وليد الرجيب / أصبوحة / خيار المقاطعة

تصغير
تكبير
تعتبر مقاطعة الانتخابات البرلمانية أحد الأساليب المعروفة للتعبير عن الاحتجاج السياسي وعدم الرضا، سواء لاجراءات حكومية بالضد من رغبة وإرادة الشعب والقوى السياسية، أو التلاعب بطريقة أو بأخرى في سير العملية الانتخابية، أو اي أسباب أخرى موجبة للمقاطعة.

واللجوء إلى مثل هذا الاجراء قد يكون له تأثير سياسي حقيقي على أرض الواقع، مثلما حدث عام 1990 عندما فرضت السلطة ما يسمى بـ «المجلس الوطني» غير الديموقراطي وغير الدستوري على الشعب الكويتي، وكان لهذه المقاطعة الشعبية التي اشترك بها الجميع تأثير سياسي بالغ، لدرجة أنه تمت محاولة إرغام الناس والضغط عليهم كي يشاركوا بالانتخاب والترشيح، والنتيجة كانت مجلساً هزيلاً لم يحظ بشعبية، فتم إلغاؤه بعد التحرير وبناء على قرارات مؤتمر جدة، وأعيد العمل بالدستور وانتخابات مجلس الأمة.

وفي الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة وفي جولتها الثانية، قاطع عدد من الأحزاب الوطنية والديموقراطية واليسارية، وفئات واسعة نسبياً من الشعب هذه الانتخابات رفضاً لحصر الرئاسة بين خيار مرشح الاخوان المسلمين، وخيار مرشح العسكر والنظام السابق، ورغم تقلص أعداد الناخبين بشكل ملحوظ، إلا أن هذه المقاطعة التي كانت شكلا من أشكال الاحتجاج، لم تؤثر في سير الانتخابات.

ويرى بعض السياسيين عبر التاريخ أن مقاطعة البرلمان لن تحقق سوى عزلة المقاطعين، وتحقق للسلطة ما تريده من ابعاد المعارضين ووصول الموالين لها إلى البرلمان، وإن أي تغيير يجب أن يتم من داخل البرلمان نفسه.

وفي الكويت دعت كتلة الغالبية البرلمانية المعارضة بمشاركة بعض الشباب، لمقاطعة الانتخابات إذا ما تم التلاعب بالدوائر الانتخابية أو بالقوة التصويتية، ولكن التساؤل المطروح، هل خيار المقاطعة في هذه الحالة سيكون خياراً واقعياً؟

إذ يجب أن يكون لهذه المقاطعة تأثير سياسي واضح، بحيث تأتي المقاطعة بنتائج ملموسة كأن تعكس خللاً في القوة التصويتية الشعبية، أو تسقط بشكل أو بآخر العملية الانتخابية برمتها.

فهل سيقاطع كل من يريد ترشيح نفسه؟ وهل سيقاطع كل من يريد أن ينتخب؟ أنا فقط أتساءل هل يمكن تحقيق نتيجة ما للمقاطعة في ظل فوضى سياسية وخلل في قوانين الانتخابات؟ فالترشيح لدينا فردي، وهذا قد يمكن السلطة من تجميع عدد من المرشحين الموالين لها، كما يمكن أن يدفع ببعض القبائل والفئات لإيجاد ممثلين عنها في البرلمان، ففي ظل غياب الهيئات السياسية أو الأحزاب، وفي ظل عدم العمل بنظام القوائم النسبي الحزبي، وفي ظل عدم اجماع الشعب على رأي الغالبية البرلمانية، وفي ظل عدم التوافق وعدم الانسجام بين أعضاء كتلة الغالبية أنفسهم، هل ستحقق مقاطعة الانتخابات نتائج سياسية ملموسة، أنا فقط أتساءل وأبحث عن جواب يقود إلى اصلاح سياسي وديموقراطي حقيقي، يدفع بالكويت إلى مصاف الدول التي تأخذ بالنظام الديموقراطي الكامل، والتي تتحقق من خلاله الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

وكنت أتأمل من المعارضة البرلمانية تحشيد الناس حول قرار المقاطعة، من خلال التوعية والتعبئة، من أجل تحقيق النتيجة المرجوة من هذا القرار، فمن دون مساندة الناس قد لا تؤتي المقاطعة ثمارها.



وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي