د. تركي العازمي / وجع الحروف / العقلية الرمادية...!

تصغير
تكبير
| د. تركي العازمي |

التوقيع على نبذ «خطاب الكراهية» و «حوارات التغيير» جاء بعد أن وصل الأمر إلى حد لا يمكن السكوت عنه، وخطاب الكراهية والعبارات التي فيها تجاوز لحريات الآخرين واستهزاء ببعض الفئات أمور لا تقبل ميثاق ليوقع عليه!

إننا في عهد «التيه الاجتماعي» الذي أفرزه «التيه السياسي» والنار التي نكتوي بها سببها غياب عامل التثقيف الاجتماعي عبر وسائل الإعلام ومن خلال عقول نيرة حكيمة في طرحها العقلاني وتخاطب كل الفئات من دون تمييز!

والعقول يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي أنواع، منها عقل أبيض «نير» متسم بالشفافية يهدف إلى ترسيخ المفاهيم الوطنية وهو عقل نادر توافره في خضم الصراع الدائر على الساحة السياسية، وعقل أسود «حقود» تحركه شوائب الأنفس ويستغل كل «زلة لسان» ليبث سمومه المباشرة في الطعن وغير المباشرة عبر دس السم في العسل وهي أكثر خطرا على النسيج الاجتماعي، وهناك نجد عقل «الإمعة» الذي تارة مع مجموعة وتارة أخرى مع مجموعة أخرى على حسب بوصلة مصلحته الشخصية... إنها العقلية الرمادية!

ولو حاولنا تشبيه العقلية الرمادية بالمشاريع فالأقرب لها مفهوم مشروع نظام بناء، تأجير، نقل المعروف بـــ BRT الذي يختلف عن نظام الـــ BOT بناء،تشغيل، نقل لأن عبارة تأجير غير المفهومة أشبه بالرمادية! ومفردة «تأجير» هذه هي التي حركت حاسة حب الفضول لدي، فنحن أكثر الناس في بناء الأفكار ولا نؤجرها بل نهديها لغيرنا للتطبيق بالمجان ولا تعود لنا الصحوة إلا بعد عقود من الزمن وبعد الصحوة نختلف ونسمح للعقول السوداء ببث سمومها!

ولو عدنا إلى عهد السبعينات لوجدنا الفكرة تخرج ويتم تطبيقها على أرض الواقع لتعود بنفعها على الجميع... كانت مشاريعنا حتى وقت قريب مستغلة نظام BOT في أحسن حال إلى أن تم إيقاف العمل به في عام 2006 بعد أن انحرفت عن الغرض الذي أنشئت من أجله!

وكنا في بداية السبعينات تخرج العبارة محترمة الطرف الآخر حتى في أوجه الخلاف ونعمل بها ونعيدها إلى فهرس الممارسات الوطنية الحقة، والآن تخرج العبارة تلو الآخرى دون قياس لأثرها على الطرف الآخر... وهكذا حتى باتت الصراعات متراكمة ولم نجد من يصحح مفاهيمها أو يقبل تأجيرها منا ولو بالمجان! فإن تحدثت المعارضة... ردت المجموعة الأخرى بمفردات أكثر قسوة والمتابع يقف بين الفريقين بحثا عن مخرج... حتى خلافنا السياسي الذي أثر على وضعنا الاجتماعي لم نستطع احتواءه ومخطئ من يظن ان التوقيع على نبذ «خطاب الكراهية» سيحد من تلك الممارسات بعد سنوات شهدت سياسات مدمرة أطاحت بكل موروث اجتماعي جميل تركه لنا جيل الأجداد «ليلعب في حسبته» شياب اليوم من أصحاب العقول الرمادية!

نظام بناء تأجير ثم نقل لم نفهمه وهو أشبه بتصريحات البعض في ساحة الإرادة... ويقال والعهدة على الراوي إن بعض الأفكار تخرج من حيز التأجير... وعليه نسأل : من هو المؤجر ومن هو مصدر تلك الأفكار يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي!

قد يرى البعض غرابة في الربط بين نظام البناء والتأجير والنقل وبين عنوان المقال «العقول الرمادية» وفقرات طرحت من دون ترتيب.. ورغم أنها غريبة نوعا ما إلا انها من الجانب الفلسفي مقبولة، فنحن نعيش زمنا تؤجر فيه الافكار وكثير من أحبتنا يحبذون المضي سيرا وفق منهج «مع الخيل يا شقرا»!... ومواقف البعض في غاية الغرابة، موقفهم تجده يوما مع المعارضة وفي يوم آخر يصطفون خلف المدافعين عن الحكومة «يا أخي إن لم تكن صاحب رأي مستقل فأكرمنا بسكوتك»!

المراد، ان الأوضاع تسير في نفق مظلم... ننادي ونصرخ طلبا للفزعة للخروج من الأزمة بأعلى صوتنا ولا حياة لمن تنادي، وسامح الله العقول المؤجرة وأصحاب الافكار الهدامة والتهم المعلبة... سامح الله الجميع بمن فيهم أشباه الرجال «العقول المادية» وأصحاب فكرة «بناء، تأجير، نقل BRT» والتي لها الفضل بعد الله في تزاحم الأفكار العشوائية المنقولة لكم في ها المقال... والله المستعان!



[email protected]

Twitter: @Terki_ALazmi
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي