| كمال علي الخرس |
لعب بالنار ان يقف اصحاب المسؤولية وهم يشاهدون ابناء الأمة الواحدة او الشعب الواحد، بعضهم يهاجم الآخر وكأنهم اعداء في حرب وليسوا ضمن امة أو بلد واحد.
أي رب اسرة يرى أبناءه بالبيت كلٌ يهاجم الاخر ويطعن في اخلاقه ودينه وكرامته، لا اخ يحترم اخيه ولا صغير يبجل كبيرا ورب الاسرة يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه؟
منذ سنوات خرجت تصريحات واضحة من اعداء الامة العربية والاسلامية تتكلم بوضوح وبلا تورية، وخرجت تصريحات اخرى مسربة تظهر خططا، أو تدعو بصراحة الى بث الشقاق والفتنة بين الشعوب المسلمة، حروب عرقية وطائفية وغيرها لا تفيد ابناء الوطن الواحد ولا ابناء الامة الواحدة ولا تفيد احد الا اعداء الشعوب. سياسة استغلالية ظالمة تعمل على مبدأ قديم جديد فرق تسد، عقلية ما زالت تجوب البحار والمحيطات بحثا عن اراض جديدة وكنوز مطمورة، همة عالية لاستكشاف واخراج الكنوز ولو تطلب ذالك تدمير شعوب كاملة مسالمة، بعدما جابت السفن البخارية البحار محتلة ومستعمرة بقوة المدفع، ضاقت على اطماعها الارض وما تبقّىّ الا ان تنسف ما تبقى من اسس عيش مشترك تربط المجتمعات العربية والاسلامية.
على رغم جروح الزمن الغائرة، ما زال المسلمون يجتمعون كل عام في مكة حول الكعبة ويصلون حول قبلة واحدة ولهم عدو رئيسي هو محتل الاقصى الشريف.
لكن اعداء الامة لم يرق لهم ذلك، فأصبح واضحا وجود اذرع اعلامية ظاهرة وغيرها من الاذرع الخفية تنتشر انتشار النار في الهشيم بشكل غير طبيعي ناشرة للبغضاء والكراهية بين ابناء الامة الواحدة والشعب الواحد. كلمة واحدة كانت تخرج من سفيه تهز مشاعر الامة ويستنكرها الجميع، الآن اطنان من كلام البغض يملأ الفضاء والارض بشكل مثير للغضب والدهشة لا بل الصدمة في آن واحد.
متحدث يكفّر الآخر وعرق ينسف الاخر، أفاّق من يكفر شعوب مسلمة، صاحب فتنة من يتطاول على أي شعب مسلم، مريض من يعتقد أن عرقه هو الأرقى دون بقية خلق الله. الكمال لله تعالى، كل شعب له علاته، وكل معتقد وله اتباع يغلب عليهم السفه، لكن التعميم على الكل وُفق رؤى ضيقة هو الظلم والجهل الذي لا يتبعه الا الخراب.
أين الحكومات ولماذا لا تتحمل مسؤولياتها وتوقف معاول الهدم وشياطين الانس من تسميم عقول الناس؟ ألا تعلم هذه الحكومات ان شرارة الافكار السامة التي تنشر البغضاء بين الجيران والاخوان من عرب ومسلمين بألوانهم واجناسهم تتحول الى نار تحرق الجميع؟ الا يعلم من بأيديهم زمام الامور أن جنِي الكراهية اذا أفلت من القمم تحول الى مارد عظيم يحطم صاحبه.
واضح لكل ذي بصيرة أن اعداء العرب واعداء المسلمين يقفزون فرحين وهم يقذفون كرات لهب الفتن على أعشاش قاطنيها من شعوب المنطقة.
غير معقول ان تتفرج الحكومات العربية والمسلمة بأجهزة استخباراتها ومراكز دراساتها على تهديم اركان البيت الذي يلفي الجميع ويظلهم ويظلها هي نفسها تحته، واذا كانت إحدى هذه الحكومات متورطة لا سمح الله في بث سموم الكراهية والأحقاد العنصرية والطائفية وغيرها بين الشعوب المسلمة، احقاد تدعو الى سفك الدماء وتفتح الشهية لقتل الابرياء ولو كانوا نساء واطفالا، وإذا كانت إحدى هذه الحكومات متورطة ولو بالتغاضي والرضا لهذا الجو المشحون والملغم بالبغض والأحقاد، فلتعلم انها لن تسلم من كوارث هذه الاجواء المسمومة.
وليعلم كل من يقبل بان يتم استغلاله فيتوهم بأنه سيبني مجدا على جماجم الاخرين، مجدا عماده الاحقاد والكراهية للآخر فإنه واهم، فقد عجزت قوى الشر على مر العصور وفي أشد مراحلها ظلمة ان تقمع ضياء الحقيقة وعجز الشر بجنوده وظلامه عن حجب انوار الخير عن البشرية.
قد لا يكون هذا الكلام مقالا بل نداء الى الحكومات العربية والمسلمة بأن تعمل مجتمعة لا لكي تتفق كلا، فقد اصبحت المُنية منهم بذلك بعيد المنال، لكن على الاقل أن يتفقوا على وضع اسس للاختلاف وتحمل المسؤولية للحفاظ على سلامة المجتمعات، والا فإن السكوت عن تحطيم السدود والحدود وافلات الامور سيتبعه سيل شديد لا يعرف مداه.
[email protected]