محمد الجمعة / رسائل في زجاجة / الدستور

تصغير
تكبير
| محمد الجمعة |

خمسون عاما مرت على المجلس التأسيسي للدستور، وجاء بكل متطلبات الحياة من نظام الحكم والسلطات الثلاث والحقوق والواجبات كأي دستور وضعي نظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

ان ما تسعى اليه بعض الجماعات او الفئات او الاشخاص لتغيير مواد الدستور ولمصلحة معينة او لمكاسب شخصية، قد لا يكون هذا التغيير لمصلحة من يريده. الأنظمة الحالية إما ديموقراطية او استبدادية او فوضى، والنظام الديموقراطي اهون الجميع، وهو النظام الذي اختاره الاجداد والاباء وهو قانون وضعي، والشريعة الاسلامية في وقتها لم تدخل في الاختيار.

وفي كل زمان ومكان اختلاف القبول للامام، فليس اذا بغضوا الحاكم فإن ليس فيه خير ولا اذا احبوه بأن فيه الخير كله، وهذا متعذر بين البشر فيجب ان ننتبه لذلك.

قام رجل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: اتق الله يا أمير المؤمنين، فزجره اصحابه وقاموا اليه وقالوا له اتقول ذلك لأمير المؤمنين؟ فقال عمر كلمات تكتب بماء الذهب «دعوه يقولها فلا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها»، هذه الكلمات مقياس ومعيار الخير في الامة، فإذا اردت ان تعرف شيئا عن أي أمة فقيسها بهذا المقياس وبهذه الكلمات، فالإمام الذي يقبل هذه الكلمة «اتق الله» فهو في خير، فنسبة القبول والرفض قضية نسبية... فنحن في نعمة وعافية وسلامة ورغد من العيش، ونعمة ليس نسمع بها او نراها في هذه الايام بكل الدول حتى اكبرها، نحن في بلد فيه مساحة من الحرية، ننتقد من نشاء ونكتب ما نشاء ونقول ما نشاء، لا احد يحاسب وحتى لو حوكم فإن القضاء به ليونة ومسامحة، وهذه نعمة من اعظم النعم... تخرج من ديوانية اصدقائك بأوقات متأخرة وحتى مطلع الفجر لا احد يستوقفك في الطريق ولا احد يسألك من اين اتيت ولا الى اين ذاهب وحتى في البلدان المجاورة لا يحصل هذا... فهنا نتمتع بالامن والامان والنفس الآمنة، اما المطالبة بتغيير نظام الحكم او الدستور فهذا فيه امر خطير، فانتبهوا الى خطورة ذلك ولا نكون كما قال ذاك الرجل: «رب يوماً بقيت فيه فلما صرت الى غيره بكيت عليه» اما المطالبة للنزول الى الشارع وتجميع الناس في مكان لا سقف فيه فذلك لا يجوز شرعاً والتصادم مع رجال الامن والتهديد والوعيد واخذ الامور بالدم، هذا كله مرفوض، فالتغيير لا يكون بهذه الطرق، نعم هناك يوجد تقصير وتجاوزات وتعد على المال العام والنظام العام ولكن ليس بهذه الطرق وانكار الجميل للوطن، نحن في علاقة محمودة بين الحاكم والمحكوم وفي نعمة نحسد عليها.

نعم هناك حق واجب الاصلاح والاجتهاد في حفظ المصالح والعدل وعدم التفريط بالحقوق والواجبات، وكما قال رسول الله صلوات الله عليه وسلام «انها أمانة وانها يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذها بحقها وادى الذي عليه فيها»، وقال صلوات الله عليه: «من استرعاه الله رعية فمات يوم يموت وهو غاش لرعيته حرم الله عليه الجنة»، كلها احاديث مخيفة ومخوفة، وللحاكم علينا حق الاحترام والتقدير والطاعة وعدم الخروج عليه وتأليب العامة عليه والنصح له.

وحتى النصح ليس فوضى بل له اداب لا السب والشتم والتهديد وهذا لا يليق بنا، فنحن في خيرٍ كثير فلنكن عقلاء يا اخي ويا اختي ولا نستدرج وراء تويتر او فايسبوك، ولا نكون كمن يسعى لخراب بيته وتدمير نفسه، فيجب ان ندعو للحاكم بالخير والصلاح وان يهيئ له البطانة الصالحة وان يطيل بعمره على طاعة الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال فضيل بن عياض رحمة الله عليه : لو لي دعوة مستجابة لدعوتها للامام لأن صلاح الامة بصلاحه. فإذا صلح الحاكم صلحنا لأن بيده السلطة والمال والاعمال، فيجب ان نكون له عوناً وسنداً وان يوفقه الله للبلاد والعباد، ولا يكون النصح بالتهديد والقوة والدم فإن ذلك ليس الا الخراب والدمار.

لقد كان للشيخ الداعية ابو خالد دور مهم لنصح الناس بهذه الامور، وفقه الله وحفظه واطال الله في عمره بالطاعة والعبادة. حفظ الله الكويت وأهلها وأميرها.

 

Mail [email protected]

Twitter@7urAljumah
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي