عاصمة بافاريا استقبلت درويش وعرفت أن الحجر الألماني لن يبني سقف السماء

في ساحة هتلر... الفوهر يصيح وأهل ميونخ يتعرون عند «الإنكليزية»

تصغير
تكبير

| ميونخ – من علي الرز |

عند اول شارع لودفيك في قلب ميونخ ساحة ما زال اهل المدينة يفضلون تسميتها بساحة هتلر متذكرين احد خطاباته الشهيرة هناك امام آلاف تجمعوا في الشارع المحصور الممتد على مسافة نحو 700 متر وفي نهايته مجسم لقوس النصر.


تحاول ان تتخيل اللحظة التي ما زالت ماثلة امامك بالابيض والاسود. قائد مهيب يلعب على كل الغرائز العرقية وانكسار الكرامات في الحرب الاولى وجموع غفيرة ترفع اياديها مناصرة مؤيدة وعناصر الحزب تنتشر بينها لقياس درجة الولاء من جهة ومراقبة المتخاذلين من جهة ثانية.

يصيح الفوهر هتلر: «علينا ان نعمل صفا واحدا لاعادة امجاد الامة الالمانية واستعادة الكرامة ورد كيد الاعداء المتربصين»... تنظر الى الشارع المقابل لك لا تجد احدا. سيارات فخمة تجوب الطريق. الماني مع صديقته محتضنا اياها بعنف خائفا عليها من الهرب. مكتبة الى يمين الطريق وامامها مجموعة مراهقين من الصين يلتقطون الصور. جامعة الى اليسار فيها قسم مخصص فقط لاوائل الخريجين الذين يحصلون على منح دراسية اضافة الى مصروف جيب لان كل المطلوب منهم التألق في التخصصات النادرة، واخيرا وليس آخر «الحديقة الانكليزية» وهي من معالم ميونخ الشهيرة الا انه لا ينصح بزيارتها في الحر لان بعض اهل ميونخ يشتاقون للشمس على طريقتهم... زلط ملط.

يصيح هتلر مجددا مشيدا بميونخ واهل ميونخ الذين كانوا خزان التعبئة الشعبية في قوات الاحتياط التي كسرت شروط ما بعد الحرب الاولى واسسوا عاصمة الحركة السياسية والاقتصادية كما يسميها ويطلب منهم العون متعهدا بان يكون قريبا منهم دائما... نلتفت مجددا لسماع صيحات «هايل هتلر»، فلا نجد الا الخواء والنكران واللامبالاة والرغبة في ابقاء الساحة موطنا للمصورين وللحمام الذي يمكن احيانا ان يغبش على كاميرات المصورين ورؤوسهم.

معقول؟ كان هنا بالامس، بالابيض والاسود، واقفا بكل عنفوان وشرطته السرية ترعب الجدران وامواج المؤيدين يضيق بها شارع لودفيك... والآن يعبر الحاضر بالسيارات الفاخرة متغنجا متدللا متشاوفا وكأنه يمد لسانه لساحة هتلر غائظا اياها! لكنها ميونخ عاصمة بافاريا التي اختارت الانحياز الى قياصرة بافاريا لا الى جنرالات الحرب، والتي اختطت طريقا من خطين لصيانة مستقبلها: التصنيع والرخاء، ولذلك ترى فخر الصناعة الالمانية في ميونخ من جهة، واجمل الفيلات والقصور في ضواحيها من جهة اخرى.

ولميونخ مع هتلر قصة اخرى غير قصة الحرب ونيلها جزاء الانكسار تدميرا لعدد كبير من ابنيتها، فميونخ كانت مقرا واسما لمعاهدة اغضب هتلر حين قامت القوى الاوروبية الكبرى وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وروسيا بالموافقة على شرطه إلحاق جزء من تشيكيا بالمانيا لانه يضم نصف مليون الماني واقناع القيادة التشيكية بقبول المعاهدة. ويقول هتلر لاحقا انه كان يراهن على رفض التشيك لانه اراد الحرب لا السلم ورضي بالمعاهدة على مضض ثم لم يعدم ذريعة لاطلاق الحرب الثانية.

ميونخ تبدو اليوم اقرب لمعاهدتها التي حضت على التعاون الاوروبي السلمي منها الى اي مغامرة اخرى، وشارع لودفيك اقرب للشانزيليزيه الباريسي منه لبرلين. «مهمة قواتنا على امتداد الجبهات ليست فقط حماية دول فردية بل حماية وخلاص كل اوروبا ومن اجل ذلك قررت اليوم ان اضع قدر ومستقبل الرايخ الالماني وشعبنا في ايدي جنودنا، ارجو من الله ان يعينني خصوصا في هذا القتال» يستمر هتلر في الخطابة... انما ايضا: لا تندهي ما في حدا.

قرب شارع لودفيك يتذكر العرب المقيمون في ميونخ ومنهم الشاب الفلسطيني جهاد مرعي امسية اقامها الشاعر المبدع محمود درويش قبل رحيله بسنوات في احدى صالات شارع سلفادور وكانت حماسة الالمان فيها اكبر من حماسة العرب. يصدح درويش مخاطبا المحتلين: «ايها المارون بين الكلمات العابرة

احملوا اسماءكم وانصرفوا

 اسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا

وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة

وخذوا ما شئتم من صور كي تعرفوا

انكم لن تعرفوا

كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء».

 هتلر يريد الاحتلال لانه اعتبر انه يقوم بقضية مقدسة نيابة عن جميع ابناء العرق المميز، والاسرائيليون يحتلون لانهم يعتقدون انهم يقومون بقضية مقدسة نيابة عن جميع اليهود، ولكن مثلما فشل هتلر في بناء سقف السماء من حجر الماني سيفشل الآخرون في حماية الهيكل من السقوط... حتى وان تغيرت الصور من الاسود والابيض الى الملون.





ميونخ اجمل بعيون .... ميريديان


ميونخ – "الراي"

 

مقابل محطة القطارات الرئيسية في ميونخ يتمدد فندق ميريديان le meridien على مساحة واسعة مشعرا كل نزيل فيه بالدفء وكأنه في منزله. الين  سولا Ellen solla  نائبة المدير العام تستقبلك لتسألك ما اذا كنت راغبا في اشياء خاصة لمناسبة شهر رمضان بالنسبة الى الطعام الخاص بالفطور او خصوصية العائلة ، متذكرة عملها في عدد من الدول الخليجية حيث تعرفت على نمط حياة العرب والمسلمين.

 في الفندق الجميع مبتسم وعلى استعداد دائم للمساعدة. لا ينتظرون السؤال بل تنطلق المبادرة من عندهم دائما , موظفو الاستقبال خلية نجل لا تهدأ للمساعدة وتأمين الراحة. وهم بالفعل من اكفأ الذين يملكون اجابات على ما تطلب. سيارة اجرة، مراكز تسوق، حجوزات مطاعم وسفر وحفلات ومسرح واوبرا، بل حتى صالونات الحلاقة الراقية.كل التفاصيل الصغيرة بالنسبة اليهم مهمة جدية انطلاقا من كونك صديقا وليس نزيلا.

 عدد كبير من الموظفين يتحدثون اللغة العربية وبينهم "الدينامو" احمد بو ستة   Ahmed boussetta الذي لا يهدأ  وكأنه يعرف كل نزيل في الفندق بشكل شخصي. ليفي  Leavy  يعرف العقلية العربية ويترجمها فعلا مساعدا, اما مديرة القسم سوزان شيكل Susanne schickel فتحت ناظريك كل الوقت رغم انها ستغادر عملها قريبا وقد كتب لها اعضاء الفريق بطاقات بالالمانية مفادها "شكرا سوزان لانك ادرتي فريق عمل عظيما".

موظفون المان واوروبيون و تونسيون وعراقيون وافارقة وغيرهم في ميريديان يجعلون اقامتك في ميونيخ احلى ويجعلون اعجابك بميونخ اكبر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي