جعفر رجب / تحت الحزام / «تقرير نامة...» البصرة والكوفة

تصغير
تكبير
• لورنس العرب الثاني أرسل تقريره عن وحدة العربان

• التقرير رقم 9/ 87 المكان... صلالة مسقط... الساعة 22

تحياتي الى جلالة الملكة، وكل شعوب الكومنولث، وعلى ذكر الشعوب سأرسل تقريري عن شيء في الوطن العربي اسمه الوحدة.

أكثر امة تتحدث عن الوحدة هي امة العرب، وأكثر امة منقسمة على وجه وبطن الارض هم، الموضع ليس كما نتصور في الافلام ان العربي نفط وخيمة ويركب الجمال، لا، ليسوا هكذا العربي، فهم لا يسكنون الخيام ولا أحد يركب الجمل، هنا كل واحد «يركب راسه» ويقول ويفعل وما يريد دون ان يهتم بالآخر.

يقولون ساخرين عن أنفسهم انهم «اتفقوا على الا يتفقوا» ولكنهم في الوقت نفسه مصرون على أنهم أمة واحدة يحبون بعضهم البعض، الى درجة القتل، ويحبون الاتحاد حتى مع الحيتان في المحيط الهادي، وبإمكان العربي ان يقنع نفسه وهو يسكن بنغازي في ليبيا بضرورة الوحدة مع قندهار في أفغانستان، ولكنه غير مقتنع بالوحدة مع طرابلس!

صحيح لا توجد حروب أهلية في كل بلادهم، ولكنهم جاهزون لها، في الكويت متحدون دائما ولكن، بمجرد ان يكتب أهبل تغريدة في الـ «تويتر»، او يكتب طفلا جملة على حائط، ترفع رايات القتال، انهم شعب متفق بقوة على الاختلاف، يختلفون في اعلان تلفزيوني، مسلسل، تصريح لأوباما، خلاف بين كوريا الشمالية والجنوبية، فإذا كان الشيعي كورياً شمالياً يصبح السني جنوبياً، وإذا كان البدوي «كتالوني» لابد ان يكون الحضري «مدريدي»، هم حالة خاصة ياسيدتي الملكة...!

في مصر قبل أيام قتل العشرات وشردت مئات الاسر بسبب مكواة «الاوتي»، فقد حرق «المكوجي» المسيحي قميص المسلم، ما أدى الى صراع وقتل وتشريد، لان المسلم يرى بأن حرق قميصه مؤامرة صليبية على ملابسه، وتعبير عن مكنونات المسيحي في حرق كل مسلم، هم متحدون ولكن بين الحين والآخر تتدخل المكواة، وتقتل بضعة آلاف منهم، ولهذا تفكر الدولة في إغلاق المكوجية حفاظاً على الوحدة الوطنية!

سيدتي الملكة العرب منذ زمان الأباعر، العرب وضعهم كحال مدرستي البصرة والكوفة، يتركون كل مصائب الدنيا ويختلفون، على الفتحة والضمة، الكسرة والشدة، يرددون دائما «اختلاف أمتي رحمة»، ولكنهم لا «يختلفون» بل «يختلقون» الاختلاف، فقط ليختلفوا، مؤمنين جدا بنظرية الفن من أجل الفن والاختلاف من اجل الاختلاف!

لا أطيلها عليك يا جلالة الملكة، في بلادنا- بريطانيا العظمى- عندما تسأل شخصاً عن هويته يقول «انكليزي من ليدز أو يورك»، وأما هنا فعندما تسأل شخصاً عن هويته فهو يفكر قليلا ثم يقول لك، أنا عربي عراقي مسلم حنفي بدوي... ويكمل بذكر البطون والأفخاذ والشوارع والحواري... ولا تعرف إلى ماذا ينتمي، فهو يختار انتماءه وفقا «للتساهيل»!

والغريب في كل قصة الوحدة ان لهم هدفا واحدا في الوحدة هو ان يقضوا على حضارة الغرب، فقط لاغير، لا أحد يؤمن بالوحدة لانه شيء جيد، أو مناسب لهم، لا، انه يؤمن بالوحدة حتى تكبر الأمة، وتقوى، وتقضي على الغرب، وتحتل الاندلس مرة أخرى!

قبل شهر، كنت في القاهرة وجلست بمقهى في حي الحسين، بين صديقين أحدهما يعرف نفسه بأنه مسلم شافعي قاهري شبراوي مع رجل يعرف نفسه بأنه مسيحي أرثوذكسي صعيدي أسواني... وقالا لي «ان سبب اختلاف الأمة وفرقتها هو أنت، نعم أنتم الانكليز سبب كل هذا الانقسام، أنتم أصحاب فرق تسد، فرقتم الأمة منذ داحس والغبراء...»!

جلالة الملكة اكتفي بهذا القدر، وللحديث بقية... خادمكم لورنس العرب.



جعفر رجب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي