«لوقف توريد السلاح إلى سورية واعتماد الحوار»

البابا يدعو المسيحيين والمسلمين واليهود إلى «استئصال» الأصولية

تصغير
تكبير
| بيروت ـ «الراي» |

دعا البابا بنديكتوس السادس عشر في الارشاد الرسولي الذي وقعه مساء امس، في بازيليك القديس بولس في حريصا بلبنان، المسيحيين والمسلمين واليهود الى «استئصال الاصولية الدينية» التي تشكل تهديدا «قاتلا»، في وقت يشهد الشرق الاوسط اضطرابات اثر الاحتجاجات على فيلم مسيء للاسلام.

وكتب البابا: «اوجه دعوة ملحة الى كل المسؤولين الدينيين اليهود والمسيحيين والمسلمين في المنطقة لكي يسعوا (...) الى بذل كل الجهود لاستئصال هذا التهديد الذي يطال بدون تفرقة وبشكل قاتل المؤمنين من كل الاديان».

ويتضمن الارشاد الرسولي توصيات السينودس حول الشرق الاوسط الذي عقد في اكتوبر 2010 في الفاتيكان. ووقعه البابا مساء امس، في حريصا قرب بيروت، المحطة الاولى من زيارته التي تستغرق ثلاثة ايام الى لبنان، في حضور رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومسؤولين كنسيين.

واعتبر البابا ان هذه الاصولية «تصيب بالالم كل المجموعات الدينية وتنكر العيش المشترك العلماني» الذي طبع بايجابية دولا مثل لبنان.

وجاء في الارشاد ان «التقلبات الاقتصادية-السياسية وقدرة التلاعب لدى البعض والفهم المنقوص للدين، بين اسباب اخرى، تشكل مهدا للاصولية الدينية».

وفي وقت سابق، دعا البابا بينيديكتوس السادس عشر إلى «وقف ارسال الاسلحة الى سورية حيث يدور نزاع مسلح اوقع آلاف القتلى»، معلناً «ان ارسال الاسلحة يجب ان يتوقف نهائيا، لانه من دون ارسال الاسلحة لا يمكن للحرب ان تستمر».

وقال في حديث الى الصحافيين على متن الطائرة التي اقلته من روما الى بيروت: «بما ان الوضع في سورية يصبح اكثر تعقيداً، من الضروري اكثر اعطاء اشارة الصداقة والتشجيع والتضامن هذه، انه مغزى زيارتي: الدعوة الى الحوار ضد العنف والمضي معا لإيجاد حل للقضية».

واذ اعتبر ان «الانتفاضات في العالم العربي التي ادت الى الاطاحة بانظمة ديكتاتورية في تونس ومصر واليمن ايجابية»، قال: «ان الربيع العربي امر ايجابي، رغبةً بالمزيد من الديموقراطية والحرية والتعاون وبهوية عربية متجددة. ان صرخة الحرية هذه الصادرة عن شباب متقدم اكثر ثقافياً ومهنياً، يرغب في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية هي وعد وأمر ايجابي جدا، وكانت موضع ترحيب تحديدا من قبلنا كمسيحيين».

وفي حين رأى ان «الكرامة العربية المتجددة تعني تجديد مفهوم العيش معا وتسامح الغالبية والاقلية، والحرية يجب ان تتواكب مع حوار اشمل، وليست هيمنة طرف على الاخر»، اشار الى ان «الاصولية هي دائما تحريف للدين، ومهمة الكنيسة والاديان هي تنقية نفسها، وهذه المهمة يجب ان تظهر بوضوح، ان كل رجل هو صورة عن الله يجب ان نحترمها بالآخر، والرسالة الاساسية للدين يجب ان تكون رفض العنف الذي هو تحريف، مثله مثل الاصولية».

وكان البابا قال في الكلمة التي ألقاها بعيد وصوله الى مطار بيروت: «سبب زيارتي هو توقيع وتسليم الارشاد الرسولي للمجمع الخاص لسينودس الاساقفة من اجل الشرق الاوسط، الكنيسة في الشرق الاوسط. ويهدف هذا الارشاد الموجه الى العالم كله، الى ان يكون لهم خريطة طريق للاعوام المقبلة (...) أرغب في ان أحيي بتقدير كبير البطاركة والاساقفة الارثوذكس الذين قدموا لاستقبالي، وكذلك ممثلي مختلف الجماعات الدينية. فحضوركم، ايها الاصدقاء الاعزاء، يشهد على التقدير والتعاون اللذين تأملون في تعزيزهما بين الجميع عبر الاحترام المتبادل»، مضيفاً: «لا انسى الاحداث الحزينة التي أدمت بلدكم الجميل خلال سنوات طويلة. ان التعايش اللبناني، يجب ان يُظهر للشرق الاوسط بأكمله ولبقية العالم انه من المستطاع ايجاد داخل أمة ما التعاون بين مختلف الكنائس، وكلها اعضاء في الكنيسة الكاثوليكية الواحدة، بروح مشاركة أخوية مع المسيحيين الآخرين، وفي الوقت ذاته، التعايش المشترك والحوار القائم على الاحترام بين المسيحيين واخوانهم من اديان اخرى. تعرفون مثلي ان هذا التوازن، والذي يقدم في كل مكان كمثال، هو في منتهى الحساسية. وهو مهدد احيانا بالتحطم عندما يشد كوتر القوس، او عندما يخضع لضغوط، غالبا ما تكون فئوية، او حتى مادية، وهنا ينبغي اظهار الاعتدال الحقيقي والحكمة الكبيرة».

وتابع: «ان التوازن اللبناني الشهير، والراغب دائما ان يكون حقيقة واقعية، سيتمكن من الاستمرار فقط بفضل الارادة الحسنة والتزام اللبنانيين جميعا. انذاك فحسب، سيكون نموذجا لكل سكان المنطقة، وللعالم بأسره.

وأردف: «من خلال بلدكم، اتيت اليوم، وبطريقة رمزية، الى جميع بلدان الشرق الاوسط كحاج سلام، كصديق لله وكصديق لجميع سكان دول المنطقة كافة، مهما كانت انتماءاتهم او معتقداتهم. واؤكد لكم انني ساصلي بطريقة خاصة من اجل جميع الذين يتألمون في هذه المنطقة، وهم كثيرون».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي