خواطر تقرع الأجراس / إلا رسول الله!

مصطفى سليمان


| مصطفى سليمان |
بعد حرب 1967، وحرق المسجد الأقصى، هبت ملايين المسلمين في العالم تندد وتهدد وتحرق، وتحطم وتهشم، وخشي العالم من إعلان (الجهاد المقدس)!**
كان تعليق وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان: نحن نفهم نفسية هذه الشعوب، إنه مجرد هياج جماعي، ومظاهرات صاخبة وحرائق لأيام عدة ثم ينتهي كل شيء!
كم مرَّ علينا منذ تلك الحادثة من النكبات والجرائم، والانتهاكات للحرمات المقدسة ورموزها، وأقلها حرق القرآن الكريم في محفل عام، من قِبَل القس تيري جونز، ذلك المهووس بخرافات القرون الوسطى وأباطيلها اللاهوتية!
واليوم فيلم يشوه صورة الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بإدارة ذلك القس الجاهل المتعصب. والجهل مع التعصب عاهة عقلية ونفسية وارتداد حضاري إلى عصور ما قبل التنوير.
ماذا حدث؟ هياج جماعي. إحراق سفارات. قتل سفير أميركي وعدد من حراس السفارة. رفع شعار، أراه غريب الدلالة: (إلا رسول الله)!
شخصياً أفهم من هذه اللافتة: أيها العالم، لتعلمْ أن كل شيء لدينا نحن المسلمين مباح نتساهل فيه... إلا رسول الله!
اقتلوا الأطفال احرقوهم، اذبحوهم بسكاكين المطابخ. اقتلوا الآلاف من إخوتنا المسلمين. اقتلوا واسبوا النساء واغتصبوهن. دمروا المدن والمساكن فوق رؤوس إخوتنا في الدين. شرّدوا الملايين نازحين في أوطانهم، ومهاجرين لاجئين يعبرون حدود المجهول. شنّعوا بكل الأنبياء في أفلامكم ومسرحياتكم وكتبكم، خصوصا «مسيحكم» الذي خضتم حروبكم الصليبية لتحرير قبره منا (نحن الكفار)!
كل هذا مباح... إلا رسول الله!
عجبت حقاً لهذه الأمة! ما الخلل في «الجينوم» الموروث لديها؟ لافتة واحدة تجمعها في كل القارات: تغضب. تحرق. تقتل. ثم تصمت. لكنها لا تحاور!
إنه التقصير والتهاون الفكري في تنوير عقول الآخرين بحقيقة الإسلام والمسلمين.
إنه غياب العقل وحضور الغريزة والغضب. ألم يوصنا نبينا بعدم الغضب؟
فلنترجمْ بكل اللغات ولننشرْ ما قاله نوابغ الفكر الغربي المتنورون غير المتعصبين عن الإسلام ونبيه. لنوزعْ هذه الكتب بطبعات شعبية مجانية على مستوى القارات. وأول النسخ تُهدى لأولئك الجهلاء المتعصببين. لنجادلْهم بالتي هي أحسن.
لدى بعضنا من الأموال ما يغطي سطح الكرة الأرضية. لكن نريد فكراً يغطي العقول السطحية. الذنب ذنبنا. الخطيئة خطيئتنا.
ترجموا وانشروا ما كتبه الإسكتلندي توماس كارلايل في كتابه العظيم «البطل في التاريخ». ترجموا وانشروا ما كتبه الروسي ألكسندر بوشكين شاعر الحرية في أشعاره عن «محاكاة القرآن» و»النبي».
هل تعرفون يا أصحاب اللافتات أن الروائي الروسي العظيم دوستويفسكي في حفل إقامة النصب التذكاري لبوشكين قرأ قصيدته «النبي» كلها في الحفل؟ وأن الرقابة القيصرية كانت حذفت آخرها «انتفض. انتفض يا نبي روسيا. اذهب إلى القيصر!». لأن بوشكين رأى في سيرة نبينا ثورة على الظلم والاستبداد، والقهر والفساد. حين ذهب إلى طغاة مكة. كما ذهب موسى عليه السلام إلى فرعون الذي طغى.
ترجموا وانشروا عالمياً ما كتبه الألماني غوتيه في «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي» ووِلْ ديورَنْت في موسوعته الشهيرة (قصة الحضارة) وغوستاف لوبون في كتابه العظيم «حضارة العرب». وفولتير ولامارتين وتولستوي وروجيه جارودي، الذي حوكم للإساءة إلى الهولوكوست!وفيلسوف الحضارة أرنولد توينبي. صحّحوا ما اختلقه ماركو بولو في رحلاته وما زيفه دانتي في «الكوميديا الإلهية»، وكثيرٌ من المستشرقين غير المنصفين الباحثين عن الأباطيل والخرافات وإثارة العداوات بين الشعوب وأديانها.
ثم ماذا؟ ألا تسعون إلى تحقيق ونشر كنوز التراث العربي الإسلامي المحفوظة في خزائن الغرب والمنهوبة منذ الحروب الصليبية ليعرفوا من نحن؟ نعم، هذا مشروع سنوات.
هل الهياج و اللافتات والحرائق وتعطيل العقل عن الحوار أجدى لكم وأسرع؟
نعم، هذا مشروع ساعات!
* كاتب سوري
بعد حرب 1967، وحرق المسجد الأقصى، هبت ملايين المسلمين في العالم تندد وتهدد وتحرق، وتحطم وتهشم، وخشي العالم من إعلان (الجهاد المقدس)!**
كان تعليق وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان: نحن نفهم نفسية هذه الشعوب، إنه مجرد هياج جماعي، ومظاهرات صاخبة وحرائق لأيام عدة ثم ينتهي كل شيء!
كم مرَّ علينا منذ تلك الحادثة من النكبات والجرائم، والانتهاكات للحرمات المقدسة ورموزها، وأقلها حرق القرآن الكريم في محفل عام، من قِبَل القس تيري جونز، ذلك المهووس بخرافات القرون الوسطى وأباطيلها اللاهوتية!
واليوم فيلم يشوه صورة الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بإدارة ذلك القس الجاهل المتعصب. والجهل مع التعصب عاهة عقلية ونفسية وارتداد حضاري إلى عصور ما قبل التنوير.
ماذا حدث؟ هياج جماعي. إحراق سفارات. قتل سفير أميركي وعدد من حراس السفارة. رفع شعار، أراه غريب الدلالة: (إلا رسول الله)!
شخصياً أفهم من هذه اللافتة: أيها العالم، لتعلمْ أن كل شيء لدينا نحن المسلمين مباح نتساهل فيه... إلا رسول الله!
اقتلوا الأطفال احرقوهم، اذبحوهم بسكاكين المطابخ. اقتلوا الآلاف من إخوتنا المسلمين. اقتلوا واسبوا النساء واغتصبوهن. دمروا المدن والمساكن فوق رؤوس إخوتنا في الدين. شرّدوا الملايين نازحين في أوطانهم، ومهاجرين لاجئين يعبرون حدود المجهول. شنّعوا بكل الأنبياء في أفلامكم ومسرحياتكم وكتبكم، خصوصا «مسيحكم» الذي خضتم حروبكم الصليبية لتحرير قبره منا (نحن الكفار)!
كل هذا مباح... إلا رسول الله!
عجبت حقاً لهذه الأمة! ما الخلل في «الجينوم» الموروث لديها؟ لافتة واحدة تجمعها في كل القارات: تغضب. تحرق. تقتل. ثم تصمت. لكنها لا تحاور!
إنه التقصير والتهاون الفكري في تنوير عقول الآخرين بحقيقة الإسلام والمسلمين.
إنه غياب العقل وحضور الغريزة والغضب. ألم يوصنا نبينا بعدم الغضب؟
فلنترجمْ بكل اللغات ولننشرْ ما قاله نوابغ الفكر الغربي المتنورون غير المتعصبين عن الإسلام ونبيه. لنوزعْ هذه الكتب بطبعات شعبية مجانية على مستوى القارات. وأول النسخ تُهدى لأولئك الجهلاء المتعصببين. لنجادلْهم بالتي هي أحسن.
لدى بعضنا من الأموال ما يغطي سطح الكرة الأرضية. لكن نريد فكراً يغطي العقول السطحية. الذنب ذنبنا. الخطيئة خطيئتنا.
ترجموا وانشروا ما كتبه الإسكتلندي توماس كارلايل في كتابه العظيم «البطل في التاريخ». ترجموا وانشروا ما كتبه الروسي ألكسندر بوشكين شاعر الحرية في أشعاره عن «محاكاة القرآن» و»النبي».
هل تعرفون يا أصحاب اللافتات أن الروائي الروسي العظيم دوستويفسكي في حفل إقامة النصب التذكاري لبوشكين قرأ قصيدته «النبي» كلها في الحفل؟ وأن الرقابة القيصرية كانت حذفت آخرها «انتفض. انتفض يا نبي روسيا. اذهب إلى القيصر!». لأن بوشكين رأى في سيرة نبينا ثورة على الظلم والاستبداد، والقهر والفساد. حين ذهب إلى طغاة مكة. كما ذهب موسى عليه السلام إلى فرعون الذي طغى.
ترجموا وانشروا عالمياً ما كتبه الألماني غوتيه في «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي» ووِلْ ديورَنْت في موسوعته الشهيرة (قصة الحضارة) وغوستاف لوبون في كتابه العظيم «حضارة العرب». وفولتير ولامارتين وتولستوي وروجيه جارودي، الذي حوكم للإساءة إلى الهولوكوست!وفيلسوف الحضارة أرنولد توينبي. صحّحوا ما اختلقه ماركو بولو في رحلاته وما زيفه دانتي في «الكوميديا الإلهية»، وكثيرٌ من المستشرقين غير المنصفين الباحثين عن الأباطيل والخرافات وإثارة العداوات بين الشعوب وأديانها.
ثم ماذا؟ ألا تسعون إلى تحقيق ونشر كنوز التراث العربي الإسلامي المحفوظة في خزائن الغرب والمنهوبة منذ الحروب الصليبية ليعرفوا من نحن؟ نعم، هذا مشروع سنوات.
هل الهياج و اللافتات والحرائق وتعطيل العقل عن الحوار أجدى لكم وأسرع؟
نعم، هذا مشروع ساعات!
* كاتب سوري