منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / تستحق المراجعة...!

تصغير
تكبير
| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |

لقد فطر الله سبحانه وتعالى الإنسان على حب التوقع والاستشراف، كما هو مفطور على حب الخير وحب التقدم والارتقاء وتحسين ظروفه المعيشية والحصول على أكثر مما هو في يديه، ولن يأتي هذا إلا بالازدهار ولا ازدهار من غير استقرار، وعندما نقول ازدهار لا نعني به تخضير الأشجار، وتلوين التلال، وفرش الطرقات، وبناء ناطحات السحاب، بل نعني حدوث نوع من التقدم والتحضر المتتابع على صعيد القوى البشرية، وعلى الأصعدة السياسية والاجتماعية والعمرانية والتنظيمية.

إن الارتقاء العام والشامل لأفراد المجتمع والنظم والبيئات والعلاقات والإمكانات، يتطلب سكنى واستقرارا، وذلك لن يتم في الحالات والأوضاع الصعبة لأنه سيكون ازدهارا شاقاً ومتعباً، وسيكون محدوداً، وقليل جدا من الناس يكون على استعداد للعمل في الظروف الصعبة والشاقة، لذا مطلوب منا كمواطنين نعيش حاليا في أجواء غير مستقرة سياسيا واجتماعيا وتنظيميا، بل أحوالنا وأجواؤنا مكهربة ومتذبذبة وفي حالة من التراجع المستمر، أن نشّكل وعياً اجتماعياً حول مواصفات الاستقرار المطلوب وشروطه حتى يسهم فيه الجميع، كل على قدر إمكاناته وطاقته وقدراته.

ولطالما نسعى للازدهار المرتبط شرطا بالاستقرار لابد من تحسين قيمنا ومبادئنا التي نؤمن بها، ومن ثم نجتهد في التربية لجعل سلوك الأجيال الجديدة مرتبطاً بعقائده وتراثه ورؤاهم للحياة، والازدهار لا يتوفر في أي بلد إلا إذا توفر الأمن بمعناه الشامل، أي أمن الناس على نفوسهم وأعراضهم وأموالهم وحقوقهم وكرامتهم ومستقبلهم، فالأمن في أي بلد يحتاج إلى نزاهة القضاء وإلى استقامة النظام الإداري، فالناس يتمادون بالتجاوزات حين يأمنون العقوبة، ويشعرون بالأمن حين يعتقدون أن هناك أنظمة وقوانين تكون ملاذا لهم يلوذون بها عند انتهاك حقوقهم.

الاستقرار الذي نتحدث عنه بمقالنا والذي يحتاجه الازدهار كثيرا ما يكون مرتبطاً بالنظام والتنظيم، لأن حياة الفوضى، حياة غير منظمة وتجعلنا نتحرك ونحن نتوجس خيفة من وقوع مآسٍ ومصائب كثيرة، فنحن بحاجة ماسة لتثقيف أنفسنا بأهمية إطاعة القوانين والنظم السارية في البلد، والتعامل معها باحترام، والعمل على تكييف حياتنا معها، حتى وإن كان هذا شاقا على النفوس، ولكنه جوهري في مسألة الازدهار.

إن أردنا جادين أن نعيش بأمن واستقرار لنزدهر ونتقدم ونرتقي، علينا بتطبيق النظم والقوانين على جميع الناس دون أي استثناء، وننسف ثقافة خرق القوانين وهو ما يسمى بالواسطة، لأنها تذهب بشيء من هيبة ومصداقية النظم والقوانين، وتقلل من فاعليتها وقدرتها على تنظيم الحياة، فنحن نفتقر للاستقرار الإيجابي الذي يقوم على العدل وحفظ الحقوق والنزاهة والتفاؤل والمبادرات والإبداعات في الانجاز والإنتاج ومواجهة المشكلات، وهذه كلها معطيات تساعد على النهوض والازدهار.

من يراقب ويتابع الساحة الكويتية عن قرب وكثب، سيتلمس عدم الأمن والاستقرار وبالتالي تعطل الازدهار، ونحن في عوز لمعالجة مشكلاتنا المختلفة بالحكمة والأساليب السلميّة بعيداً عن التعانف والتطاحن والاقتتال، والقيام بأدوارنا الإصلاحية كل حسب موقعه وتخصصه ومجاله بإخلاص ومثابرة، حتى لا يصبح الازدهار شيئاً نسمع به ولا نراه، شيئا من نسج الخيال، وليس واقعاً نعيشه، ونحن على يقين بأنه الثمرة العظيمة التي علينا أن نقطفها حتى لا نمضي ونسلك طريق التدهور والانحطاط، المؤدي لطريق عدم الأمن والاستقرار، فليكن قانون الحياة الجديدة الذي ينظمنا ويحقق لنا الأمن والاستقرار ومن ثَم الازدهار «إن لم نتقدم فحتما سنتراجع»، فابدأ من هذه اللحظة بمراجعة نفسك وهي تستحق المراجعة، وعودها ألا ترضى بالفوضى والتجاوز وخرق القوانين حتى نحقق الأمن الذي يتبعه الاستقرار والذي حتما سيجر الازدهار.





[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي