«الجيل الثاني» من خطط الهيكلة يسهّله الدائنون... وتعيقه القوانين واللوائح

نجاح «كفيك» يعطي دفعاً لعمليات رسملة الديون

تصغير
تكبير
| كتب عبادة أحمد |

وفّرت عملية إعادة هيكلة الشركة الكويتية للتمويل والاستثمار (كفيك) نموذجاً ناجحاً، ربما يُعطي دفعاً لعمليات رسملة الديون، في السوق المحلي.

وعاد سهم «كفيك» إلى التداول أمس للمرة الأولى بعد إعادة هيكلة الالتزامات ورأس المال، بسعر يقارب ستة أضعاف آخر سعر له قبل الإيقاف، وأغلق عند 150 فلساً، بعد أن حققت أرباحاً بقيمة 11.5 مليون دينار في النصف الأول.

وارتفعت القيمة السوقية للشركة إلى نحو 46 مليون دينار، ولو أن التداولات على السهم اقتصرت على صفقتين فقط، إحداهما بسهم واحد، والأخرى بخمسين سمهاً. ويعود ذلك إلى كون أسهم الشركة باتت «ممسوكة» بنسبة تقارب 83 في المئة للملاك الرئيســـــــيين الذين تزيد حصص كل منهم على خمسة في المئة.

ومعلوم أن الشركة أنجزت في الربع الأول من العام الحالي إعادة هيكلة ديون بأكثر من 120 مليون دينار، في عملية تضمنت رسملة ديون بقيمة 50 مليون دينار، واكتتاب المساهمين بجزء آخر من الزيادة، ثم تخفيض رأس المال لإطفاء الخسائر، ليبقى منه 30.7 مليون دينار.

ومع عودة السهــــــم إلى التداول أمس، تكون الشركة قد طوت آخر صفحات الأزمة، لتعود إلى وضع طبيعي بنموذج عمل جديد يرتكز على إدارة الأصول.

وكانت تلك أكبر عملية تحويل ديون إلى أسهم تعرفها السوق الكويتية وتشترك فيها بنوك محلية وإقليمية كبرى وتدخل بنتيجتها إلى مجلس الإدارة.

ومع أن القوانين واللوائح الرقابــــية الكويتـــــية تخلو مـــن أي تنظيم لعمــــليات إعادة هيكلة من هذا النــــوع، فإن حالات التعثر التي عرفتها الكويت خلال الأزمة وتأخر تعافي أسعار الأصول جعلا الجهات الدائـــنة تقــــبل بحلول لم تكــــن مقبــــولة لديــــها مــــن قــبل.

وفي الانتظار الآن عمليتان كبيرتان لإعادة الهيكلة بنحو 168 مليون دينار، تتضمنان استبدال ديون بأسهم، لشركتي «أعيان للإجارة والاستثمار» و«بيت الاستثمار العالمي- جلوبل». وثمة محاولات أخرى لشركات أصغر حجماً تتفاوت في جديتها.

وتعقد «جلوبل» جمعية عمومية الأحد المقبل للمصادقة على خطة لإعادة الهيكلة تتضمن رسملة ديون بأكثر من 430 مليون دولار أميركي، في عملية ذات هيكل جديد تماماً على الكويت.

أما «أعيان» فتنتظر في 15 أكتوبر بت المحكمة في طلبها الانضواء تحت مظلة قانون الاستقرار المالي، لفرض خطة لإعادة الهيكلة تحظى بموافقة 70 في المئة من دائنيها، وتتضمن شطب 10 في المئة من الديون، وتحويل 46 مليون دينار من الديون إلى رأسمال، وجمع 10 ملايين أخرى من المساهمين الحاليين.

أحد المعنيين بواحدة من عمليتي الهيكلة أكد أن الدائنين أثبتوا مرونة لم تكن متخيّلة قبل ثلاث سنوات، لكن القوانين الكويتية واستعدادات الجهات الرقابية لا تبدو على القدر نفسه من المرونة.

ويضرب مثلاً بأن وزارة التجارة تمنع أصلاً ســداد زيادة رأس المال من حساب الدائنين، ما يضطر الشركات إلى معالجات شكلية لا داعي لها.

وكذلك فإنه ليس لدى هيئة أســــــواق المـــــال أي مـــادة قانـــــونـــــية أو لائحة تنظيمية تمكنها من التعامل مع عمليات كهذه، ولا تبدو مستعدة لإبداء مرونة لتسهيل عمليات الهيكلة.

ويقول مسؤول في إحدى شركات الاستثمار التي لم تواجه تعثراً خلال الأزمة، إن ما نشهده اليوم هو «الجيل الثاني من عمليات إعادة الهيكلة، سمته الأساسية رسملة الديون، بعد أن كانت سمة الجيل الأول بيع الأصول لسداد الالتزامات».

وكانت المحاولات الأولى لإعادة الهيكلة ترتكز على إنشاء صناديق ذات أغراض خاصة، غايتها بيع أصول الشركات المتعثرة لسداد التزاماتها، وهذا هو جوهر خطة إعادة هيكلة «جلوبل» الأولى، التي تم التوقيع عليها أواخر العام 2009، وجوهر المقترحات الأولى لإعادة هيكلة «دار الاستثمار». ولم تكن عمليات شطب نسبة من الديون مقبولة حينها على نطاق واسع.

إلا أن تهاوي أسعار الأصول، لا سيما في سوق الأسهم والعقار، استدام أكثر من المتوقع، في وقت كان الجميع يسعى فيه إلى البيع، ما عقّد عمليات التخارج، ووضع خطط الهيكلة تحت الضغط. فلم تستطع «جلوبل» الوصول إلى المستوى المستهدف للتخارجات، واضطرت «دار الاستثمار» إلى سداد جزء من الالتزامات المستحقة بموجب إعادة الهيكلة على شكل أصول عينية، بعد أن فشل مزاد لبيع أصول عقارية.

وبسبب صعوبة التخارج، تمت خلال العامين الماضيين العديد من عمليات استدخال الأصول مقابل مديونيات، ساعدت في توفير بعض الانفراجات لكنها أدخلت في ميزانيات البنوك أصولاً غير مصرفية، ستســـــعى عاجلاً أم آجلاً إلى التخارج منها.

لكن عمليات رسملة الديون تــــبقى مــــسألة أكــــــثر جديّة وأكثر تعقيداً، أقـــله لأنها تتطلب من البنوك توفيــــر موارد لدخول مجالس إدارات شركات الاستثمار المعادة هيكلتها ومتابعة أعمالها.

ويقول مسؤول مصرفي رفيع، لم يشأ ذكر اسمه، إن «تملّك أسهم في شركات استثمارية ليس خياراً محبّذاً للبنوك ولا للجهات الرقابية، لكن الجهاز بات قادراً على استيعاب عمليات من هذا النوع بعد أن تم بناء مخصصات كافية لتدعيم قوة الميزانيات العمومية للينوك». ويضيف «الخيار هنا بين سيئ وأسوأ، ومهما يكن فإن تملك أسهم بدلاً من الدين يبقى أفضل بكثير من التعرض لاحتمال شطب الدين بلا مقابل».

ويرى مسؤول استثماري أن دخول البنوك في عمليات الرسملة ســــــيترك آثـــــاراً إيجابية على قطاع الاستثمار، إذ ســـــيدفع الشركات الاستثمارية إلى التقليل كثيراً من معدلات المـــــخاطرة، والتركيز على مصادر الدخل التشغيلي المتكررة، من رسوم وأتعاب، فضلاً عن الالتزام بمعايير الحوكمة، والفصـــــل بيـــــن الملكـــــية والإدارة، تماشياً مع توزع هــــــيكل رأس المال علــى عدد من البنوك والجهات الدائنة.





البنوك ذهبت بعيداً...



يقول المسؤول «إن البنوك ذهبت بعيداً في التعاطي الإيجابي مع الشركات المتعثرة، إلى حد يــــزيد أحياناً عما تتحمله الأطر الرقابية في الكويت». ويشير في هذا الصدد إلى أن «بعض البنوك تساعد شركات الاستثمار في محاولة إقناع الجهات الرقابية بمنح بعض الموافقات والاستثناءات الضرورية لسير عمليات الهيكلة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي