسّامًا بِفِطْرَتِهِ.. وَكَمْ
رَسَمَ الْإباءَ بِفِكْرَةٍ عَصْرِيَّةْ
وَنَرى بَصائِرَنا تُبادِلُهُ الرُّؤى
ما دامَ في الْمُهَجِ اسْتَقَرَّ طَوِيَّةْ
وَشَبيهَةٌ بِرُؤى الْبَصائِرِ دَعْوَةٌ
تَبْقى عَلى مَرِّ الزَّمانِ رَسِيَّةْ
فَهُوَ الْوَلاءُ وَما بِهِ مِنْ هِمَّةٍ
لا تَرْتَضي إلّا الْعَطاءَ مَطِيَّةْ
يَبْقى.. وَتَبْقى كَلُّ عاطِفَةٍ لَهُ
وَكَفى بِعاطِفَةِ الْقُلوبِ بَقِيَّةْ
وَلْيَكْتَسِ الْمَجْدَ الَّذي هُوَ أَصْلُهُ
لِنَراهُ مُكْتَسِيًا بِكُلِّ مَزِيَّةْ
بَيْنَ الْكَواكِبِ أَرْضُهُ وَبِناؤُهُ
وَإلى الْكُوَيْتِ يَعودُ بِالتَّبَعِيَّةْ
هذي حَقيقَتُهُ.. وَمَنْ يَسْأَلْ يَجِدْ
بَعْدَ السُّؤالِ إجابَةً قَطْعِيَّةْ
يَهْوى الْجَمالَ.. وَكَمْ يُسامِرُهُ... وَكَمْ
في ظِلِّهِ تَبْقى الزُّهورُ نَدِيَّةْ
وَلَكَمْ تَزَيَّا بِالضِّياءِ.. وَلا أَرى
- ما دُمْتُ حَيًّا- ما يُشابِهُ زِيَّهْ
وَبِقَلْبِهِ الْأَشْواقُ.. أَمّا عَيْنُهُ
فَمَتى رَنَتْ فَمِنَ الْوَفاءِ وَفِيَّةْ
وَحَمى النُّفوسَ مِنَ الضَّياعِ بِعَطْفِهِ
ما أَعْطَفَ الْحامي عَلى الْمَحْمِيَّةْ
في كُلِّ مَدْرَسَةٍ لَهُ دَرْسٌ.. وَكَمْ
عَشِقَ الصِّغارُ دُروسَهُ الْوَطَنِيَّةْ
مَهْما يَقُلْ فَالْقَوْلُ مِنْهُ وَمْضَةٌ
وَكَفى بِهِ مِنْ وَمْضَةٍ فِكْرِيَّةْ
تَسْخو الْحَياةُ لَهُ كَما يَسْخو لَها
وَكِلا السَّخاءَيْنِ ارْتَدى الْحَيَوِيَّةْ
وَإذا الدُّجى- لا قَدَّرَ اللّهُ- اعْتدى
فَالضَّوْءُ في يَدِهِ عَصًا سِحْرِيَّةْ
ما إنْ يَشيرُ إلى الدُّجـــى حَتّى نَرى
كَيْفَ الْقَضاءُ عَلى الْخُطى الْرَّجْعِيَّةْ
وَإذا ازْدَهَتْ شُهَداؤُنا في أُفْقِهِ
فَالثّاكِلاتُ مِنَ الْهُمومِ خَلِيَّةْ
عِنْدَ الْإلهِ مَقامُهُمْ.. وَكَفى بِهِ
رَبًّا عَطاياهُ الْجِزالُ كَفِيَّةْ
سَنَظَلُّ نَذْكُرُهُمْ وَلَنْ نَنْسى.. وَمَنْ
يَنْسَ الْفِداءَ فَلَيْسَ فيهِ حَمِيَّةْ
فَلْيَزْهُ بَيْتُ كُوَيْتِنا الدّاعي إلى
تَقْديرِ ما في الثَّرْوَةِ الْبَشَرِيَّةْ
كُلٌّ أَتى لِيَرى الْمُنى مَهْدِيَّةً
يا بَيْتَ هادِيَةِ الْمُنى الْمَهْدِيَّةْ
لَوْلا تَأَلُّقُكَ الْجَميلُ لَما ازْدَهَتْ
في أُفْقِنا أَقْمارُنا الْفِضِّيَّةْ
أَنْتَ الدُّخولُ إلى السَّلامِ.. وَيا لَهُ
مِنْ عالَمٍ أَحْلامُهُ وَرْدِيَّةْ
تَبْقى الزُّهورُ نَدِيَّةً في رَوْضِهِ
أَوَلَسْتَ مَنْ جَعَلَ الزُّهورَ نَدِيَّةْ
وَإذا بِناؤُكَ قَدْ أَجَلَّ ضُيوفَهُ
فَهُما أَبِـيٌّ قَدْ أَجَلَّ أَبِـيَّةْ
حَيّاكَ مَنْ نَظَمَ الْقَصيدَ.. وَلَمْ يَزَلْ
يُهْديكَ مِنْ وَحْيِ الْقَصيدِ هَدِيَّةْ
وَإذا الْكُوَيْتُ دَعَتْ إلى مَجْدٍ فَلا
قَبَلِيَّةٌ تَبْقى وَلا أُسَرِيَّةْ
وَالطّائِفِيَّةُ مَنْ أَرادَ بَقاءَها
فَلَقَدْ أَرادَ الْفَرْزَ وَالتَّبَعِيَّةْ
في الْجانِبَيْنِ نَرى بَواعِثَها.. وَهَلْ
بِسِوى التَّعَقُّلِ نَتَّقي الْعَبَثِيَّةْ
يَحْلو لَنا في الْحالِ أَنْ نَنْسى.. وَلا
نَنْسى اتِّقاءَ الْحالَةِ الْعَرَضِيَّةْ
وَعَلى الْجَميعِ تَدَرُّعُ الْحُبِّ الَّذي
بِسَناهُ أَصْبَحَتِ النُّفوسُ سَنِيَّةْ
وَجَمالُنا أَلّا نَرى مُسْتَقْبَلاً
إلّا بِتَرْكِ دَوافِعِ الْفَرْعِيَّةْ
سِنِّيَّةٌ شيعِيَّةٌ صَلَواتُنا
وَأُصولُنا حَضَرِيَّةٌ بَدَوِيَّةْ
وَلِقاؤُنا بِمَصالِحِ الشَّعْبِ ازْدَهى
مَعْناهُ.. لا بِمَصالِحٍ شَخْصِيَّةْ
وَنَرى الْمُفَرِّقَ مَنْ يُمَيِّزُ نَفْسَهُ
بِعَلامَةٍ تَدْعو إلى الْعَصَبِيَّةْ
وَمَنِ انْزَوى في قَعْرِ مَنْطِقَةٍ فَقَدْ
جَعَلَ الْكُوَيْتَ مَناطِقًا عِرْقِيَّةْ
إنَّ الْكُوَيْتَ تَضُمُّنا شَعْبًا وَلا
تَرْضى مُحاصَصَةً وَلا فِئَوِيَّةْ
هِيَ أُمُّن... وَجَميعُنا أَبْناؤُها
وَلَها عَلَيْنا الطّاعَةُ الْمَرْضِيَّةْ
فَلَكَمْ أَضاءَتْ شَمْسُها أَحْلامَنا
وَمِنَ (الْعَدانِ) جَرَتْ إلى (الصَّبِّيَّةْ)
وَ(الدَّسْمَةُ) اكْتَحَلَتْ بِها... وَضِياؤُها
في (الشِّعْبِ) مُؤْتَلِقٌ وَفي (الشّامِيَّةْ)
حَتّى ( الْفُحَيْحيلُ ) اكْتَسى بِجَمالِها
وَبِهِ (الْفُنَيْطيسُ) اكْتَسى وَ(هَدِيَّةْ)
وَ(النِّزْهَةُ) الْحَسْناءُ مِنْها تَرْتَضي
ما يَرْتَضيهِ (الشَّرْقُ) وَ(الْعُمَرِيَّةْ)
وَ(الْقَيْرَوانُ) رَأى (الدِّعِيَّةَ) فَارْتَقى
بِمَشاعِرٍ هِيَ دائِمًا أَخَوِيَّةْ
وَكَما ارْتَقى تَبْقى (الْمَسيلَةُ) تَرْتَقي
بِحِوارِ ( كاظِمَةِ ) الرُّبى الْعُذْرِيَّةْ
أَمّا ( الْقُرَيْنُ ) فَكَمْ زَها حَتّى زَهَتْ
أَخَواتُهُ بِأَصالَةٍ شَعْبِيَّةْ
وَإذا ( الشُّوَيْخُ ) مَعَ ( النَّسيمِ ) تَحاوَرا
فَكِلاهُما يُصْفي الْوِدادَ أُخَيَّهْ
هذي الْكُوَيْتُ.. وَهؤُلاءِ عِيالُها
يَتَعامَلونَ بِكُلِّ إنْسانِيَّةْ
فَلْنَعْتَنِقْ أَخْلاقَهُمْ لِنَرى بِها
كَيْفَ اعْتِناقُ الْوَحْدَةِ الْوَطَنِيَّةْ
وَخِتامُها نُهْدي الْأَميرَ سَلامَنا
وَإلى وَلِيِّ الْعَهْدِ أَلْفَ تَحِيَّةْ
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
ما غَرَّدَتْ في الدَّوْحَةِ الْقُمْرِيَّةْ
www.waleed-alqalaf.blogspot.com
بَيْتُ الْكُوَيْتِ إذا ازْدَهى بِمَزِيَّةْ
فَكَمِ ازْدَهَتْ أَعْمالُهُ الْوَطَنِيَّةْ
قَدْ زُرْتُهُ يَوْمَ الْخَميسِ.. وَيا لَها
مِنْ زَوْرَةٍ تَذَرُ النُّفوسَ رَضِيَّةْ**
ما إنْ دَخَلْتُ فِناءَهُ حَتّى رَأَتْ
عَيْنايَ أَضْواءَ الْوَفاءِ جَلِيَّةْ
يُعْلي مَبادِئَهُ بِها.. وَإذا عَلَتْ
فَدُروبُهُ بَيْنَ النُّجومِ سَوِيَّةْ
وَكَأَنَّهُ الْقَصْرُ الرَّفيعُ بِناؤُهُ
مِمّا تُجَسِّدُهُ الرُّؤى الْمَرْضِيَّةْ
دانَتْ لَهُ الْأَيّامُ وَهْيَ عَنيدَةٌ
وَشَدَتْ بِهِ الْأَشْعارُ وَهْيَ عَصِيَّةْ
لَوْلا الْوَفاءُ لَما سَمَتْ أَعْمالُهُ
وَلَما صَفَتْ لَوْلا صَفاءُ النِّيَّةْ
هُوَ بَيْتُ مَلْحَمَةِ الْكِفاحِ.. وَكَمْ بِهِ
مِنْ فِكْرَةٍ رَغْمَ الظَّلامِ سَنِيَّةْ
فَهُنا مُسايَرَةُ الْعُصورِ مُقيمَةٌ
وَهُناكَ فَلْسَفَةُ الْحَياةِ زَهِيَّةْ
وَهُنالِكَ الْعِبَـرُ الْحِسانُ.. وَيا لَها
عِبَـرًا إضاءَةُ وَجْهِها ذَهَبِيَّةْ
تَسْبي النَّواظِرَ وَالْقُلوبَ تَأَلُّقًا
وَمَسارُها يَطْوي الْمَدى بِرَوِيَّةْ
ما بَيْنَ مَعْرَكَةٍ تَعاظَمَ وَقْعُها
وَحَرائِقٍ في الثَّرْوَةِ النِّفْطِيَّةْ
وَمَسيرَةٍ كانَ الرِّجالُ وَقودَها
وَهَلِ الرِّجالُ تَرى الْحَياةَ رَخِيَّةْ
مِنْ عَهْدِ مَنْ خاضوا الْبِحارَ.. وَيا لَهُمْ
مِنْ قادَةٍ مَلَكوا الرُّؤى الْبَحْرِيَّةْ
وَمَنِ امْتَطَوْا ظَهْرَ الْقِفارِ.. وَلَمْ تَزَلْ
بِكِفاحِهِمْ تَزْهو الْمُنى الْبَرِّيَّةْ
هذي هِيَ الْأَحْداثُ في الْبَيْتِ الَّذي
قامَتْ تُحَدِّثُني دُماهُ الْحَيَّةْ
هِيَ حَيَّةٌ.. بِجُسومِها.. هِيَ حَيَّةٌ
مَنْ قالَ : إنَّ جُسومَها شَمْعِيَّةْ
ما زالَ يَمْلَأُها الْبَقاءُ بِسِرِّهِ
وَكَفى بِها مَمْلوءَةً حَيَوِيَّةْ
قالَتْ.. وَقالَتْ.. وَالْخَيالُ يَقودُني
في رِحْلَةٍ رَغْمَ الْفَناءِ سَخِيَّةْ
لِلّهِ ما أَوْحَتْ إلَيَّ.. وَهَلْ أَرى
مِنْ غَيْرِها صُوَرَ الْكِفاحِ نَقِيَّةْ
فَبَدَأْتُ أَكْتُبُ وَالْقَصيدَةُ تَنْتَقي
أَفْكارَها بِطَريقَةٍ مِهَنِيَّةْ
تَصِفُ اعْتِداءَ الظّالِمينَ وَبَطْشَهُمْ
حينَ اسْتَباحوا اللُّحْمَةَ الْعَرَبِيَّةْ
قَتَلوا الرِّجالَ وَنَكَّلوا بِنِسائِهِمْ
وَلَكَمْ صَبِيٍّ قَدْ بَكى وَصَبِيَّةْ
جَعَلوا الْعَداوَةَ مَنْهَجًا يا وَيْلَهُمْ
وَبَنَوْا مَواقِفَهُمْ عَلى الْهَمَجِيَّةْ
لِلّهِ ما فَعَلوهُ حينَ تَفاخَروا
بِجَرائِمٍ مِنْها الْحَياةُ دَجِيَّةْ
لكِنَّما الْأَيّامُ دارَتْ بَيْنَنا
حَتّى اسْتَفاقَتْ شَمْسُها الْمَرْئِيَّةْ
وَإذا قَضى رَبُّ السَّماءِ لَنا فَلا
تَتَرِيَّةٌ تَبْقى وَلا بَعْثِيَّةْ
هُوَ مَنْ قَضى بِبَقائِنا وَزَوالِهِمْ
وَكَفى بِمَنْ أَحْكامُهُ مَقْضِيَّةْ
هذا هُوَ الْبَيْتُ الَّذي قَدْ زُرْتُهُ
لِأَرى بِهِ شَمْسَ الْإباءِ جَلِيَّةْ
وَأَرى الْعَباءَةَ مِنْ أَصالَتِهِ الَّتي
قَدْ طَوَّقَتْ بِعِقالِهِ الْكوفِيَّةْ
وَإلى السَّماءِ سَما كُوَيْتِيَّ الْهَوى
ما كانَ أَجْمَلَهُ هَوًى وَهُوِيَّةْ
كَمْ كانَ رَسّامًا بِفِطْرَتِهِ.. وَكَمْ
رَسَمَ الْإباءَ بِفِكْرَةٍ عَصْرِيَّةْ
وَنَرى بَصائِرَنا تُبادِلُهُ الرُّؤى
ما دامَ في الْمُهَجِ اسْتَقَرَّ طَوِيَّةْ
وَشَبيهَةٌ بِرُؤى الْبَصائِرِ دَعْوَةٌ
تَبْقى عَلى مَرِّ الزَّمانِ رَسِيَّةْ
فَهُوَ الْوَلاءُ وَما بِهِ مِنْ هِمَّةٍ
لا تَرْتَضي إلّا الْعَطاءَ مَطِيَّةْ
يَبْقى.. وَتَبْقى كَلُّ عاطِفَةٍ لَهُ
وَكَفى بِعاطِفَةِ الْقُلوبِ بَقِيَّةْ
وَلْيَكْتَسِ الْمَجْدَ الَّذي هُوَ أَصْلُهُ
لِنَراهُ مُكْتَسِيًا بِكُلِّ مَزِيَّةْ
بَيْنَ الْكَواكِبِ أَرْضُهُ وَبِناؤُهُ
وَإلى الْكُوَيْتِ يَعودُ بِالتَّبَعِيَّةْ
هذي حَقيقَتُهُ.. وَمَنْ يَسْأَلْ يَجِدْ
بَعْدَ السُّؤالِ إجابَةً قَطْعِيَّةْ
يَهْوى الْجَمالَ.. وَكَمْ يُسامِرُهُ... وَكَمْ
في ظِلِّهِ تَبْقى الزُّهورُ نَدِيَّةْ
وَلَكَمْ تَزَيَّا بِالضِّياءِ.. وَلا أَرى
- ما دُمْتُ حَيًّا- ما يُشابِهُ زِيَّهْ
وَبِقَلْبِهِ الْأَشْواقُ.. أَمّا عَيْنُهُ
فَمَتى رَنَتْ فَمِنَ الْوَفاءِ وَفِيَّةْ
وَحَمى النُّفوسَ مِنَ الضَّياعِ بِعَطْفِهِ
ما أَعْطَفَ الْحامي عَلى الْمَحْمِيَّةْ
في كُلِّ مَدْرَسَةٍ لَهُ دَرْسٌ.. وَكَمْ
عَشِقَ الصِّغارُ دُروسَهُ الْوَطَنِيَّةْ
مَهْما يَقُلْ فَالْقَوْلُ مِنْهُ وَمْضَةٌ
وَكَفى بِهِ مِنْ وَمْضَةٍ فِكْرِيَّةْ
تَسْخو الْحَياةُ لَهُ كَما يَسْخو لَها
وَكِلا السَّخاءَيْنِ ارْتَدى الْحَيَوِيَّةْ
وَإذا الدُّجى- لا قَدَّرَ اللّهُ- اعْتدى
فَالضَّوْءُ في يَدِهِ عَصًا سِحْرِيَّةْ
ما إنْ يَشيرُ إلى الدُّجـــى حَتّى نَرى
كَيْفَ الْقَضاءُ عَلى الْخُطى الْرَّجْعِيَّةْ
وَإذا ازْدَهَتْ شُهَداؤُنا في أُفْقِهِ
فَالثّاكِلاتُ مِنَ الْهُمومِ خَلِيَّةْ
عِنْدَ الْإلهِ مَقامُهُمْ.. وَكَفى بِهِ
رَبًّا عَطاياهُ الْجِزالُ كَفِيَّةْ
سَنَظَلُّ نَذْكُرُهُمْ وَلَنْ نَنْسى.. وَمَنْ
يَنْسَ الْفِداءَ فَلَيْسَ فيهِ حَمِيَّةْ
فَلْيَزْهُ بَيْتُ كُوَيْتِنا الدّاعي إلى
تَقْديرِ ما في الثَّرْوَةِ الْبَشَرِيَّةْ
كُلٌّ أَتى لِيَرى الْمُنى مَهْدِيَّةً
يا بَيْتَ هادِيَةِ الْمُنى الْمَهْدِيَّةْ
لَوْلا تَأَلُّقُكَ الْجَميلُ لَما ازْدَهَتْ
في أُفْقِنا أَقْمارُنا الْفِضِّيَّةْ
أَنْتَ الدُّخولُ إلى السَّلامِ.. وَيا لَهُ
مِنْ عالَمٍ أَحْلامُهُ وَرْدِيَّةْ
تَبْقى الزُّهورُ نَدِيَّةً في رَوْضِهِ
أَوَلَسْتَ مَنْ جَعَلَ الزُّهورَ نَدِيَّةْ
وَإذا بِناؤُكَ قَدْ أَجَلَّ ضُيوفَهُ
فَهُما أَبِـيٌّ قَدْ أَجَلَّ أَبِـيَّةْ
حَيّاكَ مَنْ نَظَمَ الْقَصيدَ.. وَلَمْ يَزَلْ
يُهْديكَ مِنْ وَحْيِ الْقَصيدِ هَدِيَّةْ
وَإذا الْكُوَيْتُ دَعَتْ إلى مَجْدٍ فَلا
قَبَلِيَّةٌ تَبْقى وَلا أُسَرِيَّةْ
وَالطّائِفِيَّةُ مَنْ أَرادَ بَقاءَها
فَلَقَدْ أَرادَ الْفَرْزَ وَالتَّبَعِيَّةْ
في الْجانِبَيْنِ نَرى بَواعِثَها.. وَهَلْ
بِسِوى التَّعَقُّلِ نَتَّقي الْعَبَثِيَّةْ
يَحْلو لَنا في الْحالِ أَنْ نَنْسى.. وَلا
نَنْسى اتِّقاءَ الْحالَةِ الْعَرَضِيَّةْ
وَعَلى الْجَميعِ تَدَرُّعُ الْحُبِّ الَّذي
بِسَناهُ أَصْبَحَتِ النُّفوسُ سَنِيَّةْ
وَجَمالُنا أَلّا نَرى مُسْتَقْبَلاً
إلّا بِتَرْكِ دَوافِعِ الْفَرْعِيَّةْ
سِنِّيَّةٌ شيعِيَّةٌ صَلَواتُنا
وَأُصولُنا حَضَرِيَّةٌ بَدَوِيَّةْ
وَلِقاؤُنا بِمَصالِحِ الشَّعْبِ ازْدَهى
مَعْناهُ.. لا بِمَصالِحٍ شَخْصِيَّةْ
وَنَرى الْمُفَرِّقَ مَنْ يُمَيِّزُ نَفْسَهُ
بِعَلامَةٍ تَدْعو إلى الْعَصَبِيَّةْ
وَمَنِ انْزَوى في قَعْرِ مَنْطِقَةٍ فَقَدْ
جَعَلَ الْكُوَيْتَ مَناطِقًا عِرْقِيَّةْ
إنَّ الْكُوَيْتَ تَضُمُّنا شَعْبًا وَلا
تَرْضى مُحاصَصَةً وَلا فِئَوِيَّةْ
هِيَ أُمُّن... وَجَميعُنا أَبْناؤُها
وَلَها عَلَيْنا الطّاعَةُ الْمَرْضِيَّةْ
فَلَكَمْ أَضاءَتْ شَمْسُها أَحْلامَنا
وَمِنَ (الْعَدانِ) جَرَتْ إلى (الصَّبِّيَّةْ)
وَ(الدَّسْمَةُ) اكْتَحَلَتْ بِها... وَضِياؤُها
في (الشِّعْبِ) مُؤْتَلِقٌ وَفي (الشّامِيَّةْ)
حَتّى ( الْفُحَيْحيلُ ) اكْتَسى بِجَمالِها
وَبِهِ (الْفُنَيْطيسُ) اكْتَسى وَ(هَدِيَّةْ)
وَ(النِّزْهَةُ) الْحَسْناءُ مِنْها تَرْتَضي
ما يَرْتَضيهِ (الشَّرْقُ) وَ(الْعُمَرِيَّةْ)
وَ(الْقَيْرَوانُ) رَأى (الدِّعِيَّةَ) فَارْتَقى
بِمَشاعِرٍ هِيَ دائِمًا أَخَوِيَّةْ
وَكَما ارْتَقى تَبْقى (الْمَسيلَةُ) تَرْتَقي
بِحِوارِ ( كاظِمَةِ ) الرُّبى الْعُذْرِيَّةْ
أَمّا ( الْقُرَيْنُ ) فَكَمْ زَها حَتّى زَهَتْ
أَخَواتُهُ بِأَصالَةٍ شَعْبِيَّةْ
وَإذا ( الشُّوَيْخُ ) مَعَ ( النَّسيمِ ) تَحاوَرا
فَكِلاهُما يُصْفي الْوِدادَ أُخَيَّهْ
هذي الْكُوَيْتُ.. وَهؤُلاءِ عِيالُها
يَتَعامَلونَ بِكُلِّ إنْسانِيَّةْ
فَلْنَعْتَنِقْ أَخْلاقَهُمْ لِنَرى بِها
كَيْفَ اعْتِناقُ الْوَحْدَةِ الْوَطَنِيَّةْ
وَخِتامُها نُهْدي الْأَميرَ سَلامَنا
وَإلى وَلِيِّ الْعَهْدِ أَلْفَ تَحِيَّةْ
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
ما غَرَّدَتْ في الدَّوْحَةِ الْقُمْرِيَّةْ
www.waleed-alqalaf.blogspot.com