عبد اللهيان ثاني مسؤول إيراني يزور بيروت في أقل من ثلاثة أسابيع
محاولات «تبريد» الوضع اللبناني «من بوابة» ملف المخطوفين و«اختبار نيات» إقليمي في طرابلس

المخطوف المفرج عنه حسين عمر يتحدث بعد وصوله إلى تركيا

مسلح لبناني في شارع سورية في طرابلس امس (ا ف ب)






| بيروت - من ليندا عازار |
مع اكتمال «نصاب» المواقف الدولية، وكان آخرها للولايات المتحدة، التي حذّرت من مخاطر «اندفاعة النار» في طرابلس متهمة النظام السوري بزعزعة الاستقرار في لبنان وداعيةً الى «محاسبته»، بدا ان الجهود الخارجية لاحتواء الوضع اللبناني ومنع انفجاره في غمرة مؤشرات دخول الازمة السورية «الربع الساعة الأخير»، تسابق ملامح إصرارٍ على «اللعب بالنار» المذهبية من بوابة عاصمة الشمال التي بات ثمة قناعة تامة بان ما تشهده منذ اسبوع يتصل مباشرة بوصول نظام الرئيس بشار الاسد الى مرحلة إما «الخروج الآمن» او البقاء على قاعدة «انا وبعدي الطوفان».
وفي حين شهد الوضع الميداني على محاور باب التبانة - جبل محسن نهار امس ما يشبه «الاستراحة» التي قطعتها بعض اعمال القنص وسط وقوف مختلف القوى الفاعلة في المدينة وتحديداً «تيار المستقبل» كما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «على سلاحها» السياسي لقطع الطريق على الانزلاق الى «المحظور»، خطفت الأضواء زيارة مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبد اللهيان لبيروت لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين تركّز على «العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها اضافة الي التطورات الاقليمية والدولية التي تهم البلدين»، كما افادت وكالة الأنباء الايرانية.
واستوقف الدوائر المراقبة في بيروت ان زيارة عبد اللهيان هي الثانية لمسؤول ايراني لبيروت في اقل من ثلاثة اسابيع، اذ كانت العاصمة اللبنانية استقبلت في 6 اغسطس أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي.
واذا كانت محطة جليلي، المسؤول الاستخباراتي، اعتُبرت في حينه بمثابة اطلالة ايرانية ذات مغزى على المسرح اللبناني وجّهت من خلالها طهران رسالة متشدّدة بان دورها ونفوذها في لبنان والمنطقة لم تتأثر إطلاقاً بتطوّرات الأزمة السورية في ظل الموقف الايراني المتصلّب في حينه لجهة دعم نظام الاسد، فان الدوائر المراقبة لاحظتْ ان زيارة المسؤول الديبلوماسي امس ربما تحمل إشارات «تبريد» للواقع اللبناني انطلاقاً من المناخ الذي يسود الملف السوري الذي بلغ منعطفاً حاسماً مع المؤشرات الى احتمال بلوغ تفاهم اقليمي - دولي على «خريطة طريق» لحلّ يحدّ من الخسائر على الشعب السوري وإلا استمرار النزيف الذي قد يستدعي خيارات «مُرة».
وتوقفت الدوائر نفسها، عند ان وصول عبد اللهيان الى لبنان تزامن مع اول اختراق ايجابي في ملف المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في سورية تمثل في اطلاق احدهم حسين علي عمر الذي يفترض ان يكون وصل الى بيروت مساء امس بعدما دخل الاراضي التركية عقب «تسريحه».
واذا كان الافراج عن عمر وُضع في اطار «مبادرة حسن نية» استجابةً لمطلب هيئة علماء المسلمين في لبنان، فان اوساطاً سياسية رأت ان «توقيت» الانفراج الجزئي في ملف الرهائن الـ 11 الذي ترافق مع اشارات ايجابية من تركيا، بشأن اطلاق بقية المخطوفين اللبنانيين، شكّل امتداداً للضغوط الدولية وإن عن بُعد التي سعت الى سكب «مياه باردة» على الوضع اللبناني في لحظة «الغليان» غير المسبوق التي عاشها، قبل «حريق» طرابلس، انطلاقاً من ملفّ المخطوفين الـ 11 ثم ظهور حسان سليم المقداد في ايدي مجموعة قالت انها من «الجيش السوري الحر» معلناً انه قنّاص من «حزب الله» الامر الذي فجّر قبل 11 يوماً «هستيريا خطف» لعشرات السوريين في لبنان على يد عشيرة المقداد التي انضمّت اليها سرايا المختار الثقفي معلنة احتجاز سوريين لمبادلتهم بالحجاج الـ 11.
وما عزز الانطباع بان ما حصل في ملف المخطوفين الـ 11 يأتي في سياق مسعى تبريدي لمجمل المناخ اللبناني ان عشيرة المقداد قامت بدورها بخطوة في قضية خطف ابنها حسان اذ أعلنت أنها قرّرت الإفراج عن السوريين لديها (اكثر من 15) «على أن يتم الإبقاء على أربعة أشخاص ثبتت علاقتهم مع الجيش السوري الحرّ» الى جانب التركي المخطوف.
على ان الدوائر السياسية تحاذر الافراط في التفاؤل بان الوضع في لبنان مُقبل على العودة الى سكة الانضباط تحت «الخطوط الحمر»، داعية في هذا المجال الى رصد الساعات المقبلة باعتبار انها ستشكّل اختباراً فعلياً لحقيقة النيات الاقليمية في لبنان وذلك انطلاقاً من المسار الذي ستتخذه الامور في طرابلس انفراجاً على قاعدة «عودة الجمر الى تحت الرماد» او استمراراً للانفجار الذي يمكن ان «يحرق أيدي الجميع».
وتتجه الانظار في هذا السياق الى الخطة الامنية التي ستظهر ملامحها في عاصمة الشمال خلال الساعات الاربع والعشرين المقبلة ومدى قدرتها على استيعاب الانفلات ووقف ما يتعرّض له الجيش اللبناني من إنهاك في سياق عمليات الكرّ والفرّ مع المسلحين وإجهاض المبادرات السياسية لإطفاء «النار». وفي حين عكس تحرك القضاء لاصدار استنابات قضائية في حق المسلحين وكشف هوياتهم وملاحقتهم وتوقيفهم ولا سيما من ظهر على شاشات التلفزيون محاولة يُنتظر ان تتضح في الساعات المقبلة مدى جديتها في تعقب المسلحين بعد رفع الغطاء السياسي عنهم، فان عمليات الدهم التي نفذتها وحدات الجيش المنتشرة في طرابلس وتخللتها مصادرة اسلحة وذخائر من مناطق الاميركان والريفا والبقار ومشروع الحريري، تبقى قاصرة عن احتواء الموقف خارج مظلة سياسية جامعة سبق ان اعتقد كثيرون انه تم تأمينها في الاجتماع الذي عقد في دارة الرئيس نجيب ميقاتي أم في الاجتماعات الأخرى التي سبقته.
على ان ملف طرابلس سجّل امس تطوراً مهماً تمثل في رفع تيار «المستقبل» منسوب دخوله على خط الاتصالات عبر رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة العائد من اجازة والذي اجرى سلسلة اتصالات شملت ميقاتي ونواب طرابلس وفاعلياتها وفي مقدمهم المفتي مالك الشعار، قبل ان يطلق موقفاً بالغ الدلالات اعتبر فيه «ان ما تشهده مدينة طرابلس لا يمكن ان نقبل به ولا يجوز ان يستمر مهما كان السبب»، لافتاً الى «ان كل حامل للسلاح في طرابلس انما يحمل بيده معول هدم المدينة على رؤوس اهلها وهذا أمر مدان ومرفوض بكل المقاييس»، مضيفاً: «لن نقبل بأن يخطف أياً كان منطقة جبل محسن ويجيّرها لحسابه، كما اننا لا نقبل ايضا بأن يخطف أياً كان منطقة باب التبانة ويحولها مرتعا له، ولن نقبل بأن تعيث الامراض الطائفية والمذهبية فسادا وإفسادا في هذه المدينة مهما حاول المغرضون والمتربصون، وليكن واضحا أن لا سيادة في طرابلس الا للدولة وليس لاي مجلس عسكري او مذهبي او عشائري او حزبي. الدولة وحدها هي المسؤولة والحامية وكل من يخرج على الدولة في طرابلس او اي منطقة اخرى ملعون ومشبوه ومرفوض. وليعلم الجميع ان الاقتتال مرفوض ومسؤولية ضبط الامن والفلتان مسؤولية الحكومة وحدها وعلى الجيش وكل الأجهزة الامنية تنفيذ مهمة حفظ الأمن في البلاد ولا غطاء فوق رأس أحد، وعلى ذلك فليضرب الجيش بيد من قوة الحق والقانون وكلنا مع الجيش».
وفي حين عُقد اجتماع موسع امس في دارة النائب محمد كبارة (من كتلة الرئيس سعد الحريري) وسط هدوء حذر ساد المنطقة غداة مقتل اربعة وجرح نحو 14 بينهم سبعة عسكريين وصحافييْن (احدهما مراسلة كندية) وتعويل على الخطة الأمنية لضبط الوضع وإلا عودة الامور الى «نقطة الصفر»، ترددت في بيروت اصداء ما اعلنته السفارة الأميركية في لبنان اول من امس اذ عبّرت عن قلقها من العنف المستمر في طرابلس، معربة عن اسفها الشديد لسقوط ضحايا.
ودعت السفارة في تعليق لها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، جميع القوى السياسية لضبط النفس واحترام الأمن والاستقرار، مطالبة نظام الرئيس الأسد بـ «احترام سيادة واستقلال لبنان واستقراره»، ومعربة عن إدانتها للقصف السوري المستمر للأراضي اللبنانية، ولافتة إلى أنه «تجب محاسبة المسؤولين في النظام السوري لتورطهم في محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان».
في المقابل، رفضت موسكو أي تدخل في شؤون لبنان، وعبرت عن قلقها من تفاقم الوضع في طرابلس، مشيرة إلى أن أي تدخل أجنبي في الشؤون اللبنانية أمر غير مقبول.
وقالت وزارة الخارجية الروسية «إن موسكو قلقة حيال ارتفاع مستوى العنف والمواجهات في طرابلس، وتدعـو جميع الأطراف إلى الكف عن العمليات العسكرية واحترام وقف إطلاق النار الذي تم تحقيقه بمشاركة مباشرة من رئيس الوزراء اللبناني».
اوغلو ابلغ «النبأ السار» الى بري وميقاتي
المخطوف المفرج عنه دعا اللبنانين لنصرة الشعب السوري
بيروت ـ «الراي»
وفي اليوم 96 على خطف 11 لبنانياً في سورية خلال عودتهم من زيارة العتبات المقدسة في ايران عبر تركيا، عاد احدهم حسين علي عمر الى الحرية امس بعدما أطلقه خاطفوه في اطار مبادرة «حسن نية» استجابة لنداء هيئة العلماء المسلمين في لبنان.
وقد باغت هذا «الخبر السار» بيروت والضاحية الجنوبية التي عبّرت عن فرحتها بتخلية عمر ( 60 عاماً من عين السودا بعلبك) الذي كانت هيئة العلماء المسلمين تمنّت في اطار وساطة اضطلعت بها مع الجهة الخاطفة إطلاقه اولاً نظراً لظروف خاصة تتصل بعائلته. وبين كشف خبر الافراج عن عمر عبر قناة «الجزيرة» ووصول الخارج من الاحتجاز الى لبنان (يفترض ان يكون وصل مساء امس) عبر مطار بيروت، ساعات من الترقب قبل ان تحسم الجهات الرسمية مسألة تخليته ويظهر في تركيا متحدثاً عبر التلفزيون، وذلك خشية تكرار مشهد 25 مايو حين «زحف» لبنان الرسمي الى المطار لاستقبال الحجاج الـ 11 بعدما قيل انهم باتوا في تركيا وانهم في طريقهم الى بيروت على تن الطائر الخاصة للرئيس سعد الحريري قبل ان تنقلب الامور «رأساً على عقب» وتعود الى «النقطة الصفر».
وفيما كان الخاطفون يسلّمون المفرج عنه الى السلطات التركية، كان وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو يبلغ الى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري اطلاق عمر الذي شكر عبر
«الجزيرة» بعد الافراج عنه «ثوار سورية» على «المعاملة الحسنة التي عاملونا بها»، وقال: «كنا ضيوفا لديهم ولم نكن مخطوفين، لم ينقّصوا علينا اي شيء، وعندما كان يتم قصف المنطقة التي كنا فيها اي اعزاز كانوا يهربوننا الى مكان آخر، وأحد من اهلنا لم يوجه اي كلمة لاي من السوريين». واضاف: «لم نكن محتجزين بل كنا احرار داخل المعسكر ولم نر الا سوريين كلهم من اعزاز وهم يطالبون بالحرية والعيش بكرامتهم»، داعياً «الشعب اللبناني والشعوب العربية النائمة» الى «دعم الشعب السوري المظلوم». من جهته، طالب الناطق الاعلامي باسم ثوار اعزاز محمد نور (وهو الذي تلا بيان الافراج عن عمر) « حزب الله» بـ «الاعتراف بالثورة السورية»، وقال: «لا اؤكد ان المخطوفين الـ 10 الآخرين بخير ولا استطيع ان انفي» علماً ان تقارير كانت اشارت قبل 11 يوماً الى انهم قُتلوا جميعاً خلال غارة على منطقة اعزاز لتعلن تقارير اخرى ان اربعة منهم قضوا قبل ان تشير معلومات الى انهم جميعاً بخير.
اما وزير الداخلية اللبناني مروان شربل، الذي زار انقرة قبل ايام مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في اطار متابعة هذا الملف، فأعلن انه «تلقى اشارة ايجابية من تركيا? بشأن اطلاق بقية المخطوفين اللبنانيين».
وفي موازاة هذا التطور الايجابي في ملف المخطوفين الـ 11، برز اعلان الناطق باسم عشيرة آل المقداد ماهر اطلاق السوريين الذين كانوا محتجزين لديهم عل «ان نحتفظ بـ 4 مخطوفين هم: حماد رجب علاوشي، إبراهيم يحيى الاحمد، قاسم محمد دسوقي وماهر مصطفى عبود ثبتت علاقتهم بالجيش السوري الحر»، مع الاشارة الى ان هؤلاء خطفول لمبادلتهم بحسان سليم المقداد الذي ظهر قبل نحو اسبوعين عبر شريط فيديو بين ايدي مجموعة مسلحة قالت انها من «الجيش الحر» معلناً انه قنّاص من «حزب الله» وهو ما نفاه الحزب وعائلة المخطوف.
مع اكتمال «نصاب» المواقف الدولية، وكان آخرها للولايات المتحدة، التي حذّرت من مخاطر «اندفاعة النار» في طرابلس متهمة النظام السوري بزعزعة الاستقرار في لبنان وداعيةً الى «محاسبته»، بدا ان الجهود الخارجية لاحتواء الوضع اللبناني ومنع انفجاره في غمرة مؤشرات دخول الازمة السورية «الربع الساعة الأخير»، تسابق ملامح إصرارٍ على «اللعب بالنار» المذهبية من بوابة عاصمة الشمال التي بات ثمة قناعة تامة بان ما تشهده منذ اسبوع يتصل مباشرة بوصول نظام الرئيس بشار الاسد الى مرحلة إما «الخروج الآمن» او البقاء على قاعدة «انا وبعدي الطوفان».
وفي حين شهد الوضع الميداني على محاور باب التبانة - جبل محسن نهار امس ما يشبه «الاستراحة» التي قطعتها بعض اعمال القنص وسط وقوف مختلف القوى الفاعلة في المدينة وتحديداً «تيار المستقبل» كما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «على سلاحها» السياسي لقطع الطريق على الانزلاق الى «المحظور»، خطفت الأضواء زيارة مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبد اللهيان لبيروت لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين تركّز على «العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها اضافة الي التطورات الاقليمية والدولية التي تهم البلدين»، كما افادت وكالة الأنباء الايرانية.
واستوقف الدوائر المراقبة في بيروت ان زيارة عبد اللهيان هي الثانية لمسؤول ايراني لبيروت في اقل من ثلاثة اسابيع، اذ كانت العاصمة اللبنانية استقبلت في 6 اغسطس أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي.
واذا كانت محطة جليلي، المسؤول الاستخباراتي، اعتُبرت في حينه بمثابة اطلالة ايرانية ذات مغزى على المسرح اللبناني وجّهت من خلالها طهران رسالة متشدّدة بان دورها ونفوذها في لبنان والمنطقة لم تتأثر إطلاقاً بتطوّرات الأزمة السورية في ظل الموقف الايراني المتصلّب في حينه لجهة دعم نظام الاسد، فان الدوائر المراقبة لاحظتْ ان زيارة المسؤول الديبلوماسي امس ربما تحمل إشارات «تبريد» للواقع اللبناني انطلاقاً من المناخ الذي يسود الملف السوري الذي بلغ منعطفاً حاسماً مع المؤشرات الى احتمال بلوغ تفاهم اقليمي - دولي على «خريطة طريق» لحلّ يحدّ من الخسائر على الشعب السوري وإلا استمرار النزيف الذي قد يستدعي خيارات «مُرة».
وتوقفت الدوائر نفسها، عند ان وصول عبد اللهيان الى لبنان تزامن مع اول اختراق ايجابي في ملف المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في سورية تمثل في اطلاق احدهم حسين علي عمر الذي يفترض ان يكون وصل الى بيروت مساء امس بعدما دخل الاراضي التركية عقب «تسريحه».
واذا كان الافراج عن عمر وُضع في اطار «مبادرة حسن نية» استجابةً لمطلب هيئة علماء المسلمين في لبنان، فان اوساطاً سياسية رأت ان «توقيت» الانفراج الجزئي في ملف الرهائن الـ 11 الذي ترافق مع اشارات ايجابية من تركيا، بشأن اطلاق بقية المخطوفين اللبنانيين، شكّل امتداداً للضغوط الدولية وإن عن بُعد التي سعت الى سكب «مياه باردة» على الوضع اللبناني في لحظة «الغليان» غير المسبوق التي عاشها، قبل «حريق» طرابلس، انطلاقاً من ملفّ المخطوفين الـ 11 ثم ظهور حسان سليم المقداد في ايدي مجموعة قالت انها من «الجيش السوري الحر» معلناً انه قنّاص من «حزب الله» الامر الذي فجّر قبل 11 يوماً «هستيريا خطف» لعشرات السوريين في لبنان على يد عشيرة المقداد التي انضمّت اليها سرايا المختار الثقفي معلنة احتجاز سوريين لمبادلتهم بالحجاج الـ 11.
وما عزز الانطباع بان ما حصل في ملف المخطوفين الـ 11 يأتي في سياق مسعى تبريدي لمجمل المناخ اللبناني ان عشيرة المقداد قامت بدورها بخطوة في قضية خطف ابنها حسان اذ أعلنت أنها قرّرت الإفراج عن السوريين لديها (اكثر من 15) «على أن يتم الإبقاء على أربعة أشخاص ثبتت علاقتهم مع الجيش السوري الحرّ» الى جانب التركي المخطوف.
على ان الدوائر السياسية تحاذر الافراط في التفاؤل بان الوضع في لبنان مُقبل على العودة الى سكة الانضباط تحت «الخطوط الحمر»، داعية في هذا المجال الى رصد الساعات المقبلة باعتبار انها ستشكّل اختباراً فعلياً لحقيقة النيات الاقليمية في لبنان وذلك انطلاقاً من المسار الذي ستتخذه الامور في طرابلس انفراجاً على قاعدة «عودة الجمر الى تحت الرماد» او استمراراً للانفجار الذي يمكن ان «يحرق أيدي الجميع».
وتتجه الانظار في هذا السياق الى الخطة الامنية التي ستظهر ملامحها في عاصمة الشمال خلال الساعات الاربع والعشرين المقبلة ومدى قدرتها على استيعاب الانفلات ووقف ما يتعرّض له الجيش اللبناني من إنهاك في سياق عمليات الكرّ والفرّ مع المسلحين وإجهاض المبادرات السياسية لإطفاء «النار». وفي حين عكس تحرك القضاء لاصدار استنابات قضائية في حق المسلحين وكشف هوياتهم وملاحقتهم وتوقيفهم ولا سيما من ظهر على شاشات التلفزيون محاولة يُنتظر ان تتضح في الساعات المقبلة مدى جديتها في تعقب المسلحين بعد رفع الغطاء السياسي عنهم، فان عمليات الدهم التي نفذتها وحدات الجيش المنتشرة في طرابلس وتخللتها مصادرة اسلحة وذخائر من مناطق الاميركان والريفا والبقار ومشروع الحريري، تبقى قاصرة عن احتواء الموقف خارج مظلة سياسية جامعة سبق ان اعتقد كثيرون انه تم تأمينها في الاجتماع الذي عقد في دارة الرئيس نجيب ميقاتي أم في الاجتماعات الأخرى التي سبقته.
على ان ملف طرابلس سجّل امس تطوراً مهماً تمثل في رفع تيار «المستقبل» منسوب دخوله على خط الاتصالات عبر رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة العائد من اجازة والذي اجرى سلسلة اتصالات شملت ميقاتي ونواب طرابلس وفاعلياتها وفي مقدمهم المفتي مالك الشعار، قبل ان يطلق موقفاً بالغ الدلالات اعتبر فيه «ان ما تشهده مدينة طرابلس لا يمكن ان نقبل به ولا يجوز ان يستمر مهما كان السبب»، لافتاً الى «ان كل حامل للسلاح في طرابلس انما يحمل بيده معول هدم المدينة على رؤوس اهلها وهذا أمر مدان ومرفوض بكل المقاييس»، مضيفاً: «لن نقبل بأن يخطف أياً كان منطقة جبل محسن ويجيّرها لحسابه، كما اننا لا نقبل ايضا بأن يخطف أياً كان منطقة باب التبانة ويحولها مرتعا له، ولن نقبل بأن تعيث الامراض الطائفية والمذهبية فسادا وإفسادا في هذه المدينة مهما حاول المغرضون والمتربصون، وليكن واضحا أن لا سيادة في طرابلس الا للدولة وليس لاي مجلس عسكري او مذهبي او عشائري او حزبي. الدولة وحدها هي المسؤولة والحامية وكل من يخرج على الدولة في طرابلس او اي منطقة اخرى ملعون ومشبوه ومرفوض. وليعلم الجميع ان الاقتتال مرفوض ومسؤولية ضبط الامن والفلتان مسؤولية الحكومة وحدها وعلى الجيش وكل الأجهزة الامنية تنفيذ مهمة حفظ الأمن في البلاد ولا غطاء فوق رأس أحد، وعلى ذلك فليضرب الجيش بيد من قوة الحق والقانون وكلنا مع الجيش».
وفي حين عُقد اجتماع موسع امس في دارة النائب محمد كبارة (من كتلة الرئيس سعد الحريري) وسط هدوء حذر ساد المنطقة غداة مقتل اربعة وجرح نحو 14 بينهم سبعة عسكريين وصحافييْن (احدهما مراسلة كندية) وتعويل على الخطة الأمنية لضبط الوضع وإلا عودة الامور الى «نقطة الصفر»، ترددت في بيروت اصداء ما اعلنته السفارة الأميركية في لبنان اول من امس اذ عبّرت عن قلقها من العنف المستمر في طرابلس، معربة عن اسفها الشديد لسقوط ضحايا.
ودعت السفارة في تعليق لها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، جميع القوى السياسية لضبط النفس واحترام الأمن والاستقرار، مطالبة نظام الرئيس الأسد بـ «احترام سيادة واستقلال لبنان واستقراره»، ومعربة عن إدانتها للقصف السوري المستمر للأراضي اللبنانية، ولافتة إلى أنه «تجب محاسبة المسؤولين في النظام السوري لتورطهم في محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان».
في المقابل، رفضت موسكو أي تدخل في شؤون لبنان، وعبرت عن قلقها من تفاقم الوضع في طرابلس، مشيرة إلى أن أي تدخل أجنبي في الشؤون اللبنانية أمر غير مقبول.
وقالت وزارة الخارجية الروسية «إن موسكو قلقة حيال ارتفاع مستوى العنف والمواجهات في طرابلس، وتدعـو جميع الأطراف إلى الكف عن العمليات العسكرية واحترام وقف إطلاق النار الذي تم تحقيقه بمشاركة مباشرة من رئيس الوزراء اللبناني».
اوغلو ابلغ «النبأ السار» الى بري وميقاتي
المخطوف المفرج عنه دعا اللبنانين لنصرة الشعب السوري
بيروت ـ «الراي»
وفي اليوم 96 على خطف 11 لبنانياً في سورية خلال عودتهم من زيارة العتبات المقدسة في ايران عبر تركيا، عاد احدهم حسين علي عمر الى الحرية امس بعدما أطلقه خاطفوه في اطار مبادرة «حسن نية» استجابة لنداء هيئة العلماء المسلمين في لبنان.
وقد باغت هذا «الخبر السار» بيروت والضاحية الجنوبية التي عبّرت عن فرحتها بتخلية عمر ( 60 عاماً من عين السودا بعلبك) الذي كانت هيئة العلماء المسلمين تمنّت في اطار وساطة اضطلعت بها مع الجهة الخاطفة إطلاقه اولاً نظراً لظروف خاصة تتصل بعائلته. وبين كشف خبر الافراج عن عمر عبر قناة «الجزيرة» ووصول الخارج من الاحتجاز الى لبنان (يفترض ان يكون وصل مساء امس) عبر مطار بيروت، ساعات من الترقب قبل ان تحسم الجهات الرسمية مسألة تخليته ويظهر في تركيا متحدثاً عبر التلفزيون، وذلك خشية تكرار مشهد 25 مايو حين «زحف» لبنان الرسمي الى المطار لاستقبال الحجاج الـ 11 بعدما قيل انهم باتوا في تركيا وانهم في طريقهم الى بيروت على تن الطائر الخاصة للرئيس سعد الحريري قبل ان تنقلب الامور «رأساً على عقب» وتعود الى «النقطة الصفر».
وفيما كان الخاطفون يسلّمون المفرج عنه الى السلطات التركية، كان وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو يبلغ الى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري اطلاق عمر الذي شكر عبر
«الجزيرة» بعد الافراج عنه «ثوار سورية» على «المعاملة الحسنة التي عاملونا بها»، وقال: «كنا ضيوفا لديهم ولم نكن مخطوفين، لم ينقّصوا علينا اي شيء، وعندما كان يتم قصف المنطقة التي كنا فيها اي اعزاز كانوا يهربوننا الى مكان آخر، وأحد من اهلنا لم يوجه اي كلمة لاي من السوريين». واضاف: «لم نكن محتجزين بل كنا احرار داخل المعسكر ولم نر الا سوريين كلهم من اعزاز وهم يطالبون بالحرية والعيش بكرامتهم»، داعياً «الشعب اللبناني والشعوب العربية النائمة» الى «دعم الشعب السوري المظلوم». من جهته، طالب الناطق الاعلامي باسم ثوار اعزاز محمد نور (وهو الذي تلا بيان الافراج عن عمر) « حزب الله» بـ «الاعتراف بالثورة السورية»، وقال: «لا اؤكد ان المخطوفين الـ 10 الآخرين بخير ولا استطيع ان انفي» علماً ان تقارير كانت اشارت قبل 11 يوماً الى انهم قُتلوا جميعاً خلال غارة على منطقة اعزاز لتعلن تقارير اخرى ان اربعة منهم قضوا قبل ان تشير معلومات الى انهم جميعاً بخير.
اما وزير الداخلية اللبناني مروان شربل، الذي زار انقرة قبل ايام مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في اطار متابعة هذا الملف، فأعلن انه «تلقى اشارة ايجابية من تركيا? بشأن اطلاق بقية المخطوفين اللبنانيين».
وفي موازاة هذا التطور الايجابي في ملف المخطوفين الـ 11، برز اعلان الناطق باسم عشيرة آل المقداد ماهر اطلاق السوريين الذين كانوا محتجزين لديهم عل «ان نحتفظ بـ 4 مخطوفين هم: حماد رجب علاوشي، إبراهيم يحيى الاحمد، قاسم محمد دسوقي وماهر مصطفى عبود ثبتت علاقتهم بالجيش السوري الحر»، مع الاشارة الى ان هؤلاء خطفول لمبادلتهم بحسان سليم المقداد الذي ظهر قبل نحو اسبوعين عبر شريط فيديو بين ايدي مجموعة مسلحة قالت انها من «الجيش الحر» معلناً انه قنّاص من «حزب الله» وهو ما نفاه الحزب وعائلة المخطوف.