9 سبتمبر 2012
12:00 ص
920
| د. سليمان الخضاري |
الكثير منا سمع أخيرا بتلك التصريحات والقراءات الخاصة باحتمال زوال الدولة الكويتية، سواء من خلال قراءة لواقع اقليمي ستبتلع فيه الكيانات الكبرى تلك الصغيرة، أو من خلال تحليل الواقع المهترئ لمؤسسات الدولة والمنذر بانهيارها المريع إن استمر الحال على ما هو عليه.
وحقيقة، فإن موضوع التبدل والتغير في أحوال الدول والأمم ليس غريبا، بل على العكس، فإن الثبات في وضع الدول وأنظمة الحكم هو الاستثناء إن نظرنا لحركة التاريخ، وعلى الأغلب فلم تظهر مسألة الثبات تلك بشكل متزن إلا في مجتمعات أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية، مع استثناءات قليلة، وعليه، فإن الحديث في ديمومة أو زوال الدولة الكويتية هو نقاش مشروع في أصله، برغم محاولة البعض جر النقاش وتطويعه لخدمة توجهه السياسي أو غيره.
في قلب النقاش المتعلق بهذا الموضوع يكمن قلق مشروع يعتمل في نفوس الناس من مآل الأمور، ومرد هذا القلق هو شعور طبيعي لدى الجميع بالخوف من المجهول والارتياح لما هو موجود ومعروف بغض النظر عن مدى سلبيته وسوئه، وهو ما لا يجب انكاره أو الخوف من التعامل معه لما قد يترتب على ذلك الانكار من خلق حالات سلبية لا تدفع بالمرء للتجهز والاستعداد لكل الاحتمالات.
هذا النوع من القلق يسمى قلقا وجوديا، ومرده في الأساس للخوف من الفناء، وهو الخوف الأساس الذي يحرك الكثير من القوى الداخلية والدوافع في نفس الانسان، والخوف من الفناء في الحقيقة هو أكبر من الخوف من الموت مثلا، فالموت هو مفتاح لما بعده، وهو ما يجهله الانسان بصورة تفصيلية، وإن كانت الأديان قد قاربت الموضوع بتقديم صورة عامة لما سيحدث بعد الموت، إلا أن هذه الصورة العامة قد لا تفي للتعامل مع قلق الأفراد باعتبار اهتمام الانسان وانصباب تفكيره على نجاته كفرد وحصوله هو بالتحديد على «حياة» أفضل بعد الموت، وهو ما لن يعرفه أي منا إلا عند الوصول لعتبة الموت تلك وتجرع التجربة التي تجرعها غيره سابقا، علما بأننا لم نتطرق لحد الآن لمفهوم الفناء بمعناه الاجتماعي الأشمل والمعني باستمرارية المجتمعات لا الأفراد، وهو ما يحتل حيزا من تفكير الانسان المشغول دائما بمستقبل أفضل لأبنائه الذين يرى فيهم استمرارا لوجوده الشخصي حتى بعد موته.
إن المفتاح الرئيس للتعامل مع حالات القلق الوجودي تلك يكمن دائما باستيعاب دور الفرد منا في هذه الحياة، وأن المستقبل وإن كان مجهولا فهو مرتبط بأسباب موضوعية تتعلق بخيارات وأفعال نقوم بها في اللحظة الزمانية الحالية، وإدراك حقيقة وجودنا الموقت في هذا العالم كأفراد ومجتمعات أيضا.
وللحديث بقية في المقبل من الأيام! Twitter: @alkhadhari