لماذا يؤيد حزب الله الثورات العربية وحرية الشعوب في دول ويعارضها في ... سورية؟!

«حزب الله» و«الربيع العربي» و«أثمان»... المعايير المزدوجة

تصغير
تكبير
| بيروت ـ من ريتا فرج |

قد يكون من المبكّر الحديث عن نتائج «الربيع العربي» وتداعياته على حركات المقاومة وفي طليعتها «حزب الله»، وهذا لا ينفي أن الحركات الاحتجاجية أربكت الكثيرين سواء حلفاء الأنظمة السابقة أم مَن حاول منهم الالتحاق بأصوات الجماهير الهادرة.

في البداية، بارك «حزب الله» الحراك الشعبي في تونس ومصر وليبيا واليمن، وما إن حطت الثورة في «عرين» النظام السوري حتى تبدّل الموقف. هنا استخدم الحزب لغة أخرى مفادها ان سورية «تتعرض لمؤامرة خارجية وحرب كونية» لتفكيك دورها الاقليمي الممتدّ من ايران مروراً بالعراق وصولاً الى لبنان.

لم ينف «حزب الله» حق الشعب السوري في الاصلاح شرط أن يكون من الداخل، وقد دعا قوى المعارضة السورية الى الحوار مع نظام الرئيس بشار الاسد بعدما أقر بوجود مطالب شعبية. لكن الحزب القلق من احتمالات سقوط النظام في دمشق يواجه أيضاً صعود الإسلام السياسي السني الى الحكم.

وأمام تفجر حركات الاحتجاج وما تلاها من وصول الاسلاميين الى السلطة، تكثر التساؤلات حول سلبيات وايجابيات هذا الربيع على واقع «حزب الله»: كيف سيتعامل معها؟ كيف سيتعاطى مع الإسلام السياسي السنّي؟ هل يجد في حركات الاحتجاج صدى لأدبياته المناهضة للظلم؟ وماذا يعني توجسه من نتائج «ربيع دمشق» المضرج بالدم؟

خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان العام 2006 اكتسب «حزب الله» قاعدة شعبية عربية واسعة، وما ان كرت سبحة حركات الاحتجاج مع اشراقة «الربيع العربي» حتى تبدّل المشهد. بدأ الرأي العام العربي يعطي الأولوية للاصلاح والحقوق المدنية والديموقراطية بعدما شغله المتغير الإقليمي.

وفي هذا السياق، خلص مدير مركز «كارنيغي» في بيروت الكاتب والمحلل السياسي الدكتور بول سالم في مقالة تحت عنوان «هل يصمد حزب الله أمام تقلبات الربيع العربي؟» الى أن الحزب «ما زال يحظى بالاحترام ولو على مضض لقدرته على الوقوف في وجه إسرائيل، ولكنه فقد هالته كصوت للمظلومين والمضطهدين، وكشف عن نفسه كحزب لا يتورّع عن الوقوف في صف إيران وحلفائها، ولو على حساب حقوق الإنسان وأرواح البشر في سورية المجاورة»، مضيفاً: «بيد أن قوة «حزب الله» الصارمة لم تتأثر حتى الآن بأحداث الربيع العربي أو التطورات في سورية، بإمكانه نشر قواته في لبنان، ويحتفظ بقدراته القتالية والآلاف من الصواريخ. لقد شعر المنتمون إلى «حزب الله» بسعادة غامرة مع اندلاع الثورات الشعبية ضد الحكام المتحالفين مع الولايات المتحدة والغرب. فحتى العقيد معمر القذافي في ليبيا كان يعتبر عدواً، لأنه أمَر طبقاً لبعض المزاعم بقتل الزعيم الشيعي اللبناني الامام موسى الصدر في عام 1978. وكان «حزب الله» فعلياً في حرب باردة مع نظام حسني مبارك في مصر منذ يناير 2009، عندما اتهم نصر الله حكومة مبارك بالتواطؤ مع إسرائيل في تدخلها في غزة، ودعا الشعب المصري إلى النزول إلى الشوارع بالملايين». ويرى سالم أن الثورات العربية تعاكس الى حد ما مشروع «حزب الله» و«تبيّنَ أن الناس أرادوا حكماً رشيداً وعدالة اجتماعية، ولم يكونوا متيّمين بإيران أو راغبين في الانضمام إلى محور المقاومة. ومع صعود نجم الإخوان المسلمين في مصر، وجد «حزب الله» أن حليفته السابقة، «حماس»، قد ابتعدت عنه وعن داعميه السوريين والإيرانيين، ووجدت لها موطئ قدم جديداً في مصر ومنطقة الخليج».

ثلاثة معطيات جديدة يواجهها «حزب الله»: وصول الاسلام السياسي السني الى السلطة، احتمال سقوط النظام السوري وتداعياته، تركيز الفاعلين والناشطين في حركات الاحتجاج على عملية التحديث الداخلي: الديموقراطية، التنمية، تداول السلطة، حقوق الانسان. فماذا يعني هذا كله؟ هل يستبق الحزب التحولات الجارية بإجراء مراجعة نقدية؟ هل يمكن أن يتحول من حزب مقاوم الى حزب مدني؟ الى أي مدى يتوجس «حزب الله» من تربع الاسلام السياسي السني على الحكم؟ هل «الربيع العربي» يعاكس أولويات الحزب أم العكس؟ هذه الأسئلة وغيرها حملتها «الراي» الى كل من: الباحث في الشؤون الايرانية الدكتور حبيب فياض وعضو اللجنة التنفيذية في «حركة التجديد الديموقراطي» وأحد مؤسسي «تجمع لبنان المدني» مالك مروة.





عضو اللجنة التنفيذية في «حركة التجدد الديموقراطي» أكد أن الحزب يتعامل بازدواجية مع الحركات الاحتجاجية



مالك مروة: دعم «حزب الله» للنظام السوري

يضع الشيعة في مواجهة مع العالم العربي



رأى عضو اللجنة التنفيذية في «حركة التجدد الديموقراطي» مالك مروة أن «حزب الله» يستمد موقفه ازاء الربيع العربي من المقاربة الايرانية، مؤكداً أن الحزب «يتعامل بازدواجية» مع الحركات الاحتجاجية.

ولفت مروة الى «أن «حزب الله» يخاف وصول الاسلاميين السنّة الى السلطة اذا خرجوا عن اعتدالهم المعلن»، مؤكداً أن «وضع الشيعة أمام مواجهة السنّة بسبب دعم الحزب للنظام السوري مسألة خطيرة»، ومشدداً على «ضرورة اندماج شيعة لبنان في الدولة».

• يعتبر «حزب الله» أن الربيع العربي بمثابة الامتداد للثورة الاسلامية ويرى البعض أن الحزب غير قادر على الصمود أمام التحولات الجارية. هل الربيع العربي يقلق «حزب الله» أم العكس؟

- يستمد «حزب الله» موقفه ازاء الربيع العربي من المقاربة الايرانية. في البداية رحّب الحزب بالثورة التونسية والثورة في اليمن وكذلك وليبيا ومصر باعتبار أن هذه الثورات امتداد للثورة الايرانية، وهذا في رأيي يدل على تناقض كبير. فمشروع الثورة الاسلامية في ايران مختلف رغم أنه ثورة على الاستبداد، فالفاعلون في الثورتين، الاسلامية والعربية، تختلف أولوياتهم ونوعية مطالبهم، عدا أن وضع أي ثورة حديثة في فترة زمنية أبعد مسألة غير دقيقة، فلا يمكن على سبيل المثال مقارنة الربيع العربي بالثورة الفرنسية، لأن الأخيرة كانت ثورة متكاملة، كذلك لا يمكن مقارنة ما يجري في العالم العربي بمرحلة تاريخية مرّ عليها أكثر من أربعة عقود. وبصرف النظر عن مدى صوابية المقارنة، تعامَل «حزب الله» مع حركات الاحتجاج ضمن معيارين، دعم هذه الحركات في ليبيا ومصر ودول أخرى، والوقوف الى جانب النظام السوري منذ بداية الحركة الاحتجاجية.

وبعد الثورة السورية اتجه «حزب الله» الى نوع من ريبة من التحولات الجارية، وهذه الريبة ليست نتاج الظروف الراهنة فحسب، بل تعود الى المتغيرات التي تلت العام 2006. ففي مرحلة العداون الاسرائيلي وبعده بفترة زمنية قصيرة، تلقى الحزب دعماً شعبياً عربياً، ولكن في العام 2008 اختلفت الصورة، بسبب انخراط الحزب في شكل أقوى في المشروع الاقليمي الايراني واستخدامه للسلاح في الداخل اللبناني. وقبل كل شيء علينا أن نعرف أن الثورات العربية هي ثورات داخلية تحديثية واصلاحية، لم تأتِ من الخارج بل من الوعي الجماعي الذي ظهرت أولى ارهاصاته في كسر «تابو» الخوف.

• أين هو دور التيار الشيعي المدني في ظل هذه التحولات؟ وهل ثمة جهوزية لدى هذا التيار لاستيعاب احتمال سقوط النظام السوري؟

- هناك محاولات حثيثة لدى التيار المدني رغم تحفظي الشديد عن العنوان الديني. الشيعة المستقلون لم يتوقفوا عن مدّ الجسور باتجاه ما هو مدني، وهم ينادون دائماً بمشروع الدولة وضرورة انخراط الشيعة في الدولة، وكنا قد أطلقنا منذ فترة «تجمع لبنان المدني» في سبيل بلورة نوع من التيار الثالث وسط الثنائية الشيعية. في الدرجة الأولى نحن نطالب باعادة شيعة لبنان من طهران، وببناء دولة مدنية يتساوى فيها الجميع. علينا تلقف الربيع العربي من أجل اعادة ادماج الشيعة في الدولة، وطبعاً هذه المطالب ليست جديدة على البيئة الشيعية، فمن المعروف أن اليساريين من الشيعة كان لهم دور ريادي في هذا المجال، لكنه تراجع نتيجة الاحتكار السياسي للثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل». هنا أريد طرح السؤال الآتي: الى أين سيأخذ «حزب الله» شيعة لبنان بعد سقوط النظام السوري؟ خصوصاً أنه سيخسر عمقه الاقليمي الذي تقلص في الأساس بعد صدور القرار 1701. نحن لا نريد تحويل شيعة لبنان الى ذخيرة لمشروع المد الايراني.

«حزب الله» الذي يدعم النظام الأقلوي في سورية يضع الشيعة في مواجهة مع العالم العربي، وليس بامكان الأقلوي التصدي للأكثري الاّ عبر مشروع الدولة الحديثة التي تضع حدوداً لكل ما هو مذهبي. المواطَنة وحدها الكفيلة في حلحلة العقد المذهبية والطائفية، وعلى شيعة لبنان تكثيف حراكهم تجاه الدولة عبر الاندماج.

• هل وصول الاسلام السياسي السني الى الحكم في أكثر من دولة يقلق «حزب الله» أم العكس؟

- «حزب الله» يخاف من وصول الاسلاميين السنّة الى السلطة اذا خرجوا عن اعتدالهم المعلن. وهم الآن يتحدثون عن التعددية السياسية والدولة المدنية، وقد تبدلت رؤيتهم تجاه الآخر والغرب، أما اذا تحول الرهان على الاعتدال الى نوع من الراديكالية، فهذا الأمر سيزيد من قلق الحزب. على الاسلاميين السنّة اذا أرادوا انضاج تجربتهم السير نحو الحداثة السياسية كما فعل الاسلام التركي، أما اذا فعلوا العكس فأعتقد أنهم سيكررون التجربة الايرانية نفسها.

ليس بامكان الشيعية السياسية مواجهة الأكثرية السنّية، نحن ما زلنا في دول لم تنضج فيها بعد مقومات الدولة الحديثة. لكن الخطورة في رأيي لا تكمن في مخاوف «حزب الله» من الاسلاميين لا سيما الراديكاليين منهم فحسب، وانما في وضع الشيعة أمام مواجهة السنّة بسبب دعم الحزب للنظام السوري.

- • في هذه المرحلة التي يمرّ بها العالم العربي وفي ظل وصول الحركات الاسلامية الى الحكم، هل «حزب الله» قادر على اجراء مراجعة ذاتية نقدية بعد التغير النسبي في لهجة الاسلاميين السنّة؟

- يقع «حزب الله» ضمن منظومة ولاية الفقيه، علماً أن ولاية الفقيه لا تمت الى الفقه الشيعي التقليدي، وهذا يعني أن الحزب غير مؤهل لإجراء مراجعة ذاتية نقدية، ولا أعلم اذا كانت لديه نية في اجراء مثل هذه المراجعات. وأعتقد أن تحول «حزب الله» باتجاه الرهان المدني مسألة شديدة الصعوبة والتعقيد، فهو يرتبط عقائدياً بالمنظومة الفقهية الايرانية، كما أن الأجواء الحالية لا تخوّله الخوض في مثل هذه المراجعات، لأن الحزب بعد سقوط النظام السوري سيحاول تأكيد حضوره على الساحة اللبنانية، ولا ندري ما هي الوسائل التي يمكن له استخدامها، وقد يتجه الى ما فعله في العام 2008 وربما يحاول تأمين البدائل بعد خسارته لحليفه السوري.

وأستبعد أن يجري «حزب الله» مراجعة نقدية، ولا أتصوّر أنه سيختار الاتجاه المدني، ولكنني أعتقد أن اكتمال طوق الربيع العربي سيضع اسرائيل أمام اختبار تاريخي، فهي كانت تدّعي أنها الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، لكن تدرُّج الأنظمة العربية باتجاه الديموقراطية يساهم في تحقيق مسألتين: ايجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية وانتقال الصراع مع اسرائيل من المواجهة العسكرية الى المواجهة المصيرية والثقافية والسياسية، وهذا يضع حركات المقاومة أمام اشكاليات كبيرة.

• هل «حزب الله» قادر على ملاقاة حركات الربيع العربي؟

- لم ألحظ في خطابات «حزب الله» أي مؤشر لملاقاة الربيع العربي، هو الآن أمام السقوط الوشيك للنظام السوري. وحتى اذا بقي النظام لن يعود كما كان عليه في السابق. وأخاف من توظيف المظلومية الشيعية في مسالك لا يريدها شيعة لبنان. المطلوب الاندماج في الدولة وتهيئة الأرضية لشخصيات تحاكي المشروع المدني.

• الى أي مدى يمكن الحديث عن قواسم مشتركة بين «حزب الله» وحركات الاسلام السياسي السني؟

- لا شك في أن الأصوليات الاسلامية تستند الى قواسم مشتركة، لكن الاخوان المسلمين على سبيل المثال ورغم أنهم لم يجروا مراجعات جدية كما فعلت الجماعات الجهادية في مصر، لا يطالبون باقامة الدولة الاسلامية وهم يتحدثون الآن عن الدولة المدنية والديموقراطية والتعددية السياسية، وهذا يعني أن هناك تطوراً ملحوظاً في الخطاب السياسي، وقد ظهر هذا التطور بعد تأسيس حزب الحرية والعدالة، وهذا لا ينفي امكان توجه الاخوان في مصر نحو نمط من الأسلمة أو نوع من الاسلام الشعبي. أما «حزب الله» الذي هو في الأساس حزب أصولي يرتبط عقيدياً بولاية الفقيه، فلا يعمل حالياً على تطبيق مشروع الدولة الاسلامية في لبنان، رغم أنه لم يحذفه من أجندته، عدا أن الحزب على عكس حركة الاخوان ليس لديه الكثير من الأدبيات التي يمكن أن تكشف عن رؤيته بشكل واضح تجاه الدولة والآخر باستثناء الوثيقتين اللتين أصدرهما بين عامي 1982 و2009.





الباحث في الشؤون الإيرانية اعتبر أن الصراع المذهبي «الخاصرة الرخوة» لمشروع المقاومة



حبيب فياض: مشكلة «حزب الله» فقط

مع من يتعرّض للمقاومة... حتى لو كان شيعياً



أكد الباحث في الشؤون الايرانية الدكتور حبيب فياض أن «حزب الله» مع «الحركات الاحتجاجية العربية لأنها بمثابة الامتداد للثورة الاسلامية في إيران»، مشيراً الى ان «الحزب لا تقلقه نتائج الثورات... ما يهمه دعم الأنظمة الجديدة للقضية الفلسطينية».

ورأى فياض أن وصول الاسلام السياسي السني لا يشكل خطراً على الحزب «لأن الوحدة الإسلامية مسألة أساسية في أجندته وليست لديه أي مشكلة مع أي نظام سنّي أو أي حركة سياسية سنية».

واشار إلى انه «لو يوافق النظام السوري على فك الارتباط بينه وبين طهران و(حزب الله)، فسنرى أن الأزمة السورية ستنتهي بسرعة».

• كيف ينظر «حزب الله» الى الحركات الاحتجاجية العربية؟

- في المبدأ «حزب الله» مع الحركات الاحتجاجية العربية، فهي عنده حركات في معظمها ضد الأنظمة الديكتاتورية التي تقهر شعوبها. ويعتبر الحزب حركات الاحتجاج العربي بمثابة الامتداد للثورة الإسلامية في إيران التي قادها الإمام الخميني العام 1979، فالظروف بينهما متشابهة، ولعل أبرزها الثورة على الاستبداد والقوى المتسلطة. المعيار الأساسي في نظرة «حزب الله» الى الحراك العربي يتمثل في كيفية تعامل السلطات الجديدة مع المسألة الفلسطينية ودعم المقاومة.

• هل يتخوف «حزب الله» من الارتدادات السياسية للتحولات الجارية في العالم العربي لا سيما في مصر وتونس وسورية؟

- التخوف عند «حزب الله» لا يتعلق بنتائج الثورات في مصر أو تونس، ومهما كانت النتائج فإن القوى الجديدة ستكون أفضل من الأنظمة السابقة. قد يكون هناك بعض الثغر عند الإخوان المسلمين في مصر أو عند حركة النهضة في تونس، لكن المهم أن العهد الجديد ليس كالعهد السابق. وما يهم «حزب الله» دعم الأنظمة الجديدة للقضية الفلسطينية، ويبدو أن هناك اهتماماً بهذه القضية العربية والإسلامية المحورية. أما في ما يتعلق بالأوضاع السورية، فالحزب لديه رؤيتان: أولاً يعتبر سورية دولة اقليمية تتعرض لمؤامرة خارجية من أجل تفكيك محور الممانعة الذي تشكل دمشق أحد أهم دعائمه؛ ثانياً، يعترف «حزب الله» بحق الشعب السوري في التغيير السلمي وحقه في الإصــــلاح، لكنه يرفض الحملة الدولية والإقليمية التي يتعرض لها النظام السوري من خلال أدوات محلية وخارجية. ومن المهم الإشارة الى أن الثورات العربية دفعت تركيا الى لعب دور يُراد منه إحداث تجاذب شيعي ـ سني على المستوى الأقليمي خصوصاً في البلدان التي تمرّ بإضطرابات أمنية بغية إعادة تغيير التركيبة الداخلية كما هي الحال في لبنان والعراق.

• الى أي مدى يشكل صعود الإسلام السياسي السني تحدياً بالنسبة لحزب الله؟

- الوحدة الإسلامية مسألة أساسية في أجندة «حزب الله»، وليست لديه أي مشكلة مع أي نظام سنّي أو أي حركة سياسية سنية، بل لديه مشكلة فقط مع كل مَن يريد أن يتعرض للمقاومة حتى لو كان حزباً شيعياً. «حزب الله» ليست لديه أي حساسية تجاه صعود الحركات الإسلامية السنية ووصولها الى الحكم، هو يتصدى لمشروع ضرب المقاومة، وهو في الأساس يجعل من الوحدة الإسلامية أولوية أساسية.

• في رأيك هل صعود الإسلام السياسي السني سيدفع «حزب الله» نحو الراديكالية أم العكس؟

- لا يتجه «حزب الله» نحو التطرف إلاّ في حال الصراع مع إسرائيل. «حزب الله» يواجه التشدد بم زيد من المرونة، إذ إن الخاصرة الرخ وة لمشروع المقاومة تتمثل في الصراع المذهبي. اليوم ثمة اتجاهات تريد إحياء الفتنة المذهبية ولن ينخرط «حزب الله» في هذه الفتنة بل سيتعامل معها بإعتدال. لا يعتبر «حزب الله» أن وصول الحركات الإسلامية الى السلطة يشكل تحدياً له، ولا ينظر الى هذه الحركات من منطلق مذهبي. وبعد تبلور الثورات العربية، قد يكون لدى الحزب مشروع انفتاحي على الإسلام السياسي السني من أجل تصويب نقاط الالتقاط.

• لماذا اخــــتلفت رؤيـــــة «حــــزب اللــــه» تــــجاه الحـــــركة الاحتــــجاجية في سورية عمّا هي عليه في البحرين ومصر وتونس وليبيا واليمن؟

- لا يمكن مقارنة الحركة الاحتجاجية في مصر أو تونس بالاوضاع في سورية التي تتعرض لضغط دولي وإقليمي هائل. «حزب الله» في الأزمة السورية يؤسس رؤيته على بُعدين: البعد الداخلي الذي يرتبط بالاصلاحات وبدعوة الحزب المعارضة السورية الى الحوار مع النظام من أجل الوصول الى المطلوب؛ والبُعد الخارجي، الذي يتمثل بالدور الذي تلعبه دمشق على مستوى المنطقة لاسيما في دعمها لقضية الشعب الفلسطيني ولحركات المقاومة، ولذا يُراد معاقبتها على هذا الدعم التاريخي من المعكسر الأميركي وبعض دول الخـــليج، ويُراد فك ارتباطها الاستراتيجي مع ايران تمهيداً لتفكيك محور الممانعة. ولو يوافق النظام السوري على فك الارتباط بينه وبين طهران و«حزب الله»، سنرى أن الأزمة السورية ستنتهي بسرعة، وسنشاهد تراجع الضغوط الدولية والاقليمية التي يتعرض لها النظام، ما يعني أن «حزب الله» لا يمكنه أن يتخلى عن سورية في موضوع المواجهة مع إسرائيل. التغيير في سورية يتحقق من خلال الحوار، و«حزب الله» مع كل حركة إصلاحية ينادي بها الشعب السوري بعيداً عن العمل العنفي المسلح.

• هل يحاول «حزب الله» مد الجسور مع حركات الإسلام السياسي السني خصوصاً بعد حضوره لمؤتمر حركة النهضة في تونس؟

- «حزب الله» جناحان: جناح المقاومة وجناح الوحدة الإسلامية، وسيذهب الى النهاية في نهج الانفتاح تجاه مختلف الحركات الإسلامية. يؤسس الحزب لثقافة الحوار على قاعدة الآية القرآنية {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} ويجب ألا ننسى أن الحركات الإسلامية وضعت أجندات مهمة وقد أسست لرؤية معتدلة تجاه الآخر، ونأمل أن تتجاوز هذه الحركات الألغام كافة ومن بينها مشروع الفتنة المذهبية والطائفية. «حزب الله» ليس لديه أي مانع من الانفتاح على حركات الإسلام السياسي في مصر وتونس وغيرها من الدول، وهو لا يريد التدخل في خيارات الاسلاميين، ولا في كيفية إدارتهم للحكم وإنما يركز دائماً في تعامله معهم على قضية المقاومة وليس شكل النظام السياسي.



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي